تستنجد شركات المحمول مرارا وتكرارا فى كل مأزق بجهاز تنظيم الاتصالات لإتاحة ترددات جديدة تستغلها فى رفع كفاءة الخدمة المقدمة للعملاء وزيادة سرعة خدمة الموبايل داتا بعد مرور نحو أربعة أعوام على طرح تكنولوجيا الجيل الرابع للاتصالات 4G بالسوق المحلية.
ورغم كل المحاولات المكوكية والمفاوضات السرية التى تُجرى من وقت لآخر فى أروقة مرفق تنظيم الاتصالات مع مسئولى الشركات الأربعة، مازال المستخدم النهائى يشعر باستمرار تدنى مستوى الخدمة وسط حالة ذهول من الشركات التى تقف مكتوفة الأيدى أمام طموحات العملاء المتزايدة، الأمر الذى تفاقم بصورة ملحوظة مع ذورة تفشى جائحة كورونا وزيادة الاعتماد على خدمات الاتصالات فى إنجاز الأعمال
كان جهاز تنظيم الاتصالات NTRA طرح باقتين من الترددات على شركات المصرية للاتصالات وفودافون وأورنج واتصالات بنظام المزايدة العلنية تضم الأولى منها 40 ميجاهرتز فى الحيز الترددى 2600 مقابل 600 مليون دولار، والثانية 20 ميجا فى الحيز 2600 بقيمة 300 مليون دولار.
ورغم عدم صدور بيان رسمى من الجهاز حتى الآن بنتائج المزايدة إلا أن التسريبات تشير إلى تقدم فودافون بعرض للحصول على 40 ميجا بسعر 560 مليون دولار، بينما قدمت المصرية للاتصالات عرضا للحصول على 20 ميجا بسعر 305 ملايين دولار، فيما انسحبت «اورنج مصر» و«اتصالات مصر».
استطلعت «المال» آراء مجموعة من قيادات قطاع الاتصالات حول أثر الترددات الجديدة التى طرحها جهاز تنظيم الاتصالات منذ ايام على تطور مستوى الخدمة.
شريف: 300 مليون دولار استثمارات متوقعة من «we» و«فودافون» فى تطوير بنيتهما
وأكد الدكتور خالد شريف، مساعد وزير الاتصالات الأسبق، وعضو لجنة حماية حقوق المستخدمين فى الجهاز القومى لتنظيم الاتصالات، أن خدمات المحمول ستشهد تحسناً تدريجياً بعد حصول الشركات على الترددات الجديدة الأمر الذى سينعكس بشكل مباشر فى زيادة الطاقة الاستيعابية لخدمة نقل البيانات (الموبايل داتا) عبر تكنولوجيا الجيل الرابع للاتصالات 4G.
وتوقع شريف اتجاه شركتى «فودافون» و«المصرية للاتصالات we» إلى ضخ استثمارات جديدة تقارب 200 مليون دولار للأولى، و100 مليون دولار للثانية؛ فى رفع كفاءة شبكة البنية التحتية للاتصالات وإدخال محطات أبراج محمول جديدة للخدمة على أن تشهد خدمات الجيل الرابع تحسناً ملحوظاً خلال 6 شهور
وعلق قائلًا: «التحسن فى مستوى جودة المكالمات الصوتية سيمتد لوقت أطول»، مبينا أن الترددات الجديدة التى طرحها الجهاز تخص تقنية الجيل الرابع العاملة على تردد 2600 ميجا هرتز مقارنة بالخدمات الصوتية التى تعتمد على ثلاث ترددات رئيسية هى 900 و1100 و2100 ميجا.
ورأى أن شركات المحمول بحاجة إلى ربط محطات أبراجها عبر شبكة من كابلات الألياف الضوئية لتعظيم الاستفادة من الترددات المطروحة فى تقديم خدمات قيمة مضافة للعملاء، كما أنه من المتوقع أن تستغل فودافون والمصرية للاتصالات الأحيزة الترددية فى دعم بيانات التجوال وتطوير خدمات الجيل الرابع للاتصالات كمرحلة أولى.
واقترح على شركتى «اتصالات، وأورانج» اللتين لم تحصلا على امتيازات جديدة فى مزايدة الترددات الأخيرة، أن تقوما بتكثيف عدد المحطات التابعة لهما من أجل توزيع أحمال الشبكة على أكثر من موقع، مع ضرورة وجود خطة للربط التكنولوجى بين المحطات بما ينعكس بالايجاب على تحسن الخدمة المقدمة للعملاء.
كما ناشد المشغلين بضرورة مراجعة تقارير جودة خدمات الاتصالات الصادرة عن جهاز تنظيم الاتصالات شهريا للوقوف على مواطن القوة والضعف على مستوى الجمهورية
وبحسب مؤشرات وزارة الاتصالات ،وصل عدد مشتركى المحمول فى مصر خلال شهر مايو الماضى المسجلين رسميا فى قواعد بيانات الشركات إلى 96.7 مليون عميل منهم 40.1 مليون لفودافون و27.9 مليون لأورنج و20.4 مليون لاتصالات
بينما بلغ عدد عملاء الشبكة الرابعة للمحمول we وفق نتائج أعمال المصرية للاتصالات خلال النصف الأول من العام الجارى نحو 6.7 مليون عميل.
بدوى: يجب أن يكون التسعير متوافقا مع اقتصاديات التشغيل
وأشار الدكتور عمرو بدوى، الرئيس السابق للجهاز القومى لتنظيم الاتصالات، إلى أن الترددات الجديدة من شأنها دعم خدمات الجيل الرابع للاتصالات مع توظيف السعات المتبقية فى رفع كفاءة خدمات المكالمات الصوتية العادية، معتبرا أن باقة ترددات الـ 40 ميجاهرتز التى تقدمت فودافون للحصول عليها فى المزايدة الأخيرة كافية لتحسين خدماتها المقدمة للمشتركين.
وتابع قائلا: الترددات هى وقود صناعة المحمول ومن غيرها متشتغلش وكلما زاد حجم ترددات الخدمة هتتحسن وهترخص، لافتا إلى أن الترددات هى عامل رئيسى فى تطوير الخدمة بجانب صيانة الأعطال الفنية للشبكات.
ورجح أن تكون للشركة المصرية للاتصالات وفودافون فرصة أكبر فى اقتناص شريحة أكبر من عملاء الشبكات الأخرى بعد الحصول على ترددات إضافية، إلا أن جهاز تنظيم الاتصالات كان بحاجة لطرح مزيدا من الترددات على الشركات حتى تتمكن من تحسين جودة الخدمة فى كافة القطاعات.
كما طالب مسئولى الجهاز القومى لتنظيم الاتصالات بمراعاة آليات تسعير الترددات المطروحة بما يتناسب مع اقتصاديات شركات المحمول والحفاظ على استمرارية المنافسة القائمة بين كافة الكيانات العاملة فى السوق المحلية.
ولفت إلى أن شركات المحمول أدركت وجود فجوة كبيرة فى قدراتها على تقديم خدماتها بشكل منتظم خلال الفترة الماضية لاسيما مع تزايد استخدام المستخدمين للخدمات الصوتية ونقل البيانات خلال جائحة كورونا.
والترددات هى المسارات التى تنتقل من خلالها إشارات الهواتف المحمولة من برج محمول لآخر وينتج عنها تقديم خدمات المكالمات الصوتية ونقل البيانات للعملاء.
ياسين: بناء محطات أبراج جديدة لتخفيف الأحمال الإضافية
وألمح أسامة ياسين، رئيس شركة جيجا جلوبال للاتصالات والتكنولوجيا والرئيس التنفيذى الاسبق للشركة المصرية للاتصالات، إلى أن تحسن جودة خدمات الاتصالات مرهون بمجموعة عوامل منها طرح ترددات جديدة أو تكثيف إنشاء مواقع جديدة فى مناطق ذات كثافة سكانية مرتفعة بهدف تخفيف الضغط على الشبكات وإنهاء أزمات الاختناقات التى تتعرض لها.
ورأى ياسين أنه من الضرورى أن تدعم المحليات شركات المحمول فى تنفيذ خططها التوسعية المتعلقة بأنشاء مواقع جديدة من خلال تذليل عقبات منح تراخيص هذه المواقع لتتمكن الشركات من سرعة تنفيذ خططها ورفع مستوى الخدمة.
وأشار إلى أن شركات المحمول تعتمد أحيانا على مواقع متنقلة فى تقوية شبكات الإرسال وتخفيض الضغط على المواقع الرئيسية المحيطة بها؛ بهدف تحسين جودة خدمة المكالمات الصوتية.
واستبعد إمكانية التكهن بموعد إنتهاء اعطال الشبكات بعد حصول المشغلين على ترددات جديدة وذلك لأسباب تتعلق بامتلاك كل مشغل حسابات خاصة وقياسات فنية تتضمن دخول الترددات حيز الخدمة قائلًا: الشركات تعد الجهة الوحيدة التى تستطيع أن تحدد الأساليب والإجراءات اللازمة التى تتخذها لتحسين خدماتها المقدمة للعملاء.
وعلق على انسحاب شركات محمول من المنافسة على مزايدة جهاز القومى للاتصالات الأخيرة بشأن الترددات الجديدة قائلًا «كل شركة لديها دراسات جدوى وحسابات مستقلة تعتمد على عدد المستخدمين والعائد المتوقع من ضخ أى استثمارات جديدة فى تطوير بنيتها التحتية».
العلايلى: ضرورة تحديث أجهزة الشبكات.. وتدقيق أنظمة احتساب الفواتير
ومن جانبه، أكد هشام العلايلى، الرئيس السابق للجهاز القومى لتنظيم الاتصالات، أن تشغيل خدمات الجيل الرابع للاتصالات 4G تتطلب منح شركات المحمول مزيدا من السعات الترددية لرفع مستوى الخدمة المقدمة وزيادة سرعة نقل البيانات «mobile data».
وأوضح العلايلى أن الترددات التى حصل عليها المشغلون عند طرح تراخيص الجيل الرابع للاتصالات فى عام 2016 كانت ضعيفة للغاية – على حد تعبيره، معتبرا أن تطبيق اسلوب المزايدة فى طرح الترددات الأخيرة يسهم فى تعظيم العائد الاستثمارى للدولة ويحقق أقصى درجات الشفافية بين العاملين فى القطاع.
وألمح إلى أن شركات المحمول الأربعة بحاجة لإعادة النظر فى تجديد وتحديث الأجهزة المستخدمة فى تشغيل الشبكات ومن ثم احتواء الاعطال الفنية المتسببة فى زيادة معدل انقطاع المكالمات الصوتية وبطء سرعة الإنترنت، فضلا عن ضرورة تدقيق ومراجعة أنظمة احتساب الفواتير من أجل تجنب شكاوى العملاء.
وفسر عدم حصول شركتى اتصالات وأورانج على أى ترددات إضافية ضمن المزايدة الأخيرة التى طرحها الجهاز منذ أيام على المشغلين إلى قيام كل منهما باحتساب العائد المتوقع من ضخ استثمارات مقارنة باقتصاديات التشغيل، علاوة على تقارب الأحيزة الترددية بين الشبكات
الليثى: المساواة بين جميع الشركات دون تمييز
وقال الدكتور حمدى الليثى رئيس مجلس الادارة بشركة ليناتل لحلول الاتصالات، إن الترددات الجديدة التى حصلت عليها بعض شركات المحمول تتطلب ضخ مزيدًا من الاستثمارات فى تأهيل شبكة البنية التحتية وتطوير الشبكات حتى يتم تحسين كافة الخدمات
وتابع أنه من الضرورى حصول كافة الشركات على ترددات إضافية بشكل عادل دون تمييز بما يؤهلها لتحسن الخدمات والحفاظ على قاعدة عملائها، مؤكدًا أن دور جهاز تنظيم الاتصالات يتمثل فى الاشراف على ممارسات الشركات وضمان استمرارية المنافسة داخل السوق المحلية مما يضمن منع وجود ممارسات احتكارية
ولفت إلى أن حجم الترددات التى كان تم قد تم منحها لشركات المحمول سابقًا غير كاف خاصة مع اتساع قاعدة العملاء وزيادة الطلب على الخدمات الصوتية وإنترنت الموبايل، مؤكدًا أن الترددات التى حصلت عليها «فودافون، والمصرية للاتصالات» مؤخرًا كافية لتحسين خدماتها خلال الفترة المقبلة.
ومن المعروف أن خريطة ترددات شركات المحمول العاملة بالسوق المحلية تتوزع بواقع 15 ميجاهرتز للشركة المصرية للاتصالات we منها 5 ميجا فى الحيز الترددى 1800 و10 ميجا فى الحيز الترددى 700
بينما تمتلك فودافون مصر 42.5 ميجاهرتز ترددات منها 20 ميجا فى الحيز 2100 و10 ميجا فى الحيز 1800 و12.5 ميجا فى الحيز 900، وهى نفس السعة الترددية التى تمتلكها أورنج مصر بواقع 15 ميجا فى الحيز 2100 و15 ميجا فى الحيز 1800 و12.5 ميجا فى الحيز 900
وتعمل شبكة اتصالات مصر على 40 ميجاهرتز ترددات موزعة بواقع 10 ميجا فى الحيز 2100 و20 ميجا فى الحيز 1800 و10 ميجا فى الحيز 900
يذكر أن شركات المحمول الأربعة سددت قيمة ترددات خدمات تكنولوجيا الجيل الرابع للاتصالات نهاية عام 2016 إلى جهاز تنظيم الاتصالات بواقع 1.1 مليار دولار و10 مليارات جنيه.