«لا بديل عن التعايش مع الكورونا» هذا هو شعار المرحلة الراهنة للجميع فهل تنجح «البورصة» فى التكيف خلال النصف الثانى من العام الجارى؟ وهل تستطيع مؤشراتها تسجيل حركات صعودية مجددًا عقب الهبوط الكبير الذى ضرب مؤشرها الرئيسى EGX30 فى النصف الأول من العام ذاته؟
أسئلة عديدة تدور فى ذهن المتابعين لأحوال البورصة المصرية والمستثمرين بها فى ظل جائحة فيروس كورونا التى كبدت المستثمرين خسائر جمة وأجبرت المتعاملين الأجانب على التخارج التدريجى من الأسواق الناشئة بصفة عامة والسوق المحلية بصفة خاصة.
«المال» طرحت تلك الأسئلة على خبراء ورؤساء أكبر الشركات العاملة فى سوق المال لرسم صورة أكثر وضوحًا عن إمكانية نجاح السوق فى التعافى من أثار كورونا وبدء مرحلة جديدة أكثر تفاؤلًا خلال الفترة المقبلة.
قطاعات الأدوية والخدمات والتكنولوجيا المالية، والتعليم، والأغذية والزراعى.. الأفضل
من جهته قال شريف سامى، الرئيس السابق للهيئة العامة للرقابة المالية و رئيس مجلس إدارة الشركة القومية لإدارة الأصول والاستثمار، إن البورصة لم تتأثر سلبًا بالأحداث السياسية الأخيرة سواء الأزمة الليبية او ملف سد النهضة.
وأضاف أن البورصة لم تكن بحالة جيدة قبل انتشار وباء فيروس كورونا المستجد مدللًا على ذلك بتوجه الحكومة نحو تأجيل تنفيذ طروحاتها فى نهاية عام 2019 ومطلع نظيره الجارى، موضحًا أن الوضع السيئ للسوق تفاقم مع انتشار جائحة كورونا محليًا وعالميًا والإنخفاض الكبير فى سعر برميل البترول.
شريف سامي: مجموعة عوامل خارجية تتحكم فى السوق و«تحسن الوضع» مفروغ منه
وأوضح رئيس مجلس إدارة الشركة القومية لإدارة الأصول والاستثمار، أن مجموعة من المؤشرات خارج إطار سوق المال تؤثر بشدة على تحركاته، منها الاقتصاد ووضعية الدول المحيطة، والسياحة، والاستثمار الأجنبى المباشر وتحويلات المصريين بالخارج، مشيرًا الى ان تلك المؤشرات كانت سلبية فى النصف الأول من العام الجارى.
وأشار الى أن تحسن المؤشرات أو بديهى خلال الفترة المقبلة، ولكن يتبقى السؤال بشأن متى يحدث ذلك؟ موضحًا ان عودة فتح الأنشطة الاقتصادية تدريجيًا ستساهم فى تحسن الوضع الحالى، مدللًا على ذلك بإنخفاض توقعات صندوق النقد الدولى المتشائمة للإقتصاد العالمى.
وعن القطاعات الأكثر استفادة خلال الفترة المقبلة، رشح سامى، قطاعات الأدوية والخدمات والتكنولوجيا المالية، والتعليم، والأغذية والقطاع الزراعى «غير ممثل بالبورصة»، لافتًا إلى أن الكيانات بالقطاع العقارى التى تقدم خدماتها لشرائح مختلفة لن تواجه أية مشاكل خلال الفترة المقبلة.
وعن الأجانب، أكد سامى، أن عودة اهتمام الأجانب بالسوق المحلية والأسواق الناشئة بصفة عامة يتوقف على استقرار الأوضاع الراهنة وتوقف خسائرهم فى الأسواق العالمية.
شروط التحسن تشمل تعافى السياحة وتحويلات المصريين بالخارج وزيادة الأجنبي
من جانبه قال كريم خضر، العضو المنتدب لشركة التجارى الدولى للسمسرة، ان تخارجات المستثمرين من السوق المصرية خلال النصف الأول منطقية فى ظل حالة القلق التى سببها فيروس كورونا مما دفع المستثمرين إلى تسييل جزء من محافظهم وتوجييها إلى أوعية أخرى.
وأشار «خضر» إلى أن هذا الاتجاه كان سائداً فى جميع الأسواق الناشئة الفترة الأخيرة خاصة خلال شهرى مارس وابريل الماضيين، بخلاف يناير وفبراير الذين شهدا بعض التماسك فى الاداء بشكل عام.
وأوضح أن نتائج اعمال الشركات المقيدة خلال الربع الأول لم تكن على مستوى طموحات وتطلعات للمستثمرين، متوقعاً أن تخرج أعمال الربع الثانى بنتائج أضعف على مستوى جميع الشركات سواء فى البورصة أو خارجها.
كريم خضر: الأمر يتوقف على تطورات اصابات الفيروس محليا وحركة الأسواق العالمية
ولفت إلى أن الاداء المتوقع خلال النصف الثانى سيعتمد على حركة الأسواق العالمية بشكل عام، كذلك التطورات الصحية فيما يتعلق بمستجدات اصابات كورونا فى مصر خاصة مع تأكيد الحكومة بامكانية اعادة الاغلاق مرة أخرى حال زيادة الاعداد، ما يشير إلى إستمرار المخاطر والحذر.
ولفت إلى أن هناك اسهما وقطاعات تتداول بأسعار منخفضة داخل السوق المحلية متوقعا تراجع نتائج اعمال الشركات خاصة تلك التى تعتمد على السياحة والمطاعم خلال 2020 ، بينما لن تتأثر قطاعات مثل الخدمات والرعاية الصحية ما يعنى أن هناك تأثيرات متباينة بين القطاعات.
وأشار العضو المنتدب لشركة التجارى الدولى للسمسرة، إلى أن بعض الشركات الامريكية سحبت توقعاتها للنمو والمستهدف لهذا العام نظرا للمخاطر الحالية.
وأوضح أن السوق تحتاج إلى تحسن وضع السياحة وتحويلات المصريين بالخارج وزيادة الاستثمار الاجنبى المباشر لعودة ضخ الاستثمارات الاجنبية مرة اخرى فى سوق المال بفترة تشبه فترات نمو السوق التى حدثت فى مطلع الالفية وحتى 2010.
وأشار إلى أنه كانت هناك توقعات ايجابية للاقتصاد المحلى قبل كورونا لكن الأزمة قد تؤخر تحقيق هذه المستهدفات لفترة تتراوح بين 9 شهور وعام كامل بمعنى ان ما كان يمكن تحقيقه خلال 2020 تأجل إلى 2021.
وأكد ان حركة الأموال الاجنبية فى الاسواق الفترة المقبلة ستعتمد على ظروف كل سوق والمخاطر الخارجية المرتبطة بها فى مصر هناك قضايا ليبيا وسد النهضة وكورونا.
اختيار نجاحات متميزة شرط أساسى لنجاح طروحات ما بعد كورونا
فى سياق متصل، توقع أحمد الجندى، الشريك الرئيسى بشركة «TCV» للاستثمار المباشر، أن يشهد الربع الرابع من عام 2020 الجارى تحسنًا بسوق المال، بداية من ملف الطروحات مرورًا بملفات قيم التداول بالسوق.
أحمد الجندي: ارتفاع قيم التداولات وتحسن الأحوال مرتبط بتواجد أسهم نشطة وقوية
وأضاف ان البورصة تأثرت سلبًا بالأحداث الراهنة المتعلقة بجائحة فيروس كورونا المستجد، إلا أن ملف قيم التداول بالسوق مرتبط بشكل أكبر بالأوراق المالية المتاحة للمستثمرين، مشيرًا الى غياب الأسهم القوية النشطة القادرة على جذب السيولة الكبيرة.
وأوضح الجندى أن ارتفاع قيم التداولات بالبورصة مرتبط بعدة ملفات أهمها استقرار الأوضاع الناتجة عن الوباء، وعودة الحياة للاقتصاد وطرح شركات حكومية قادرة على جذب اهتمام الأجانب، قائلًا « إن على الحكومة ان تحذو حذو القطاع الخاص بإختيار نجاحات من شركاتها تتمتع بأداء مالى مميز وغير مدرجة بالسوق حتى تجذب اليها الأجانب وصناديق الاستثمار العالمية».
وشدد الجندى، على ان تعافى الاقتصاد العالمى والمحلى ومن ثم سوق المال من أثار الجائحة سيأخذ وقتًا إلا أن تنشيط سوق المال يتوقف فى بادئ الأمر على زيادة الأوراق المالية المتميزة المتاحة أمام المستثمرين وزيادة عمق السوق.
التكهن بمستقبل المؤشر الرئيسى بات صعبًا للغاية
فيما قال عمرو حسين الالفى، الأمين العام للجمعية المصرية لخبراء الاستثمار، انه يمكن تقسيم أداء البورصة فى النصف الأول من العام 2020 لفترتين، فترة ما قبل الكورونا وفترة ما بعد الكورونا. حيث شهدت الفترة الأولى تناسق أداء المؤشر الرئيسي EGX30 مع أداء المؤشر السبعيني EGX70 بانخفاض تجاوز الـ %30 حتى أقل سعر هذا العام يوم 19 مارس.
وتابع: «إلا أن الفترة الثانية شهدت تبايناً واضحاً بين المؤشرين، ففى حين ارتفع المؤشران منذ ذلك اليوم نجد أن أداء الـ EGX70 فاق أداء الـ EGX30 بأضعاف حتى أصبح الأول مرتفعاً منذ بداية العام بحوالى %10 مقارنةً بانخفاض بحوالى %22 للآخر»، مرجعًا ذلك الأداء إلى تأثر الأسهم القيادية ذات الحجم الكبير بخروج المستثمرين الأجانب جراء تداعيات كورونا عالمياً.
وأكد الألفى، أن التكهن بأداء السوق فى النصف الثانى من العام 2020 يعتبر صعباً لعدة أسباب أبرزها استمرار تداعيات كورونا فنتائج أعمال الربع الثانى الذى انتهى فى 30 يونيو 2020 ستعكس بصورة أكبر تأثر الشركات من ثلاثة أشهر تقريباً من غلق الاقتصاد فأداء العديد من الشركات مالياً سيكون أسوأ مما كان عليه فى الربع الأول والذى لم يعكس أداءً قوياً بدوره.
عمرو الألفي: حجم وتوقيت إعادة ضخ أموال الأجانب وانحسار «الوباء» المؤثرات الأبرز
وأضاف أن أداء البورصة فى النصف الثانى سيتأثر بحجم وتوقيت ضخ المؤسسات الأجنبية لأموال مرة أخرى فى السوق بعد استقرار الأمور عالمياً، مؤكدًا فى الوقت ذاته أن القطاعات الدفاعية لاتزال الأولى بالاستثمار فى ظل عدم وضوح الرؤية حول الاقتصاد العالمى من جهة ومدى تأثر الاقتصاد المحلى من جهة أخرى.
وتابع أن قطاعات الرعاية الصحية والتعليم والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والمدفوعات الإلكترونية هم الرابح الأكبر مالياً من تداعيات كورونا وقد عكست أسهم بعض الشركات العاملة فى تلك القطاعات هذا الاتجاه بالفعل خلال النصف الأول فى حين تأخرت أسهم أخرى وستجذب بلا شك المستثمرين فى النصف الثانى من العام.
وعن محددات أداء البورصة فى النصف الثانى من العام 2020، قال الألفى إن أبرزها هو مدى انحسار إصابات كورونا فى أعقاب فتح الاقتصاد المصرى مرة أخرى بعد غلق قرابة 3 أشهر، اذ سيدعم ذلك الأداء الاقتصادى بصفة عامة وأداء الشركات بصفة خاصة.
وحذر الألفى، قائلاً: انه فى حالة زيادة عدد الحالات الجديدة، فقد نرى تراجعاً فى أداء البورصة مرة أخرى، مما يعطى الأفضلية للقطاعات الدفاعية، بالإضافة الى موعد عودة الاستثمارات الأجنبية، مشيرًا الى ان أداء الجنيه المصرى أمام الدولار قد يسرع من رجوع الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة فى البورصة إذا ما استمر انخفاض قيمة الجنيه المصرى أمام الدولار خلال النصف الثانى من العام.
وعن المحددات السياسية الاقليمية، أشار الألفى، الى ان الوضع فى ليبيا قد يرفع من مستوى المخاطرة من وجهة نظر المستثمرين الأجانب فى حالة اشتراك مصر فى أى عمل عسكرى هناك، فى حين ان استمرار المفاوضات الدبلوماسية فى موضوع سد النهضة سيكون أفضل بكثير من أى خيار آخر.
ولفت إلى أن ظهور لقاح أو مصل لكورونا سيرفع من معنويات المستثمرين بالسوق عالمياً ومصر بالأخص كأحد أفضل الوجهات بالأسواق الناشئة التى بالرغم من تأثر اقتصادها من حيث معدلات النمو إلا أنها لا تزال تسجل نمواً موجباً فى حين تسجل معظم الاقتصادات معدلات نمو سالبة خلال عام 2020.
نتائج أعمال الشركات فى الربع الثانى ستتأثر بالتباطؤ
قال شوكت المراغى، العضو المنتدب لشركة برايم لتداول الأوراق المالية، إن هناك عوامل اخرى تتحكم فى حركة السوق فى الوقت الحالى بخلاف اداء الشركات تتضمن 3 محاور خارجية هى موقفنا من القضية الليبية وسد النهضة وفيروس كورونا بعد فتح الاقتصاد.
وأوضح «المراغي» أن نتائج أعمال الشركات للربع الأول من العام الحالى لم تتاثر بشكل كبير نتيجة ظهور ازمة كورونا خلال شهر مارس لكن الربع الثانى شهد تباطؤاً فى كافة القطاعات نتيجة الإغلاق الاقتصادى وفى مقدمتها تراجع مبيعات القطاع العقارى.
شوكت المراغي: الرؤية متفائلة ولكن الحذر يسود الموقف بسبب سد النهضة وكورونا وليبيا
وأشار إلى أن قطاع البنوك تأثر أيضاً نتيجة مبادرات المركزى والتحويلات بدون مصاريف وبالتالى ستتأثر ايرادات البنوك خلال الفترة المقبلة، موضحاً ان الرؤية متفائلة بالسوق المصرية لكن بحذر ما يجعل الصورة غير كاملة.
الحرب فى ليبيا ربما تدفع EGX30 نحو الـ 3000 نقطة
من جهته قال أيمن أبوهند، الشريك المؤسس بشركة advisable wealth engines الأمريكية، ان البورصة المصرية كانت بتسير بخطى جيدة فى مطلع العام الجارى، عندما كان يتحرك مؤشرها الرئيسى EGX30 بالقرب من مستويات الـ 13500 نقطة، اذ كانت تميل كافة التوقعات نحو دورة صاعدة خلال العام الجارى، إلا أن انتشار وباء كورونا تسبب فى فقدان السوق لكافة التطلعات الايجابية والتوقعات الصاعدة لتلك الفترة.
وأضاف أن الإجراءات الاحترازية التى اتخذتها الحكومة وأبرزها مبادرة البنوك بشهادات ذات العائد %15 والمبادرة الرئاسية لدعم البورصة عبر البنك المركزى، واستثمار بنكا الأهلى ومصر لنحو 3 مليارات جنيه بالبورصة ساهم فى تنفيذ عزل نوعى للسوق وتخفيف حدة التراجعات، إلا أن ذلك لم يمنع تخارج الأجانب المستمر من السوق المحلية كما هو الحال فى الأسواق الناشئة عامة.
وأوضح أبوهند أن البورصة تأثرت بالفعل بتأثر الاقتصاد المحلى بعدة عوامل أبرزها تراجع أداء الشركات عامة والسياحة وتأثر قناة السويس مع حالة حظر التجوال وتوقف الانشاءات، مما ساهم فى تباطؤ السوق فى نهاية المطاف.
أيمن أبوهند : السيناريو الأفضل هو بدء تحسن تدريجى مطلع العام المقبل
وأكد أبوهند، أن السيناريو الأفضل فى التوقعات يٌشير الى هدوء تدريجى فى الأوضاع الصحية عالميًا ومحليًا بدءًا من عام 2021 المقبل، مما ينعكس بصورة ايجابية على الحركة الاقتصادية العالمية ومن ثم المحلية، مشيرًا فى الوقت ذاته الى أن السيناريو الأكثر تشاؤمًا يقوم على بدء التحسن فى الأوضاع الصحية والاقتصادية فى ديسمبر 2021.
وعن توقعاته لحركة مؤشر البورصة الرئيسى EGX30 ومدى تأثره بملفات سد النهضة والحرب الليبية، رجح تحرك المؤشر نحو مستويات الـ 11000 – 12000 نقطة، حال عدم وقوع أية أحداث سلبية فى الملفات الاقليمية المرتبطة بالداخل المصرى.
وتابع مؤكدًا: ان الترجيحات تٌشير الى ان ملف أزمة سد النهضة لن يصل لمرحلة الحرب بين مصر وأثيوبيا ومن ثم فإن خطر تأثر البورصة بها ضعيف مقارنة بخطر دخول الجيش المصرى للأراضى الليبية للدفاع عن الأمن القومى للبلاد.
وأشار إلى إمكانية تراجع المؤشر الرئيسى للبورصة الى مستويات الـ 3000 – 4000 نقطة حال دخول مصر لحرب فى الأراضى الليبية، مؤكدًا فى الوقت ذاته ان تراجع المؤشر لتلك المستويات التى تشبه ما حدث فى عام 2011، مرتبط بمدة الحرب وطبيعة المناوشات على الأرض.
وحدد أبوهند، قطاعات الرعاية الصحية والدفع الالكترونى او التكنولوجيا المالية لتكون على رأس القطاعات الأكثر جاذبية وتحقيقًا للعائد خلال الفترة الراهنة.
أحمد على ومصطفى طلعت