وأحدية «البعث».. تعوق عودة سوريا إلى «قلب العروبة النابض»

وأحدية «البعث».. تعوق عودة سوريا إلى «قلب العروبة النابض»
شريف عطية

شريف عطية

6:39 ص, الأحد, 18 يوليو 21

نعم، بقدر ما كان تجميد عضوية سوريا فى الجامعة العربية 2011 خطأً جسيمًا، فإن عودتها إلى الصف العربى ضرورة قومية، إلا أن من المهم لدمشق التى ينفرد “حزب البعث” بحكمها منذ العام 1963.. أن تعيد حساباتها العربية والإقليمية بغرض تصويب ما كان من سياسات الحزب منذ بواكير إنشائه منتصف الأربعينيات بالتزامن مع الاستقلال السورى عن فرنسا، وإلى محاولته من بعد تسييس المؤسسة العسكرية لصالحه، ما شجّع الأخيرة بشكل غير مباشر على القيام بسلسلة انقلابات عسكرية متتالية من العام 1949.. أفرغت المجتمع المدنى من مضامينه الواعدة، ربما باستثناء حزب البعث على وجه التقريب، ما أدى فى منتصف الخمسينيات إلى صعود شوكة الحزب الشيوعى (خالد بكداش)، فى الوقت الذى توالت فيه بالمقابل الضغوط الغربية والتركية على سوريا، ما دفع حزب البعث (الحوراني).. مع المؤسسة العسكرية (عفيف البرزي) للجوء طلبًا للوحدة مع مصر التى لم تتريث من جانبها لتوفير أسس قيام الوحدة قبل إعلانها العام 1958خصمًا من المجهود المصرى المحلى والإقليمي، وما إن اشتد ساعد حزب البعث إزاء الأخطار التى كانت تتهدده قبل الوحدة، إذ سرعان ما ساند الانقلاب الانفصالى عن مصر سبتمبر 1961إيذانًا بانفراد “البعث” بحكم سوريا 1963لتبرز الخلافات بينه وبين مصر إلى العلن، وعلى صفحات الصحف، إلى نهاية حقبة الستينيات التى تخللها استدراج الجناح المتطرف للحزب- مصر- للوقوع فى شرك حرب يونيو1967 (اتهام مصر “عبد الناصر” بالاختباء من إسرائيل وراء قوات الأمم المتحدة بين الجانبين- الادعاء على غير الحقيقة بكثافة الحشود الإسرائيلية على الحدود السورية.. إلخ)، إلا أن الشراكة بينهما باتت بعدئذ ضرورية لتحرير سيناء- الجولان، خاصة منذ حركتيهما التصحيحيتين 1970ما أدت إلى مشاركتهما- ليبيا- فى اتحاد الجمهوريات العربية 1971إيذانًا بدخولهما حرب أكتوبر 1973.. التى سرعان ما أحدثت تعقيدات نتائجها على الجبهتين إلى عدم توازى الخطوات الدبلوماسية بين الشريكين الإستراتيجيين السابقين منذ اتفاقياتهما فض الاشتباك مع إسرائيل يناير -مايو 1974لتواصل مصر نهجها الدبلوماسي، فيما اكتفت سوريا بصمت جبهة الجولان دون طلقة رصاص واحدة لعقودٍ متتالية، تفرغت سوريا خلالها بالوصاية على الحالة اللبنانية منذ 1976، وإلى محاولة تطويع الحالة الفلسطينية إلى جانبها، ناهيك عن التحالف مع إيران فى الحرب ضد العراق خلال الثمانينيات، دون استثناء تواصل مباشرتها دور العراب لصالح إيران وحزب الله للدفع بلبنان (وعروبيته) إلى الانهيار، بجانب عواصم عربية أخرى تشارك طهران فى صنع قراراتها، كما شاركت سوريا “البعث” فى صيغة دمشق 2+6 لتحرير الكويت 1991، وحيث لم تفلح جهود الوساطة بين القيادتين القطريتين البعثيتين فى سوريا والعراق من فكّ حصار العراق خلال التسعينيات إلى أن تعرّض الأخير للغزو الأميركى 2003 ليتحول الكونجرس من بعد إلى إصدار قراره المعروف بـ”محاسبة سوريا” التى أدت إلى طرد الجيش السورى من لبنان أبريل 2005 ومن ثم إلى إنهاء الوصاية السورية عليه إلا من نفوذ حلفائها(..) فى لبنان، وحيث لم تصبح سوريا العائدة لما وراء حدودها اعتبارًا من 2006 كما كانت من قبل، على الأقل بالنسبة لأوضاعها الداخلية أو تحركاتها الخارجية، إلى أن دهمتها أحداث الربيع العربى فى مارس 2011 التى سرعان ما تحولت إلى حرب أهلية نظرًا لقِصر نظر دهاقنة حزب البعث، سواء فى محاولة الأسد الابن تجميل الوجه اللاليبرالى للحزب بعد رحيل الأب فى يونيو 2000 أو سواء من خلال إعطاء بعض الحريات للمعارضين فى 2011، ما أدى مع تراكم الأحداث الإقليمية والدولية إلى أن أصبحت سوريا مسرحًا لكل نشاط مختلف الجيوش الأجنبية التى تلقى بتبِعات أياديها الثقيلة على ساحات السياسات العربية، كما باتت سوريا ميدانًا لتجريب مئات الأسلحة الدولية المتطورة، كما أصبحت أبوابها مفتوحة على مختلف تنظيمات قوات المرتزقة إلى الآن.

إلى ذلك، ماذا جنت سوريا طوال تاريخها البعثى غير التدمير، وماذا جنت المنظومة العربية جراء تبِعاتها الحزبية على المستوى القومى إلا المزيد من التفكك والتناحر، بحيث يدعو الأمر ألا تكون عودة سوريا إلى عضوية الجامعة العربية.. ليس قبل تصحيح مواقفها نحو ضمّ الشمل العربى، دون خروقات أجنبية، ومن دون أن تعوق واحدية البعث عودة سوريا إلى قلب العروبة النابض