اختتمت أمس الأربعاء فاعليات المؤتمر الثالث لمنتدي وزراء الطاقة الأفارقة الذي جمع وزراء الطاقة في القارة السمراء ومفوضية الاتحاد الأفريقي ولجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لأفريقيا والتجمعات الاقتصادية والإقليمية والعالمية، ودارت مناقشات المؤتمر حول كيفية تقحيق أمن الطاقة والتغيرات المناخية والتي تعبر عن القضايا المهمة المعروضة علي الأجندة الدولية، فضلاً عن إمكانية التكامل بين الدول الأفريقية في مجال الطاقة خاصة الطاقة المتجددة نظراً لتوافر الإمكانيات والقدرات لإنتاج هذه الطاقة إلا أنها غير مستغلة الاستغلال الأمثل. وفي هذا الإطار قال د. حسن يونس وزير الكهرباء والطاقة، إن تحقيق أمن الطاقة في أفريقيا يستلزم وضع آلية وأهداف للعمل المشترك بين الدول الأفريقية، مشيراً إلي أن مصر تضع كل إمكانياتها وخبراتها في مجال الكهرباء والطاقة من أجل التعاون والتكامل مع شعوب القارة الأفريقية لتحقق هذا الهدف.
وأشار وزير الكهرباء إلي ما تمكله القارة الأفريقية من إمكانات هائلة في مجال الطاقة تم استغلال نسبة ضئيلة منها حتي الآن، كما أن التنمية المحدودة في مجالات إنتاج الطاقة في القارة تعتبر سبباً في انخفاض استخدام مصادر الطاقة الحديثة، وهو ما يؤكد حاجة الدول الأفريقية إلي تنمية هذه الإمكانات بمساعدة شركاء التنمية لتحقيق الاستفادة المثلي من الموارد الطبيعية المتوفرة بكثرة في القارة وإيجاد سوق كهرباء إقليمية بها تعتمد علي تبادل الخبرات لإتاحة منظومات الكهرباء الأفريقية.
وأوضح وزير الكهرباء أن تحقيق التعاون الإقليمي من خلال تجارة الطاقة وربط الشبكات سوف يكون له المردود الإيجابي علي استخدام الموارد الطبيعية المتنوعة للطاقة بشكل أمثل وتحقيق تنمية إقليمية مستدامة تعتمد علي تكامل سياسات الدول لحاضر ومستقبل الطاقة وإيجاد منظومة كهربائية تربط بين هذه الدول.
يونس: قطاع الكهرباء المصري يعمل على تحسين كفاءة الطاقة المتجددة
وأشار وزير الكهرباء إلي الاهتمام الذي يوليه قطاع الكهرباء المصري بالطاقة المتجددة وتحسين كفاءتها لتفادي سلبيات انبعاثات الكربون وتحقيق الإمداد المستدام للطاقة الذي يمثل دوراً حيوياً وأساسياً لمواجهة احتياجات التطوير الحالية والمستقبلية، موضحاً أن القطاع يولي اهتماماً كبيراً بالموارد البشرية حيث أصبحت منظومة التدريب في المجالات الهندسية والفنية والإدارية من المنظومات المتكاملة والمؤهلة بإمكانياتها التدريبية المتطورة من مراكز تدريب ومعامل وورش ومعدات تمكنها من تسويق خبراتها داخل وخارج مصر وبما يتناسب مع متطلبات أسواق العمل الحالية.
وأضاف وزير الكهرباء أن المنظومة التدريبية للقطاع أصبح لها امتداد إقليمي، واستطاع أن يحقق تعاوناً مثمراً ويتيح خبراته للدول الأفريقية وإيجاد بنية أساسية إقليمية في مجال الطاقة الكهربائية.
وأكد وزير الكهرباء أن القارة الأفريقية تحتاج إلي عمل متواصل ورؤية حالية ومستقبلية للتنمية مما يجعل من الضروري تحقيق المزيد من التعاون والاستفادة من موارد الطاقة وأهمها الموارد المائية وتفعيل مشروعات الربط الكهربائي ومشاركة الاستثمار المحلي والأجنبي بهدف زيادة تأمين الإمداد بالطاقة.
وشدد يونس علي أنه لتحقيق التنمية المطلوبة يجب استمرار التنسيق مع التجمعات والمبادرات الإقليمية الأفريقية في مجال الكهرباء والطاقة وتشكيل استراتيجية إقليمية في هذا المجال من خلال وضع رؤية متكاملة للقارة تسمح بتحقيق التنمية المستدامة وتأسيس أطر التعاون المشترك وتبادل الخبرات ونقل التكنولوجيا، بالإضافة إلي تقديم المشورة الفنية للدول الأعضاء فيما يتعلق بالتوجه نحو الاعتماد علي تطوير تكنولوجيا إنتاج الكهرباء والطاقة البديلة بالتعاون مع المؤسسات والهيئات الدولية والإقليمية لتوفير التمويل اللازم للمشروعات التي تساعد علي تحسين البيئة والحد من الغازات والاحتباس الحراري وتشجيع الشراكة بين القطاعين العام والخاص ودعم مشروعات الطاقة في أفريقيا.
فيما قال وزير الطاقة في موزمبيق سلفادور نامبوريتي، إن عدم الوصول لخدمات الطاقة يزيد الفقر ويحرم المواطن من الحياة الإنسانية، مشيراً إلي أهمية التركيز علي قطاع الطاقة لخفض الفقر وتحقيق التنمية لأن الجهود الدولية لم تحقق النجاح المطلوب لمواجهة تحديات الطاقة في أفريقيا.
وزير الطاقة الموزمبيقي: لابد من التعاون والعمل المشترك لتدعيم وتنمية قطاع الطاقة في أفريقيا
وأشار “نامبوريتي” إلي أن ما بين 20 و30% فقط من سكان الحضر و5 و10% من سكان الريف في بعض الدول الأفريقية يحصلون علي حاجتهم من الطاقة، لذلك لابد من التعاون والعمل المشترك لتدعيم وتنمية قطاع الطاقة في أفريقيا من خلال التكامل الاقتصادي الأفريقي الذي يحقق التنافسية الإقليمية ويحمي مناخ الاستثمار.
وأوضح نامبوريتي أن منتدي وزراء الطاقة الأفارقة لعب دوراً محورياً في تبادل الخبرات والمعلومات وتقديم الدعم المطلوب للحكومات لتحقيق التنمية في أفريقيا، مشيراً إلي أن إعلان “نبوتو” 2007 الذي صدر عن المنتدي أكد أهمية الوصول لخدمات الطاقة الحديثة من أجل تلبية متطلبات الاستثمار الواسعة من خلال التخطيط الإقليمي الجيد في قطاعات الطاقة ونشر الخبرات عبر الأنشطة التكاملية بين مختلف الأطراف.
وأضاف أن المنتدي أصبح »منصة« لحشد المناصرة والتأييد للوصول لمصادر الطاقة اللازمة لتحقيق التنمية المستدامة بتعاون من جانب الدول الأفريقية مع موزمبيق “الرئيس الثاني للمنتدى” مؤكداً تعاون بلاده الكامل مع الرئاسة المصرية لتنفيذ كل مبادرات وأنشطة المنتدى.
في حين أكد الاجاستوانا، المدير التنفيذي للجنة الفنية الخاصة بالتكامل الإقليمي في مجال الطاقة، غياب أفريقيا عن خريطة التنمية العالمية، وهو ما يمكن تلافيه عن طريق الاهتمام بالتكامل الإقليمي. وأشار إلي دراسة البنك الدولي التي ألمحت إلي التعارض القائم في القارة من وفرة مصادر الطاقة من قدرات مائية ضخمة ونفط وفحم وعدم استغلال هذه المصادر علي النحو الأمثل، حيث تمثل نسبة الموارد غير المستغلة 80% من إجمالي الموارد الموجودة في القارة.
كما تطرق إلي تحقيق التكامل الإقليمي عن طريق تنمية التجارة البينية، والذي من شأنه أن يوفر 3 مليارات دولار سنوياً، و19 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون.
الاجاستوانا: القارة تمتلك 5 مرافق أساسية وقوية للطاقة
وأشار إلي وجود 5 مرافق أساسية وقوية للطاقة في أفريقيا منها قطاع الغاز علي سبيل المثال، ولكن المشكلة تكمن في عدم تنفيذ الخطط الموضوعة للنهوض بمثل هذه المرافق.
ولفت إلي مجموعة من التوصيات التي قد تساعد في تحقيق خطوات ملموسة علي طريق التكامل الإقليمي منها أن تتبني الحكومات التجارة البينية ضمن استراتيجيتها وسياساتها عن طريق تحقيق الاكتفاء الذاتي، ومن ثم الانتقال إلي تحقيق المنفعة الإقليمية وأن تقوم الحكومات بوضع سياسات لتنفيذ وتمويل المشروعات وخفض التعريفات الجمركية فيما يتعلق بالتكلفة المطلوب تخفيضها من أجل تحفيز القطاع الخاص للمشاركة فلا يمكن للحكومة القيام بالدور الوحيد في هذا المجال دون شراكة مع القطاع الخاص وتوسيع نسبة التجارة في مجال الطاقة.
وأوضح إلهامي إبراهيم، مفوض البنية التحتية بالاتحاد الأفريقي، أن الهدف الأساسي لمنظومة “الفيما” منتدي وزراء الطاقة الأفارقة هو توجيه السياسات نحو تطوير الطاقة في القارة الأفريقية من خلال اللجنة الأفريقية للتنسيق لصالح استراتيجيات التطوير الاقتصادي والاجتماعي في القارة وعلي مستوي الطاقة علي وجه الخصوص، مشيراً إلي أنه منذ بدء الاجتماع الأول في يونيو 2001 في مدينة لوساكا بزامبيا تم تشكيل لجنة في مدينة الجزائر العاصمة بدأت عملها منذ 2008 بعد اكتمال النصاب القانوني لـ15 توقيعاً من قبل الدول الأعضاء لإرساء الأسس المبدئية لعملها، ويحاول الاتحاد الأفريقي حالياً التعاون مع مؤسسات الطاقة في المنطقة مثل AUC نحو تطوير أكثر سلاسة واستدامة للبنية الأساسية في القارة خاصة مجال الطاقة.
وأكد أنه بالرغم من القدرة النظرية للقارة في مجال الطاقة المولدة بجميع الطرق التقليدية والتي لا توازيها أي قدرة أخري وبالرغم من تحقيق القارة لأقل نسبة استهلاك للطاقة في العالم، فإن أفريقيا مازالت تعاني من مشاكل اقتصادية واجتماعية، وتحاول منظمة »الفيما« التعاون مع مؤسسات الاتحاد الأفريقي ومنظمات الطاقة المختلفة لضمان وصول الكهرباء لجميع مناطق القارة الأفريقية بحلول عام 2030 بمعدل 9 ميجاوات وبتكلفة تقدر بـ9 مليارات دولار.
إبراهيم: مخاوف من تهميش القارة في مجال الطاقة المتجددة من قبل الدول المتقدمة
وأشار إبراهيم إلي مخاوف تهميش القارة فيما يتعلق بمجال الطاقة المتجددة من قبل الدول المتقدمة.
ومن جانبه أكد فيليبني انجابو، ممثل المفوضية الأفريقية، أهمية تحقيق التكامل مع مناطق أخري في العالم للاستفادة من تجاربهم المتقدمة في تطبيقات الطاقة المتجددة بهدف كسر احتكار الدول المتقدمة هذه التقنية المستخدمة في مجال الطاقة، علي غرار التحالف بين قارتي أفريقيا وأمريكا اللاتينية المسمى “أفرولاك” وكذلك التحالف بين أفريقيا والصين، مؤكدين أهمية تطبيق توصيات مؤتمر كوبنهاجن بالاعتماد علي مصادر الطاقة المتجددة من أجل التقليل من حدة الانبعاثات الكربونية أو ما يسمي بظاهرة الاحتباس الحراري، مما يساهم في تحقيق التكامل الإقليمي بين دول القارة في مواجهة الدول المتقدمة التي تحرص علي احتكار تطبيقات الطاقة المتجددة.