أعلن أحمد دياب، رئيس رابطة الأندية المحترفة، زيادة أعداد الجماهير فى بطولة الدورى إلى 6 آلاف مشجع فى الموسم المقبل، والذى تقرر أن ينتهى 30 يونيو، على أن ينطلق الموسم بعد القادم أغسطس 2023 وينتهى مايو 2024.
ورغم التقدم الملحوظ في شأن عودة الجماهير مرة أخرى إلى الملاعب المصرية والتي اختفت عن ملاعبنا لمدة قاربت لنحو 10 سنوات، إلا أنه وبلا شك أن 6000 مشجعًا لا يمثل العدد الكبير.
غياب الجماهير الملحوظ عن المدرجات، أدت إلى تغيير كبير في مفهوم كرة القدم المصرية، حيث تغيرت فيها ثقافة التشجيع، وعقلية اللاعبين، كما بدأت تنمو العديد من أندية الشركات، وظهر تراجع واضح وحاد للأندية الأهلية، وباتت الأندية نفسها تعاني ماليًا، كما يحدث في الوقت الحالي مع نادي الإسماعيلي، الذي يُعد أحد الأندية الراسخة في بطولة الدوري، إلا أنه وبسبب الأزمات المادية كادت أن تعصف به إلى الهاوية حيث الدرجة الثانية.
غياب الجماهير يفقد الأهلي والزمالك ملايين الجنيهات من المدرجات
البعض لا يرى أهمية الجماهير فيما يتعلق بالتأثير الاقتصادي على كبار أندية الدوري، وبالتحديد الأهلي والزمالك، نحن نتحدث عن أكبر كتلتين في الرياضة المصرية والعربية، حيث من الممكن أن يخسر كل من الأهلي والزمالك نحو 68 مليون جنيه سنويًا على الأقل بسبب غياب الجماهير.
نحن نتحدث عن 17 مباراة لكل منهما تقام بملاعبهما، ومع متوسط حضور جماهيري يصل لـ40 ألف مشجع من أصل 75 ألف وهي سعة ستاد القاهرة، في متوسط قيمة تذاكر يصل لنحو 100 جنيه، أي أن كلا منهما يُجني نحو 4 ملايين جنيه في المباراة الواحدة، ويستفيد بنحو 68 مليون جنيه في السنة على أقل تقدير.
كل هذا دون النظر لبعض المباريات الأخرى التي تشهد حضور جماهيري بنسبة أقل من المذكورة سلفًا، عندما يطير كلاهما إلى ملاعب الإسكندرية وأسوان وبرج العرب وغيرها من ملاعب المحافظات الأخرى آنذاك.
أيضًا مع تطبيق عدد من الخدمات الترفيهية داخل الاستادات مع توفير الأعلام ومنافذ بيع القمصان الرسمية، ممكن أن يتضاعف هذا الرقم بسهولة، خاصًة ونحن نتحدث عن خدمات وأنظمة كانت تمثل وتوازي 8.5% من إيرادات الأهلي في 2021، و33% من إيرادات الزمالك في الموسم نفسه.
التجربة الأوروبية.. كورونا تتسبب في عجز 7 مليارات يورو لكبار الأندية
بالنظر إلى التجربة الأوروبية، فلا شك أن كبار أندية أوروبا عانت الأمرين جراء تفشي فيروس كورونا خلال العامين الماليين 2019-2020 و2020-2021، بسبب إقامة المباريات في غياب الجماهير، والتي لا تزال حتى اليوم تدفع بعض الأندية ضريبة هذا الأمر، كما هو الحال مع برشلونة الذي عانى كثيرًا بسبب الديون التي تراكمت عليه.
من جانبه، نشر الاتحاد الأوروبي لكرة القدم في فبراير الماضي، دراسة، كشف فيها التأثير الكبير على الأندية اقتصاديًا بسبب فيروس كورونا، إذ واجهت الأندية عجز بلغ نحو 4 مليارات يورو في 2019-2020، و3 مليارات في السنة المالية التالية، بعد عشرين عاماً من النجاح الاقتصادي الكبير.
الأمر لم يقف عند هذا الحد، بل تأثرت الأندية أيضًا من قلة عوائد البث التليفزيوني (0.9 مليار)، ولكن بشكل طفيف عما حدث مقارنة بانخفاض الأنشطة التجارية والرعاية (نحو 1.7 مليار يورو).
قوة الجماهير وتأثيرها على تتويج الأندية بالبطولات
ذات مرة سُئِل «باستيان شفاينشتايجر» عن أكثر ما يقلقه حين يواجه بروسيا دورتموند، هل هو المدرب؟ أم لاعبيه؟ أجاب قائد بايرن ميونخ السابق أن أكثر ما يخيفه هو الجدار الأصفر، قاصدًا جماهير دورتموند التي تشتهر بالحضور الكثيف والتشجيع المذهل.
في 2019 دفع الجدار الأصفر الفريق نحو صدارة البوندسليجا، فلم يتعرض دورتموند ﻷي هزيمة على ملعبه: سيجنال إيدونا بارك منذ انطلاق المسابقة وحتى توقفها في مارس بسبب كورونا، قبل أن تعود مرة أخرى ويلعب الفريق دون جماهيره بسبب كورونا فتأثرت نتائجه، يكفي أنه تعرض لثلاث خسائر على ملعبه كانت كافية لحسم لقب الدوري لصالح بايرن ميونيخ.
محرر سكاي سبورت آدم بات، أشار في تقرير له صُدر آنذاك حاول معرفة أكبر متوسط حضور جماهيري في أوروبا خلال موسم 2019/2020، ووجد أنه جمهور دورتموند في ملعبه بتعداد يزيد عن 80 ألف مناصر.
وقتها سعى لمعرفة تأثير هذا الحضور على نتائج الفريق، فاكتشف أن النسبة الأكبر من انتصارات الفريق بالمواسم السابقة (بين 56% وحتى 67%) تكون في ملعبه وسط هذه المساندة الجماهيرية.
هنا تساءل أدم: كيف سيتعامل لاعبو بروسيا مع غياب هذا الدعم؟ وكيف سيؤدي لاعبو الخصوم في عدم وجود الجدار الأصفر الذي يخيف شفاينشتايجر؟ الإجابة كانت خسارة بروسيا لبطولة الدوري، ليصبح أول ضحايا غياب المشجعين بسبب جائحة كورونا، لكنه بالتأكيد ليس الضحية الوحيدة في ألمانيا.
تخيل أن أصحاب الملعب لم يتمكنوا من الفوز سوى 5 مرات فقط خلال أول 27 مباراة أقيمت بدون جماهير، لتنخفض نسبة فوز أصحاب الأرض في البوندسليجا من 43.3% قبل التوقف، أي بحضور الجمهور، إلى 16.7% فقط بعد العودة منه، أي في غياب الجمهور، ليبدو ذلك دليلًا دامغًا عن خسارة الفرق صاحبة الملعب لأي أفضلية في غياب المناصرين، بل تجرأ عليهم الضيوف بشكل استثنائي.
وإذ قارنا مع يحدث في أوروبا، بما هو واقعًا في مصر، ولنأخذ مثالًا من الأهلي، ومثالًا من الزمالك. فسنجد أن «حسين الشحات» ظهر على الساحة الكروية عام 2014، ولفت الانتباه رفقة نادي مصر المقاصة، ليخوض تجربة مع نادي العين الإماراتي، ويرجع لمصر بعد عام واحد وخلال كل تلك السنوات، كانت المدرجات المصرية شبه خاوية بعد وقوع مذبحة بورسعيد عام 2012.
الأمر لا يختلف مع «يوسف أوباما» في الزمالك، هو أيضًا تم تصعيده للفريق الأول بنادي الزمالك عام 2014، وذهب في إعارتين داخل مصر، قبل أن يعود لنادي الزمالك مرة أخرى، بالطبع شارك بمباريات محلية وقارية في وجود جماهير الأبيض، لكنها لا تمثل أغلب، أو حتى نصف، مشاركاته مع ناديه.
لا شك أنه كان لذلك جانب سلبي كبير، ظهر جليًا مع صدمة لاعبي الأهلي والزمالك حين واجهوا في السابق أندية كبيرة على ملاعبها بحضور جماهيرها، فتعرض حينها الناديان لخسائر فادحة.