سحبت هونج كونج البساط من دبي لتصبح مركزا لتجارة الذهب الروسي ، فبعد إقصائها من لندن بعد غزو أوكرانيا، تحولت تجارة الذهب الروسي لدبي ، بحسب وكالة بلومبرج.
كانت المدينة منذ أمد بعيد قناة رئيسية لدخول الذهب إلى البر الرئيسي الصيني – أكبر سوق مستهلك حول العالم – لكن منذ أبريل الماضي، ارتفع حجم الشحنات الروسية. استوردت هونج كونج 68 طنا من الذهب الروسي السنة الحالية، وهو 4 أضعاف وارداتها خلال 2022 بأكملها.
مركز لتجارة الذهب الروسي
يُعزى التحول إلى هونج كونج إلى العقوبات الأمريكية على كبار شركات تعدين الذهب في روسيا، علاوة على حملة إجراءات صارمة من قبل الإمارات العربية المتحدة استهدفت الأنشطة غير المشروعة بسوق المعدن الأصفر، بحسب أشخاص على دراية بالموضوع. يبرز الانتقال جهة الشرق على الصعوبات التي يواجهها الغرب على صعيد كبح تدفقات الموارد الطبيعية التي تمول آلة حرب الكرملين.
قبل غزو أوكرانيا، شُحنت صادرات روسيا بالكامل تقريباً -ثاني أكبر منتج عالمياً- إلى خزائن في لندن، مركز تجارة سبائك الذهب على مستوى العالم. لكن هجوم الكرملين جعل الذهب الروسي من المحظورات بالقطاع الرئيسي، حتى قبل فرض حظر رسمي على الواردات من قبل مجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى والاتحاد الأوروبي.
عندما اُستبعد الذهب الروسي من لندن، كانت دبي -مركز العبور الرئيسي لشحنات السبائك المصدرة لأسواق الشرق الأوسط وآسيا- المستفيد الأول. حافظت الإمارات على موقفها المحايد السنة الحالية، رافضة اتخاذ تدابير رسمية ضد الذهب الروسي رغم ضغوط الولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة، وفقاً لما ذكره أشخاص مطلعون على المناقشات.
شحنت روسيا 96.4 طن من المعدن النفيس للإمارات خلال 2022، ما يجعلها أكبر مورّد للبلاد. مثل ذلك ما يفوق 5 أضعاف حجم التصدير لـ “هونج كونج”.
إجراءات إماراتية
بينما لم تفرض الإمارات العربية المتحدة حتى الآن حظراً على استيراد الذهب الروسي، إلا أن أحجام الشحنات تراجعت بصورة كبيرة. يعزى ذلك جزئياً لعمليات تطهير تنظيمية، بعد إضافة الدولة الشرق أوسطية لقائمة المراقبة من قبل منظمة “مجموعة العمل المالي”، وهي هيئة مراقبة عالمية لغسيل الأموال.
وأوضح أشخاص على دراية بالموضوع أن التحويلات المصرفية في الإمارات خضعت لرقابة أكبر، بينما تُراقب المدفوعات النقدية عن طريق قاعدة بيانات حكومية إلزامية، ما جعل عمليات الدفع للمصدرين الروس أشد صعوبة. ذكر الأشخاص أن العقوبات الأمريكية الموقعة في مايو الماضي على أكبر شركة تعدين للذهب في روسيا -“بوليوس” والفرع المحلي لشركة “بولي ميتال إنترناشيونال” كان لها أيضاً تأثير مثبط نظراً لأن التجار والمصارف الإماراتية أكثر تردداً في التعامل مع الكيانين المشار إليهما.
بدأ بعض من مشتري الذهب في دبي بإعادة توجيه شحنات التصدير إلى هونغ كونغ، بحسب بيانات أولية من شركة تتبع التجارة “إمبورت جينياس” ، استناداً لأرقام هيئة الجمارك الروسية للشهور الستة المنتهية في أغسطس الماضي.
انسحاب شركات
انسحبت شركات إماراتية أخرى بالكامل. أشارت شركة “ترانس غارد” اللوجستية المملوكة للدولة، التي تعد جزءاً من “مجموعة الإمارات”، في مايو الماضي أنها أوقفت عمليات نقل الذهب الروسي.
كتبت لجنة سوق سبائك الذهب الحكومية في بيان إلى بلومبرغ: “تعمل الإمارات عن طريق عمليات معالجة واضحة وقوية ضد البضائع غير المشروعة وتبييض الأموال والكيانات الخاضعة للعقوبات على روسيا، وتطبق أعلى معايير الحوكمة الدولية في أنحاء تجارة الذهب، وستواصل ممارسة أعمال التجارة بما يمتثل لكافة المعايير الدولية الحالية كما حددتها الأمم المتحدة”.
أصدرت المملكة المتحدة الأربعاء الماضي مجموعة جديدة من العقوبات على الشركات المرتبطة بتجارة الذهب الروسية، بما فيها “بالوما بريشوس دي إم سي سي” ومقرها دبي، والتي قالت إنها استوردت ذهباً بـ300 مليون دولار من روسيا. كانت الشركة بالسابق المساهم في “الإمارات جولد” وهي مصفاة جرى تعليق عملها ضمن القائمة المعتمدة للإمارات العربية المتحدة بسبب مشكلات تحيط بملكيتها.
الصين
في غضون ذلك، أعلنت الصين بطريقة جلية أنها تريد تدعيم التجارة مع روسيا، مؤكدة العلاقات الوثيقة بين زعيمي البلدين شي جين بينغ وفلاديمير بوتين منذ غزو أوكرانيا. قدمت بكين دعماً دبلوماسياً واقتصادياً لموسكو ساعد على تخفيف تداعيات العقوبات الغربية، في حين باتت الصين حالياً أكبر مستورد للوقود الأحفوري من روسيا.
تظهر بيانات (إمبورت جينياس) أن شركة “في باور فينانس سيكيوريتي” (في هونغ كونغ)، التي تنقل الأموال النقدية والمعادن الثمينة لبعض أكبر المؤسسات المالية في الصين، تعد لاعباً أساسياً في معاملة الذهب المستورد حديثاً من روسيا. لم ترد شركة “في باور” على طلب للتعليق على الأمر عبر رسالة بريد إلكتروني.
وساعد أيضاً على التحول إلى هونج كونج ارتفاع أسعار الذهب الصيني لتتجاوز أسعار الأسواق الدولية خلال سبتمبر الماضي. جذب ذلك المعدن النفيس للبلاد، ما أتاح فرص مضاربة مربحة لمصارف لديها تراخيص الاستيراد.