تتوقع معظم البنوك العالمية مثل «سيتى جروب» الأمريكى و«HSBC» البريطانى ارتفاع الطلب على مستوى العالم على إلى حوالى 400 حتى 450 طنا خلال العام المقبل بعد هبوطه بنسبة %61 لينزل إلى 375 طنا هذا العام حتى الآن بالمقارنة مع العام الماضى بسبب تداعيات انتشار وباء فيروس كورونا الذى احتاج إلى مئات المليارات من الدولارات لدعم الاقتصادات المتعثرة ومواجهة الأزمة الصحية المميتة.
وعلى العكس من ذلك يتوقع سوكى كوبر محلل أسواق المعادن الثمينة فى بنك «ستاندرد شارترد» أن حجم مشتريات البنوك المركزية من الذهب ستبلغ 417 طنا هذا العام ولكنها ستقل إلى 400 طن العام المقبل على أمل أن يختفى وباء كورونا وتعاود أسعار البترول ارتفاعها ويزداد الطلب على الوقود ويتحسن نمو الاقتصاد العالمى.
وأعلن مجلس الذهب العالمى «WGC» أن الطلب على المعدن الأصفر هبط خلال الربع الماضى المنتهى 30 سبتمبر بأكثر من %19 بالمقارنة مع نفس الربع من العام الماضى ليسجل أدنى مستوى منذ عام 2009 مع تفاقم العدوى من مرض (كوفيد -19) الذى أصاب ما يقرب من 48 مليون حالة فى العالم ليقل طلب الهنود على شراء المجوهرات بحوالى %50 وكذلك ضعف طلب الصينيين وهما من أكثر المستهلكين للمعدن الأصفر فى العالم.
وذكرت وكالة «بلومبرج» أن حجم مبيعات البنوك المركزية العالمية من الذهب بلغ حوالى 12 طنا من الذهب خلال الربع الماضى بالمقارنة مع صافى مشتريات أكثر من 142 طنا من الذهب خلال نفس الربع من عام 2019 بقيادة روسيا التى باع بنكها المركزى خلال الشهور الثلاثة المنتهية 30 سبتمبر سبائك ذهبية لأول مرة منذ 13 عاما بينما اشترت البنوك المركزية على مستوى العالم أكثر من 660 طنا من الذهب خلال عام 2018 و670 طنا العام الماضى.
البنوك المركزية العالمية تملك 35 طن ذهب بقيمة تريليونى دولار قبل «كورونا»
وأعلن ريان جيانوتو مدير قسم البحوث فى صندوق جرانا يتشيرز الاستثمارى أن البنوك المركزية العالمية كانت تملك حوالى 35 طنا من الذهب بقيمة تريليونى دولار فى بداية العام قبل اندلاع وباء كورونا فى أنحاء العالم ولكن هذه الكمية تراجعت كثيرا حاليا مع التوقف النسبى لشراء الذهب واتجاه العديد من البنوك لبيع جزء من احتياطيها من المعدن النفيس
وترى لويز ستريت محللة أسواق المعادن الثمينة فى مجلس «WGC» أن وباء كورونا جعل البنوك المركزية العالمية تتجه للاعتماد على احتياطيها من الذهب بفضل ارتفاع أسعاره لتوفير التدابير المالية لمواجهة الأزمة الصحية التى انتشرت فى حوالى 200 دولة لدرجة أن البنك المركزى التركى باع 22.3 طن من الذهب خلال الربع الماضى وكذلك البنك المركزى الأوزبكستانى باع 34.9 طن لتنويع احتياطيه الأجنبى.
وأوضح بنك «سيتى جروب» أن توقعاته خلال العام الماضى لاتزال أقل بكثير من المستوى القياسى الذى وصلت إليه مشريات البنوك المركزية العالمية فى 2019 و2018 ولكن روسيا قد تعود لشراء الذهب خلال الربيع المقبل بينما ستعود الصين لإضافة الذهب لاحتياطيها بعد انتهاء الانتخابات الأمريكية والتوصل لحل للنزاع التجارى بين واشنطن وبكين.
أسعار الذهب تسجل أعلى مستوى فى أغسطس
وكانت أسعار الذهب قفزت فى أغسطس الماضى لأكثر من 2075 دولارا للأوقية لتسجل أعلى مستوى فى تاريخها ولكنها تراجعت منذ ذلك الحين إلى حوالى 1860 دولارا للأوقية مع نهاية أكتوبر فى أطول موجة انخفاض منذ أبريل 2019 .
وشهدت أسعار الذهب تراجعات حادة الأسبوع الماضى إذ خسر مكانته أمام الدولار كتحوط مفضل فى مواجهة مخاطر تفاقم وباء كورونا وتداعيات الانتخابات الرئاسية الأمريكية مع تأثر المعنويات سلبا بفعل عدم إحراز تقدم بشان حزمة تحفيز أمريكية جديدة لمواجهة الأزمة الصحية غير أن المعدن الأصفر الذى يعد تحوطا فى مواجهة التضخم وانخفاض العملة لايزال مرتفعا %24 تقريبا منذ بداية العام بفضل إجراءات تحفيز غير مسبوقة على مستوى العالم لمواجهة الوباء.
ورغم انخفاض الطلب على الذهب والمجوهرات هذا العام لاسيما من الصين والهند إلا أن طلب المستثمرين الدوليين الذين تدفقوا على شراء السبائك والعملات الذهبية قفز بحوالى %21 خلال الربع الماضى مما ساعد على ارتفاع أسعار الذهب، علاوة على أن إجمالى المعروض من الذهب العالمى تراجع بحوالى %3 خلال نفس الفترة بسبب إغلاق المناجم لأسابيع طويلة فى العديد من الدول المنتجة للمعدن الأصفر نتيجة تفشى العدوى من مرض (كوفيد -19) المميت الذى أدى إلى وفاة حوالى 1.2 مليون ضحية حتى الآن على مستوى العالم.
ومع ذلك فقد استفادت أسعار الذهب العالمية من تدفق صناديق المؤشرات على شراء السبائك الذهبية إذ يرى المستثمرون أن المعدن الأصفر أفضل ملاذ ضد وباء كورونا ليتفوق على العملات التى انخفضت قيمتها خلال العام الجارى حتى الآن لدرجة أن أسعار الذهب ارتفعت خلال الشهورالثلاثة حتى سبتمبر للفصل الثامن على التوالى.
وأدى تزايد الضغوط التمويلية المتعلقة بأزمة فيروس كورونا إلى اتجاه البنوك المركزية الكبرى فى العالم إلى بيع الذهب هذا العام للمرة الأولى منذ أكثر من 10 سنوات، لاسيما أن ارتفاع أسعار المعدن النفيس لمستويات قياسية خلال الشهور الماضية يساعد على توفير السيولة اللازمة لتخفيف التداعيات السلبية الناجمة عن الوباء.
مشتريات مجلس «WGC» من الذهب تتراجع %39 بالنصف الأول
وقال بيرنار دادا محلل أسواق السلع بشركة ناتيكسيس لأبحاث الأسواق المالية إن مشتريات مجلس الذهب العالمى «WGC « من الذهب هوت بحوالى %39 خلال النصف الأول من العام الحالى لتنزل إلى 233 طنا بالمقارنة مع نفس النصف من العام الماضى وحتى بنك الشعب الصينى (البنك المركزى) الذى اعتاد على شراء كميات ضخمة من الذهب خلال السنوات الماضية لم يعلن عن أى صفقة شراء جديدة هذا العام حتى نهاية أكتوبر.
وكانت مؤسسة «CPM جروب» لاستشارات أسواق السلع العالمية نشرت تقريرا فى شهر سبتمبر الماضى توقعت أن يصل حجم المشتريات الصافية للبنوك المركزية من الذهب طوال العام الجارى 325 طنا من الذهب بعد أن بلغ 260 طنا خلال الشهور السبعة الأولى هذا العام بالمقارنة مع 490 طنا خلال نفس الشهور من عام 2019.
وأكدت شوقية فان رئيسة علاقات البنوك المركزية العالمية بمجلس «WGC» أن كل بنك مركزى يحدد حصة الذهب المثالية التى يريد أن تكون فى احتياطيه وفقا لظروفه مما جعل بعض البنوك المركزية تقلص ما تحوزه من الذهب لأن نسبة السبائك الذهبية التى تملكها باتت عالية والأسعار أصبحت مرتفعة فالأفضل لها أن تبيع جزءا منها لتستفيد من تدفق السيولة النقدية عليها لتواجه التعثر الاقتصادى الناجم عن الأزمة الصحية علاوة على أنها تريد الاعتماد على بقية الاحتياطى الخالية من الذهب للحفاظ على استقرار العملة.
مشتريات البنوك المركزية العالمية من الذهب تنخفض40 %
وتراجعت مشتريات البنوك المركزية العالمية من الذهب بحوالى %40 خلال العام الجارى مع الارتفاع القياسى الذى بلغته أسعار المعدن النفيس الذى اتجهت إليه أموال المستثمرين باعتباره الملاذ الآمن وسط الأزمات ولاسيما الأزمة الصحية الناجمة عن فيروس كورونا الذى أعلنته منظمة الصحة العالمية وباء عالميا منذ مارس الماضى والذى انتشرت العدوى منه فى 200 دولة ما زالت الإصابات به تزادا يوما بعد يوم ولا يعرف أحد حتى الآن متى سيختفى أو سيتم ابتكار أمصال ولقاحات للوقاية منه أو أدوية لعلاجه.
وأكد مجلس WGC «» أن الذهب حقق تفوقا واضحا خلال العام الجارى حتى الآن مع ارتفاع أسعاره بحوالى 341 دولار أو ما يعادل %22 ليزداد من 1519 دولارا للأوقية فى بداية يناير إلى 1860 دولارا للأوقية مع نهاية شهر أكتوبر الماضى مع تفاقم حالات الوفاة والإصابة بفيروس كورونا فى جميع دول العالم تقريبا، لاسيما أمريكا الشمالية وأوروبا والهند والبرازيل.
وانتعشت أسعار المعدن الأصفر هذا العام ووصلت بالقيمة الدولارية إلى مستويات لم تشهدها الأسواق العالمية منذ عام 2012 وسجلت أرقاما قياسية أو قريبة منها بأسعار عملات أخرى لتحقق أعلى قيمة فى تاريخها بسبب تفشى فيروس كورونا الذى شجع الإقبال على أصول الملاذات الآمنة ليتوقع معظم المحللين فى المراكز البحثية استمرار صعود أسعار الذهب خلال الشهور المقبلة مع تفاقم المخاوف من ضخامة الإصابات من مرض كوفيد- 19.
وجاء فى قائمة مجلس «WGC» الصادرة فى بداية شهر نوفمبر الجارى أن الولايات المتحدة تتصدر دول العالم فى حجم الذهب الذى تملكه والذى يبلغ أكثر من 8,135 طنا وبعدها ألمانيا بحوالى 3,362 طنا ثم صندوق النقد الدولى الذى يحوز 2814 طنا.
وتحتل إيطاليا المركز الرابع على العالم بحوالى 2,452 طنا وفرنسا أكثر من 2,436 طنا ثم روسيا بحوالى 2,299 طنا وتليها الصين التى تملك 1,948 طنا لتظهر فى المركز السابع وبعدها سويسرا التى توقف احتياطيها من المعدن الأصفر عند 1,040 طنا.
وتملك اليابان 0,765 طنا من الذهب لتأتى فى المركز التاسع وبعدها الهند بحوالى 0,668 طنا رغم أنها أكبر مستهلك للمجوهرات الذهبية فى العالم وبعدها هولندا بأكثر 0,612 طنا وتركيا 561 طنا بينما يحوز البنك المركزى الأوروبى حوالى 0,505 أطنان من الذهب فقط .