هل للأردن مقومات الدولة في لأم الإستراتيجية العربية

هل للأردن مقومات الدولة في لأم الإستراتيجية العربية
شريف عطية

شريف عطية

7:49 ص, الأحد, 10 أكتوبر 21

قبل مائة عام، أعلنت بريطانيا استحداث إمارة شرق الأردن فى موقع من أقدم بقاع المنطقة العربية، لتشترك مع حدود دول عربية (ويهودية) لن تكون على وفاق دائم معها إلا من خلال حرص الدبلوماسية الأردنية، لصالح استقرارها، على البقاء ضمن إطار الإستراتيجية العربية الشاملة التى هى عرضة بدورها للعديد من المتغيرات الدراماتيكية منذ بداية النصف الثانى للقرن العشرين لأسباب مختلفة، لم تستثنِ دولة إلا ولحقها الانعزال عن المنظومة العربية من آنٍ لآخر، سواء لمصر1979 ، أو العراق 1990 أو بالنسبة لسوريا (وليبيا 2011)، وليباشر الأردن عبر دوره الجيودبلوماسي الوسطي.. مساعيه للأْم الشمل، لمصلحته، وللصالح العربى بسيان، إذ يبادر ملك الأردن دون نظرائه العرب باستقبال الرئيس المصري في عمان 1984، ثم بزيارته مصر 1986، وهى المجمَّد عضويتها فى جامعة الدول العربية لسبع سنوات خلت، بسبب وعقب توقيعها معاهدة السلام مع إسرائيل، ولتمهد محادثاته فى القاهرة لبحث مسألة عودتها فى قمة عمان العربية 1987 إلى محيطها العربى فى العام التالى الذى شهد تضامنًا عربيًّا غير مسبوق توّجته بإنهاء الحرب مع إيران لصالح العراق، ذلك قبل أن ينقسم العرب مجددًا جراء غزو العراق للكويت 1990، حيث وقف الأردن رغم حراجة موقفه فى موقع وسط بين المعسكرين المتنازعين، وفى شد أزر العراق عند حصاره طوال التسعينات حتى 2003، تمامًا كما كان موقفه وسطيًّا من قضية السلام “البارد” مع إسرائيل من بعد توقيعهما اتفاقية “وادى عربة 1994”، إلى أن كان حياده الإيجابى مع الجانب العربى عند المطالبة بتجميد عضوية سوريا فى الجامعة العربية 2011 أو في معاداتها السلبية خلال الحرب الأهلية لعشر سنوات تالية قبل أن يأخذ الأردن زمام المبادرة على النحو الجاري حاليًّا لعودة سوريا إلى الجامعة العربية، الأمر الذى لا يتفق إلا بالتفاهم مع الولايات المتحدة وروسيا المتورطتين فى الحالة السورية، وليحتذي الأردن بذلك حذو مصر حين تباحثت مع كل من موسكو وواشنطن مطلع العام 1973 قبل شهور من حرب أكتوبر، إذ يلتقى عاهل الأردن، ممثلًا لدول “الشرق الجديد” مع مصر والعراق، فى قمتين منفصلتين مع كل من الرئيسين الروسى والأميركي.. تناولتا عرض عمان الموقف فى سوريا، ما كان محل تقدير دمشق التى أوفدت من جانبها إلى عمان وفودًا رسمية أمنية واقتصادية وعسكرية رفيعة المستوى، أسهمت فى اتخاذ قرارات إيجابية بشأن علاقاتهما الثنائية.. وأدت إلى اتصال هاتفى بين العاهل الأردنى والرئيس السورى هو الأول منذ بدء النزاع فى سوريا 2011، سوف يفضي لاحقًا، وعلى غرار ما كان من اتصال الأردن مع مصر 1986، إلى بحث مسألة عودة سوريا إلى عضوية الجامعة العربية خلال اجتماع القمة المقبل، ومن ثم إلى محيط الإستراتيجية العربية الشاملة التى لا غنى للمكانة الخاصة للأردن إلا العمل فى إطارها، كبلد شاب ينبض بالحياة، لا بديل له عن مد يد العون لمن يحتاج إليه من دول الجوار كواجب جيودبلوماسى يستمر الأردن بالوفاء به، كدولة أثبتت خلال القرن الماضى أهلية مقوماتها كدولة مستقلة تستهدف لأْم الإستراتيجية العربية، سواء فى شرق البحر المتوسط بشأن المساعدة فى تقدم العملية السياسية فى سوريا ولبنان ما يؤمّن مستقبلهما خارج ما يسمى الهلال الشيعي، واتصالًا بالعراق شرقي السويس لربما تأتى نتائج انتخاباته المقبلة بتحييد الصراع الأميركي- الإيرانى عن أوضاعه الداخلية، الأمر الذى قد يشجع إسرائيل بزوال الخطر الإيرانى من على حدودها.. إلى استئناف التفاهم مع الفلسطينيين حول ضرورة العمل لإعادة المسيرة السياسية، وإلى تأكيد أن الطريق الوحيد لتسوية الصراع فى المنطقة لن يكون إلا من خلال التوصل إلى “حل الدولتين”، ذلك لولا تراجع واشنطن، لأسبابها، عن قرارها دعم الانفتاح العربى على دمشق، ربما لإدراكها أن سوريا من الناحية العملية (دولة محتلة) قرارها فى يد موسكو وطهران، مما قد يعوق جهود الأردن لتأمين مصالحه فى العمل ضمن الإستراتيجية العربية الشاملة.