◗❙ «الرقابة المالية» تستهدف 80 مليار جنيه بخلاف الأسهم بحلول 2026
◗❙ وليد حجازى: الأحداث غير المواتية دائمًا ما تنال من جاذبية تلك الأدوات وتدفع للتريث
◗❙ محمد البلتاجى: الكيانات أدركت أهمية الصكوك والتوريق لتمويل مشروعاتها القائمة
◗❙ أنور زيدان: توريقات الحقوق المستقبلية جذبت أنظار الشركات بشكل كبير الفترة الماضية
تعيش السوق المحلية وغالبية الكيانات العاملة بها، حالة من عدم اليقين منذ بداية العام الحالي، فى ظل الأحداث المتتالية على الصعيدين العالمى والمحلي، وفى مثل هذه الحالات عادة ما يكون التريث هو صاحب الموقف بالنسبة لخطط الشركات والإقبال على أدوات التمويل بأنواعها المختلفة.
وفى إطار الرؤية المتفائلة التى تتبناها الهيئة العامة للرقابة المالية لإصدارات الصكوك والسندات بأنواعها المختلفة، حاولت «المال» رصد آراء الخبراء، حول مستقبل الإصدارات الجديدة فى الفترة المتبقية من العام 2022.
وأوضح الخبراء أن مستقبل إصدارات سندات التوريق والصكوك بمنأى عن أى تأثيرات تشهدها السوق المحلية خلال الوقت الحالى.
وذكرت الهيئة العامة للرقابة المالية أن السندات حققت نموًا ملحوظًا خلال السنوات الماضية، فيما شهد عام 2021 أول إصدار للسندات الخضراء فى سوق رأس المال فى مصر لإحدى الشركات بقيمة 100 مليون دولار، بما يُعادل 1.6 مليار جنيه.
وأوضحت الهيئة ضمن استراتيجيتها أن عام 2020 شهد أول إصدار للصكوك بلغت إصداراته بالعام حوالى 5.1 مليار جنيه، لتنخفض بعام 2021 الماضى بضغط من تأثيرات حائجة الفيروس حينها إلى 2.5 مليار جنيه.
وقالت الهيئة إنها مستمرة فى تشجيع الشركات على إصدار سندات خضراء، واستحداث وتقديم أدوات مالية خضراء وحلول تمويلية جديدة مثل سندات النوع «Gender Bond» وسندات الاستدامة «Sustainability Linked Bonds».
التريث «سبيل الشركات»
بداية، قال الدكتور وليد حجازي، المؤسس والشريك بمكتب «حجازى وشركاه للاستشارات القانونية»، إن إصدارات أدوات التمويل المختلفة، وعلى رأسها سندات التوريق والصكوك دائمًا ما تتأثر بأوضاع الأحداث الجارية.
وأوضح أن الفترات الماضية شهدت عدة إصدارات على صعيد سندات التوريق، إلى جانب أن هناك اهتماما كبيرا من بعض الكيانات بتوريق الحقوق الآجلة، على الرغم من حداثتها فى السوق.
ولفت «حجازى» إلى الأحداث الجارية، والمتعلقة بموجات التضخم الراهنة، وزيادة أسعار الخامات والآلات التى ربما تدفع الشركات للتريث فى خططهها التوسعية، ومن ثم الهدوء فى الإقبال على أدوات التمويل.
وأشار إلى أن المكتب كان يتولى عملية إصدار صكوك كبيرة الحجم إلا أنه تم التريث فيها خلال الفترة الماضية من جانب المصدر لحين هدوء الأوضاع.
ووفقًا لبيانات الهيئة العامة للرقابة المالية، فقد بلغت إصدارات الصكوك والسندات حوالى 23.4 مليار جنيه خلال العام الماضى 2021، وبنحو 29.7 مليار خلال العام السابق له 2020، وذلك على الرغم من تأثيرات جائحة الفيروس بتلك الفترة، بقيمة 22.5 مليار جنيه خلال عام 2019، و5.3 مليار بعام 2018.
توسع الدولة فى الإصدارات عامل مشجع
وقال محمد البلتاجي، رئيس الجمعية المصرية للتمويل الإسلامى، إنه فى فترات التضخم المرتفعة دائمًا ما تلجأ الشركات، ومن بينها المقيدة للهدوء فى خططها التوسعية، ومن ثم ضعف الإقبال على أدوات التمويل المختلفة، وأيضًا الاقتراض البنكى فى ظل زيادة معدلات الفائدة.
وأضاف أن التأثر الاقتصادى فى الوقت الحالى الناتج عن كل الأحداث التى شهدتها الساحة العالمية، بدءًا من أزمة فيروس «كورونا» عام 2020 وصولًا للحرب الروسية الأوكرانية، وما تبعها من أزمات متتالية، طال كل الأصعدة، ومن بينها إصدارات الصكوك والأدوات الأخرى.
وأوضح «البلتاجى» أن الشركات العاملة فى السوق المحلية وبشكل خاص العقارية منها، أدركت بالفعل أهمية سندات التوريق والصكوك كأدوات تمويلية، لإتمام مشروعاتها القائمة.
وتجدر الإشارة إلى أن مجموعة «طلعت مصطفى» أطلقت بداية شهر يوليو للعام الحالي، برنامج إصدار سندات توريق بقيمة 1.17 مليار جنيه لصالح شركة الرحاب للتوريق التابعة، على أن يُقسم إلى 3 شرائح.
وفى سياق متصل، كانت «بالم هيلز للتعمير» بالتعاون مع إحدى الشركات التابعة لـ”كونتكت المالية القابضة”، أعلنت خلال مارس الماضي، عن إتمام إصدارها الأول من صكوك المشاركة والمتوافقة مع أحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية القابلة للتداول وغير قابلة للتحويل لأسهم وقابلة للاستهلاك المبكر الجزئى أو الكلى بقيمة 3.25 مليار جنيه بمدة أقصاها 10 سنوات، وذلك لتمويل أعمال التشييد والبناء بمشروع باديا بمدينة السادس من أكتوبر.
على جانب آخر، كان من ضمن مستهدفات «بالم هيلز» إطلاق برنامج توريق بقيمة 2 مليار جنيه خلال العام الحالى.
ولفت «البلتاجى» إلى أن معدلات الفائدة المرتفعة فى السوق المحلية، ليس لها تأثير على إصدارات الصكوك والسندات، خاصة أن آلية تسعير مختلفة، موضحًا أن هناك شركتين تدرسان حاليًا عمليات إصدار متنوعة خلال الفترة المتبقية من العام الحالي.
وأشار إلى أنه على جانب آخر، فإن الدولة تتوسع فى عمليات إصدار السندات بأنواع مختلفة كأداة تمويل لصالحها، إذ إنها أطلقت مؤخرًا سندات الساموراي، ما يمكن اعتباره أحد العوامل المشجعة للشركات للتوسع بتلك الأدوات .
يُذكر أن محمد معيط وزير المالية، قال مؤخرًا إنه تمت تغطية حجم الإصدار بإجمالى قيمة 60 مليار ين ياباني، ما يعادل 500 مليون دولار، مع التأكيد أنه تمت تغطية كامل مبلغ الإصدار من المستثمرين اليابانيين فقط، وبلغ إجمالى عددهم 41 مستثمرا من المؤسسات المالية اليابانية.
وسندات ساموراى هى عبارة عن ديون طويلة الأجل تطرحها مصر لأول مرة فى اليابان، وذلك ضمن خطط الحكومة المصرية لإصدار أدوات جديدة مثل الصكوك، وسندات التنمية المستدامة، والسندات الخضراء، بحسب تصريحات رسمية لوزير المالية محمد معيط.
وعلى جانب آخر، تستهدف مصر التعاون المشترك مع الجانب الصينى لإصدار سندات مصرية باليوان، والتى تعرف باسم سندات الباندا فى السوق الصينية.
سوق نشط لـ«الصكوك» و«التوريق»
وقال أنور زيدان، الشريك المؤسس، رئيس قطاع أسواق المال فى مكتب ذو الفقار للاستشارات القانونية، إنه على أرض الواقع هناك إقبال كبير من جانب الشركات على إصدار سندات توريق وصكوك.
ولفت إلى أنه حتى الوقت الحالي، لم يُلاحط تباطؤ الشركات فى خططها التوسعية بسبب أوضاع الظروف الحالية، موضحًا أن سوق الصكوك وسندات التوريق نشطة جدًا خلال الفترات الحالية.
وأضاف «زيدان» أن الصكوك أقل قابلية مقارنة بالتوريقات، إلا أن هناك بعض الشركات التى تفضلها كأداة تمويلية بخلاف اللجوء للاقتراض البنكى.
وأوضح أن توريقات الحقوق المستقبلية لفتت نظر الشركات خلال الفترة الماضية بشكل كبير، على الرغم من حداثتها فى السوق.
يُذكر أن مجلس إدارة شركة القاهرة للاستثمار والتنمية العقارية، وافق مؤخرًا على اقتراح حوالة محفظة توريق إلى شركة المجموعة المالية للتوريق، بغرض إصدار برنامج لإصدار سندات توريق اسمية طويلة الأجل قابلة للتداول وغير قابلة للتحويل إلى أسهم، مدتها 3 سنوات.
التعافى أهم المؤثرات الإيجابية
وقال عمرو الألفي، رئيس قسم البحوث بشركة «برايم القابضة للاستثمارات المالية»، إن رغبات الشركات بالحصول على تمويلات جديدة متزايدة خلال الفترة الحالية على الرغم من كل التأثيرات الراهنة.
وأوضح أن الإقبال على أداوات التمويل -مثل الصكوك والسندات – ربما يكون متعلقًا برغبات منها فى إعادة الهيكل التمويلى لديها بالاعتماد على أوجه أخرى بخلاف الاقتراض البنكي، فى ظل التوقعات بارتفاع متتالٍ لمعدلات الفائدة الفترات المقبلة بخلاف ما تم سابقًا .
ولفت «الألفى» إلى أن ثقة المستثمرين فى تعافى الأوضاع والقطاعات العاملين بها، سيكون أحد المؤثرات الكبيرة فى إصدرات الفترة المقبلة.
وتسعى الهيئة فى استراتيجيتها الشاملة لتنشيط وتطوير أدوات الدين المتمثلة فى سندات الشركات وسندات توريق الحقوق المالية الآجلة، والصكوك، واستحداث منتجات جديدة مثل الأوراق المالية المرتبطة بالتأمين، وتفعيل آليات نقل المخاطر البديلة، وسندات الأخطار الطبيعية، وسندات النوع، والاستدامة، وشهادات الكربون.
وتستهدف أن يصل إجمالى الإصدارات إلى 550 مليار جنيه بنهاية 2026، مقارنة بـ280 مليارًا فى 2021، بنمو قدره %96 على أن يبلغ نصيب إصدارات الأسهم غير المقيدة نحو 350 مليار جنيه، و40 مليارًا نصيب إصدارات الأسهم المقيدة، وبقيمة 80 مليارًا لإصدارات الأوراق المالية بخلاف الأسهم (سندات وصكوك) بحلول 2026.
توقعات سلبية عالمية
وجاءت توقعات وكالات التصنيف الائتمانى حول حجم إصدارات الصكوك عالميًا خلال العام الحالى سلبية، إذ اتجهت غالبيتها نحو انخفاض تلك الإصدارات، نتيجة عوامل عدة، أبرزها انخفاض السيولة العالمية، والاحتياجات التمويلية فى بعض أسواق التمويل الإسلامى الأساسية.
من جهتها، رجحت وكالة «إس آند بى جلوبال» للتصنيفات الائتمانية، تراجع حجم إصدارات الصكوك عالميًا خلال العام الحالي، نتيجة انخفاض السيولة العالمية، وزيادة التعقيدات المتعلقة بالمعايير التنظيمية.
وأضافت أن إصدارات الصكوك عالميًا ستكون فى أفضل التقديرات ثابتة خلال العام الحالي، وذلك نتيجة انخفاض السيولة العالمية والإقليمية، إلى جانب زيادة تكلفة إصدار تلك الصكوك، والتعقيدات الإضافية فى عملية الإصدار، وتراجع احتياجات التمويل لبعض الدول الرئيسية للتمويل الإسلامي.
وتوقعت “إس آند بى جلوبال” أن يتراوح إجمالى الإصدارات بين 150-145 مليار دولار فى عام 2022، شريطة السيطرة على أى جوانب سلبية مرتبطة بجائحة كورونا فى الدول الرئيسية للصكوك.
وفى سياق متصل، قالت وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيفات الائتمانية، إن إجمالى إصدارات الصكوك العالمية انخفض إلى 74.5 مليار دولار فى النصف الأول من عام 2022، مقارنة بـ93.3 مليار دولار خلال الفترة نفسها من عام 2021.
وأضافت الوكالة فى تقريرها أن انكماش السيولة العالمية وزيادة القيود الخاصة المتعلق بالمعايير التنظيمية وانخفاض الاحتياجات التمويلية ستعوق الإصدار لبقية العام الحالي، متوقعة أن تستمر إصدارات الحكومات بالعملة المحلية فى دعم تطوير أسواق رأس المال المحلية.
ورجحت أن يبلغ إجمالى الإصدارات نحو 130 مليار دولار فى عام 2022، لتخفض بذلك توقعاتها الأولية البالغة 150 مليار دولار عن العام الحالي، مقابل ما تم تحقيقه فى العام الماضى بإجمالى إصدارات بلغ 147.4 مليار دولار فى عام 2021،
أما وكالة فيتش للتصنيف الائتماني، فقالت إن إصدارات الصكوك العالمية فى الربع الثانى من عام 2022 انخفضت بنسبة %27.5 على أساس ربع سنوى إلى 52.8 مليار دولار، موضحة أن أكثر من %90 من الصكوك الحاصلة على تصنيف فيتش فى الربع الثانى كانت من فئة الاستثمار.
وبلغت قيمة الصكوك العالمية القائمة 734 مليار دولار فى الربع الثانى من العام الحالي، بزيادة قدرها %1.3 على أساس ربع سنوي، بينما انخفض إجمالى إصدارات الصكوك المقومة بالدولار الأمريكى من الأسواق الرئيسية بنسبة %17.2 فى الربع الثانى من 2022.
وأضافت أن انخفاض إصدارات الصكوك كان بوتيرة أقل من هبوط إصدارات السندات بنسبة %63.8 فى الربع الثانى من العام الحالي، بينما بلغت حصة الصكوك المتميزة %29.1 فى مزيج التمويل فى الأسواق الرئيسية فى الربع الثانى من العام الحالي.
ولفتت إلى أنه لا يزال غير واضح ما إذا كان إصدار الصكوك سيقدر على التعافى فى النصف الثانى من العام الحالي، بسبب ارتفاع أسعار النفط، ما يقلل من الاحتياجات التمويلية الجديدة للحكومات المصدرة للنفط، وعدم اتباع خطط التنويع فى التمويل، والتعقيدات المتعلقة بالامتثال للشريعة، والمخاطر الجيوسياسية، ورفع أسعار الفائدة.