ظل معدل التضخم في بريطانيا مرتفعاً بشكل حاد في خانة العشرات خلال مارس الماضي، ما يمثل قراءة أخرى قوية مفاجئة، تعزز ضرورة قيام بنك إنجلترا برفع أسعار الفائدة ، بحسب وكالة بلومبرج.
وارتفع مؤشر أسعار المستهلك 10.1% في مارس على أساس سنوي، مدفوعاً بأقوى زيادة في أسعار المواد الغذائية منذ أكثر من أربعة عقود، بحسب ما قال مكتب الإحصاءات الوطنية اليوم الأربعاء. وكان خبراء الاقتصاد يتوقَّعون تباطؤ معدل التضخم إلى 9.8%.
رفع أسعار الفائدة
تفاعل المستثمرون سريعاً متوقعين أن يقدم بنك إنجلترا على رفع أسعار الفائدة، ومواصلة تطبيق أسرع دورة تشديد بالسياسة النقدية منذ أربعة عقود.
ولفت بنك إنجلترا بقيادة المحافظ أندرو بيلي إلى أنَّ وقف رفع أسعار الفائدة بشكل مؤقت أمر ممكن في حال تراجع حدة الضغوط التضخمية، لكن أرقام اليوم تشير إلى أنَّ الأسعار في المملكة المتحدة تتمتع بزخم أكبر مقارنة بالوضع في الولايات المتحدة أو منطقة اليورو.
يتداول المتعاملون في أسواق المال الآن وفق ترجيحاتٍ بأن بنك إنجلترا سيرفع سعر الفائدة إلى مستوى الذروة فوق 5% خلال الدورة الحالية للتشديد النقدي، بما يمثل أعلى مستوى لهذا العام. كما يتوقعون إقرار زيادتين متتاليتين بمقدار 25 نقطة أساس في مايو ويونيو، وفق عقود المقايضة المرتبطة آجالها بمواعيد اجتماع لجنة السياسة النقدية.
ارتفع الجنيه الاسترليني مقابل الدولار، وتراجعت أسعار السندات الحكومية البريطانية، بفعل تعديل السوق لأوضاعها مع احتمال رفع أسعار الفائدة. قفز الجنيه الاسترليني 0.4% إلى 1.2469 دولار، في حين ارتفع العائد على السندات لأجل عامين 13 نقطة أساس إلى 3.82%.
كيتي أوشر، كبيرة الاقتصاديين لدى مؤسسة “إنستتيوشن أوف ديريكتور” “مهمة بنك إنجلترا لم تنتهِ بعد.. لمعالجة القضايا الأساسية؛ يتعين أن ترفع لجنة السياسة النقدية أسعار الفائدة مرة أخرى عندما تجتمع في غضون أسابيع قليلة”.
قفز الجنيه الإسترليني مقابل اليورو، مرتفعاً أكثر من 1% بعد نشر أرقام التضخم. تراجعت أسعار السندات الحكومية البريطانية، مما أدى لارتفاع العوائد 5 نقاط أساس على الأقل بالنسبة للأوراق المالية أجل عامين وخمس سنوات.
التضخم في مواجهة وعود سوناك
ظل التضخم في قطاع الخدمات عند 6.6%، في حين واصلت قيمة فواتير البقالة الارتفاع مع صعود أسعار المواد الغذائية والمشروبات غير الكحولية إلى أعلى مستوى لها في 45 عاماً عند 19.1%.
وقال مكتب الإحصاءات الوطنية إنَّ الدافع وراء ذلك هو الزيادات القياسية في تكاليف الخبز، والمشروبات الساخنة، والشوكولاتة، والحلويات.
ظل كل من التضخم الأساسي، الذي يستثني أسعار المواد الغذائية والطاقة، ونمو أسعار الخدمات يتمتعان بالاستقرار في مارس عند 6.2% و6.6% على التوالي.
تراقب لجنة السياسة النقدية في بنك إنجلترا عن كثب مؤشري التضخم الأساسي، في حين يُنظر إلى الخدمات على أنَّها مؤشر لضغوط الأجور في الاقتصاد.
وقال كبير الاقتصاديين لدى مكتب الإحصاءات الوطنية غرانت فيتزنر: “كان الانخفاض الرئيسي في أسعار وقود السيارات وتكاليف زيت التدفئة، وكلاهما انخفض بعد ارتفاعات حادة في نفس الوقت من العام الماضي”.
وأضاف:” قابل ذلك الانخفاض جزئياً، تكلفة المواد الغذائية، التي تواصل الارتفاع بشكل حاد، مع صعود تضخم أسعار الخبز والحبوب إلى مستوى قياسي”.
جعل رئيس الوزراء ريشي سوناك خفض التضخم إلى النصف بحلول نهاية العام أحد وعوده الرئيسية الخمسة، أثناء الكفاح لترسيخ مكانة حزبه “المحافظين” في الانتخابات.
قال وزير الخزانة جيريمي هانت: “تؤكد هذه الأرقام بالتحديد لماذا يجب أن نستمر في جهودنا لخفض التضخم حتى نتمكن من تخفيف الضغط على العائلات والشركات .. نحن على الطريق للقيام بذلك”.
إيجاد التوازن
يدرس بنك إنجلترا ما إذا كان بإمكانه إيقاف أسرع دورة تشديد ينفذها منذ أربعة عقود، متوقِّعاً أن ينخفض التضخم بشكل حاد في الفترة المتبقية من 2023.
مع ذلك؛ تواجه لجنة السياسة النقدية عملية إيجاد التوازن بعد الإعلان عن نمو مرن للأجور أمس الثلاثاء، الأمر الذي زاد المخاوف بشأن استمرار التضخم في المملكة المتحدة. ارتفعت الأرباح باستثناء المكافآت 6.6% في الأشهر الثلاثة حتى فبراير، برغم ارتفاع معدلات البطالة وتراجع الوظائف الشاغرة.
قال هيو جيمبر، محلل السوق العالمية لدى “جيه بي مورغان آسيت مانجمنت”، إنَّه من “المرجح للغاية” الآن أن يمضي بنك إنجلترا قدماً في رفع سعر الفائدة بمقدار ربع نقطة أخرى في 11 مايو.
أضاف: “ما يزال بنك إنجلترا بعيداً جداً عن الشعور بالارتياح عبر السيطرة على ضغوط الأسعار”.
زخم التضخم في بريطانيا أكبر من الولايات المتحدة وأوروبا؛ إذ هبط مؤشر أسعار المستهلكين منذ شهور. في الولايات المتحدة، ارتفعت الأسعار 5% في مارس، وهو أقل معدل خلال عامين تقريباً. وفي منطقة اليورو، تراجع مؤشر أسعار المستهلكين الشهر الماضي إلى 6.9%، وهو أدنى مستوى منذ فبراير 2022.