قال عاطف أبو سيف، وزير الثقافة الفلسطيني والكاتب والروائي، إن حجم المساعدات التي تتلقاها غزة منذ اندلاع “طوفان الأقصى” لا تكفي سوى لـ10% من السكان النازحين بالقطاع، مشيرًا إلى أن منظمات المجتمع الدولي متواطئة في عدم إدخال المساعدات لأهل غزة.
جاء ذلك خلال لقاء الآن بمقر نقابة الصحفيين أجراه أبو سيف عن “يوميات العدوان” بعد 83 يومًا قضاها بالقطاع، تنقل فيها من منزله إلى مراكز الإيواء، واستشهد خلالها عدد كبير من أفراد أسرته، وأدار الحوار خالد البلشي، نقيب الصحفيين، بمشاركة ناجي الناجي، المستشار الإعلامي للسفارة الفلسطينية.
وصرح بأن أكثر من ثلث سكان شمال غزة لم يغادروا أماكنهم أو بيوتهم، رغم قسوة الظروف التي يعيشون بها، إضافة إلى أن بعضهم لم يغادر لعدم القدرة المادية أو الجسدية على النزوح من أماكنهم، فضلًا على علمهم أن الطيران الإسرائيلي يستهدف النازحين بالقصف.
وأوضح أن العدو الإسرائيلي يستهدف في خضم أحداث “طوفان الأقصى” سرقة الآثار الموجودة بالمتاحف وتدميرها، مشيرًا إلى استهداف الكيان لمتاحف “الباشا” و”رفح” و”القرارة”.
وأضاف وزير الثقافة الفلسطيني العائد من غزة، أن جيش الاحتلال سرق من متحف رفح فقط 320 قطعة وبردة أثرية، مشيرًا إلى تدمير القصف الصهيوني للمكتبة العامة لبلدية غزة، التي تحتوي على كتب من أشد المخطوطات ندرة بالعالم، يصل عددها إلى 1470 تقريبًا.
وكشف أن وزارة الثقافة الفلسطينية خاطبت منظمة اليونسكو أكثر من مرة للقيام بواجبها أمام ذلك التراث العربي الإنساني وتدبير طرق لتأمينه والحفاظ عليه، إلا أن تلك المخاطبات لم تسفر عن أي نتيجة تُذكر.
وأشار إلى أن العدو الإسرائيلي استهدف مؤخرًا كنيسة القديس بروفيروس، وتعد رابع أقدم كنيسة بالعالم، فضلًا على تهدم عدد من المساجد القديمة من جراء القصف، إضافة دمار إلى المقبرة البيزنطية بغزة ذات التراث المعماري الفريد، لافتًا إلى تهدم قبر هاشم بن عبد مناف، جد النبي محمد، الموجود بغزة.
وبيّن أن قوات الجيش الإسرائيلي تستهدف بطائراتها البيوت والمنازل التي تمتلك بأسطحها شرائح توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية لقطع سبل الإنارة عن أصحابها، مشيرًا إلى أن الاحتلال لا يبغي سوى القضاء على البنى التحتية وإرغام السكان على الهجرة القسرية خارج بلادهم من جراء تلك الممارسات.
وأفاد بأن الاحتلال يتعامل مع تلك الحرب وفق مبدأ راسخ لديه يتمثل في عدم وجود شيء مقدس لديه، مضيفًا أن الاحتلال استهدف بالقصف كل المطابع ومصانع الورق خصوصًا، فضلًا على عدد من المدارس ودور التعليم الملحقة بالمدارس والكنائس.
وتابع إن الاحتلال يبغي من جراء استهدافه للمدارس والمطابع صعوبة إعادة إعمار تلك المناطق مرة أخرى، والعمل على تهجير سكانها بسبب عدم وجود مؤسسات تعليمية أو منافذ لبيع الكتب للحيلولة بين الطلاب والتعليم.
وأفاد بأن الاحتلال، بشكل ممنهج، دمّر كل الميادين العامة بغزة، لا سيما التي تحتوي على جداريات أو تماثيل ذات طوابع خاصة، لافتًا إلى أن ذلك إنما يعد طمسًا للهوية الوطنية الفلسطينية والقفز على مقدرات الشعب وممتلكاته.
وشدد على أن فلسطين تقاوم الاحتلال بكل فصائلها، بناء على عقيدة وطنية راسخة مؤسسة على “اختلاف التنظيمات وبقاء فلسطين”.
وصرح بأن الحرب في غزة تعد في المقام الأول حرب على الهوية الوطنية الفلسطينية قبل أن تكون حربًا على الدولة، مشيرًا إلى أن تكريس الهوية الفلسطينية إنما هي المهمة الكبرى بعد انتهاء الحرب.