محمد عبدالسند
أدى انهيار الثقة المتزايد بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين، القوتين الاقتصاديتين الأكبر في العالم، إلى تباطؤ التدفق النقدي الصيني إلى أمريكا، فيما هبطت استثمارات البلد الأكثر تعدادا للسكان في الالم بنحو 90% منذ وصول الرئيس دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في الـ 17 من يناير 2017.
وذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية أن الاستثمارات الصينية المتباطئة في أمريكا والتي يُلحظ أثرها في كافة جوانب الاقتصاد الأمريكي، تُعزى إلى التدقيق التنظيمي الصارم في الولايات المتحدة، ومناخ الأعمال الذي أصبح مواتيا بدرجة أقل للاستثمارات الصينية، ناهيك عن القيود الصارمة التي تفرضها بكين على الإنفاق الأجنبي.
وأوضحت الصحيفة أن تراجع وتيرة الاستثمارات الصينية في أمريكا أثر سلبا على عديد من الصناعات، وتشمل الشركات الناشئة في وداي السليكون، وسوق العقارات في منهاتن، وكذا حكومات الولايات التي قضت سنوات في جذب الاستثمارات الصينية، ما يسلط الضوء على بدء تفكك القوتين الاقتصاديتين في أعقاب سنوات من الاندماج المتزايد.
وقال إسوار براساد، الرئيس السابق لقسم الصين في صندوق النقد الدولي: ” حقيقة هبوط الاستثمارات الأجنبية المباشرة بصورة حادة، تعكس مدى تدهور العلاقة الاقتصادية بين واشنطن وبكين”.
وأضاف براساد: ” الولايات المتحدة الأمريكية لا تثق في الصينيين، والصين لا تثق في الأمريكيين”.
وتراجعت الاستثمارات الأجنبية المباشرة الصينية في الولايات المتحدة إلى ما إجمالي قيمته 5.4 مليارات دولار في العام 2018 من أعلى مستوياتها المسجلة في 2016 ( 46.5 مليار دولار)، بانخفاض نسبته 88%، بحسب الأرقام الصادرة عن مؤسسة “روديوم جروب،” المتخصصة في الأبحاث الاقتصادية.
وتشير الأرقام الأولية للاستثمارات التي ضختها الشركات الصينية، والخاصة بشهر أبريل الماضي، إلى زيادة متواضعة فقط عن العام الماضي، حيث بلغت قيمة الصفقات 2.8 مليارات دولار.
وفي هذا الصدد قال رود هنتر، المحامي في مؤسسة “بيكر ماكينزي” المتخصصة في إجراء المراجعات المتعلقة بالاستثمارات الأجنبية: ” بالتأكيد لمست حالة من القلق المتزايد في حواراتي مع المستثمرين، بشأن ما إزا كانت السوق الأمريكية لا تزال منفتحة”.
وتابع هنتر: ” هناك تأثير مرعب على المستثمرين الصينيين”.
ولفتت “نيويورك تايمز” إلى مجموعة من العوامل تضافرت على ما يبدو وتسببت في هبوط الاستثمارات الصينية في أمريكا، في مقدمتها تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي، والضوابط الرأسمالية الصارمة في الصين، ما زاد من صعوبة شراء المستثمرين الصينيين للسلع والمنتجات الصينية.
وعلاوة على ذلك أسهمت الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب على السلع الصينية، وكذا وضع لوائح التنظيمية للتدقيق في الاستثمارات الصينية، لاسيما تلك التي تضم مستثمرين صينيين، في تخويف الشركات في كلا البلدين.
ومنذ صيف العام الماضي تصاعدت حدة الحرب التجارية بين واشنطن وبكين بعد فرضت أن الأولى رسوم جمركية على البلد الآسيوي، ثم عاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بزيادة الرسوم المفروضة على السلع الصينية، وهو ما دفع الصين لاتخاذ إجراءات مماثلة.