هوت أسعار البترول العالمية بنسبة تجاوزت %66 منذ مطلع العام الجارى حتى نهاية مارس الماضى، مع تراجع الطلب على مستوى العالم بسبب أزمة انتشار فيروس كورونا، فضلًا عن التوترات الحالية بين روسيا والسعودية وتخليهم عن سياسة تحديد سقف إنتاج للدول المصدرة .
رغم أن سعر الخام العالمى “برنت” كان يقترب من 65 دولارًا للبرميل قبل أزمة كورونا، إلا أنه أخذ فى الهبوط التدريجى بعدها، وصولا لمستويات 50 ثم 40 ثم 30 دولارًا خلال الربع الأول من 2020 ، حتى تراجع بشكل كبير ليصبح أقل من 25 دولارًا فى مارس الماضى .
لكن “برنت” عاود الصعود السبت الماضى ليتجاوز 30 دولارًا للبرميل، مع بدء التفاهمات الدولية مجددا، وتدخل الولايات المتحدة كوسيط بين روسيا والسعودية، والاتفاق على مناقشة إمكانية خفض الإنتاج .
رغم بدء صعود “برنت” فوق مستوى 30 دولارًا منذ يومين، إلا أن سعره لا زال منخفضًا بنسبة %50 عن متوسط قيمته قبل أزمة كورونا، وسط صعوبة فى توقعات أسعاره الفترة المقبلة، حال اشتدادها وتدهور الأوضاع عالميا.
من المعروف أن شركات البترول الأجنبية العاملة فى مصر تقوم ببيع حصتها من الخام المنتج من امتيازاتها البترولية إلى الحكومة المصرية بحسب معادلة سعرية مرتبطة بأسعار الخام العالمى.
مع دوران سعر البترول العالمى قرب مستوى 30 دولارًا حاليًا، واتجاه عدد كبير من شركات النفط والطاقة العالمية لتقليص استثماراتها، يظهر تساؤل بشأن مدى تأثر خطط الشركات العاملة بمصر على صعيد برامجها للحفر والتنقيب وتوسعات إنتاجها وحجم استثماراتها.
أكد أسامة كمال، وزير البترول الأسبق، أن أسعار خام برنت العادلة تساوى 60 دولارًا، مع إضافة أو خصم 5 دولارات فقط صعودًا وهبوطًا.
أضاف أن ما زاد عن ذلك السعر يحقق فوائد وأرباح لمنتجى البترول، وما انخفض عنه يعود بالنفع على المستوردين، ومن بينهم مصر.
كمال: معركة تكسير عظام والبقاء للأقوى.. وأتوقع تخارج صغار المنتجين عالميا
أكد كمال أن معركة النفط الدائرة حاليا أو حرب تكسير العظام يستمر فيها فقط كبار المنتجين القادرين على مواصلة الاستثمار والإنتاج حتى بعد هبوط أسعار برنت تحت أو قرب مستوى 30 دولارًا للبرميل.
لفت إلى أن الشركات الصغيرة التى تتجاوز تكلفة إنتاجها 30 دولارًا للبرميل، متوقع أن تتوقف رغمًا عنها على مستوى العالم، لأن تلك الأسعار غير مربحة لها وتكبدها خسائر ولن تستطيع معها مواصلة الإنتاج.
توقع استمرار هذا الوضع لشهر مايو المقبل، حتى تتضح الصورة بشأن الشركات المستمرة فى الإنتاج عالميا.
أضاف أن دول الأوبك وروسيا والولايات المتحدة من أبرز الكيانات التى ستكمل فى تلك المعركة للنهاية لحين تخارج صغار اللاعبين.
تدور التوقعات العالمية لأسعارالبترول بين سيناريوهين الأول يرجح استمرار هبوطها لمستويات متدنية تصل إلى 10 دولارات للبرميل، وسيناريو آخر أكثر تفاؤلا يرجح استمرار دورانها قرب مستوياتها الحالية، وبدء صعودها تدريجيا مع تحسن الأوضاع وانحسار الأزمة.
أكد يسرى حسان، استشارى البترول الدولى، والمدير العام للاستكشاف بالشركة الوطنية للبترول “ان بى سى”، أن شركات البترول الأجنبية من أكبر الخاسرين من تدهور أسعار الخام العالمى، حال استمرار تلك الأزمة لفترة طويلة.
لفت إلى أن هامش ربح شركات البترول من بيع إنتاجها بين 12 إلى %14، ومع هبوط أسعار البيع تتراجع أرباحها، وتتحول لخسائر حال استمرار الوضع على ما هو عليه، ما يضطر تلك الشركات لتخفيض حجم إنفاقها واستثمارها.
أكد حسان أن ذلك لا يحدث بين يوم وليلة أو على المدى القصير، لكن بدء تنفيذ الأمر فعليا يستغرق من 6 أشهر إلى عام، حتى تتخذ الشركات تلك القرارات وتنفذها فعليًا.
على صعيد وضع الشركات الحالى يقول حسان: “يراقب الجميع حاليًا الأمر ويدرس كل المستجدات والمتغيرات السعرية العالمية وظروف واتجاهات العرض والطلب ساعة بساعة، وطوال تلك الفترة لن تتأثر استثمارات أو حجم إنتاج الشركات، بل على العكس أن عدداً كبيراً من الشركات تكثف من نشاطاتها وإنتاجيتها حاليًا لتعويض فوارق أسعار البيع بعد انخفاضها”.
شدد على أن الشركات لا تملك الحرية أو الرفاهية فى تخفيض حجم إنتاجها، وأن الدولة لا تسمح بذلك فالحكومة لديها التزامات بتوفير الوقود ومشتقاته فى السوق المحلية، وتعتمد على حصتها بالإضافة لشرائها حصة الشريك الأجنبى المنتجة من امتيازاته البترولية.
تابع: “حتى من حال استمرار تدهور أسعار الخام العالمية، فإن التأثير الفعلى لن يظهر على حجم الإنتاج محليا، بل ينعكس على خطط زيادة الإنتاج وبرامج الحفر وأعمال الصيانة وغيرها”.
أشار إلى أنه من الوارد أن تبدأ الأوضاع فى التحسن عالميا، حال تخفيض حجم الإنتاج وزيادة الطلب العالمى مع بدء تحسن أزمة فيروس كورونا.
كانت السعودية تضخ 9.7 مليون برميل يوميا فى الأشهر القليلة الماضية، ما أدى لارتفاع فى الإنتاج نتج عنه انخفاض الأسعار.
قال رئيس وكالة الطاقة الدولية مؤخرًا، إن الطلب على النفط حول العالم متوقع أن يهبط بما يصل إلى 20 مليون برميل يوميًا، أو %20 من مجمل الطلب مع صدور أوامر إلى 3 مليارات شخص حول العالم للبقاء فى منازلهم بسبب تفشى فيروس كورونا.
أكد مصدر مسئول من شركة خالدة للبترول-المسئولة عن تنفيذ عمليات شركة أباتشى الأمريكية فى مصر وتقوم بالإنتاج من مناطق امتيازها فى الصحراء الغربية-، أن الوضع العالمى وهبوط أسعار الخام يؤثر على أولويات عمل وأوجه التوسع والإنفاق الاستثمارى للشركات البترولية على مستوى العالم، شرط استمراره لفترات طويلة مقبلة.
استبعدت الشركة تأثر حجم إنتاجها نتيجة تلك المتغيرات العالمية، لا سيما أن الشريك الأجنبى ملتزم مع الحكومة المصرية باتفاقات وجداول زمنية ومعدلات إنتاج محددة لا يمكن تأجيلها.
تراوح إجمالى استثمارات شركات البترول الاجنبية العاملة فى مصر على مجالات البحث والتنقيب والإنتاج والتنمية بين 10 إلى 11 مليار دولار العام الماضى، ومن المستهدف تحقيق نفس المعدلات العام المالى الجارى.
أكد أشرف عبد الجواد، رئيس قارون للبترول، أن الشركة مستمرة فى عملها وإنتاجها بمواقع امتيازها دون تأثر .
على صعيد برنامج الحفر والتنقيب المستهدف تطبيقه من الشركة خلال الفترة المقبلة، قال: “نلتقى الشريك الأجنبى فى اجتماعات دورية للاطلاع على أى متغيرات أو تعديلات تطرأ على برامجه”.
شدد على أنه حتى الآن لا توجد أى تغييرات سواء على صعيد حجم ومستهدفات الإنتاج أو البرامج الاستثمارية المعلن عنها، فيما يخص الحفر والتنقيب بامتيازات الشركة.
أعلنت شركة قارون للبترول فى فبراير الماضى عن تنفيذ برنامج عمل خلال النصف الثانى من العام المالى الحالى لزيادة إنتاج الزيت الخام، يشمل أعمال حفر 8 آبار جديدة، بواقع 6 تنموية وبئرين استكشافيين، واستمرار النشاط الإنتاجى والاستكشافى الذى شهد حفر 7 آبار تنموية، وبئراً استكشافية خلال النصف الأول من “2019 / 2020”.
ومن جهة نفى مسئول فى الهيئة العامة للبترول، تأثر إنتاج الشركات الأجنبية العاملة فى مصر من الزيت الخام، على خلفية تراجع الأسعار العالمية.
قال إن الشركات الأجنبية تستثمر فى مصر طبقًا لاتفاقات ملزمة بقوانين لا يمكن التراجع عن تنفيذها.
أضاف أن الشركات ملتزمة بعملها واستثماراتها بمناطق امتيازها فى مصر، ولم تحدث أى تغييرات حتى الآن، مرجحا هدوء وتحسن الأوضاع العالمية فيما يخص أسعار الخام وأزمة كورونا مع حلول العام المالى المقبل.
يذكر أن قطاع البترول حقق خلال العام الماضى أعلى معدلات فى إنتاج البترول والمكثفات والغاز الطبيعى، وسجل أرقامًا غير مسبوقة فى إنتاج «الأول» بلغت 650 ألف برميل يوميا، فضلا عن 7.2 مليار قدم مكعبة من الغاز الطبيعى.