وافق جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية مؤخرًا على مطالبات حوالى 23 شركة أسمنت عاملة فى السوق المحلية بتخفيض الطاقات الإنتاجية، على أن يتم تطبيق القرار اعتبارًا من 15 يوليو الجارى ولمدة عام.
وتوقع مسئولو شركات ومحللون ماليون ببنوك استثمار محلية أن يكون للقرار مردوداً إيجابياً على كافة ، نظرًا لخلق نوع من التوازن بين العرض والطلب مما سيدعم وضع الأسعار فى النهاية .
وقالوا إن القرار سيكون مفيدا على الأجل القصير والمتوسط، إلى أن يتم تجديد مدة فترة خفض الانتاج البالغة عام مرة أخرى، موضحين أن الزيادات السعرية للمبيعات ستكون شريطة التزام كافة الشركات المُصنعة بقرار خفض الإنتاج .
وتضم البورصة المصرية حوالى 5 شركات مقيدة تعمل بالقطاع متمثلة فى شركات «العربية للأسمنت»، و«مصر للأسمنت – قنا» و «مصر بنى سويف للأسمنت» و «جنوب الوادي» و «أسمنت سيناء».
«العربية للأسمنت»: قررنا التخفيض بنحو %
بدايةً قال كريم نجيب مدير علاقات المستثمرين بشركة «العربية للأسمنت»، إن شركته متفائلة بالقرار الجديد الخاص بخفض معدلات الطاقة الإنتاجية، معتبرًا أنهُ سيكون لهُ دور كبير فى دعم وضع الصناعة بالسوق المحلية.
وأوضح أن «العربية للأسمنت» قررت الاستفادة من القرار الحالى بخفض طاقتها الإنتاجية بواقع %26 من إجمالى الطاقة الإنتاجية على أن تعمل بواقع %74 .
وأشار نجيب إلى أن مساعى الشركات لخفض معدلات انتاجها سيخلق نوعًا من التوازن فى السوق من حيث معدلات العرض والطلب، دون زيادة فى المعروض كما كان يحدث قبل اتخاذ هذا القرار، لافتًا أن ذلك سيؤدى فى النهاية إلى تحسن الأسعار ومن ثم استفادة الشركات وتعافيها .
وفيما يتعلق بتوقعاته لحجم الزيادات السعرية، قال إنه من الصعب حاليًا توقع حجم الزيادات السعرية لحداثة صدور القرار، كما أن العديد من الشركات لا تزال فى مراحل دراسته.
وكانت «العربية للأسمنت» تكبدت خسائر مجمعة بقيمة 6.3 مليون جنيه بنتائج أعمال الربع الأول من العام الجارى 2021، مقارنة بصافى ربح بلغ 16 مليون جنيه خلال الفترة المماثلة من العام الماضى .
«فاروس» : حجم الانتاج عقب تفعيله سيتراوح بين 52 و56 مليون طن سنويا
من جانبه قال زياد أحمد المحلل المالى للقطاع الصناعى ببنك الاستثمار «فاروس»، إن أوضاع صناعة الأسمنت خلال الفترات الماضية لم تكن فى أحسن حالاتها وذلك بسبب زيادة المعروض مقارنة بمعدلات الطلب.
وأشار إلى أن حجم الانتاج فى السوق المحلية من جانب الشركات العاملة فى القطاع كان يتراوح ما بين 85 و87 مليون طن سنويًا، فى حين أن حجم الطلب المحلى كان قد بلغ حوالى 46 مليون طن خلال عام 2020، و49 مليون طن خلال 2019.
ولفت أحمد إلى أن تلك الأرقام توضح حجم الفجوة بين معدلات العرض والطلب، لافتًا أنها أدت إلى تكبد الشركات مزيد من الخسائر خلال السنوات الماضية بسبب لجوء بعضها لسياسة «حرق الأسعار» كمحاولات منها لزيادة معدل مبيعاتها.
وتابع أن التأثيرات السلبية على قطاع الأسمنت ارتفعت حدتها خلال العام الماضي، بسبب أزمة جائحة الفيروس وما تبعها من تأثيرات على قطاع الانشاءات إلى جانب قرارات وقف تصاريح البناء لفترة وصلت 6 شهور حينها، موضحًا أن كافة تلك العوامل زادت من ضعف مبيعات الشركات أيضا .
ورأى المحلل المالى لدى «فاروس» أن قرار خفض الإنتاج سيكون إيجابيا على الأجل القصير والمتوسط، بالنسبة للشركات المصنعة بالسوق المحلية ومن بينها المقيدة فى البورصة المصرية.
ولفت إلى أنه على الرغم من إيجابية القرار إلا أنه يجب أن تكون هناك حلول جذرية لحل أزمات الصناعة بشكل عام، موضحًا أن مدة تنفيذ القرار قد تصل لعام واحد فقط على أن يتم إعادة النظر فيه .
وأضاف زياد أحمد أنه حال تطبيق القرار لمدة عام واحد فقط فإن ذلك لن يكون مجديًا للشركات والصناعة عامة بالشكل الكافي، موضحًا أنهُ وفقا للقرار الجديد فإن نسبة الخفض تعتمد على عدة محاور تتعلق بأعمار المصانع وعدد خطوط الإنتاج وأيضا حجم الطاقة الانتاجية لدى الشركة.
وبشكل عام قال إن أكثر الشركات إستفادة ستكون الشركات منخفضة الانتاج، ومصانعها ذات أعمار حديثة، وأعتقد أن تكون «العربية للأسمنت» على رأس الشركات المقيدة المستفيدة، مؤكدا أن الاستفادة ستكون مرتبطة بالتزام كافة الشركات العاملة بخفض الانتاج على أن يقابله زيادة فى الطلب.
وأشار إلى أنه وفقا لحسابات «فاروس» ففى حال التزمت كافة الشركات المنتجة بقرار خفض معدلات انتاجها بنسب معينة فإن حجم الانتاج سيتراوح بين 52 و56 مليون طن سنويا مقابل طلب حالى يصل إلى 45 مليون طن سنويا .
ولفت إلى أنه على الرغم من استمرار زيادة المعروض مقارنة بحجم الطلب إلا أن الوضع يعتبر أفضل مما كان سابقا.
وفيما بتعلق بزيادات الأسعار المتوقعة عقب قرارات خفض الانتاج، قال المحلل المالى إن متوسط أسعار الطن للمستهلك حاليا تصل إلى 880 جنيه للطن الواحد.
ورجح وفقا لحسابات مبدئية من جانبه أن تصل أسعار البيع خلال الفترة المقبلة إلى 1000 و1100 جنيه للطن الواحد، لدعم قرارات الشركات بخفض انتاجها، لافتا إلى أن الأمر قابل للتغير بناء على وضع السوق.
ولفت أنه بوصول سعر الطن لألف جنيه قد يساعد ذلك بعض الشركات فى تحقيق ارباح، بما فى ذلك الشركات المقيدة فى البورصة المصرية العاملة فى القطاع.
وعلى صعيد تأثير زيادة الأسعار بالنسبة لشركة «العربية للأسمنت» على سبيل المثال فى مستويات 1000-1100 جنيه، فإن قيمة سهم الشركة قد ترتفع 4.4 جنيه، على أن تصعد هوامش الربحية %15 ولنحو %32 حال زيادة الأسعار إلى 1100 جنيه للطن على أن يتراوح صافى الربح النهائى بين 170 و350 مليون جنيه بافتراض إن الشركة باعت عام كامل بأرقام المبيعات المقترحة .
«العربى الأفريقي»: التصدير سيظل أحد المخارج المتاحة
وفى سياق متصل قالت ريهان حمزة المحلل المالى للقطاع الصناعى بشركة «العربى الأفريقى لتداول الأوراق»، إن قرار حماية المستهلك جاء بناء على مطالبات سابقة مستمرة للشركات.
وأضافت أن قرار خفض الانتاج من جانب الشركات لابد أن يكون جماعيا حتى تتحقق الاستفادة المرجوة بقلة المعروض والقدرة على تحرير زيادات سعرية للمستهلك .
وأشارت حمزة إلى أن قرار خفض الإنتاج سيعمل على تحجيم المعروض فى السوق، بما يتناسب مع وضع الطلب، وبالتالى زيادة سعر البيع وتحقيق هوامش ربحية أفضل.
ولفتت إلى أنهُ على سبيل المثال فإن شركة» العربية للأسمنت كانت تنتج بمتوسط طاقة إنتاجية يصل إلى %84 سابقا، موضحة إنها قررت مؤخرا خفضها لتصل إلى %74
وقالت إن المشكلة الرئيسية التى تواجه مُصنعى الأسمنت فى السوق المحلية تتمثل فى 3 عوامل أولها زيادة تكاليف الإنتاج على الشركات، مع ضعف الطلب فى السوق المحلية، وانخفاض أسعار البيع .
وأوضحت أن مدى الاستفادة متعلق بكل شركة على حدة بناء على المعادلة التى أقرها جهاز حماية المنافسة الخاصة بمعدل خفض الإنتاج .
ولفتت إلى أن شركات الأسمنت لازالت تنتظر تحسن وضع التصدير، موضحةً أن بعض الكيانات المقيدة فى البورصة المصرية ومن بينها «العربية للأسمنت» تقوم بتصدير جزء من انتاجها بواقع نصف مليون طن سنويًا بما يمثل %10 من إجمالى انتاجها وأيضًا «مصر للأسمنت – قنا» ولكن بهوامش ربحية قليلة .
وفيما يتعلق بالزيادات السعرية المنتظرة لمبيعات الأسمنت، توقعت المحلل المالى لدى «العربى الأفريقي» أن تظهر عقب قُرابة ربع من تطبيق القرار على أداء الشركات .
«برايم» : 22 إلى %102 زيادات سعرية محتملة بناء على عدد الخطوط والفئات العمرية
وقالت دينا عبد البديع محلل القطاع الصناعى بشركة «برايم للاستثمارات المالية»، إن جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية قسم الشركات المنتجة إلى ثلاث فئات عمرية تمثلت الفئة العمرية الأولى فى المصانع التى تأسست قبل عام 2007 وتمت معاملتها بعمر 15 سنة.
فيما تمثلت الفئة العمرية الثانية فى المصانع التى تأسست بين عامى 2007 و2016 والتى تمت معاملتها بعمر 10 سنوات، وثالثًا المصانع التى تأسست بعام 2016 والتى تمت معاملتها بعمر 5 سنوات.
وعلى صعيد الـ5 شركات المقيدة فى البورصة المصرية، قالت عبد البديع، إن 4 منها متمثلة فى شركات «مصر بنى سويف للأسمنت» و «مصر للأسمنت – قنا» و «أسمنت سيناء» و«جنوب الوادى للأسمنت» تتبع الفئة الأولى أى تمت معاملتها بعمر 15 سنة فيما جاءت «العربية للأسمنت» ضمن الفئة الثانية أى تم معاملتها بعمر 10 سنوات .
وأضافت أن نسبة خفض الانتاج المتوقعة لشركات «مصر بنى سويف للأسمنت» و «مصر للأسمنت – قنا» و «أسمنت سيناء»، ستكون مماثلة بنسبة تصل إلى %31 فيما رجحت أن تقوم «جنوب الوادى للأسمنت» بخفض انتاجها بنسبة %28 و «العربية للأسمنت بنسبة %26 وهو ما أعلنتهُ الشركة بالفعل .
وأشارت المحلل المالى لدى «برايم» إلى أن الأخبار الحالية ستبدو إيجابية للقطاع بشكل عام نظرًا لظروفه الصعبة، وخاصة فى ظل فجوة فائض العرض.
وأوضحت ان الشركات ستحتاج لحدوث ارتفاع فى أسعار البيع لتعويض أى خسائر تنتج عن انخفاض أحجام الإنتاج .
فيما رجحت دينا عبد البديع أن تكون الزيادات السعرية المحتملة تترواح ما بين 22و %102 بناء على عدد خطوط الإنتاج التى تمتلكها الشركة والشريحة العمرية المدرجة بها .
وبشكل عام قالت إن الشركات الأقل تأثرًا هى الشركات ذات العمر الحديث والتى لديها عدد قليل من خطوط الإنتاج .
تجدر الإشارة إلى أن شركة «مصر للأسمنت – قنا» ، إحدى شركات الأسمنت المقيد لها أسهم فى البورصة المصرية قالت إن قرار جهاز حماية المنافسة بالموافقة على تخفيض الطاقة الإنتاجية لشركات الأسمنت العاملة فى السوق المصرى سيعود بالنفع على المستهلك المحلي.
وأضافت «مصر للأسمنت قنا» فى إفصاح مرسل للبورصة المصرية عقب صدور القرار، أنها ستقوم بتحديث موازنتها للعام المالى الحالى 2021 على ضوء هذا القرار ما له من تأثيرات إيجابية على الإنتاج والمبيعات والأرباح.
وأشارت الشركة إلى أن تفاقم ظروف السوق الحالية بسبب تداعيات جائحة كورونا وتباطؤ قطاع الإنشاءات أدى إلى تضرر كافة شركات الأسمنت التى تعانى منذ سنوات من أزمة تضخم المعروض وانخفاض الطلب.
وقالت إنه من المقرر عرض تحديثات الموازنة المالية لعام 2021 على مجلس الإدارة ، على أن تفصح عن تفاصيل التحديثات فور اعتمادها من المجلس.
وتجدر الإشارة إلى أن الشركات التى شملها القرار تضمنت شركة أسمنت أسيوط، لافارج للأسمنت، إنترسمنت العامرية للأسمنت، أسمنت بنى سويف، الإسكندرية لأسمنت بورتلاند، أسمنت العامرية، العربية للأسمنت.
كما تضم القائمة، الشركة الوطنية للأسمنت بنى سويف، السويس للأسمنت، مصر للأسمنت قنا، شركة بورتلاند المنيا للأسمنت، وأسمنت سيناء، النهضة للصناعات.