هل يأتى إصلاحيا؟

هل يأتى إصلاحيا؟
حازم شريف

حازم شريف

7:26 ص, الأحد, 20 يونيو 04

أخيراً وبعد طول التخمين والانتظار فيما يتعلق بموعد التغيير وجوهره، أطفأت جريدة الأهرام الحكومية، نيران فضولنا فيما يتعلق بالموعد، وحددته فى توقيت ما قبل نهاية شهر يونيو الجاري، وفيه يتم تكليف رئيس الحكومة الجديدة- ليس بالضرورة ألا يكون رئيس الحكومة القديمة- بتشكيل أعضائها، وذلك بعد تقديم الدكتور عاطف عبيد رئيس الحكومة الحالية استقالتها لرئيس الجمهورية.
ويبقى مضمون التغيير الذي سيبلوره إلى حد كبير، أسماء الرئيس الجديد ومن يقع اختياره عليهم لتبوؤ مقاعد وزارته.
أكتب اليوم صباح الجمعة- نفس يوم نشر خبر التغيير فى جريدة الأهرام- ولا أعلم على وجه التحديد مدى السرعة التى ستجرى بها الأحداث، حتى موعد الصدور يوم الأحد، فربما كان الدكتور عبيد قد تقدم باستقالة حكومته أو لم يفعل بعد، بل من المحتمل أن يكون قد تم تكليف الرئيس الجديد بتشكيل حكومته.. فلا أحد يدرى متى وكيف و- فى أغلب الأحيان- لماذا يتم التغيير؟
ونعود إلى الأشهر والأسابيع التي سبقت تحديد الموعد، واجتاحت خلالها حمى التنبؤات والتخمينات صفحات الجرائد، لتكشف عن آمال وتمنيات وتطلعات أصحابها فى نوع التغيير المطلوب، ربما بدرجة أكبر من كونها تعبر عن احتمالات حقيقة الحدوث.
وهو أمر يتكرر بصورة دائمة ما بين وزارة وأخري، يبدأ أحياناً بعد عدة أشهر من تولى الحكومة الجديدة، وتتصاعد وتيرته إلى أن يصل إلى حد الذروة قبل الكشف عن التغيير الوزارى التالى.
ولعل الإحباط هو القاسم النفسى المشترك لفترات انتظار التغيير، التي صاحبت ولاية حكومتى الدكتور كمال الجنزورى- فى أواخرها- والدكتور عاطف عبيد منذ توليه المسئولية فى عام 1999، وإلى تخليه عنها- قسرا أو طواعية- فى يونيو 2004، ذلك أن الكثيرين منا، كان يحدوهم الأمل فى الخروج من عنق الزجاجة- فى أعقاب مرحلة التثبيت التي خاضتها بنجاح حكومة الدكتور عاطف صدقى- إلى الالتحاق من خلال عدة مؤشرات، جعلت بعض المؤسسات الدولية، تطلق على مصر مسميات من عينة «نمر على النيل»، ربما تيمنا بالنمور الاسيوية، التي سرعان ما انهارت فجأة على رؤوسنا جميعا فى عام 97!
ومنذ هذا التوقيت تحديداً، يمكننا أن نرصد- بنوع من التبسيط ندعى أنه غير مخل- تبلورما يشبه الصراع الداخلي تدريجياً بين تيارين فى دوائر السلطة، أولهما يمثل الجيل القديم، بكل ما يحمله من رؤية ساكنة استاتيكية، يخشى على مصالحه من أن يجرفها تغيير، لا يمتلك أدوات مواكبته والتعامل معه، وثانيهما إصلاحى بات ينمو ويعلو صوته وتأثيره بمرور الوقت، ينادى بسرعة انجاز التغيير، وتحمل تكلفتهن محذرا من مخاطر التباطؤ على تعاظم هذه التكلفة.
وإذا كان هذا التيار الإصلاحي لم يكن قد اشتد عوده بعد لتولى مقاليد الأمور مع تدهور الأوضاع فى نهاية ولاية الجنزوري، فإن البعض يرى أنه قد وصل لمرحلة النضج على مستوى رؤى الاصلاح الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، مع تفاقهما- الأوضاع- فى نهاية ولاية عبيد.
ويستدل هؤلاء على ذلك، بما حققه الإصلاحيون من انتصارات خلال العاملين الماضيين، وفى مقدمتها فرض قرار تحرير سعر الصرف، وتطهير البنوك من قياداتها التقليدية المنتهية الصلاحية، لصالح كوادر شابة جديدة، جمعيها تتقارب فى التفكير مع هذا التيار، حتى ولو لم تكن تنتمى إليه سياسيا،علاوة على الصراع الحاد الذي يخوضه الاصلاحيون بنجاح متزايد، لإقرار مبدأ حكومة الحزب بدلا من حزب الحكومة.
هذا مع الأخذ فى الاعتبار- سواء شئنا أو أبينا- أن الحزب، ولا شىء غير الحزب، هو الملعب الوحيد الرئيسى المتاح لممارسة الإصلاح.
ومن هنا يقفز السؤال: هل نضجت الظروف الموضوعية كي تأتى لنا بوزارة إصلاحية، سواء تمثل ذلك فى رئيسها المنتظر أو فى تشكيلة أعضائها، أو الاثنين معا؟
أنا شخصياً أشك فى الاحتمال الأول- وإن كنت أتمناه- ويبقى الأرجح أن يتم تطعيم الحقائب الوزارية المختلفة بعناصر، تنتمى لهذا التيار وبصفة خاصة المجموعة الاقتصادية.
وأخشى أن يمثل هذا أضعف الإيمان.