جميل بثينة

الصفات التى تجعل الغزل صالحا للإصغاء إليه والوقوع فى موقعه هى الصفات التى تجعل الرجولة صالحة لما تستبق إليه، وهى صفات يرى الأستاذ العقاد أنه ليس فيها تأنث ولا ضراعة ولا خفوت.

يرى الأستاذ العقاد أن جملة الأخبار المتفرقة تفضى إلى أن الهوى بين جميل وبثينة لم يخل من نزعات الجسد، ولا من الغيرة والشك والريبة والتهمة من الجانبين

يتوقف الأستاذ العقاد عند رأى أبداه الدكتور طه حسين، فيما أستحسن أن أنقله إلى القارئ بنص عبارته. قال الأستاذ العقاد

..قال عباس بن سهل الساعدى : «دخلنا على جميل وهو يحتضر، فنظر إلىّ وقال : يا ابن سهل! ما تقول فى رجل لم يشرب الخمر ولم يزن ولم يقتل النفس ولم يسرق

يذكر الأستاذ العقاد أن كل ما قرأه عن جميل أو له، يدل على أن علاقتهما هى العلاقة التى تكون بين الرجل والمرأة وتتعطل فيها الإرادة بعض التعطيل أو كل التعطيل ، أو هى العلاقة المسمّاة العشق والغرام.

قال له ابن عمه مقالة تستثير النخوة، ولكنه لم يجب ابن عمه ــ كما أجاب أباه ــ إلاَّ بالعجز والبكاء، وقال لابن عمه كما قال لأبيه: «يا أخى ! لو ملكت اختيارى لكان ما قلت صوابًا، ولكنى لا أملك الاختيار وما أنا إلا كالأسير لا يملك لنفسه نفعا».

وصف محبوبته «بثينة» «جميل» بعين المحب، ووصفها غيره كما يراها ويراها غيره. ويخلص من جملة صفاتها أنها كانت «أدماء طوالة».. والأدماء هى الشديدة السمرة

الفخر الحماسى، فموضع الرياء فيه أنهم ربما يزدرون الشاعر، ولكنهم يفخرون بكلامه ما دام يوافق مرادهم فى المكانة. فربما ترتفع القبيلة بكلام شاعر وهو بينهم فى مكان غير رفيع !

انتقلت عواصم الدولة من الحجاز إلى الشام، فتفرغ أولئك المترفون لحياة الفراغ التى لا رقابة عليها، وربما تجاوز البعض إلى حياة المجون والبطالة.

الشاعر ـ فيما يرى ـ سند صالح لمعظم أقواله وأعماله، كما أن أقواله وأعماله مادة صالحة «لتكوين»شخص على مثاله، وعلى حياة كحياته