«خطوة جيدة لكن تأثيرها محدود على أداء القطاع المتدهور».. بهذه الكلمات عبر مسئولون وخبراء بشركات سياحية مقيدة بالبورصة عن رؤيتهم لأثار قرار الحكومة بإعادة التشغيل الجزئى للسياحة الداخلية، وسط إجراءات محددة منعاً لتفشى فيروس كورونا.
واعتمد مجلس الوزراء، مؤخراً، عدة ضوابط واشتراطات للسياحة الداخلية فى خطوة تعطى بصيص أمل للشركات تتمكن من خلاله من سد جزء من التكاليف، وتتضمن الإجراءات تشغيل الفنادق بنسبة %25 من إجمالى الطاقة الاستيعابية حتى أول يونيو المقبل، ترتفع فيما بعد إلى %50 كحد أقصى أيضاً.
وتلتزم الفنادق بمعدل تشغيل حده الأقصى %50 من حجم العمالة، مع حظر خدمة البوفيه تماماً، والاعتماد على قوائم محددة مسبقاً، وحظر تقديم الشيشة، وقياس درجات الحرارة لرواد المطعم، وترك مسافة آمنة، وقيام كل فندق بتوفير عيادة وطبيب، مع التأكد من جودة أدوات الوقاية الشخصية ومواد التعقيم المستخدمة، وعدم التعامل إلا مع الشركات المعتمدة من وزارة الصحة.
وتشمل الاشتراطات عدم إقامة أى حفلات أو أفراح داخل الفندق، وحظر جميع أنواع النشاط الليلى مع تخصيص فندق صغير أو طابق فى كل منتجع للحجر الصحى لحالات الإصابة المؤكدة، وحالات الاشتباه، إضافة إلى الاستمرار بشكل دائم فى إجراء الاختبار السريع للعاملين والنزلاء.
بنوك استثمار ترجح تراجع الإيردات بنحو %60 بنهاية العام
ووسط هذه الإجراءات والقرارات تتوقع مراكز بحثية ووحدات بحوث فى بنوك استثمار محلية، عاماً قاسياً على الشركات المقيدة بالبورصة، وأن تتراجع الإيرادات السياحية بنحو %60 أو ما يتجاوز 6 مليارات دولار، بنهاية العام المالى الحالى 2019 – 2020.
وقبل أيام أعلنت شركة مصر للفنادق، إحدى الشركات التابعة للشركة القابضة للسياحة، تراجع أرباحها بنسبة %24.4 خلال فترة التسعة شهور الأولى من العام المالى الحالى 2019-2020، والذى يتضمن الربع الأخير منه جزء من أزمة كورونا.
وقالت «مصر للفنادق» فى إفصاح للبورصة إنها سجلت 142.97 مليون جنيه أرباحاً خلال الفترة المذكورة، مقابل 191.67 مليون بالفترة المقارنة من العام المالى الماضي.
وقرر مجلس إدارة الشركة تخفيض مستهدفاته للموازنة التقديرية للعام المالى المقبل 2020-2021 بنسبة %20 بعد الآخذ فى الاعتبار تداعيات فيروس كورونا، فضلاً عن تأجيل افتتاح فندق دهب إلى أوائل 2021، وتأجيل بعض بنود الموازنة الاستثمارية الخاصة بالإحلال والتجديد بفندق النيل ريتزكارلتون.
بيراميزا: السياحة الخارجية تمثل %95 من الإيرادات.. والقرار لن يغير من الوضع الحالي
ويرى مجدى عزب، رئيس مجلس الإدارة بشركة بيراميزا للفنادق، أن قرار إعادة تشغيل الفنادق إعتمادًا على السياحة الداخلية لن يُغير من الوضع الحالي، والتأثيرات السلبية للشركات السياحية فى شئ.
وأوضح أن الشركات السياحية كانت تعتمد على السياحة الخارجية بشكل كبير، موضحًا أنه على صعيد شركته فإن السياحة الداخلية تمثل حوالى %5 فقط من إيراداتها، وتعتمد بنسبة %95 على السياحة الخارجية من السائحين الأجانب والعرب .
ولفت «عزب» إلى أن الشروط الخاصة بضوابط تشغيل الفنادق من الصعب تطبيقها على صعيد العمالة، وطبيعة التعامل مع السائحين، إلى جانب حالة الذعر التى يشهدها بعض المواطنين المحليين ما قد يجعل البعض يحجم عن المخاطرة .
وأشار إلى أن التوقعات بتكبد شركات السياحة خسائر كبيرة بنهاية العام الجارى لا تزال مؤكدة حتى انتهاء جائحة «كورونا» واستقرار الأوضاع على الصعيد العالمى والمحلي.
كما لفت إلى أن اشغالات كافة فنادق شركات السياحة وصلت للمعدلات الصفرية منذ بدايات ظهور جائحة «كورونا».
وقال إن الشركات كانت بحاجه لقررات دعم تتمثل فى تقليل التكاليف الثابتة، موضحاً أن «بيراميزا» لن تلجأ لمحاولة إعادة تشغيل الفنادق، وستنتظر إنفراجة أكبر فيما يخص جائحة كورونا.
وتراجعت أرباح «بيراميزا للفنادق» خلال العام الماضى بحوالى %30 مسجلة 37 مليون جنيه، مقابل 53 مليوناً خلال العام السابق، وتعمل الشركة فى مجالات التنمية السياحية، وإقامة وإدارة وتشغيل الفنادق، والاستثمار العقارى، وتساهم فى عدد من الشركات التابعة، أبرزها بيراميزا للاستثمار السياحى والفندقى بنسبة 96.73%، وبيراميزا للمنتجعات السياحية بنسبة 92%، وبيراميزا للمنتجعات السياحية (الأقصر) بنسبة %62 وإيزيس للفنادق والمنتجعات السياحية بنسبة %18.
رمكو: رغم ايجابية القرار إلا أنه لن ينقذ الكيانات المقيدة من «بحر الخسائر»
وقال محمود توغان، مدير علاقات المستثمرين بشركة رمكو للمنتجات السياحية، إن شركات السياحة تلقت ضربة موجعة جراء كورونا وتداعياتها السلبية.
وأضاف أن غالبية شركات السياحة أغلقت فنادقها بشكل كامل نتيجة توقف حركة السياحة الداخلية والخارجية، ما نجم عنه تحقيق خسائر فادحة .
ولفت توغان إلى أن مجموعة شركات رمكو تمتلك 6 فنادق بشرم الشيخ والغردقة والعين السخنة، شهدت جميعها إغلاقاً تاماً جراء التطورات الأخيرة المتعلقة بفيروس كورونا، وقرارات الحظر المطبقة، موضحًا أنه على الرغم من ذلك لا تزال الشركة تحتفظ بكافة العاملين لديها .
وأوضح أن الحكومة المصرية ممثلة فى وزارة السياحة، قررت عودة السياحة الداخلية باشتراطات معينة كمحاولة منها لتحجيم خسائر القطاع، مشيرًا أنه على الرغم من إيجابية القرار إلا أنه لن ينقذ الشركات المقيدة مما وصفه بـ «بحر الخسائر».
ولفت إلى أن الشركات ستستفيد من قرار وزير السياحة الذى قد يساهم فى تغطية الأعباء المالية الثابتة التى تتحملها الفنادق، وعلى رأسها المرتبات، إلا أن ذلك لا يمكن أن ينقذ الشركات المالكة من الخسائر .
وأوضح محمود توغان، أن حجم السياحة الداخلية يمثل حوالى %10 من إيرادات فنادق شرم الشيخ والغردقة، فيما تمثل حوالى %75 لفنادق الشركة بمنطقة العين السخنة، موضحًا أنه على الرغم من ذلك إلا أن الشركة لن تستطيع الاستفادة من حصة السياحة الداخلية بالكامل وفقًا لقرار العمل بنسبة إشغالات %25 فقط .
تعمل «رمكو» فى إقامة وتشغيل القرى السياحية والخدمات المكملة لها، وممارسة نشاط الاستثمار العقارى، وتمتلك 6 فنادق أبرزها «ستيلا دى مارى جراند أوتيل»، و»ستيلا سى كلوب» بقرية «ستيلا دى مارى» العين السخنة، وفندق «جولف ستيلا دى مارى بقرية ستيلا دى مارى العين السخنة»، وفندق «ستيلا شرم» بهضبة خليج نعمة بشرم الشيخ.
الوادى للاستثمار: يسمح بتغطية جزء من التكاليف التشغيلية
وقال عادل مراد، مدير علاقات المستثمرين بشركة الوادى للاستثمار السياحي، إن الإجراءات الحكومية الأخيرة كافية فى الوقت الحالى وتسمح بتغطية جزء من التكاليف التشغيلية بشكل نسبي.
وأشار «مراد» إلى شركته بدأت الاستعداد لاستقبال الوافدين إلى فندقها بالعين السخنة، وتنفيذ الضوابط والاشتراطات المطلوبة، موضحا أن القرار يتضمن منع الاجتماعات والأفراح والمناسبات، وهى مورد مهم فى هذه المناطق.
وطالب بزيادة معدلات التشغيل وفقا للطاقة الاستعابية، مع خفض الفوائد المتعلقة بتأجيل فواتير الكهرباء والمياه، موضحاً أن الحصول على القروض الخاصة بسداد مرتبات الموظفين أمر صعب، ويحتاج إلى تيسيرات أكبر.
وأشار إلى أن شركة الوادى للاستثمار تمتلك %45 من شركة سكاى لايت المالكة لفندق هورايزون الوادى فى السخنة.
وأوضح أن محافظة السويس وضعت بعض الإجراءات مؤخراً، وتتضمن عدم نزول البحر أو حمامات السباحة، فضلاً عن عدم تواجد النزلاء خارج الشاليه.
وأكد أن أولوية الشركة فى الوقت الحالى تتمثل فى تدبير مرتبات الموظفين وتغطيتها، دون النظر إلى تحقيق ربحية، لافتاً إلى أن الشركة لم تتخل عن أى عامل لديها، ويحصلون على مرتباتهم كاملة، ويجرى البحث بشكل مستمر عن آليات مختلفة لتدبيرها.
عامر جروب: جاهزون لاستقبال الزوار وفق الاشتراطات.. واستعدينا لـ «كورونا» مبكراً
وأوضح محمود الغيطاني، مدير علاقات المستثمرين بشركة عامر جروب القابضة، أن تشغيل الفنادق بنسبة حدها الأقصى %25 لن يفيد المنشآت السياحية بشكل كبير، لكنها بداية جيدة تبشر بإجراءات أفضل خلال الفترة المقبلة، وأشار إلى أن تحديدها بواقع 50 كبداية كان سيعمل على تغطية مصاريف الفندق.
وأضاف أن شركته استعدت مبكراً لأزمة كورونا بتخصيص جزء من الفندق كمركز طبي، مع اتباع إجراءات الكشف على الزوار، وبالتالى كانت عامر جروب سباقة فى الإجراءات الاحترازية .ولفت إلى أن معدلات الإشغال حاليا «صفر»، وفنادق الشركة فى الساحل والعين السخنة جاهزة لتطبيق الاشتراطات والإجراءات الاحترازية لاستقبال الوافدين، مشيراً إلى أن الترتيبات قوية ومطمئنة.
وأشار إلى أن مبادرات البنك المركزى لدعم القطاع السياحى جيدة، لكنها تسير ببطء، وقال إن بعض البنوك تتأخر فى دعم القطاع رغم استفادتهم الكبرى من المبادرة، موضحاً أن فائدة القروض تحصل عليها البنوك بشكل كامل، ولا يستقطع «المركزي» منها أى نسبة لصالحه.
وأشار إلى أن عامر جروب لم تتقدم للاستفادة من المبادرات الداعمة للقطاع، سواء المتعلقة بمرتبات العاملين أو التجديدات، مؤكداً قوة مركزها المالي، ويتم توجيه أغلب التسهيلات البنكية لتمويل رأس المال العامل.
جولدن كوست: مؤشر جيد ويخفف من تداعيات الأزمة
وقال على نصحي، مدير علاقات المستثمرين بشركة جولدن كوست السخنه للاستثمار السياحي، إن قرار إعادة تشغيل الفنادق بطاقة 25% يعد مؤشرا جيدا لإعادة فتح المجال السياحي، بعد توقف لأكثر من شهرين.
وأشار إلى أن كافة القرارات التى اتخذها الرئيس عبدالفتاح السيسى منذ بدء أزمة فيروس كورونا المستجد، خففت تداعيات الأزمة على القطاع، ومنها توجيهاته بدعم البنك المركزى لقطاع السياحة بقيمة 50 مليار جنيه.
ولفت إلى أن الإجراءات تضمنت إسقاط الضريبة العقارية على المنشآت الفندقية والسياحية لمدة 6 أشهر، بجانب إرجاء سداد كافة المستحقات لمدة 3 أشهر دون غرامات أو فوائد تأخير.
وعلى صعيد بنوك الاستثمار والمراكز البحثية، توقعت إدارة البحوث بشركة اتش سى للأوراق المالية، انخفاض إيرادات السياحة بنسبة 60% تقريباً خلال الربع الأخير من العام المالى الحالى 2019-2020، وأن تتراجع 16% تقريبا لتصل إلى 10.6 مليار دولار فى السنة المالية الحالية 19/20، بسبب فيروس كورونا.
يذكر أن إيرادات السياحية ارتفعت خلال العام المالى الماضى 2018-2019 إلى 12.6 مليار دولار، وهو أعلى مستوى تاريخي، مقابل 9.8 مليار دولار خلال العام المالى السابق له.
وقال المركز المصرى للدراسات الاقتصادية فى دراسة عن القطاع السياحي، إن التأثير المتوقع على القطاع فى مصر يرتبط بحركة تفشى الفيروس، متوقعا تفاقم الأزمة بنهاية مايو الجاري، وانحسارها خلال يونيو، على أن يبدأ تعافى القطاع بحلول سبتمبر المقبل.
وأكدت دراسة المركز التى حصلت «المال» على نسخة منها، أن حركة النشاط السياحى فى مصر أصيبت بما وصفته «صدمة الطلب»، وتتمثل فى انخفاض أعداد السائحين» وأيضاً «صدمة العرض» التى تتمثل فى انخفاض قدرة شركات السياحة على تقديم الأنشطة والفعاليات والخدمات والمنتجات السياحية.
وأشار إلى أنه تم تقدير الانخفاض فى الإيرادات السياحية المباشرة لعام 2019-2020 بنحو 6 مليارات دولار، وكانت العوائد التى كان تستهدفها الحكومة خلال الفترة العام تقدر بنحو 16.7 مليار دولار .
وقالت وحدة أبحاث بنك الاستثمار «فاروس» إن تباطؤ اقتصادات دول منطقة الخليج العربى نتيجة كورونا، سيؤثر بالسلب على قطاع السياحة، والاستثمارات الأجنبية المباشرة، واستثمار الأجانب فى محافظ الأوراق المالية، بينما ستتقلص مستويات العجز التجاري.
وترى «فاروس» أن الضغوط السابقة على الموارد الأساسية ستتسبب فى تراجع سعر صرف الجنيه، وارتفاع مستويات الضخم، مما يعنى حدوث تغيرات على مستوى السياسة النقدية.
وتوقعت أن تواصل شركات السياحة المدرجة بالبورصة المصرية خسائرها المستمرة جراء جائحة «كورونا» الحالية .
وأشارت إلى أنه منذ البوادر الأولى لأزمة «كورونا» تراجعت حجوزات الشركات بحوالى 80%، أعقبتها توقفاً تاماً عقب قرارت وقف الطيران.
وأوضحت أن بعض شركات السياحة قد تلجأ لمحاولة تشغيل بعض فنادقها، أملاً فى تحقيق أى إيرادات مالية، مؤكدة أنه على الرغم من إيجابية القرار الحكومي، إلا أنهُ لن يغير من الأمر شئ.
والمتتبع للقوائم المالية لـ 11 شركة مقيدة بقطاع السياحة بالبورصة خلال 2019، يجد أنها حققت عاماً استثنائياً على صعيد الربحية، بعد خسائر امتدت لسنوات طويلة منذ ثورة يناير، لكن سرعان ما جاءت أزمة كورونا لتبدد آمال استمرار هذا الأداء.
وتكشف القوائم المالية أن 6 شركات مقيدة حققت نمواً فى الأرباح خلال العام المنتهي، وتضمنت رواد للسياحة، ومصر للفنادق، وعبر المحيطات للسياحة، وأسيوط الإسلامية، والوادى للسياحة، وأوراسكوم للتنمية مصر.
ونجحت شركة شارم دريمز للسياحة فى التحول من الخسارة للربحية، وقلصت مرسى علم للتنمية السياحية خسائرها، فى حين تراجعت أرباح شركتين بشكل محدود، هما جولدن كوست ورمكو للقرى السياحية، بينما لم تعلن شركة وحيدة نتائج أعمالها وهى المصرية للمنتجعات السياحية.