يد‭ ‬نجوى‭.. ‬ويد‭ ‬الحكومة‭!‬

يد‭ ‬نجوى‭.. ‬ويد‭ ‬الحكومة‭!‬
حازم شريف

حازم شريف

11:17 ص, الأحد, 17 يوليو 05

لا‭ ‬أعتقد‭ ‬أن‭ ‬الفنان‭ ‬القدير‭ ‬‮«‬حسن‭ ‬يوسف‮»‬،‭ ‬كان‭ ‬سيهتز‭ ‬له‭ ‬جفن‭ ‬أو‭ ‬ينبض‭ ‬له‭ ‬عرق،‭ ‬لو‭ ‬تنازل‭ ‬‮«‬مبدئيا‮»،‬‭ ‬وأقدم‭ ‬على‭ ‬الإمساك‭ ‬بيد‭ ‬الفنانة‭ ‬‮«‬القديرة‮»‬‭ ‬نجوى‭ ‬إبراهيم،‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬مفترضا‭ ‬أن‭ ‬يفعل،‭ ‬ضمن‭ ‬سيناريو‭ ‬مسلسل‭ ‬عواصف‭ ‬النساء،‭ ‬الذي‭ ‬يجرى‭ ‬تصويره‭ ‬حاليا،‭ ‬ويقوم‭ ‬ببطولته‭ ‬النجمان‭ ‬القديران.

‬ فكلا‭ ‬الفنانين‭ ‬كما‭ ‬نعلم‭ ‬قديرين، ‬وهى‭ ‬صفة‭ ‬إعتادت‭ ‬أفيشات‭ ‬السينما‭ ‬أن‭ ‬تطلقها‭ ‬على‭ ‬نجومها،‭ ‬حين‭ ‬يتقدم‭ ‬بهم‭ ‬العمر،‭ ‬ويلفظهم‭ ‬شباك‭ ‬الإيرادات،‭ ‬وينتقلون‭ ‬إجباراً‭ ‬لا‭ ‬طواعية،‭ ‬من‭ ‬مقاعد‭ ‬البطولة‭ ‬الرئيسية،‭ ‬إلى‭ ‬ترسو‭ ‬الأدوار‭ ‬الثانوية.

‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬لا‭ ‬مجال‭ ‬هنا،‭ ‬للاسترسال‭ ‬في‭ ‬تصورات‭ ‬غير‭ ‬واقعية‭ ‬وشاذة‭ ‬عن‭ ‬فتنة‭ ‬نائمة‭ ‬قد‭ ‬يوقظها،‭ ‬إمساك‭ ‬فنان‭ ‬قدير‭ ‬ليد‭ ‬فنانة‭ ‬قديرة،‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬قيامه‭ ‬باحتضانها،‭ ‬لو‭ ‬اقتضى‭ ‬منه‭ ‬السيناريو‭ ‬ذلك.

‬ ويصب‭ ‬في‭ ‬خانة‭ ‬اعتقادى‭ ‬هذا،‭ ‬ما‭ ‬أكدته‭ ‬جريدة‭ ‬المصرى‭ ‬اليوم -‬التي‭ ‬نشرت‭ ‬خبر‭ ‬رفض‭ ‬يوسف‭ ‬إمساك‭ ‬يد‭ ‬نجوى‭ ‬في‭ ‬صفحتها‭ ‬الأولى‭ ‬يوم‭ ‬الخميس‭ ‬الماضي-، ‬من‭ ‬أن‭ ‬رفض‭ ‬يوسف،‭ ‬قد‭ ‬تأسس‭ ‬على‭ ‬خوفه‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬يؤدى‭ ‬إمساكه‭ ‬يد‭ ‬نجوى‭، ‬إلى‭ ‬تشويه‭ ‬صورته‭ ‬أمام‭ ‬الجماهير،‭ ‬خاصة‭ ‬وأن‭ ‬جميع‭ ‬أدواره‭ ‬بعد‭ ‬عودته‭ ‬للتمثيل‭ ‬كانت‭ ‬دينية.

‬ وبرغم‭ ‬رفضي‭ ‬لمنطق‭ ‬يوسف‭ ‬أصلاً،‭ ‬المتمثل‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬‮«‬تديين‮»‬‭ ‬وأسلمة‭ ‬الدراما،‭ ‬إلا‭ ‬أننى‭ ‬أقر‭ ‬أن‭ ‬موقفه‭ ‬ينم‭ ‬عن‭ ‬قدر‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬الاتساق‭ ‬مع‭ ‬النفس،‭ ‬بعكس‭ ‬الحكومة،‭ ‬التي‭ ‬تدعى‭ ‬طوال‭ ‬الوقت‭ ‬أنها‭ ‬مناهضة‭ ‬‮«‬لتديين‮»‬‭ ‬وأسلمة‭ ‬السياسة،‭ ‬ولا‭ ‬تكف‭ ‬طول‭ ‬الوقت‭ ‬أيضا‭ ‬عن‭ ‬استخدام‭ ‬الدين‭ ‬ورجال‭ ‬الدين‭ ‬لخدمة‭ ‬السياسة.

‬ يوسف‭ ‬يقول‭ ‬أنه‭ ‬فنان‭ ‬ملتزم،‭ ‬وأن‭ ‬الدين‭ ‬يدخل‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مناحي‭ ‬الحياة،‭ ‬وإذا‭ ‬كان‭ ‬الأمر‭ ‬كذلك،‭ ‬فلابد‭ ‬وأن‭ ‬يحكم‭ ‬الدين‭ ‬الدراما.

‬ الحكومة‭ ‬تقول‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬سياسة‭ ‬في‭ ‬الدين‭ ‬ولا‭ ‬دين‭ ‬في‭ ‬السياسة،‭ ‬وما‭ ‬دامت‭ ‬تعتقد‭ ‬في‭ ‬ذلك،‭ ‬فإنها‭ ‬ترفض‭ ‬السماح‭ ‬لجماعة‭ ‬الإخوان‭ ‬المسلمين‭ ‬بتأسيس‭ ‬حزب‭ ‬سياسي،‭ ‬يرتكز‭ ‬على‭ ‬مرجعية‭ ‬دينية.

‬ يوسف‭ ‬يرى‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬يعتقد‭ ‬فيه‭ ‬ويدعو‭ ‬إليه،‭ ‬لابد‭ ‬وأن‭ ‬ينعكس‭ ‬في‭ ‬صورته‭ ‬الذهنية‭ ‬لدى‭ ‬المشاهد،‭ ‬ولذلك‭ ‬فهو‭ ‬يرفض‭ ‬الإمساك‭ ‬بيد‭ ‬نجوى،‭ ‬ليس‭ ‬لأنه‭ ‬لا‭ ‬يأمن‭ ‬على‭ ‬نفسه‭ ‬من‭ ‬الغواية،‭ ‬بل‭ ‬لعله‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬يحرم‭ ‬الفعل‭ ‬نفسه،‭ ‬استنادا‭ ‬على‭ ‬حسن‭ ‬النوايا،‭ ‬لكن‭ ‬لرغبته‭ ‬في‭ ‬تجنب،‭ ‬أن‭ ‬تعلق‭ ‬بصورته‭ ‬أي‭ ‬شوائب.

‬ على‭ ‬الجانب‭ ‬الآخر،‭ ‬لا‭ ‬تأبه‭ ‬الحكومة‭ ‬كثيرا،‭ ‬لأن‭ ‬ينعكس‭ ‬ما‭ ‬تعتقد‭ ‬به‭ ‬وتنادى‭ ‬به،‭ ‬في‭ ‬صورتها‭ ‬الذهنية‭ ‬لدى‭ ‬المواطن،‭ ‬فلا‭ ‬تجد‭ ‬غضاضة‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬‮«‬تحلل‮»‬‭ ‬لنفسها،‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬إقحام‭ ‬الدين‭ ‬في‭ ‬السياسة،‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذى‭ ‬‮«‬تحرم‮»‬‭ ‬على‭ ‬الآخرين‭ ‬استخدام‭ ‬نفس‭ ‬الحق.

‬ فلا‭ ‬تجد‭ ‬الحكومة‭ ‬غضاضة‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تسفه‭ ‬فتاوى‭ ‬الجماعات‭ ‬الدينية‭ ‬السياسية،‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تتطابق‭ ‬مع‭ ‬سياساتها،‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬ترى‭ ‬حرجا،‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬تستخدم‭ ‬فتاوى‭ ‬وإيماءات‭ ‬جيوش‭ ‬الشيوخ‭ ‬والدعاة‭ ‬الرسميين،‭ ‬في‭ ‬التخديم‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬تصبو‭ ‬لتحقيقه‭ ‬وتمريره‭ ‬من‭ ‬سياسات.

‭ ‬ترفض‭ ‬بيد‭ ‬دعاوي‭ ‬التحريم‭ ‬والتكفير‭ ‬من‭ ‬ناحية،‭ ‬وتمد‭ ‬يدها‭ ‬الثانية،‭ ‬لتلتقط‭ ‬وترحب‭ ‬وتربت‭ ‬على‭ ‬ظهر‭ ‬مفتيين‭ ‬وشيوخ،‭ ‬يؤثمون‭ ‬من‭ ‬يتخلف‭ ‬عن‭ ‬المشاركة‭ ‬في‭ ‬الاستفتاء -‬فتوى‭ ‬الدكتور‭ ‬على‭ ‬جمعة‭ ‬مفتي‭ ‬الديار‭ ‬الرسمية-، ‬أو‭ ‬يعتبرون‭ ‬المشاركة‭ ‬فيها‭ ‬واجب‭ ‬ديني،‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬قول‭ ‬الدكتور‭ ‬محمود‭ ‬حمدى‭ ‬زقزوق‭ ‬وزير‭ ‬الأوقاف.

‬ ترفض‭ ‬الحكومة‭ ‬أن‭ ‬تستخدم‭ ‬منابر‭ ‬الجوامع‭ ‬في‭ ‬السياسة،‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬الدعوة‭ ‬للمرشحين‭ ‬في‭ ‬الانتخابات،‭ ‬وتقبل‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬الوقت،‭ ‬أن‭ ‬يجمع‭ ‬وزير‭ ‬الأوقاف‭ ‬أئمة‭ ‬المساجد‭ ‬كافة،‭ ‬للتأييد‭ ‬والمبايعة‭ ‬السياسية،‭ ‬وتفسح‭ ‬المجال‭ ‬لشيخ‭ ‬مشايخ‭ ‬الطرق‭ ‬الصوفية،‭ ‬أن‭ ‬يعلن‭ ‬عن‭ ‬مبايعة‭ ‬ملايين‭ ‬الصوفيين.

وليت‭ ‬مخاوفي‭ ‬تقتصر‭ ‬على‭ ‬بعض‭ ‬الشوائب،‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تلحق‭ ‬بالصورة‭ ‬الذهنية‭ ‬للحكومة‭ ‬لدى‭ ‬المواطن،‭ ‬كما‭ ‬يخشى‭ ‬يوسف‭ ‬على‭ ‬صورته‭ ‬لدى‭ ‬المشاهد‭ ‬من‭ ‬يد‭ ‬نجوى.

‬لأن‭ ‬المؤكد -‬من‭ ‬وجهة‭ ‬نظري-، ‬أن‭ ‬الحكومة‭ ‬بتناقضاتها‭ ‬هذه،‭ ‬وبقصر‭ ‬نظر‭ ‬غير‭ ‬خافي،‭ ‬تمهد‭ ‬الطريق،‭ ‬وتعطى‭ ‬الشرعية‭ ‬لتديين‭ ‬السياسة،‭ ‬وجرها‭ ‬‮«‬السياسة‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬ساحة‭ ‬الدين، ‭ ‬وهي‭ ‬منطقة،‭ ‬لن‭ ‬تقوى -الحكومة-‭ ‬فيها‭ ‬على‭ ‬المزايدة‭ ‬على‭ ‬الجماعات‭ ‬الدينية.

‬وذلك‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تتسق‭ ‬مع‭ ‬ما‭ ‬تعلنه‭، ‬وتتوقف‭ ‬عن‭ ‬استخدام‭ ‬الدين‭ ‬في‭ ‬السياسة،‭ ‬وتجبر‭ ‬بالتالي‭ ‬هذه‭ ‬الجماعات‭ ‬على‭ ‬الدخول‭ ‬في‭ ‬ساحة‭ ‬السياسة،‭ ‬متجردة‭ ‬من‭ ‬أقوى‭ ‬أسلحتها‭ ‬متمثلة‭ ‬فى‭ ‬المرجيعة‭ ‬الدينية.

‬ ولست‭ ‬أعبأ،‭ ‬أن‭ ‬يرفض‭ ‬يوسف‭ ‬يد‭ ‬نجوى،‭ ‬أو‭ ‬أن‭ ‬حتى‭ ‬يقبلها،‭ ‬ولست‭ ‬مباليا‭ ‬أن‭ ‬يحفظ‭ ‬يوسف‭ ‬صورته‭ ‬الذهنية،‭ ‬كفنان‭ ‬‮«‬داعية‮»‬‭ ‬لدى‭ ‬المشاهد.

‬ولكنى‭ ‬على‭ ‬استعداد‭ ‬أن‭ ‬أقبل‭ ‬يد‭ ‬الحكومة،‭ ‬بل‭ ‬وأذهب‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬مداعباتها‭ ‬وملاطفتها،‭ ‬شريطة‭ ‬أن‭ ‬تحذو‭ ‬حذو‭ ‬يوسف،‭ ‬فتتسق‭ ‬أقوالها‭ ‬مع‭ ‬أفعالها،‭ ‬وترفض‭ ‬أن‭ ‬تستخدم‭ ‬الدين‭ ‬في‭ ‬دغدغة‭ ‬واستغلال‭ ‬مشاعر‭ ‬الجماهير،‭ ‬وتكف‭ ‬عن‭ ‬تطويعه‭ ‬لتحقيق‭ ‬أهدافها‭ ‬السياسية.

‬ ولست‭ ‬مهتما‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الحالى‭ ‬بإصلاح‭ ‬الفن،‭ ‬بقدر‭ ‬اهتمامي‭ ‬بإصلاح‭ ‬السياسة،‭ ‬فصلاحها -‬السياسة-، ‬سيعم‭ ‬على‭ ‬كافة‭ ‬مناحي‭ ‬الحياة‭ ‬الأخرى‭ ‬الثقافية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬والرياضية‭ ‬والفنية.

‬ فحين‭ ‬يترسخ‭ ‬في‭ ‬عقل‭ ‬ووجدان‭ ‬المواطن،‭ ‬عندما‭ ‬يذهب‭ ‬إلى‭ ‬صناديق‭ ‬الاقتراع،‭ ‬ضرورة‭ ‬أن‭ ‬يمنح‭ ‬صوته‭ ‬لأفضل‭ ‬المرشحين‭ ‬قدرة‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬مصالحه،‭ ‬وليس‭ ‬أكثرهم‭ ‬إدعاء‭ ‬للزهد‭ ‬والورع، ‬فإنني‭ ‬على‭ ‬ثقة،‭ ‬أنه‭ ‬سيكون‭ ‬في‭ ‬مقدوره‭ ‬‮«‬المواطن‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬يفرز‭ ‬وينتخب‭ ‬ويعشق‭ ‬ويخلد‭ ‬من‭ ‬فنانيه،‭ ‬الأكثر‭ ‬موهبة‭ ‬واجتهادا،‭و ‬ليس‭ ‬أكثرهم‭ ‬قدرة‭ ‬على‭ ‬الاضحاك‭ ‬أو‭ ‬أشدهم‭ ‬فقها‭ ‬وصلاحا،‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬تقمص‭ ‬دور‭ ‬أمير‭ ‬الدعاة،‭ ‬ورفض‭ ‬إمساك‭ ‬يد‭ ‬زميلته‭ ‬‮«‬القديرة‮»!.