تشهد سندات التوريق نموًا واضحًا خلال العام الجاري، إذ بلغ حجم إصدارتها قرب 16 مليار جنيه منذ بداية العام وحتى نهاية شهر نوفمبر المنقضى، وذلك على الرغم من أسعار الفائدة الحالية المتراجعة.
سجلت حجم إصدارات بقيمة قاربت 16 مليار جنيه منذ بداية العام وحتى نوفمبر الماضى
حاولت «المال» رصد رؤى وتوقعات بعض الخبراء بسوق المال، حول مستقبل سندات التوريق ووضعها خلال العام المقبل 2021، فى ظل استمرار سياسة التيسير النقدى التى يتبناها البنك المركزى المصرى والتوقعات بمزيد من الخفض فى أسعار الفائدة، هذا إلى جانب معرفة ما الدافع رواء نمو تلك الأداة بالوقت الراهن.
وتوقع الخبراء أن تشهد آلية «سندات التوريق» نموًا واضحًا خلال العام الجاري، استمرارًا للنشاط الذى بدأته من عام 2019 عقب تعديلات قانون سوق المال رقم 95 لسنة 1992.
وأشاروا إلى أن تلك الألية أتاحت بديل تمويلى أمام الشركات فى ظل صعوبة أدوات التمويلية التقليدية كالإقتراض البنكى لبعض الكيانات وخاصة صغيرة الحجم منها، وبرروا زيادة التوجه لتلك الأداة بأسباب داخلية لدى الشركات أو الوصول للحدود الائتمانية القوى من البنوك هذا إلى جانب الرغبة فى تنويع الأدوات التمويلية المستخدمة.
وسندات التوريق هى سندات قابلة للتداول فى حدود ما يُحال إليها من حقوق مالية ومستحقات آجلة الدفع بالضمانات ويتم إصدارها من خلال إحدى شركات التوريق المرخص لها من الهيئة، ويحق للشركة المصدر الحصول على قيمتها فور اصدارها مما يتيح لها توفير سيولة تمكنها من التوسع فى تقديم مزيد من التمويل دون انتظار مواعيد سداد الأقساط.
وليد حجازي: جهود «الرقابة المالية» ساعدت فى عمليات الرواج
بداية، قال وليد حجازي، المؤسس والشريك الإدارى بمكتب «حجازى وشركاه للاستشارات القانونية»، إن آلية سندات التوريق تشهد رواجا منذ فترة كبيرة وليس فقط خلال العام الجاري.
وأوضح أنه على الرغم من حجم الإصدارات المُحققة على صعيد السوق المحلية، إلا أنها لا تزال متواضعة مقارنة بأسواق آخري.
وكانت الهيئة العامة للرقابة المالية أعلنت مؤخرًا أن مجلس الإدارة قد وافق مؤخرًا لأول مرة على الترخيص بطرح سبعة إصدارات من سندات التوريق – دفعةً واحدة –بقيمة إجمالية تبلغ 9.3 مليار جنيه، ستكون لصالح خمس شركات توريق مقابل محافظ لحقوق مالية آجلة متنوعة لأنشطة التأجير التمويلى والتمويل الاستهلاكى والتمويل العقارى والتخصيم.
وأضاف حجازى أن الاهتمام بسندات التوريق زاد خلال الفترات الماضية نتيجة عدة عوامل تمثلت فى صعوبة الحصول على صعوبة التمويلات غير المباشرة من البنوك، أو الوصول إلى حدود الاقتراض القصوى من البنوك، هذا إلى جانب رغبات الشركات بإعادة هيكلة القروض البنكية القديمة التى لاحت للظهور خلال الفترات الحالية.
وتابع : وبالتالى تلجأ الشركات لآليات التمويل غير المصرفية وعلى رأسها سندات التوريق.
وأوضح أن آلية السندات شهدت رواجًا بدعم من الإهتمام الواضح الذى توليه الهيئة العامة للرقابة المالية لتلك الأداة وتسير إجراءات الإصدار وتنظيمها، متوقعًا أن تواصل سندات التوريق نموها بالسوق المحلية خلال العام المقبل 2021.
يُذكر أن الدكتور محمد عمران رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية، قد قال مؤخرًا فى بيان صحفى له، أن الهيئة تساند التوجه الإيجابى لنشاط سوق رأس المال المصرى للسعى بخطوات ثابته لمزيد من إصدار السندات بكل أنواعها ليصبح سوقاً جاذبة لتلك الأداة.
وأكد رئيس الهيئة أن ما صدر من موافقات عن مجلس الإدارة فيما يخص إصدارات سندات التوريق يأتى متماشيا مع استراتيجية الهيئة الشاملة للأنشطة المالية غير المصرفية (2022-2018).
تجدر الإشارة إلى أن تلك الاستراتيجية تسعى إلى إتاحة مصادر تمويل متنوعة أمام الجهات المرخص لها بمزاولة أنشطة التمويل العقاري، والتمويل الاستهلاكي، والتأجير التمويلي، والتخصيم، والتمويل متناهى الصغر وبما يحقق التكامل بين الأنشطة المالية غير المصرفية الخاضعة لرقابة الهيئة.
وتوقع وليد حجازى أن تكون قطاعات الخدمات وعلى رأسها الصحة والتعليم من أكثر القطاعات إقبالاً على آلية سندات التوريق الفترة المقبلة، فيما سيكون نصيب الأسد لصالح القطاع العقاري.
ولفت إلى أن قطاع العقارات كان يعتمد على تمويل توسعاته من خلال التسليمات، لافتًا إلى أن حالة الهدوء التى تشهدها الأخيرة دفعته للبحث عن مصادر تمويلية جديدة بهدف توفير سيولة.
وفيما يتعلق بسندات الشركات توقع أن تشهد إقبالا ملحًا خلال العام الجاري، يُذكر أن هيئة الرقابة المالية كانت قد واقفت بنهاية 2019 على أول برنامج لطرح سندات قصيرة الأجل بمبلغ 2 مليار جنيه لصالح شركة «هيرمس للوساطة» وتم مؤخرًا الموافقة على إصدار الشريحة الثانية بقيمة 500 مليون جنيه.
خليل البواب: هناك علاقة طردية ما بين أسعار الفائدة وإصدارات السندات
قال خليل البواب الرئيس التنفيذى المشارك والعضو المنتدب بشركة «مصر كابيتال»، إن الأنشطة الاقتصادية تشهد نوعًا من التعافى خلال الفترة الحالية بدعم من هدوء تأثيرات الجائحة وهو ما يدفع بالشركات لإعادة تفعيل خططها التوسعية المؤجلة والسعى لتدبير تمويلات بأى من الأدوات المالية المتاحة.
ولفت إلى وجود علاقة طردية بين أسعار الفائدة وعدد الإصدارات، إذ أنه كلما تراجعت الأولى كلما وجدت وجدت حوافز تشجع المصدرين على المضى قدمًا فى عمليات الإصدار.
وأشار البواب إلى أن تأثيرات الفيروس بموجته الأولى كانت قد أثرت بشكل على إصدارات سندات الشركات طويلة الأجل، بعض لجوء البعض لتأجيل خططها التوسعية.
وأوضح أنه على الرغم من قدوم موجة الفيروس الثانية إلا أن التفاؤل يهمن على تحركات الشركات وباقى الأنشطة الاقتصادية بشكل عام، فى ظل التوقعات بأن تأتى تأثيراتها أقل من نظيرتها السابقة.
ولفت البواب إلى أن سندات التوريق تُعد أداة تمويلية جاذبة للعديد من المؤسسات المالية، مرجحًا أن تشهد تلك الأداة مزيد من الإقبال خلال الفترة المقبلة خاصة فى ظل الإقبال الكبير الذى شهدته الأنشطة التمويلية غير المصرفية.
وائل زيادة: الإقبال سيتزايد فى العام المقبل خاصة لصالح الكيانات صاحبة المحافظ المرتفعة
وقال وائل زيادة رئيس مجلس الإدارة ومؤسس شركة «زيلا كابيتال»، إن سندات التوريق تُعد عنصر جذب كبير للعديد من المؤسسات والشركات.
ولفت إلى أن سندات التوريق تتمتع بالعديد من المميزات التى تضعها فى موضع تنافسى مع باقى الأدوات التمويلية الآخري، موضحًا أن أسعار الفائدة الحالية دفعت لمزيد من الإقبال على سندات التوريق.
وتوقع زيادة أن تواصل سندات التوريق النمو خلال العام المقبل، وخاصة فى شريحة شركات التأجير التمويلي، ومتناهية الصغير وأيضًا شركات التجزئة ونظيرتها العقارية.
خالد موسى: السوق المحلية تشهد توجها كبيرا لأدوات التمويل غير المصرفية
وقال خالد موسى المؤسس والشريك الإدارى بمكتب «egyptian law firm» للاستشارات القانونية، إن عوامل زيادة أقبال الشركات نحو آلية سندات التوريق كأداة تمويلية تتعلق بأسباب داخلية خاصة بكل شركة على حدى.
وأوضح أن تكلفة الاستثمار تلعب دور كبير فى تحديد آلية التمويل المناسبة، لافتًا إلى أن السندات عادة ما تعمل على جذب شرائج كبيرة من المستثمرين لكونها نوع استثمار ذو فائدة جاذبة.
ولفت إلى أن أدوات التمويل غير المصرفى بشكل عام بالسوق المحلية تشهد إقبال ملحوظ خلال الفترات الحالية، ومن بينها آلية سندات التوريق باعتبارها أداة تمويل غير تقليدية.
وأوضح أن شركات العقارات قد تستحوذ على الحجم الأكبر من إصدارات السندات خلال الفترات المقبلة، بدعم من تملكها محافظ استحقاقات العملاء لديها.
يُذكر أن الهيئة العامة للرقابة المالية قالت مؤخرًا أن المؤشرات السنوية الخاصة بسندات التوريق تشهد تطوراً ملحوظا بدءً من عام 2019، عقب التعديلات التى تم إجرائها على قانون سوق راس المال رقم 95 لسنة 1992 وأدت إلى انتعاش سوق السندات لتتيح بديل غير تقليدى من التمويل أمام الشركات لتبلغ قيمة إصدارات سندات التوريق ما يزيد على 22 مليار جنيه عام 2019 مقابل 5.3 مليار جنيه فقط عام 2018.
وأوضحت أن حجم إصدارات سندات التوريق خلال العام الجارى بلغ حوالى مبلغ 15.7 مليار جنيه بنهاية نوفمبر2020، ومن المتوقع أن يصل حجم إصدارات سندات التوريق الإجمالى لما يقرب من 25 مليار جنيه بنهاية عام 2020، بزيادة قدرها %14 مقارنة بالعام المنقض حال انتهاء الشركات من استيفاء المستندات قبل نهاية العام.
يُذكر أن العديد من الكيانات المحلية كانت قد أعلنت عن برامج سندات توريق بقيم كبيرة كان على رأسها هيئة «المجتمعات العمرانية» والتى حصلت على موافقة مجلس الوزراء خلال مايو من العام الماضى على برنامج توريق بقيمة 20 مليار جنيه، ينفذ من خلال عدة إصدارات، أولها بقيمة 6 مليارات وأغلق فى أغسطس الماضي، وتولى إدارته تحالف المجموعة المالية هيرميس مع بنوك التجارى الدولي، والأهلى المصري، والعربى الأفريقي، والثانى بقيمة 4 مليارات، تولى طرحه تحالف شركة ثروة كابيتال وبنك مصر، وتم إصداره فى نوفمبر لعام 2019.