الكثيرون يعرفون الفنانة الراحلة نادية لطفى التي رحلت عن عالمنا عن 82 عاما بفنها و اعمالها السينمائية الجميلة التي بلغت 73 فيلما لعل أهمها افلام ” النظارة السوداء” ” بين القصرين ” و” المومياء “، لكنهم قد لايعرفون انها كانت مناضلة و صاحبة مواقف سياسية وشخصية تتسم بالشجاعة المفرطة
فقد وصف الناقد الفنى مجدى الطيب ، الفنانة نادية لطفى بالمناضلة ، مؤكدا انه من النقاد الذين يقدرون مواقف الفنان وليس فقط موهبته التمثيلية ، وان الفنانة الراحلة وان كانت تمتلك موهبة واضحة بلا شك ، الا ان ما يميزها أيضا أنها كانتفنانة ملتزمة تملك أيضا مواقف وطنية و قومية ميزتها عن باقي الفنانات الأخريات مثل الفنانة فاتن حمامة التى كانت تهتم بفنها و بصورتها أمام جمهورها فقط لا غير.
أما نادية لطفى فكانت تحتل مساحة لاينافسها فيها احد ، وهى المساحة الوطنية و القومية ، وأن تكون صاحبة موقف وتقدم لجمهورها صورة نموذجية للفنان الملتزم ، فنادية لطفى كانت الفنانة الوحيدة التي تواجدت في بيروت فى عام 1982 وقت الحصار الاسرائيلى للعاصمة اللبنانية ، ورغم ذلك فهي لم تكن صاحبة بيانات وشعارات ، لكنها كانت صاحبة مواقف على الأرض ،و أعطت مثالا فريدا للفنان الملتزم بقضية بأن تواجدت وسط الفدائيين الفلسطنين و مع الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات وسط الحصار ،وهناك صورة شهيرة تجمع ياسرعرفات بالفدائيين والمرأة الوحيدة التى كانت متواجدة في الصورة هى نادية لطفى ، ولم تكتف بذلك فقط بل انها قامت أيضا بنفسها بتصوير مجموعة من الأفلام و التسجيلات عن هذه الفترة .
ووجه رسالة من خلال جريدة المال طالب خلالها بإن يتم تكريمها من خلال العثور على هذه الأفلام وعرضها و لا تكرم بالمقالات و الكتب والندوات عنها .
وعن موقفها فى حرب 73 وحرب الاستنزاف عام 1969 قال الطيب أن نادية لطفي تواجدت بشكل مباشر بمستشفى القصر العينى وكأنها تحولت الى ممرضة محترفة
و اضاف الطيب أن نادية لطفي شاركت في فيلم تسجيلى بعنوان ” جيوش الشمس ” للمخرج شادى عبد السلام ، وهو ايضاً تستحق التكريم عليه ، مقترحا أن يتم إقامة متحف للفنانة نادية لطفى ليضم كل هذه الأفلام و التسجيلات و الوثائق المتعلقة بمواقفها تلك.
وأشاد الطيب بوعى الفنانة نادية لطفى للفيلم بمشاركتها فى فيلم ” المومياء ” للمخرج شادى عبد السلام وعدم اهتمامها بمساحة دورها التى كانت ضعيفة فى فيلم ” المومياء ” لكن تواجدها فى الفيلم كان مؤثرا جدا ً ويضاف الى قيمتها ورصيدها كفنانة .
كما أشاد أيضا بدور الخادمة الذي لعبته فى فيلم ” قاع المدينة ” حيث أنها تحدت نفسها ووجها الجميل و مايفرضه عليها من نوعية أدوار ، وقدمت دورا عميقا في هذا الفيلم ، وهو ما فعتله فى فيلم “النظارة السوداء ” .
و أوضح الطيب انها كانت قادرة على اختيار ادورها بعناية ، ورصيدها يؤكد أنها فنانة موهوبة وحساسة ، وأنها استشعرت الوقت المناسب للإعتزال فاعتزلت .
أما المخرج فايق جرادة ، المسؤول عن التليفزيون الفلسطينى بالقاهرة ، فأكد أن الفنانة الراحلة نادية لطفى انسانة مناضلة صاحبة روح وطنية و قومية أصيلة ، مشيدا بتضامنها الدائم مع القضية الفلسطنية ، وعلى الأخص زيارتها لبيروت أثناء حصار اسرائيل للفدائين عام 1982 .
و تأسف جرادة من أنه فى الوقت الذى يزداد فيه عدد المطبيعن يوما بعد يوم ، ترحل الانسانة صاحبة الروح الوطنية و القومية والتى حملت هم القضية الفلسطنية ، و التى كانت من اوائل الذى كسر حصار بيروت ، ومن أوائل من شكل وفد من الفنانين المصريين على نفقتها الخاصة لمناصرة و دعم الثورة الفلسطينية .
وأضاف جرادة انه من المعروف عن نادية لطفى موقفها الجريئة ، فقد نقلت مقر إقامتها لمستشفى القصر العينى أثناء حرب أكتوبر ومارست دور الممرضة ، كما أنها الفنانة الوحيدة التى ذهبت الى الرئيس عرفات وقت حصار بيروت ، وقامت بتصوير و تسجيل وفضح ما حدث من مجازر ، ولم تكن كاميرتها مجرد كاميرا ، بل كانت مدفعا رشاشا فى وجه القوات الإسرائيلية .
وقال جرادة : لم احكى عن فنها لأنه يتحدث عن نفسه ، بل يركز على دورها في الدفاع عن فلسطين ، وهو الدور الذي دفع الشاعر الفلسطينى عز الدين المناصرة لوصفها بأنها كانت إمراة شجاعة .
و أكد أن الفنانة نادية لطفى لم ترحل عنا ، بل هى باقية فى وجدان الشعب العربى و الفلسطينى ، وليس غريبا ان يكرمها الرئيس محمود عباس أبو مازن رئيس دولة فلسطين ويعطيها وسام نجمة القدس ويقوم بزيارتها شخصيا فى مقر اقامتها بمستشفى المعادى بالقاهرة ، فقد كانت نادية لطفي تقول أن فلسطين والقدس لهما مكانة فى قلوب المصريين والعرب والمسلمين والمسيحين ،كما كان فى بيتها صوره لاينساها التاريخ مع الراحل ياسر عرفات في بيروت المحاصرة.
واكد الكاتب الصحفى سيد محمود ان الفنانة نادية لطفى إمراة شجاعة ومناضلة ومتفردة فى فنها ومواقفها السياسية ، متذكرا اللقاء الوحيد الذي جمع بينهما خلال فترة توليه رئاسة تحرير جريدة القاهرة ، عندما نشرت الجريدة ملف عن المخرج شادى عبد السلام حرره الدكتور مجدى عبد الرحمن الأستاذ بمعهد السينما ، وكتب سيد محمود مقال عنها ، وفوجئ بأن الكاتب الصحفى أيمن الحكيم يقول له ان الفنانة نادية لطفى تريد ان تتحدث معه، فجمع بينه وبينها حديث ، ووصفها سيد محمود بأنها فنانة جميلة لكن ليس لديها شعور بالنجومية ،فكانت شديدة التواضع فى كلامها عن نفسها أثناء الحوار ، فلم تكن منشغلة بنفسها ، بل كان حديثها كله عن المقاومة الفلسطينة وقت حصار بيروت عام 1982 والصداقات التي كونتها من خلال تلك التجربة ، مثل السياسى العراقى فخرى كريم ، والمخرج التسجيلي الراحل فؤاد التهامى ، وذكرياتها مع الرئيس الراحل ياسر عرفات .
وأشار سيد محمود الى أن الفنانة نادية لطفى هى أخر فناني جيل كان مرتبطا بالقضايا الكبيرة فى مصر مثل سعاد حسنى التى كان يحيط بها محيط يسارى فى حياتها من خلال زوجها المخرج على بدرخان وعبد الرحمن الخميسى وهى كانت جزء منه ، لكن نادية لطفى هى التى اختارت ان تكون جزءا من القضايا الكبيرة والمهمة ، فاتذكر أنها وقت اعتصام الفنانين بسبب قانون النقابات المهنية عام 1987 كانت من اوائل الفنانين المتواجدين هى والفنانة تحية كاريوكا .