نوال‭ ‬ضحية‭ ‬كرنفال‭ ‬الوطنى‭ ‬في‭ ‬موسم‭ ‬المبايعة

نوال‭ ‬ضحية‭ ‬كرنفال‭ ‬الوطنى‭ ‬في‭ ‬موسم‭ ‬المبايعة
حازم شريف

حازم شريف

10:39 ص, الأحد, 29 مايو 05

شاء‭ ‬القدر‭ ‬أن‭ ‬يتحول‭ ‬عام ‬2005‭ ‬، بفعل‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الأحداث‭ ‬المتعاقبة‭ ‬إلى‭ ‬موسم‭ ‬ساخن‭ ‬للنفاق‭ ‬السياسي‭!‬، أول‭ ‬هذه‭ ‬الأحداث،‭ ‬مطاحنات‭ ‬الإصلاح‭ ‬السياسي‭ ‬التي‭ ‬اندلعت‭ ‬بين‭ ‬الدولة‭ ‬بكل‭ ‬أجهزتها،‭ ‬والمعارضة‭ ‬بكل‭ ‬طوائفها‭ ‬من‭ ‬قوى‭ ‬سياسية،‭ ‬انضم‭ ‬إليها‭ ‬تباعاً‭ ‬شرائح‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬القضاة‭ ‬والصحفيين‭ ‬والمحامين‭ ‬والمهندسين‭ ‬وأعضاء‭ ‬هيئات‭ ‬التدريس‭ ‬بالجامعات‭.‬

وثانيها‭: ‬الاستفتاء‭ ‬على‭ ‬تعديل‭ ‬المادة‭ ‬76‭ ‬من‭ ‬الدستور،‭ ‬بحيث‭ ‬يتم‭ ‬اختيار‭ ‬الرئيس‭ ‬بالانتخاب‭ ‬المباشر‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬نظام‭ ‬الاستفتاء‭ ‬سيئ‭ ‬السمعة‭.‬

وثالثها‭: ‬دنو‭ ‬أجل‭ ‬قيادات‭ ‬المؤسسات‭ ‬الصحفية‭ ‬الحكومية‭ ‬في‭ ‬مواقعها،‭ ‬والحديث‭ ‬عن‭ ‬تغيير‭ ‬وشيك‭ ‬شامل‭ ‬بها،‭ ‬يدخل‭ ‬به‭ ‬النظام‭ ‬مرحلة‭ ‬جديدة،‭ ‬لا‭ ‬يعلم‭ ‬أحد‭ ‬طبيعتها،‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬سوف‭ ‬تسفر‭ ‬عنه‭ ‬من‭ ‬تغييرات‭ ‬في‭ ‬المجتمع،‭ ‬وفي‭ ‬النظام‭ ‬نفسه،‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬المتغيرات‭ ‬والضغوط‭ ‬الخارجية‭ ‬والداخلية‭.‬

ورابعها: ‬انعقاد‭ ‬الانتخابات‭ ‬الرئاسية‭ ‬ثم‭ ‬التشريعية‭ ‬في‭ ‬شهرى‭ ‬سبتمبر‭ ‬ونوفمبر،‭ ‬ويعقبهما‭ ‬تكليف‭ ‬الرئيس‭ ‬لمن‭ ‬يختاره‭ ‬بتشكيل‭ ‬الحكومة‭ ‬الجديدة‭.‬

تواتر‭ ‬هذه‭ ‬السلسلة‭ ‬من‭ ‬الأحداث،‭ ‬جعل‭ ‬من‭ ‬العام‭ ‬فرصة‭ ‬ذهبية ‭-‬أعتقد‭ ‬أنها‭ ‬محفوفة‭ ‬بالمخاطر-، ‬لكل‭ ‬الطامعين‭ ‬في‭ ‬القفز‭ ‬إلى‭ ‬منصب‭ ‬أو‭ ‬موقع‭ ‬أو‭ ‬مقعد‭ ‬جديد،‭ ‬وللحالمين‭ ‬‭‬بالتشبث‭ ‬بكراسيهم‭ ‬الحالية‭ ‬إلى‭ ‬أبد‭ ‬الآبدين‭.

‬ ولا‭ ‬عليك‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬تتأمل‭ ‬صور‭ ‬مسيرات‭ ‬وحافلات‭ ‬المبايعة،‭ ‬لتتأكد‭ ‬من‭ ‬ذلك، ‬فأنا‭ ‬استطيع‭ ‬أن‭ ‬أفهم‭ ‬مثلاً‭ ‬أن‭ ‬يخرج‭ ‬متظاهرون‭ ‬يحملون‭ ‬لافتات،‭ ‬تحمل‭ ‬عبارات‭ ‬التأييد‭ ‬للرئيس‭ ‬مبارك،‭ ‬ولكني‭ ‬أعجز‭ ‬عن‭ ‬فهم‭- ‬أو‭ ‬بعبارة‭ ‬أدق‭ ‬أفهم‭ ‬وأفضل‭ ‬أن‭ ‬أعمل‭ ‬فيها‭ ‬أهبل-، ‬أن‭ ‬يتجاور‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬العبارات‭ ‬لافتات‭ ‬أخرى،‭ ‬تحمل‭ ‬أسماء‭ ‬الأشخاص‭ ‬والوزارات‭ ‬والجهات،‭ ‬بل و‭ ‬إدارات‭ ‬داخل‭ ‬هذه‭ ‬الجهات،‭ ‬تعلن‭ ‬عن‭ ‬هوية‭ ‬المؤيدين‭ ‬والمبايعين،‭ ‬كي‭ ‬تسجلها‭ ‬الصور‭ ‬والكليبات‭ ‬على‭ ‬صفحات‭ ‬الجرائد‭ ‬وشاشات‭ ‬الفضائيات‭ ‬وسجلات‭ ‬الحزب‭ ‬والأجهزة‭ ‬الأمنية‭.‬

فهذا‭ ‬وزير‭ ‬الإعلام‭ ‬يقود‭ ‬مسيرة‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬‮«‬لحف‮»‬‭ ‬مبنى‭ ‬ماسبيرو،‭ ‬الذى‭ ‬يحكم‭ ‬سيطرته‭ ‬عليه،‭ ‬بيافطة‭ ‬تأييد‭ ‬عملاقة‭ ‬لا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬حجمها‭ ‬يستحق‭ ‬أن‭ ‬يسجل‭ ‬فى‭ ‬موسوعة‭ ‬جينس‭ ‬للأرقام‭ ‬القياسية،

‬ولك‭ ‬أن‭ ‬تلاحظ‭ ‬أن‭ ‬الوزير‭ ‬قد‭ ‬أطلق‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬نظمه‭ ‬‮«‬مسيرة‮»‬‭ ‬وليس‭ ‬‮«‬مظاهرة‮»‬،‭ ‬لأن‭ ‬اللفظ‭ ‬الأول‭ ‬يتناسب‭ ‬مع‭ ‬التأييد‭ ‬المطلق،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬الثانى‭ ‬له‭ ‬دلالة‭ ‬نسبية،‭ ‬توحى‭ ‬بتوافر‭ ‬بدائل،‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬الحال‭ ‬في‭ ‬النظم‭ ‬الديمقراطية‭ ‬القائمة‭ ‬على‭ ‬التعددية،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الملاحظة‭ ‬الأهم،‭ ‬هي‭ ‬تلك‭ ‬اليفط‭ ‬الفرعية‭ ‬التى‭ ‬تعج‭ ‬بها‭ ‬المسيرة،‭ ‬ويحمل‭ ‬كل‭ ‬منها‭ ‬اسما‭ ‬من‭ ‬أسماء‭ ‬القطاعات‭ ‬المختلفة‭ ‬بماسبيرو،‭ ‬كقطاع‭ ‬القنوات‭ ‬الفضائية،‭ ‬والتليفزيون،‭ ‬والأمن!.

الكل‭ ‬يريد‭ ‬إذن‭ ‬أن‭ ‬يدون،‭ ‬بل‭ ‬ربما‭ ‬لو‭ ‬استطاع،‭ ‬أن‭ ‬يحفر‭ ‬اسمه‭ ‬في‭ ‬الصورة‭.

‬ ولأن‭ ‬الكثيرين‭ ‬يؤمنون‭ ‬بمثل‭ ‬بسيط‭ ‬اخترعوه‭- ‬على‭ ‬غرار‭ ‬المثل‭ ‬الشهير‭ ‬القرش‭ ‬الأبيض‭ ‬ينفع‭ ‬فى‭ ‬اليوم‭ ‬الأسود-، ‬يقول‭: ‬النفاق‭ ‬الأسود‭ ‬ينفع‭ ‬في‭ ‬اليوم‭ ‬الأبيض، ‬يوم‭ ‬النصر،‭ ‬يوم‭ ‬جني‭ ‬الثمار،‭ ‬حين‭ ‬يتصدرون‭ ‬قوائم‭ ‬الأسماء‭ ‬التي‭ ‬وقع‭ ‬الاختيار‭ ‬عليها،‭ ‬فإنهم‭ ‬لم‭ ‬يتوانوا‭ ‬عن‭ ‬تشمير‭ ‬السواعد‭ ‬والأقلام‭ ‬والحناجر،‭ ‬لتثبيت‭ ‬وتوكيد‭ ‬الولاء،‭ ‬واندفعوا‭ ‬في‭ ‬مزايدة‭ ‬محمومة،‭ ‬لا‭ ‬يحدها‭ ‬سقف‭ ‬من‭ ‬وازع‭ ‬مهني‭ ‬أو‭ ‬أخلاقي‭!.

‬ فإذا‭ ‬قال‭ ‬الحزب‭ ‬لا‭ ‬تعديل‭ ‬في‭ ‬الدستور،‭ ‬برروا‭ ‬وفسروا‭ ‬وأكدوا‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الدستور‭ ‬بوضعه‭ ‬الحالي،‭ ‬يكفل‭ ‬الحريات‭ ‬ويجعلنا‭ ‬نعيش‭ ‬الديمقراطية‭ ‬في‭ ‬أزهى‭ ‬عصورها.

‭ ‬وإذا‭ ‬عاد‭ ‬الرئيس‭ ‬ليعدل‭ ‬الدستور،‭ ‬طبلوا‭ ‬وزمروا،‭ ‬وقالوا‭ ‬إنها‭ ‬خطوة‭ ‬تاريخية‭ ‬تدخل‭ ‬بنا‭ ‬إلى‭ ‬أزهى‭ ‬عصور‭ ‬الديمقراطية‭!‬.

باختصار‭ ‬نعم‭ ‬على‭ ‬أى‭ ‬شيء‭ ‬ولكل‭ ‬شيء،‭ ‬وعلى‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬يقول‭ ‬لا،‭ ‬أن‭ ‬يستعد‭ ‬لتلقي‭ ‬اتهامات،‭ ‬أقلها‭ ‬قصر‭ ‬النظر‭ ‬وصولاً‭ ‬إلى‭ ‬التبعية‭ ‬والعمالة‭!‬.

ووسط‭ ‬ذلك‭ ‬كله‭ ‬يخرج‭ ‬عليك‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الدكتور‭ ‬أحمد‭ ‬نظيف،‭ ‬بتصريحات‭ ‬صحفية‭ ‬لوسائل‭ ‬إعلام‭ ‬أجنبية،‭ ‬تبدو‭ ‬كالسباحة‭ ‬عكس‭ ‬التيارين‭- ‬تيار‭ ‬نفاق‭ ‬الوطني‭ ‬وتيار‭ ‬مطالب‭ ‬المعارضة-، ‬يقول‭ ‬فيها‭ ‬إن‭ ‬المجتمع‭ ‬المصري،‭ ‬لم‭ ‬ينضج‭ ‬بعد‭ ‬لممارسة‭ ‬الديمقراطية،‭ ‬لتسن‭ ‬عليه‭ ‬الصحف‭ ‬والأقلام‭ ‬السكاكين،‭ ‬وتتهمه‭ ‬هو‭ ‬شخصياً‭ ‬بأنه‭ ‬‮«‬نصف‭ ‬سوى‮»‬‭.

‬ والحقيقة‭ ‬أن‭ ‬الاختلاف‭ ‬بين‭ ‬شخص‭ ‬الدكتور‭ ‬نظيف،‭ ‬وبين‭ ‬قيادات‭ ‬الحرس‭ ‬القديم‭ ‬بالحزب‭ ‬الوطني،‭ ‬ككمال‭ ‬الشاذلي‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬يذكرني‭ ‬بخلاف‭ ‬طريف‭ ‬نشب‭ ‬بين‭ ‬صديقين،‭ ‬حول‭ ‬أسلم‭ ‬طريقة‭ ‬يتبعها‭ ‬المرء‭ ‬لخيانة‭ ‬زوجته.

‭ ‬ففي‭ ‬حين‭ ‬رأى‭ ‬أحدهما‭ ‬أن‭ ‬سياسة‭ ‬نصف‭ ‬الحقيقة‭ ‬تمثل‭ ‬الحل‭ ‬الأمثل،‭ ‬بمعنى‭ ‬أن‭ ‬يواجه‭ ‬شكوك‭ ‬زوجته‭ ‬الدائمة‭ ‬أو‭ ‬الطارئة‭ ‬بطعم‭ ‬صغير‭ ‬يحمل‭ ‬قدراً‭ ‬من‭ ‬الواقعية،‭ ‬فإذا‭ ‬ارتابت‭ ‬في‭ ‬علاقته‭ ‬بزميلة‭ ‬له‭ ‬في‭ ‬العمل،‭ ‬لا‭ ‬ينكر‭ ‬العلاقة،‭ ‬ولكنه‭ ‬يؤكد‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬الوقت،‭ ‬أنها‭ ‬مجرد‭ ‬علاقة‭ ‬زمالة‭ ‬أو‭ ‬صداقة‭- ‬والصداقة‭ ‬هذه‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬ضبطته‭ ‬متلبساً‭ ‬معها‭ ‬يحتسيان‭ ‬القهوة‭ ‬فى‭ ‬مكان‭ ‬عام-،‭ ‬وأنه‭ ‬حتى‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬ثمة‭ ‬إعجاب،‭ ‬فإنه‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬واحد‭ ‬هو‭ ‬الزميلة‭ ‬بالطبع.

‬فان‭ ‬الصديق‭ ‬الثاني، تتلخص‭ ‬نظريته‭ ‬في‭ ‬إنكار‭ ‬العلاقة‭ ‬من‭ ‬الأساس،‭ ‬حتى‭ ‬ولو‭ ‬ضبطته‭ ‬زوجته‭ ‬مع‭ ‬امرأة‭ ‬أخرى‭ ‬عاريين‭ ‬في‭ ‬الفراش،‭ ‬فإنه‭ ‬سوف‭ ‬ينكر،‭ ‬ويؤكد‭ ‬لها‭ ‬أن‭ ‬لم‭ ‬تر‭ ‬جيداً،‭ ‬وأنه‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬ثمة‭ ‬أحد‭ ‬بجواره،‭ ‬أو‭ ‬أنها‭ ‬كانت‭ ‬أخه،‭ ‬أو‭ ‬أمه،‭ ‬وإنهما‭ ‬بالطبع‭ ‬لم‭ ‬يكونا‭ ‬عاريين،‭ ‬بل‭ ‬هيأ‭ ‬لها‭ ‬الشيطان‭ ‬ذلك،‭ ‬بل‭ ‬لا‭ ‬يتوانى‭ ‬أن‭ ‬يعلن‭ ‬عن‭ ‬غضبه‭ ‬الشديد‭ ‬منها،‭ ‬لمجرد‭ ‬أنها‭ ‬شكت‭ ‬وفكرت‭ ‬ولو‭ ‬للحظة‭ ‬واحدة،‭ ‬أنه‭ ‬قد‭ ‬يقدم‭ ‬على‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬التصرف‭ ‬المشين!، ‬ولربما‭ ‬احتاج‭ ‬الأمر‭ ‬لأيام‭ ‬وأسابيع‭ ‬وشهور‭ ‬حتى‭ ‬يقبل‭ ‬منها‭ ‬توسلاتها،‭ ‬بأن‭ ‬يصفح‭ ‬عنها،‭ ‬لما‭ ‬انتابها‭ ‬حوله‭- ‬زورا‭ ‬وظلما- ‬من‭ ‬ظنون‭.‬

وهكذا‭ ‬فإن‭ ‬الدكتور‭ ‬نظيف‭ ‬بحكم‭ ‬طبيعة‭ ‬ثقافته،‭ ‬التى‭ ‬تأثرت‭ ‬بما‭ ‬رآه‭ ‬فى‭ ‬الغرب‭ ‬من‭ ‬ممارسات‭ ‬ديمقراطية‭ ‬من‭ ‬ناحية،‭ ‬وبحكم‭ ‬موقعه‭ ‬على‭ ‬رأس‭ ‬حكومة‭ ‬الوطني‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬أخري،‭ ‬يجد‭ ‬نفسه‭ ‬مضطراً‭ ‬لإتباع‭ ‬سياسة‭ ‬نصف‭ ‬الحقيقة،‭ ‬فهو‭ ‬لا‭ ‬يستطيع‭- ‬وربما‭ ‬قد‭ ‬يخجل‭ ‬من‭ ‬نفسه‭ ‬لو‭ ‬فعل-، ‬أن‭ ‬يدعي‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬ديمقراطية‭ ‬في‭ ‬مصر على النمط الغربي،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬يرجع‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬الظرف‭ ‬التاريخي،‭ ‬وعدم‭ ‬نضوج‭ ‬الشعب‭ ‬سياسياً،‭ ‬ولا‭ ‬مانع‭ ‬أن‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬عملية‭ ‬الإصلاح‭ ‬السياسي،‭ ‬قد‭ ‬بدأت‭ ‬منذ‭ ‬ثلاثين‭ ‬عاما!.

أما‭ ‬كمال‭ ‬الشاذلي‭ ‬القادم‭ ‬من‭ ‬قاع‭ ‬الاتحاد‭ ‬الاشتراكي،‭ ‬بكل‭ ‬تراثه‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يعرف‭ ‬سوى‭ ‬اللونين‭ ‬الأبيض‭ ‬والأسود،‭ ‬إما‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬وطنياً‭ ‬أو‭ ‬عميلاً،‭ ‬مع‭ ‬النظام‭ ‬أو‭ ‬ضده،‭ ‬فإنه‭ ‬من‭ ‬البديهي‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬من‭ ‬رواد‭ ‬مدرسة‭ ‬الانكار‭ ‬التام،‭ ‬وأن‭ ‬يؤكد‭ ‬طوال‭ ‬الوقت‭ ‬وعلى‭ ‬مدار‭ ‬العصور‭ ‬ومهما‭ ‬اختلف‭ ‬موقعه،‭ ‬أننا‭ ‬نعيش‭ ‬الديمقراطية‭ ‬في‭ ‬أزهى‭ ‬عصورها،‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يهتز‭ ‬أو‭ ‬يغمض‭ ‬له‭ ‬جفن‭ ‬أو‭ ‬يؤنبه‭ ‬وازع‭ ‬من‭ ‬ضمير،‭ ‬حتى‭ ‬ولو‭ ‬ضبط‭ ‬أعضاء‭ ‬الحزب‭ ‬وأجهزة‭ ‬الدولة‭ ‬متلبسين‭- ‬صوتا‭ ‬وصورة‭- ‬بتزوير‭ ‬الانتخابات‭ ‬وتسديد‭ ‬البطاقات‭ ‬وتنظيم‭ ‬المسيرات‭ ‬مقابل‭ ‬حفنة‭ ‬جنيهات‭ ‬وبعض‭ ‬الوجبات‭ ‬الغذائية‭!‬.

في‭ ‬صباح‭ ‬يوم‭ ‬الأربعاء‭ ‬الماضي،‭ ‬وصف‭ ‬الدكتور‭ ‬نظيف‭ ‬في‭ ‬تصريحات‭ ‬صحفية‭- ‬بعد‭ ‬إدلائه‭ ‬بصوته‭ ‬في‭ ‬الاستفتاء‭ ‬حول‭ ‬تعديل‭ ‬المادة‭ ‬76‭ ‬من‭ ‬الدستور- ‬الاستفتاء،‭ ‬بأنه‭ ‬نقلة‭ ‬لمرحلة‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬مراحل‭ ‬العمل‭ ‬السياسي،‭ ‬يستطيع‭ ‬فيها‭ ‬المواطن‭ ‬أن‭ ‬يشارك‭ ‬مشاركة‭ ‬إيجابية!.

بعدها‭ ‬بساعات،‭ ‬وعلى‭ ‬وجه‭ ‬الدقة‭ ‬في‭ ‬تمام‭ ‬الساعة‭ ‬الثانية‭ ‬ظهراً،‭ ‬كانت‭ ‬نوال‭ ‬علي‭ ‬محمد‭ ‬الصحفية‭ ‬بجريدة‭ ‬الجيل،‭ ‬تقترب‭ ‬من‭ ‬مبنى‭ ‬نقابة‭ ‬الصحفيين‭ ‬بشارع‭ ‬عبدالخالق‭ ‬ثروت‭ ‬بوسط‭ ‬المدينة،‭ ‬كما‭ ‬تعودت‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬اثنين‭ ‬وأربعاء،‭ ‬لتتلقى‭ ‬دروساً‭ ‬في‭ ‬كيفية‭ ‬استخدام‭ ‬الحاسب‭ ‬الآلي‭- ‬بالمصادفة‭ ‬هو‭ ‬نفس‭ ‬تخصص‭ ‬الدكتور‭ ‬نظيف-، ‬عبر‭ ‬الدورات‭ ‬التي‭ ‬تنظمها‭ ‬النقابة‭ ‬لأعضائها‭.‬

نوال‭ ‬ليست‭ ‬صحفية‭ ‬معارضة،‭ ‬ولا‭ ‬علاقة‭ ‬لها‭ ‬بحركة‭ ‬كفاية‭ ‬ولا‭ ‬الإخوان‭ ‬المسلمين،‭ ‬ولا‭ ‬حتى‭ ‬الحزب‭ ‬الوطني،‭ ‬امرأة‭ ‬عاملة‭ ‬عادية‭ ‬متزوجة،‭ ‬مثل‭ ‬أختك‭ ‬أو‭ ‬زوجتك‭ ‬أو‭ ‬ابنتك‭ ‬أو‭ ‬جارتك،‭ ‬لم‭ ‬يسبق‭ ‬لها‭ ‬أن‭ ‬خرجت‭ ‬في‭ ‬مظاهرة،‭ ‬أو‭ ‬كتبت‭ ‬منشوراً،‭ ‬أو‭ ‬شاركت‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬أو‭ ‬نشرة‭ ‬سرية،‭ ‬أو‭ ‬انضمت‭ ‬لجمعية‭ ‬نسائية‭ ‬أو‭ ‬نسوية‭.

‬ صحفية‭ ‬نعم،‭ ‬ولكنها‭ ‬من‭ ‬الأغلبية‭ ‬الصامتة‭ ‬الصامدة،‭ ‬تسعى‭ ‬لتحسين‭ ‬مهاراتها‭ ‬المهنية،‭ ‬ولديها‭ ‬قدر‭ ‬من‭ ‬الاعتزاز‭ ‬بنفسها‭ ‬وبمهنتها،‭ ‬ربما‭ ‬كان‭ ‬هو‭ ‬السبب‭- ‬للأسف-، ‬في‭ ‬أن‭ ‬تدخل‭ ‬فى‭ ‬محنة،‭ ‬وتمر‭ ‬بتجربة،‭ ‬ستظل‭ ‬محفورة‭ ‬في‭ ‬ذاكرتها،‭ ‬رغم‭ ‬المرحلة‭ ‬الجديدة،‭ ‬التي‭ ‬بشرها‭- ‬وبشرنا- ‬بها،‭ ‬الدكتور‭ ‬نظيف‭ ‬قبلها‭ ‬بساعات‭.

‬ اقتربت‭ ‬نوال‭ ‬من‭ ‬مبنى‭ ‬النقابة،‭ ‬كانت‭ ‬تعلم‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬مظاهرة‭ ‬لحركة‭ ‬كفاية،‭ ‬أمر‭ ‬اعتادت‭ ‬عليه،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يعوقها‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬عن‭ ‬الانتظام‭ ‬في‭ ‬دورات‭ ‬الكمبيوتر،‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬أيضاً‭ ‬مظاهرة‭ ‬مضادة‭ ‬للوطني،‭ ‬يشرف‭ ‬عليها‭ ‬أحد‭ ‬أعضاء‭ ‬الحزب‭ ‬من‭ ‬مدرسة‭ ‬الانكار‭ ‬التام، ‬الدكتور‭ ‬مجدى‭ ‬علام،‭ ‬رئيس‭ ‬قطاع‭ ‬القاهرة‭ ‬الكبرى‭ ‬والفيوم‭ ‬بوزارة‭ ‬البيئة،‭ ‬ورئيس‭ ‬لجنة‭ ‬المرافق‭ ‬وعضو‭ ‬أمانة‭ ‬السياسات‭ ‬بالحزب‭ ‬الوطني،‭ ‬ورئيس‭ ‬لجنة‭ ‬الاتصال‭ ‬السياسي‭ ‬بهيئة‭ ‬مكتب‭ ‬القاهرة،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬المناصب،‭ ‬لم‭ ‬تمنعه‭ ‬للمرة‭ ‬الثالثة‭ ‬من‭ ‬الزحف‭ ‬إلى‭ ‬نقابة‭ ‬الصحفيين‭ ‬ومعه‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬البلطجية،‭ ‬يتراوح‭ ‬أجر‭ ‬كل‭ ‬منهم‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬20‭ ‬و50‭ ‬جنيهاً‭ ‬في‭ ‬اليوم‭ ‬الواحد،‭ ‬وقد‭ ‬وضعوا‭ ‬جميعاً‭ ‬على‭ ‬صدورهم‭ ‬بادجات،‭ ‬كتب‭ ‬عليها،‭ ‬نعم‭ ‬لمبارك‭.. ‬مع‭ ‬تحيات‭ ‬مجدى‭ ‬علام‭!‬.

ولا‭ ‬داعي‭ ‬أن‭ ‬نظلم‭ ‬الرجل،‭ ‬فندعي‭ ‬أنه‭ ‬قد‭ ‬زحف‭ ‬مؤيداً‭ ‬ومهدداً‭ ‬المتظاهرين،‭ ‬طمعاً‭ ‬في‭ ‬شلوت‭ ‬إلى‭ ‬منصب‭ ‬أعلي،‭ ‬بل‭ ‬لعله‭ ‬قد‭ ‬جاء‭ ‬استجابة‭ ‬لولعه‭ ‬الشديد‭ ‬بالصحافة‭ ‬والإعلام،‭ ‬منذ‭ ‬أن‭ ‬شغل‭ ‬منصب‭ ‬مستشار‭ ‬الإعلام‭ ‬بجهاز‭ ‬شئون‭ ‬البيئة‭ ‬في‭ ‬منتصف‭ ‬التسعينيات‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭.‬

عندما‭ ‬اقتربت‭ ‬نوال‭ ‬من‭ ‬مبنى‭ ‬النقابة،‭ ‬اعترضها‭ ‬بعض‭ ‬أفراد‭ ‬الأمن‭ ‬المركزي،‭ ‬وطلبوا‭ ‬منها‭ ‬الرجوع‭ ‬دون‭ ‬إبداء‭ ‬أسباب، ‬وبعد‭ ‬شد‭ ‬وجذب‭ ‬لم‭ ‬يدم‭ ‬طويلاً،‭ ‬فعلت‭ ‬كما‭ ‬يفعل‭ ‬أي‭ ‬مواطن‭ ‬في‭ ‬موقف‭ ‬كهذا،‭ ‬طلبت‭ ‬منهم،‭ ‬أن‭ ‬تتحدث‭ ‬مع‭ ‬الضابط‭ ‬المسئول‭.‬

الحوار‭- ‬كما‭ ‬روته‭ ‬لي‭ ‬نوال- ‬مع‭ ‬الضابط‭ ‬الشاب‭ ‬بدوره‭ ‬لم‭ ‬يدم‭ ‬طويلاً‭
الضابط‭: ‬إلى‭ ‬أين‭ ‬أنت‭ ‬ذاهبة؟
نوال‭: ‬أنا‭ ‬صحفية‭ ‬وداخلة‭ ‬النقابة‭ ‬بتاعتي
الضابط‭: ‬ممنوع‭ ‬الدخول‬
نوال‭: ‬أنا‭ ‬عندى‭ ‬كورس‭ ‬كمبيوتر‬
الضابط‭: ‬بتوع‭ ‬كفاية‭ ‬جوا‭ ‬وبيضربوا، ‬ممنوع‭ ‬الدخول‭.

‬ ‮«‬لاحظ‭ ‬أن‭ ‬يوم‭ ‬الاستفتاء‭ ‬تحديداً‭ ‬شهد‭ ‬سحل‭ ‬المتظاهرين‭ ‬والمتظاهرات‭ ‬بمنتهى‭ ‬الوحشية‭ ‬على‭ ‬عكس‭ ‬الأسابيع‭ ‬الماضية،‭ ‬لعل‭ ‬هذه‭ ‬مرحلة‭ ‬المشاركة‭ ‬السياسية‭ ‬التى‭ ‬تحدث‭ ‬عنها‭ ‬نظيف‭ ‬فى‭ ‬الصباح‭!‬‮»‬.

نوال‭: ‬أنا‭ ‬مش‭ ‬جاية‭ ‬أتظاهر، ‬أنا‭ ‬جاية‭ ‬آخد‭ ‬كورس،‭ ‬وأنت‭ ‬ما‭ ‬تقدرش‭ ‬تمنعنى‭ ‬أخش‭ ‬النقابة‭ ‬بتاعتي‬
الضابط‭: ‬طيب‭ ‬خشي‭ ‬على‭ ‬مسئوليتك‭ ‬الخاصة‭!‬.

مشت‭ ‬نوال‭ ‬في‭ ‬هدوء،‭ ‬وقبل‭ ‬أن‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬السلم،‭ ‬لا‭ ‬حظت‭ ‬إشارة‭ ‬من‭ ‬أحد‭ ‬الأشخاص‭- ‬تبين‭ ‬أنه‭ ‬الدكتور‭ ‬علام‭ ‬فيما‭ ‬بعد‭- ‬إلى‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬البلطجية‭ ‬من‭ ‬أتباعه،‭ ‬أحاطوا‭ ‬بها،‭ ‬سرعت‭ ‬من‭ ‬خطواتها،‭ ‬محاولة‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬باب‭ ‬المبنى،‭ ‬لم‭ ‬تتخيل‭ ‬أن‭ ‬يمسها‭ ‬أحد،‭ ‬فقط‭ ‬تهويش‭ ‬ربما‭ ‬تخويف.

‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬تدري‭ ‬أن‭ ‬علام‭ ‬يطمع‭ ‬في‭ ‬منصب‭ ‬جديد،‭ ‬وأن‭ ‬بلطجيته‭ ‬يطمحون‭ ‬إلى‭ ‬زيادة‭ ‬اليومية،‭ ‬انقض‭ ‬عليها‭ ‬الوحوش،‭ ‬انكفت‭ ‬على‭ ‬وجهها،‭ ‬انكبوا‭ ‬عليها،‭ ‬لم‭ ‬يرحموها‭ ‬رغم‭ ‬ما‭ ‬أطلقته‭ ‬من‭ ‬صرخات‭ ‬استغاثة،‭ ‬مزقوا‭ ‬ملابسها،‭ ‬ظهر‭ ‬البلوزة،‭ ‬البنطلون‭ ‬الذي‭ ‬ترتديه،‭ ‬حملوها‭ ‬إلى‭ ‬الرصيف‭ ‬المجاور،‭ ‬بعدما‭ ‬سرقوا‭ ‬ما‭ ‬ترتديه‭ ‬من‭ ‬مشغولات‭ ‬ذهبية‭ ‬وشنطة‭ ‬يدها‭ ‬وتليفونها‭ ‬المحمول، ‬وهناك‭ ‬وجدت‭ ‬الضابط‭ ‬الشاب،‭ ‬هددها‭ ‬مرة‭ ‬أخري،‭ ‬وحاول‭ ‬أن‭ ‬يجبرها‭ ‬على‭ ‬ركوب‭ ‬سيارة‭ ‬أجرة‭ ‬والرحيل‭!‬.

كانت‭ ‬نوال‭ ‬لا‭ ‬تدرى‭ ‬إن‭ ‬كانت‭ ‬حية‭ ‬أو‭ ‬ميتة،‭ ‬في‭ ‬وعيها‭ ‬أم‭ ‬مغشياً‭ ‬عليها‭ ‬تحلم‭ ‬بما‭ ‬لم‭ ‬تتوقع‭ ‬يوماً‭ ‬أن‭ ‬يحدث‭ ‬لها، ‬اقترب‭ ‬منها‭ ‬زميلها‭ ‬الصحفى‭ ‬حسين‭ ‬متولي،‭ ‬خلع‭ ‬قميصه‭ ‬لتلف‭ ‬به‭ ‬نصفها‭ ‬الأسفل،‭ ‬وتجمع‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الصحفيين‭ ‬والمحامين‭ ‬من‭ ‬مبنى‭ ‬نقابة‭ ‬المحامين‭ ‬المتاخم‭.‬

في‭ ‬المساء‭ ‬اصطحبها‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬أعضاء‭ ‬مجلس‭ ‬النقابة‭ ‬من‭ ‬بينهم‭ ‬النقيب‭ ‬جلال‭ ‬عارف‭ ‬وسكرتير‭ ‬النقابة‭ ‬يحيى‭ ‬قلاش‭ ‬وممدوح‭ ‬الولي‭ ‬وصلاح‭ ‬عبدالمقصود‭ ‬ومحمد‭ ‬خراجة،‭ ‬يرافقهم‭ ‬خمسة‭ ‬من‭ ‬الشهود‭ ‬إلى‭ ‬قسم‭ ‬شرطة‭ ‬قصر‭ ‬النيل‭ ‬لتحرير‭ ‬محضر‭ ‬بواقعة‭ ‬الاعتداء‭ ‬الوحشي.

في‭ ‬اليوم‭ ‬التالي‭ ‬أصدر‭ ‬مجلس‭ ‬النقابة‭ ‬بياناً،‭ ‬حمل‭ ‬عنواناً‭ ‬شديد‭ ‬اللهجة‭ ‬‮«‬بيان‭ ‬غضب‭ ‬بشأن‭ ‬جريمة‭ ‬هتك‭ ‬العرض‮»،‬‭ ‬نددوا‭ ‬فيه‭ ‬بما‭ ‬تعرضت‭ ‬له‭ ‬نوال،‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الزميلات‭ ‬الصحفيات‭ ‬وغير‭ ‬الصحفيات،‭ ‬اللائي‭ ‬تعرضن‭ ‬لاعتداءات‭ ‬من‭ ‬عصابات‭ ‬البلطجية‭ ‬والمجرمين،‭ ‬وسط‭ ‬حماية‭ ‬جحافل‭ ‬هائلة‭ ‬من‭ ‬جنود‭ ‬وضباط‭ ‬الأمن‭ ‬المركزي‭.‬

الأمر‭ ‬المؤسف‭ ‬أن‭ ‬أغلب‭ ‬أعضاء‭ ‬المجلس‭ ‬وافقوا‭ ‬على‭ ‬البيان،‭ ‬بينما‭ ‬اختفى‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬الأستاذ‭ ‬إبراهيم‭ ‬حجازي‭ ‬والأستاذ‭ ‬رفعت‭ ‬رشاد‭ ‬رئيس‭ ‬التحرير‭ ‬السابق‭ ‬للجريدة‭ ‬التي‭ ‬يصدرها‭ ‬ويرأس‭ ‬مجلس‭ ‬إدارتها‭ ‬ابن‭ ‬الأستاذ‭ ‬كمال‭ ‬الشاذلي.

‭ ‬أما‭ ‬أحمد‭ ‬موسى‭ ‬عضو‭ ‬المجلس،‭ ‬والذي‭ ‬رشحته‭ ‬جهات‭ ‬أمنية‭ ‬مؤخراً‭ ‬لرئاسة‭ ‬إحدى‭ ‬مطبوعات‭ ‬جريدة‭ ‬الأهرام،‭ ‬فلم‭ ‬يكتف‭ ‬بالاختفاء،‭ ‬وإنما‭ ‬نشر‭ ‬أيضاً‭ ‬في‭ ‬اليوم‭ ‬التالي‭- ‬تدعيما‭ ‬لترشيحه‭- ‬في‭ ‬الصفحة‭ ‬التى‭ ‬يشرف‭ ‬عليها‭ ‬فى‭ ‬جريدة‭ ‬الأهرام‭ ‬تقريراً،‭ ‬لا‭ ‬يضاهيه‭ ‬فى‭ ‬تدنيه‭، ‬سوى‭ ‬مقال‭ ‬الأستاذ‭ ‬سمير‭ ‬رجب‭ ‬يوم‭ ‬الثلاثاء‭ ‬ال‬ماضي‭ ‬حول‭ ‬محاولة‭ ‬قتل‭ ‬الفنان‭ ‬عبدالعزيز‭ ‬مخيون‭.‬

تأملوا‭ ‬معى‭ ‬مدى‭ ‬الافتعال‭ ‬والركاكة‭ ‬فى‭ ‬تقرير‭ ‬موسي‭: ‬‮«‬أمام‭ ‬نقابة‭ ‬الصحفيين‭ ‬وضريح‭ ‬سعد‭ ‬زغلول‭ ‬تجمع‭ ‬نحو ‭ ‬700‭ ‬شخص‭ ‬من‭ ‬الحزب‭ ‬الوطني‭ ‬و80‭ ‬شخصاً‭ ‬من‭ ‬حركة‭ ‬كفاية،‭ ‬وتشابك‭ ‬الفريقان‭ ‬بتبادل‭ ‬العبارات،‭ ‬ووصل‭ ‬الأمر‭ ‬إلى‭ ‬التشابك‭ ‬بالأيدي،‭ ‬مما‭ ‬دفع‭ ‬إحدى‭ ‬المتظاهرات‭ ‬بتمزيق‭ ‬ملابسها‭- ‬لا‭ ‬نعرف‭ ‬لماذا‭ ‬ولاحظ‭ ‬الركاكة‭ ‬في‭ ‬استخدام‭ ‬حرف‭ ‬الجر‭ ‬ب‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬إلى-.

واستطرد موسى: ‬وأدعت -يقصد نوال-‭ ‬أن‭ ‬أحد‭ ‬المشاركين‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬المشاركين‭- ‬لاحظ‭ ‬الركاكة‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬عبارة‭ ‬المشاركين‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬المشاركين‭- ‬في‭ ‬الهتافات‭ ‬من‭ ‬الحزب‭ ‬الوطني‭ ‬قام‭ ‬بتمزيقها،‭ ‬فلم‭ ‬يكن‭ ‬أمام‭ ‬رجال‭ ‬الشرطة،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬اصطحبوها‭ ‬إلى‭ ‬قسم‭ ‬شرطة‭ ‬قصر‭ ‬النيل‭ ‬لتحرير‭ ‬محضر‭ ‬بذلك‭. ‬‮«‬يخرب‭ ‬بيت‭ ‬أم‭ ‬الاسفاف‭ ‬والركاكة‮»‬‭!‬.

صور‭ ‬الاعتداءات‭ ‬على‭ ‬نوال‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬النساء‭ ‬تناقلتها‭ ‬وكالات‭ ‬الأنباء‭ ‬العالمية‭ ‬مثل‭ ‬وكالة‭ ‬الأنباء‭ ‬الفرنسية،‭ ‬التي‭ ‬بثت‭ ‬صورة‭ ‬نشرتها‭ ‬صحيفة‭ ‬المصري‭ ‬اليوم‭ ‬فى‭ ‬صفحتها‭ ‬الأولى‭ ‬يوم‭ ‬الخميس‭ ‬الماضي،‭ ‬يقوم‭ ‬فيها‭ ‬بعض‭ ‬البلطجية،‭ ‬بمحاولة‭ ‬لخلع‭ ‬بلوزة‭ ‬إحدى‭ ‬المتظاهرات‭ ‬من‭ ‬حركة‭ ‬كفاية‭ ‬أثناء‭ ‬سحلهم‭ ‬لها‭.‬

بالمناسبة‭ ‬وجوه‭ ‬البلطجية‭ ‬واضحة‭ ‬جداً‭ ‬فى‭ ‬الصورة‭ ‬لمن‭ ‬يهمه‭ ‬الأمر‭.

أما‭ ‬صور‭ ‬نوال‭ ‬بعد‭ ‬الاعتداء‭ ‬عليها‭ ‬فتجدونها‭ ‬على‭ ‬موقع‭ ‬الواقع‭ ‬المصرى‭ ‬‮«‬www.misrdigital.co.uk.tt‭/‬‮»‬‭ ‬وكذلك‭ ‬الصحفية‭ ‬شيماء‭ ‬من‭ ‬جريدة‭ ‬الدستور،‭ ‬وصور‭ ‬بلطجية‭ ‬الوطنى‭ ‬أيضاً‭. ‬وهذه‭ ‬رسالة‭ ‬إلى‭ ‬الأخوة‭ ‬من‭ ‬أعضاء‭ ‬جماعة‭ ‬ا‭ ‬لإصلاح‭!‬.