خلفت الحرب الروسية الأوكرانية تداعيات سلبية كبيرة على الاقتصاد العالمى ككل منذ اندلاعها وحتى الآن، ما يدفع الحكومات والشركات إلى اتباع سيناريوهات مختلفة، واختلاق بدائل تستطيع من خلالها خفض هذه الآثار السلبية، والخروج بأقل خسائر ممكنة.
وترصد «المال» فى هذه السطور سيناريوهات تعامل المصدرين المصريين مع الأزمة الروسية الأوكرانية للحفاظ على الأسواق الخارجية واستمرار التصدير، ومدى إمكانية أن يحل المنتج المصرى بديلًا عن نظيريه الروسى والأوكرانى فى بعض الأسواق التى كانت تتواجد بهما هاتان الدولتان قبل الحرب.
فى البداية، أكد المهندس محسن البلتاجى، عضو المجلس التصديرى للحاصلات الزراعية، أن مصر تستطيع الدخول لأى دولة كانت روسيا وأوكرانيا تصدر لها منتجاتهما، لافتًا إلى أن أقرب الدول المستهدفة المرحلة المقبلة فى الصادرات المصرية هى إندونيسيا وبعض دول أوروبا.
وقال الدكتور جمال الليثى، رئيس غرفة صناعة الدواء باتحاد الصناعات، أن نسبة تصدير مصر للأدوية إلى روسيا وأوكرانيا ضئيلة جدًّا لا تتخطى الـ%3، لافتًا إلى أن الحرب القائمة بين الدولتين لا تؤثر على نسبة التصدير للأدوية.
وأضاف الليثى فى تصريح خاص لـ«المال»، أن صناع الأدوية يحاولون جاهدين تزويد حصة مصر من تصدير الأدوية لجميع الدول، مشيرًا إلى أن مصر تتجه إلى أسواق بديلة للأدوية، إذ نحاول مع المصانع المصرية أن تحصل على شهادات الجودة الأوروبية والخليجية لتعطيها القوة فى التصدير للدول.
وقال محمد شفيق، أحد مصدرى المحاصيل الزراعية إلى روسيا وأوكرانيا، إن الدولة لابد أن تخاطب التمثيل التجارى فى جميع دول العالم بعرض المنتجات المصرية، بالإضافة إلى محاولة إيجاد سبل شحن أقل تكلفة، لأن تكلفة الشحن عالية جدًّا، من أجل تمكين المصدرين للدخول لأسواق جديدة.
ومن الجدير بالذكر أن الحديد المصرى يشهد حاليًّا نوعًا من الطلب الكبير من جانب بعض الدول الأوروبية، بسبب أزمة الحرب الروسية الأوكرانية، والتى ترتب عليها تعطل أوكرانيا التى تُعَدّ من أكبر منتجى الحديد والصلب العالم، عن تصدير منتجاتها بسبب الحرب، ما أشعل الطلب على الحديد المصرى بحسب تصريحات صحفية تم نشرها مؤخرًا.
وقال الدكتور على عوف، رئيس شعبة الأدوية بالغرفة التجارية، إن موسكو لا تُصدر أدوية إلا للدول المجاورة لها فقط، ومصر تُصدر لتلك الدول الأدوية على استحياء شديد؛ لأن لديهم نظامًا معقدًا، ما يقلل فرصة الدواء المصرى فى أن يكون بديلًا لنظيره الروسى فى تلك الأسواق.
وأضاف أن نسبة تصدير مصر إلى روسيا فى الأدوية حوالى %5 فقط، لافتًا إلى أن الدول الأفريقية هى السوق البديلة فى الوقت الحالى لروسيا وأوكرانيا، مشيرًا إلى أن أشهر هذه الدول هى: «تونس والجزائر والمغرب، والسودان»، ومصر ليس لديها كمٌّ كبير لتصدير الأدوية لهذه الدول.
وسجلت الصادرات المصرية إلى روسيا خلال 11 شهرًا الأولى من 2021 ارتفاعًا لتصل إلى 449.5 مليون دولار، مقابل 382.5 مليون للفترة المقابلة من 2020 بنسبة زيادة بلغت %17.5.
وقال سمير النجار، رئيس شركة دالتكس لتصدير الحاصلات الزراعية أحد أكبر المصدرين لروسيا، إن سيناريوهات شركته فى التعامل مع تداعيات الحرب هو استمرار التصدير، بالرغم من ظروف الراهنة.
وتابع النجار: نستمر فى التصدير حفاظًا على العملاء فى أسواقنا الخارجية، ونحصل فى المقابل على مستحقاتنا بانتظام.
وأوضح النجار أن ارتفاع أسعار الشحن حاليًّا بسبب ظروف الحرب هو تحدٍّ كبير يواجه المصدرين المصريين حاليًّا.
واستبعد النجار إمكانية توجيه صادرات مصر الطازجة من الحاصلات الزراعية إلى أسواق دول بديلة، مؤكدًا أن كل سوق ولها طاقاتها الاستيعابية.
وقال مصطفى النجارى، نائب رئيس شعبة المصدرين بالاتحاد العام للغرف التجارية، ونائب جمعية المصدرين المصريين «اكسبولينك»، أن السوق الروسية تُعَدّ من الأسواق الكبرى، وتتمتع بموارد طبيعية عديدة، ومنها الغاز والفحم والقمح والأعلاف ومنتجاته.
وأضاف: من الصعوبة الدخول كبديل للمنتجات الروسية بالأسواق العالمية، ومازلنا مستمرين فى التصدير للسوق الروسية والشحن للعملاء حتى النفس الأخير.
وتابع: أن مصر بالفعل تصدر للعديد من الأسواق، والتي تزيد عن 140 سوقا حول العالم.
أما على عيسى، رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين، يؤكد ضرورة إجراء تنسيق بين الحكومة المصرية والبنك المركزى المصرى ونظيرهما من الجانب الروسى، وذلك لضمان حقوق مصدر ين المصريين إلى أسواق روسيا.
وتابع: ننسق لإيجاد آلية للمصدريين بفتح حسابات بالروبل الروسى، ويستخدم كمتحصلات فى استيراد بضائع من روسيا كنوع من التبادل، بحسب ما يجرى الاتفاق عليه بين الجهات المعنية للبدلين سواء البنك المركزى أو الحكومتين.