يناقش مجلس النواب في جلسته العامة الأحد المقبل، برئاسة المستشار حنفي جبالي، تقرير اللجنة المشتركة من لجنة الشئون الدينية والأوقاف، ومكتبي لجنتي الشئون الدستورية والتشريعية، والخطة والموازنة عن مشروع قانون مقدم من الحكومة بشأن إنشاء “صندوق الوقف الخيري”.
وتقوم فلسفة مشروع قانون “صندوق الوقف الخيري” علي أن أولى المشرع الدستوري لأموال الوقف عناية خاصة، فقد نصت المادة (90) من الدستور على أن: ” تلتزم الدولة بتشجيع نظام الوقف الخيري لإقامة ورعاية المؤسسات العلمية، والثقافية، والصحية، والاجتماعية وغيرها، وتضمن استقلاله، وتدار شئونه وفقاً لشروط الواقف، وينظم القانون ذلك”.
ولما كان هناك العديد من الأدوات التشريعية “قوانين وقرارات” تنظم إدارة أموال الوقف، وصناديق النذور، واللجنة العليا للخدمات الإسلامية والاجتماعية وصندوق إعمار المساجد، وكل منها له حساب مستقل، فقد ارتُئِيَ إنشاء صندوق يضم فوائض حسابات الأنشطة المتعددة كافة، والخاصة بأموال الوقف وغيرها مما سبقت الإشارة إليه؛ لتكون تحت مظلة واحدة، وعليه فقد تم إعداد مشروع القانون المعروض للمساهمة في الحفاظ على أموال الوقف واستثماره وتنميته من خلال إنشاء صندوق لاستثمار الوقف الخيري، وفق أسس اقتصادية وعلمية سليمة تعيد للوقف دوره البارز في تنمية المجتمع.
وكشف تقرير اللجنة المشتركة الذي حصلت “المال” علي نسخة منه عن استطلاع اللجنة للرأي الشرعي للأزهر الشريف في مواد مشروع القانون المعروض، وبتاريخ 2 من يوليو 2020 وأفاد الأزهر الشريف كتابةً أن مواد مشروع القانون ليس فيها ما يخالف مبادئ الشريعة الإسلامية وأحكامها.
وذكر التقرير البرلماني أن اللجنة اطلعت على مشروع القانون المعروض ومذكرته الإيضاحية واستعادت نظر الدستور، وقانون اللائحة الداخلية للمجلس، رأى مجلس الشيوخ في شأنه.
وأشار التقرير البرلماني إلى تعريف الوقف الخيرى بأنّه باب من أبواب الخير، وقربة عظيمة إلى الله – عزّ وجلّ- دلّت عليها الآيات والأحاديث النبوية، وهو شكل من أشكال الصدقة الجارية التي يؤجر عليها العبد في حياته وبعد مماته، ووردت تعريفات كثيرة تشتمل على معنى الوقف في الإسلام، ويأتي ذكرها لغةً واصطلاحًا، والوقف لغةً هو مصدر الفعل وقف، والجمع أوقاف وأصل الوقف: هو الحبس والمنع، ويقال: وقفت الدار وقفًا أي حبستها في سبيل الله، ويقصد بالوقف الخيرى ما يُصرف ريعه ومنافعه على جهة خيرية؛ لسدّ حاجات المجتمع الأساسية من تعليم وصحة وكساء وشراب ومسكن وغيرها من أساسيات الحياة الكريمة، فالأموال الوقفية بمختلف أنواعها محبوسة أصلاً لتقديم خدمات مهمة لجمهور الناس، ولم يقتصر الأمر على هذا الحد بل أُوقِفَتْ أموالٌ على إطعام الحيوانات.
واستُحدثت صيغ جديدة لاستثمار أموال الوقف لم تكن موجودة في صدر الدولة الإسلامية، منها: المشاركة المنتهية بالتمليك، والإجارة المنتهية بالتمليك، والاستصناع الموازي، والمساهمات في رؤوس أموال الشركات كالأسهم والصكوك وسندات المقارضة، والاستثمار لدى المؤسسات والمصارف والصناديق الاستثمارية المختلفة، وصناديق الوقف الخيرى والاستثمار الخيرى، وقد عُرضت هذه الصيغ على مجامع الفقه الإسلامي فأجازتها ووضعت لها الضوابط الشرعية التي تحكم التعامل معها، والتي تحتاج إلى صياغتها في شكل دليل شرعي لتكون مرشداً في التطبيق العملي.
كما تجدد الاهتمام مرة أخرى بالوقف في ظل الظروف والأوضاع الراهنة التي تمر بها الأمة الإسلامية في هذا العصر، وتركز البحث حول أفضل السبل لاستثمار أموال الوقف، ومضاعفة الاستفادة من خيراته، ولفت التقرير إلى الملامح الأساسية لمشروع القانون المعروض والتي تضمنت الآتي:
جاء مشروع القانون المعروض في اثنتي عشرة مادة بخلاف مادة النشر، على النحو التالي:
– قضت المادة (1) بإنشاء صندوق يسمى (صندوق الوقف الخيري)، يتمتع بالشخصية الاعتبارية ويتبع رئيس مجلس الوزراء، مقره مدينة القاهرة، وله أن ينشئ فروعاً أخرى في جميع أنحاء الجمهورية.
– أوضحت المادة (2) أن الصندوق يهدف إلى تشجيع نظام الوقف الخيري من أجل إقامة المؤسسات العلمية والثقافية والصحية والاجتماعية ورعايتها ونشر الدعوة الإسلامية والمساهمة في تطوير العشوائيات.
– تناولت المادة (3) تشكيل مجلس إدارة الصندوق، ومدة العضوية، ومواعيد انعقاده.
– حددت المادة (4) اختصاصات مجلس إدارة الصندوق، برسم السياسة العامة لإدارة واستثمار أمواله على النحو الذي يحقق أهدافه ووضع الهيكل التنظيمي والإداري للصندوق والأغراض التي أُنشئ من أجلها.
– نظمت المادة (5) القواعد المتعلقة بانعقاد مجلس إدارة الصندوق، وآلية إصدار قراراته.
– حددت المادة (7) آلية تعيين المدير التنفيذي للصندوق ومدة عمله واختصاصاته.
– حددت المادة (8) موارد الصندوق.
– أوضحت المادة (9) أن للصندوق موازنة مستقلة، كما نظمت آلية الإيداع والصرف من الحساب الخاص به.
– أعفت المادة (10) جميع أموال الصندوق وعوائده من جميع أنواع الضرائب والرسوم المفروضة حالياً أو التي تُفرض مستقبلاً.
– بينت المادة (11) أن أعضاء مجلس إدارة الصندوق والعاملين به في حكم الموظفين العموميين في تطبيق أحكام البابين الثالث والرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات، وأن أموال الصندوق أموال عامة في تطبيق أحكام الباب الرابع منه، ولإدارة الصندوق حق توقيع الحجز الإداري لاستيفاء مستحقات الصندوق.
– ألزمت المادة (12) وزير الأوقاف بإصدار اللائحة التنفيذية لهذا القانون خلال ثلاثة أشهر من تاريخ العمل به.
وادخلت اللجنة عدة تعديلات علي مشروع قانون صندوق الوقف الخيري والتي شملت تعديل القانون رقم 80 لسنة 1971 بإنشاء هيئة الأوقاف المصرية والذي تم إلغاءه بالقانون رقم 209 لسنة 2020، بإعادة تنظيم هيئة الأوقاف المصرية، وقانون البنك المركزى والجهاز المصرفي والنقد الصادر بالقانون رقم 88 لسنة 2003، الذي ألغى بالقانون رقم 194 لسنة 2020، بإصدار قانون البنك المركزى والجهاز المصرفي.
كما عدلت اللجنة اسم مشروع القانون بشأن “إنشاء صندوق الوقف الخيري” ليُصبح: مشروع قانون بشأن “إنشاء صندوق الاستثمار الخيري بوزارة الأوقاف”، وذلك لضمان حسن استثمار أموال الوقف وتنميتها، وتعظيم الاستفادة منها.
مواد مشروع قانون ” صندوق الوقف الخيري”:
مادة (1):
– تم استبدال عبارة (صندوق الاستثمار الخيري بوزارة الأوقاف يكون) بعبارة (صندوق الوقف الخيري تكون) الواردة بصدر المادة، تمشياً مع تعديل مسمى مشروع القانون، وتم استبدال كلمة (فروعاً) بكلمة (فروع) الواردة عقب كلمة (ينشئ) للضبط اللغوي.
مادة (2):
– تمت إضافة كلمة (ودعم) عقب كلمة (تشجيع) الواردة في الفقرة الأولى، لضبط الصياغة التشريعية، كما تمت إضافة كلمة (الاستثمار) عقب كلمة (نظام) الواردة في الفقرة الأولى، تمشياً مع تعديل مسمى مشروع القانون.
– تمت إضافة عبارة (وغيرها من أعمال البر، ومنها) كما وردت في رأى مجلس الشيوخ في نهاية الفقرة الأولى من المادة.
– تم استبدال كلمة (تسهم) بكلمة (تساهم) الواردة في البند (2)، للضبط اللغوي.
– تم استبدال كلمة (المُشَرَّدِين) بكلمة (المتشردين) الواردة في عَجُزِ البند (4)، للضبط اللغوي.
– تم استحداث بند برقم (5) ينص على: “المساهمة في الحالات الأولَى بالرعاية ويصدر بتحديدها قرار من مجلس إدارة الصندوق بناءً على عرض وزير الأوقاف بصفته”، توسعة في أهداف الصندوق، ومد مظلة الصندوق على الحالات الأولَى بالرعاية.
– تمت إضافة عبارة (وأحكام القانون) عقب كلمة (الواقفين) الواردة في عَجُزِ الفقرة الأخيرة، لضبط الصياغة التشريعية.
مادة (3):
– تم استبدال كلمة (عضوان) بجملة (ثلاثة أعضاء) الواردة في صدر البند (2)، اكتفاءً بعضوين يمثلان الخبرة الاقتصادية في مجلس الإدارة، كما تم استبدال عبارة (يرشحهما) بعبارة (يرشحهم)، الواردة في البند (2)، لضبط الصياغة.
– كما تمت إعادة صياغة البند رقم (3) ليصبح نصه: “عضوان يرشحهما وزير الأوقاف”، لحسن تمثيل وزارة الأوقاف بمجلس إدارة الصندوق.
– تم حذف عبارة (السيد المستشار) الواردة عقب عبارة (يرشحه) في البند (4)، لضبط الصياغة التشريعية، وتم استبدال الشبه جملة (بموافقة) بعبارة (ويختاره) الواردة بالبند (4)، لضبط الصياغة التشريعية.
– كما تم استبدال كلمة (المختص) بكلمة (الخاص) الواردة بالبند (4)، لأن المجلس الخاص بالجهات والهيئات القضائية هو المنوط به الترشيح.
– تم ضبط كلمة (الْمَحَافِظِ) الواردة في البند رقم (5) بالتشكيل حتى لا يحدث لبسُ عند قراءتها، لضبط الصياغة.
قامت اللجنة بحذف البندين اللذين قد استحدثتهما في اجتماع سابق:
– عضو يرشحه وزير المالية.
– عضو يرشحه وزير التخطيط والتنمية الاقتصادية.
وبعد تعقيب السيد الدكتور/ وزير الأوقاف، وبعد إجراء التصويت عليهما، رأت اللجنة حذفهما لأن الغرض من هذا الصندوق خيرى، وليس من مصلحة الصندوق أن يزيد عدد أعضاء مجلس إدارته لتيسير الأعمال.
مادة (4):
– تم استبدال عبارة (على النحو الذي) بعبارة (على نحو ما) الواردة في الفقرة الأولى، للضبط اللغوي، كما تم استبدال كلمة (مناسباً) بكلمة (مناسب) الواردة في الفقرة الأولى، للضبط اللغوي.
– تم استبدال كلمة (وضع) بكلمة (رسم) الواردة في صدر البند (1)، لضبط الصياغة التشريعية.
– تم إضافة عبارة (لإدارة أموال الصندوق واستثمارها) بدلاً من عبارة (لإدارة واستثمار أموال الصندوق)، لأن الغرض هو استثمار هذه الأموال.
– كما تم استبدال عبارة (الشرعية والاقتصادية) بكلمة (الاقتصادية) الواردة في البند (1)، لضبط الصياغة التشريعية.
– تم استبدال عبارة (موازنة الصندوق) بعبارة (الموازنة) الواردة في البند (4).
– تم حذف حرف الجر (الباء) المتصل بكلمة (الصندوق) في البند (5)، للضبط اللغوي.
– تم إضافة البند (7) في عَجُز المادة كما وردت في رأى مجلس الشيوخ.
• مادة (5):
– تم استبدال (أو) ب (و) الواردة بالفقرة الأولى من المادة، للضبط اللغوي.
• مادة (6):
– تم حذف عبارة (ناظراً للوقف) الواردة عقب كلمة (بصفته)، لأنه من المقرر قانوناً أن وزير الأوقاف هو ناظر الوقف، ولا حاجة للنص على ذلك في مشروع هذا القانون.
• مادة (7):
– تم استبدال عبارة (وإعفائه) بعبارة (وإعفاءه) الواردة في صدر الفقرة الأولى، للضبط اللغوي، كما تمت إضافة عبارة (مع مراعاة الحد الأقصى للأجور) بعد عبارة (وزير الأوقاف) في الفقرة الأولى، تمشياً مع أحكام قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 63 لسنة 2014 بشأن الحد الأقصى للدخول للعاملين بأجر لدى أجهزة الدولة.
– كما تم استبدال كلمة (صلته) بكلمة (صلاته) الواردة في الفقرة الثانية من المادة، للضبط اللغوي، كما تم استبدال كلمة (مسؤولاً) بكلمة (مسئول) الواردة في الفقرة الثانية من المادة، للضبط اللغوي.
• مادة (8):
– تمت إضافة عبارة (القائمة في نهاية السنة المالية) عقب كلمة (المساجد) الواردة في عَجُزِ البند (1)، لضبط الصياغة التشريعية.
– كما تمت إضافة عبارة (القائمة في نهاية السنة المالية) عقب كلمة (أغراضه) الواردة في عَجُزِ البند (2)، لضبط الصياغة التشريعية.
– تمت إضافة عبارة (فيما لا يتعارض مع أحكام الشريعة) عقب كلمة (الجمهورية) الواردة في عَجُزِ البند (4)، لضبط الصياغة التشريعية.
• مادة (9):
– تم استبدال عبارة (الخاضعة لإشراف ورقابة البنك المركزي المصري) بكلمة (المصرية) الواردة بالمادة، كما ورد في رأى مجلس الشيوخ؛ لقصر إيداع أموال الصندوق في البنوك الخاضعة لإشراف ورقابة البنك المركزي، بما يوفر الحماية لحقوق المودعين، كما تمت إضافة عبارة (طبقاً للائحته التنفيذية) في عَجُزِ المادة، لضبط الصياغة التشريعية.
مادة (10):
– تم إضافة العبارة التالية في عَجُز المادة وهى (مع عدم الإخلال بأحكام القانون رقم (182) لسنة 2020).
– تم استبدال عبارة (يتمتع الصندوق بكافة الحوافز والمزايا المقررة بالقوانين واللوائح وتعفى أمواله وعوائده) بعبارة (تعفى أموال وعوائد الصندوق) الواردة في صدر المادة، لضبط الصياغة التشريعية.
– تمت إضافة عبارة (أو أية مبالغ تفرضها الدولة بمقتضى القوانين واللوائح والقرارات) عقب عبارة (أو التي تفرض مستقبلاً)، لضمان إعفاء أموال وعوائد الصندوق من الضرائب والرسوم في أية قوانين أو لوائح أو قرارات تصدرها الدولة بصفة عامة.
– كما تم استبدال كلمة (الموجهة) بكلمة (الموجه) الواردة بالمادة، للضبط اللغوي.
– تم حذف عبارة (على أن يكون الإعفاء في حدود أهدافه) الواردة في عَجُزِ المادة، لضبط الصياغة التشريعية.
مادة (11):
– تم استبدال كلمة (والعاملون) بكلمة (والعاملين) الواردة في صدر المادة، للضبط اللغوي، كما تم استبدال كلمة (لاستيفاء) بكلمة (لاستيداء) الواردة في عَجُزِ المادة، للضبط اللغوي.
رابعاً- رأى اللجنة المشتركة:
يُعدّ العمل الخيري في الإسلام من أهم الأعمال التي ترفع من شأن المسلم في حياته وبعد مماته، وهو أحد عناصر الفوز والفلاح، والزاد الحقيقي الذي ينفع الإنسان في دنياه وأخرته عملاً لقوله تعالى: ﴿وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ ().
ولما كانت قيمة إيرادات هيئة الأوقاف المصرية التراكمية قد تجاوزت مبلغ التريليون و546 مليار جنيه حتى العام المالي 2019/ 2020، في حين أن العائد من استثمار هذه الأموال ما زال لا يلبى الطموحات المتوقعة، وهو ما يستوجب إيجاد أدوات وآليات اقتصادية لاستثمار أموال الوقف الهائلة، بما يعظم من عوائد هذه الأموال وتنميتها، الأمر الذي سينعكس أثره الإيجابي على المستفيدين من أموال الوقف وخدماته بصفة خاصة، وعلى المجتمع بصفة عامة.
و جاء مشروع القانون المعروض كخطوة ضرورية لحسن استثمار أموال الوقف وتنميتها، استناداً إلى الأسس المالية والاقتصادية اللازمة في هذا المضمار.
للاطلاع علي النسخة الكاملة لتقرير مشروع قانون صندوق الوقف الخيري :