وزير الرى: مصر تقدمت بمقترح يضمن توليد 85% من كهرباء سد النهضة وقت الجفاف

وزير الرى: مصر تقدمت بمقترح يضمن توليد 85% من كهرباء سد النهضة وقت الجفاف
مدحت إسماعيل

مدحت إسماعيل

6:09 م, الجمعة, 3 ديسمبر 21

على هامش مشاركته في مؤتمر “كوكب بودابست” والمنعقد بدولة المجر حالياً، ألقى الدكتور محمد عبد العاطى وزير الموارد المائية والرى محاضرة الدبلوماسيين المجريين بالأكاديمية الدبلوماسية المجرية عن الوضع المائي في مصر والمشروعات التي تقوم بها وزارة الموارد المائية والري والدولة المصرية في مجال التكيف مع التغيرات المناخية تحت عنوان “إدارة المياه في مصر وتغير المناخ .. الفرص والتحديات” ، وذلك بمقر مبنى وزارة الخارجية المجرية.

وأشار “عبد العاطى” إلى التحديات المائية التى تواجهها مصر وعلى رأسها الأفعال الأحادية لملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبى والزيادة السكانية والتغيرات المناخية ومحدودية الموارد المائية، الأمر الذى يستلزم وضع السياسات اللازمة وإتخاذ العديد من الإجراءات وتنفيذ العديد من المشروعات الكبرى لتحقيق الإدارة المتكاملة والمثلى للموارد المائية، باعتبار أن قضية المياه هى قضية محورية في مجال تحقيق التنمية المستدامة، الأمر الذى يستلزم زيادة التعاون وتبادل الخبرات بين مختلف دول العالم في مجال المياه، مؤكدا في الوقت ذاته على ما تمتلكه مصر من خبرات وطنية يمكنها التعامل مع التحديات التى يواجهها قطاع المياه.

واستعرض “عبد العاطى” الموقف المائى في مصر، مشيرا إلى أن مصر تعتمد بنسبة ٩٧% على مياه نهر النيل، وتصل احتياجات مصر المائية إلى نحو ١١٤ مليار متر مكعب سنوياً يقابلها موارد مائية لا تتجاوز الـ ٦٠ مليار متر مكعب سنوياً ، بعجز يصل إلى ٥٤ مليار متر مكعب سنويا ، ويتم سد هذه الفجوة من خلال إعادة استخدام المياه.

واستيراد محاصيل زراعية بما يعادل نحو ٣٤ مليار متر مكعب سنويا، مشيرا لقيام الوزارة بتنفيذ العديد من المشروعات الكبرى التى تهدف لزيادة قدرة المنظومة المائية على التعامل مع التحديات المائية بدرجة عالية من المرونة والكفاءة، وتحقيق العديد من الأهداف مثل ترشيد استخدام المياه، وتعظيم العائد من وحدة المياه.

وتحسين إدارة المنظومة المائية، والتأقلم مع التغيرات المناخية مثل مشروعات تأهيل الترع والمساقى والتحول للري الحديث وإنشاء محطات معالجة ثلاثية للمياه بطاقة تصل إلى ١٥ مليون متر مكعب يومياً ، وإنشاء ما يقرب من ١٥٠٠ منشأ للحماية من أخطار السيول، وتنفيذ أعمال حماية للشواطئ بأطوال تصل إلى ١٢٠ كيلومتر والعمل في حماية أطوال أخرى تصل إلى ١١٠ كيلومترات.

واستعرض “عبد العاطى” الموقف الراهن لمفاوضات سد النهضة الاثيوبى ، مشيرا إلى ما أبدته مصر من مرونة كبيرة خلال مراحل التفاوض المختلفة لرغبتها في التوصل لإتفاق عادل وملزم فيما يخص ملء وتشغيل السد ، مشدداً على ضرورة وجود إجراءات محددة للتعامل مع حالات الجفاف المختلفة في ظل اعتماد مصر الرئيسى علي نهر النيل.

وأكد أن مصر قامت بمحاولات عديدة لبناء الثقة خلال مراحل التفاوض إلا أن ذلك لم يقابل بحسن نية من الجانب الإثيوبي ، مع التأكيد على أن أي نقص في المياه سيؤثر علي الملايين من العاملين بقطاع الزراعة ، مما سيسبب مشكلات اجتماعية وعدم استقرار أمني في المنطقة ويزيد من الهجرة غير الشرعية.

وأشار إلى تعمد الجانب الإثيوبي إصدار بيانات مغلوطة وإدارة السد بشكل منفرد ، مما تسبب فى حدوث أضرار كبيرة على دولتى المصب ، مع الإشارة للأضرار التى تعرضت لها السودان نتيجة الملء الأحادي في العام الماضي.

وأوضح أن ماحدث تسبب في معاناة السودان من حالة جفاف قاسية أعقبتها حالة فيضان عارمة بسبب قيام الجانب الإثيوبى بتنفيذ عملية الملء الأول بدون التنسيق مع دولتى المصب، ثم قيام الجانب الإثيوبى بإطلاق كميات من المياه المحملة بالطمى خلال شهر نوفمبر 2020 بدون إبلاغ دولتى المصب مما تسبب في زيادة العكارة بمحطات مياه الشرب بالسودان.

وأكد “عبد العاطى” أن الندرة المائية والتغيرات المناخية تزيد من صعوبة الوضع في إدارة المياه فى مصر وتجعلها شديدة الحساسية تجاه أى مشروعات أحادية يتم تنفيذها فى دول حوض النيل ، دون وجود اتفاقيات قانونية عادلة وملزمة لتنظيم هذه المشروعات والحد من تأثيراتها السلبية على المياه فى مصر.

وأشار إلى أن دول منابع النيل تتمتع بوفرة مائية كبيرة، ولا توجد مشكلة مياه لديها ، حيث تصل كمية الأمطار المتساقطة على منابع النيل الى (١٦٠٠ – ٢٠٠٠) مليار متر مكعب سنويا من المياه، ولكن هناك حاجة لتحسين عملية إدارة المياه بهذه الدول، لافتا إلى امتلاك إثيوبيا لمياه جوفية متجددة تُقدر بـ ٣٠ مليار متر مكعب سنوياً ، وهى تقع على أعماق قليلة تصل إلى ٣٠ مترا فقط.

وأضاف “عبد العاطى” أن مصر ليست ضد التنمية فى دول حوض النيل ، بل على العكس .. فمصر تدعم التنمية في دول حوض النيل والدول الأفريقية من خلال العديد من المشروعات التى يتم تنفيذها على الأرض.

وقال إن مصر قامت بإنشاء العديد من سدود حصاد مياه الأمطار ، ومحطات مياه الشرب الجوفية مع استخدام الطاقة الشمسية في عدد كبير منها وتنفيذ مشروعات لتطهير المجاري المائية ، والحماية من أخطار الفيضانات.

وإنشاء العديد من المزارع السمكية والمراسى النهرية، ومساهمة الوزارة فى إعداد الدراسات اللازمة لمشروعات إنشاء السدود متعددة الأغراض لتوفير الكهرباء ومياه الشرب للمواطنين بالدول الأفريقية، بالإضافة لما تقدمه مصر فى مجال التدريب وبناء القدرات للكوادر الفنية من دول حوض النيل.

كما أن مصر وافقت على إنشاء العديد من السدود بدول حوض النيل مثل خزان أوين بأوغندا الذى قامت مصر بتمويله ، بالإضافة للعديد من السدود فى إثيوبيا مثل سدود تكيزى وشاراشارا وتانا بلس التى لم تعترض مصر على إنشائهم ، ولكن إنشاء سد بهذا الحجم الضخم ، وبدون وجود تنسيق بينه وبين السد العالى هو سابقة لم تحدث من قبل.

الأمر الذى يستلزم وجود آلية تنسيق واضحة وملزمة بين السدين ، وهو الأمر الذى ترفضه إثيوبيا ، على الرغم من ان مصر عرضت عليها العديد من السيناريوهات التى تضمن قدرة السد على توليد الكهرباء بنسبة تصل إلى ٨٥ % فى أقصى حالات الجفاف ، مضيفا أن وجود آلية تنسيقية فى اطار اتفاق قانونى عادل وملزم يعد ضمن إجراءات التكيف مع الآثار السلبية للتغيرات المناخية.

واستعرض “عبد العاطى” مشروع الممر الملاحي بين بحيرة فيكتوريا والبحر المتوسط والذي يهدف لتحويل نهر النيل لمحور للتنمية يربط بين دول حوض النيل .

وأوضح أنه يشتمل على ممر ملاحي وطريق وخط سكة حديد وربط كهربائي وربط كابل إنترنت لتحقيق التنمية الشاملة لدول حوض النيل، مشيراً إلى أن هذا المشروع يحقق التكامل الاقليمى ويجمع دول الحوض باعتبار أن النقل النهري بين الدول من أفضل الوسائل القادرة علي نقل حركة التجارة بمختلف أنواعها وأحجامها بتكلفة منخفضة واستهلاك أقل للطاقة ومعدلات أمان أعلى مقارنة بوسائل النقل الأخرى وبحيث يتم التكامل مع وسائل النقل الأخرى.

مع التأكيد على دور المشروع فى دعم حركة التجارة والسياحة بين الدول المشاركة فيما بينها ومع دول العالم ، والعمل على توفير فرص العمل ، وزيادة إمكانية الدول الحبيسة للاتصال بالبحار والموانئ العالمية ، وكذا دعم التنمية الاقتصادية بالبلدان المشاركة وتقوية وضع المنطقة في النظام الاقتصادي العالمي، فضلاً عن دعم التعاون والتكامل بين الدول المشاركة بكافة المجالات، الأمر الذى ينعكس على رؤية المشروع والتي تتمثل في “قارة واحدة – نهر واحد – مستقبل مشترك”.

وأكد “عبد العاطى” أن التغيرات المناخية أصبحت واقعاً نشهده فى العديد من الظواهر المناخية المتطرفة التى ضربت العديد من دول العالم وأحدثت فيها خسائر هائلة ، وأن الندرة المائية والتغيرات المناخية تزيد من صعوبة الوضع في إدارة المياه فى مصر وتجعلها شديدة الحساسية تجاه أى إجراءات أحادية تقوم بها دول المنابع.

وأضاف أن مصر تتطلع لاستضافة مؤتمر المناخ القادم لعام ٢٠٢٢ (COP27) ممثلة عن القارة الأفريقية ، وأنها فرصة ذهبية لعرض تحديات القارة السمراء فى مجال المياه ، مع وضع محور المياه على رأس أجندة المؤتمر، مشيراً إلى أنه وإيماناً من الدولة المصرية بأهمية محور المياه في ملف تغير المناخ، تم إطلاق عنوان “المياه على رأس أجندة المناخ العالمى” على أسبوع القاهرة الخامس للمياه والمزمع عقده فى شهر أكتوبر من العام القادم ، مؤكدا على أهمية أن تحظى التحديات المرتبطة بقطاع المياه بالإهتمام الدولي الكافى وخاصة في الدول الأفريقية.