رصاصة الرحمة على «صفقة القرن»

رصاصة الرحمة على «صفقة القرن»
شريف عطية

شريف عطية

6:56 ص, الأحد, 7 يوليو 19

لما كان من المتوقع لأى مهمة.. أن تعترضها أصعب الحواجز كلما شارفت على الوصول من خط النهاية، كما الحال على سبيل المثال فى مضمار الخيل أو كما فى غيرها من المنازلات الرياضية أو الحربية أو الدبلوماسية.. إلخ، وهو ما ينطبق على غرار ذات السياق المتصل بنهاية أشواط عملية التسوية السياسية للصراع العربى- الإسرائيلى، التى لم تبدأ مفاعيلها إلا مع النصف الثانى من سبعينيات القرن الماضى.. بعد حروب بين الجانبين دامت لنحو ربع قرن، كان آخرها بالمعنى المجازى للمعارك بين جيوش نظامية- حرب أكتوبر 1973 – التى عبدت الطريق نحو إبرام اتفاقات سلام بين إسرائيل وكل من مصر 1979، ومع الأردن والفلسطينيين منتصف التسعينيات، باستثناء الحالة اللبنانية التى فشل الاتفاق بشأنها فى 1983، كما بالنسبة للحالة السورية ولاستكمال اتفاق «أوسلو» مع الفلسطينيين.. إذ تعثرت المفاوضات مع إسرائيل بشأنهما حتى نهاية العام 2000، ولعقدين تاليين تجمدت خلالهما عملية السلام دون تقدم قيد أنملة للأمام، وبرغم إجماع عربى حول مبادرة قمتهم للسلام مقابل الأرض – بيروت 2002 – فقد تحفظت عليها إسرائيل، لتبقى منذ ذلك الحين حبيسة الأدراج المغلقة، أقرب إلى «مانفستو» عربى- كحد أدنى معطل- تكسرت على نصاله كل التفاهمات والنقاط والمبادرات الأميركية، آخرها «صفقة القرن» فى العام 2017 عن الإدارة الأميركية الجديدة التى تلتقى مع رؤية اليمين الإسرائيلى، بيد أن الاعتراف الأميركى (غير القانونى) بالسيادة الإسرائيلية على كل من القدس الشرقية وهضبة الجولان السورية.. إلخ، كان من شأنه أن يفرغ أى خطة أميركية مقترحة من أى مضمون، إلا بتصور إذعان الموقف العربى لسياسة الأمر الواقع، وبالرهان على تدهوره إزاء المخاطر المحدقة به من قبل إيران وتركيا، حين تصرف انتباه العرب عن قضيتهم المركزية فى مواجهة التحدى الصهيونى «الاستيطاني».

إلى ذلك، تنتهى بالفشل «ورشة المنامة» نهاية يونيو 2019 المخصصة للملف الاقتصادى من صفقة القرن دون الملف السياسى، إذ تلقى معارضة فلسطينية، كما لم تتحمس لها دول عربية لا تقبل أى تسوية لا تتضمن قيام دولة فلسطينية ، شأنهم فى ذلك كشأن الاتحاد الأوروبى وروسيا والصين، مع تباين نسبى فى مواقفهم بالنسبة لسعيهم لسد الفراغ الذى يخلفه دور الولايات المتحدة المتراجع فى المنطقة، إلا أنه من الصعب إيجاد بديل لواشنطن لأسباب إسرائيلية تتمسك بوساطتها فى المسألة العربية- الإسرائيلية، كذلك فمن المتوقع إزاء ما سبق أن يستمر الجمود فى عملية السلام حتى نهاية حكم «ترامب»، الذى يسعى بدوره كسب مزيد من الوقت لإقرار الوضع القائم من خلال تحركات سياسية أشبه بخداع النظر، إذ تعتزم الإدارة الأميركية الإعلان عن تفاصيل جديدة من خطة السلام- بحسب «كوشنر» مضيفاً أن الرئيس الأميركى.. «معجب جداً» بالرئيس الفلسطينى، وأنه مستعد للتواصل معه بخصوص الخطة الأميركية للسلام- التى قد تدعو- بحسبه- إلى توطين دائم للاجئين الفلسطينيين فى الأماكن التى يقيمون فيها بدلاً من عودتهم إلى أراضى أصبحت الآن فى دولة إسرائيل، ضارباً المثال بيهود فارين أو مطرودين من دول عربية تم استيعابهم فى أماكن مختلفة، وهى التصريحات عن كبير مستشارى الرئيس الأميركى التى تمثل فى نظر الخارجية الفلسطينية «إمعانا فى دعم الاستعمار الإسرائيلى»، وهو الأمر الذى تستوى إليه توترات «العنصرية الصهيونية» فيما بين الطوائف الاجتماعية، كما ضد الفسطينيين كما فى الاستعلاء على «الحاميين» اليهود من إثيوبيا، ولغيرهم، فإذا كانت جسارة الأقلية القبطية فى الاعتراض الخشن على تدمير كنيستهم بالإسكندرية ليلة العام 2011.. قد ألهمت الجماهير المطحونة للخروج فى 25 يناير على الحكم الأوليجاركى، فإنه يمكن القول على نفس القياس إن الاعتراضات العنيفة ليهود الفلاشا مؤخراً على اضطهادهم فى إسرائيل.. قد تمثل مؤشراً لتشجيع الفلسطينيين تحت الاحتلال للخروج إلى انتفاضة ثالثة ضد الاستعمار الإسرائيلى، إذ لا يجب أن ينفرد العرب بالتسليم للأفكار الفاسدة لصفقة القرن التى تلقت قبل أيام «رصاصة الرحمة».