اهتمت زيارة الرئيس المصرى أثناء لقائه الصحفى بنظيره الفرنسى 7 ديسمبر الحالى بالسجال بينهما فيما تنشغل به كل من الأدبيات الإنسانية والدينية.. حول اعتبارات أسبقية أحدهما عن سواها فى الضمير العالمى، ذلك فيما يغض المجتمع السياسى للعالم الحر فى نصف الكرة الغربى – البصر- بل ويساعد ولو بالصمت على «جرائم إنسانية» يرتكبها اليمين الصهيونى جهاراً نهاراً على مدار سنين وعقود لما يقارب الإبادة العنصرية لشعب فلسطين.. بدعاوى «اعتبارات دينية» يضفون القداسة التاريخية السياسية على أساطيرها غير الواقعية، ما بين الكيل بمكيالين، وعبر الجلوس على مقعدين فى آن، ويمسكون من فوقهما بسيوف ذات حدّين، ذلك من دون أن يطرف جفن لأحد من طرفى الصفقة الملتبسة بين الرأسمالية الاحتكارية الغربية.. والصهيونية الدولية طوال القرن المنصرم، سواء بسواء على الصعيد الدينى أو الإنسانى، إلا من أصوات موضوعية ليست غير محدودة بالمطلق تدفع بثقلها السياسى والإعلامى للكف عن الفلسطينيين شرورا حقيقية الصهيونية الحالمة بالهيمنة على المنطقة العربية، ما يمثل رواسب للضغائن المشتعلة بين حين وآخر بين العالمين الإسلامى والغربى، لا ترقى أدبياتهما التعصبية مهما اشتدت بينهما فى الزمان الحالي.. مبلغ التعصب الكاثوليكى فى العصور الوسطى حتى القرن 17.. وقت أن كان قطع الرؤوس تحت المقصلة.. عقوبة الاستهزاء بالمقدسات المسيحية، ذلك قبل ثلاث ثورات.. علمية وفلسفية وتنويرية- وإن ميزت العالم المسيحى الأوروبى عقلانيا غير غيبيّ إلا أنها عمقت التفاوت التاريخى بين العالم العربى الإسلامى والغربى، ما زاد من صعوبة إحلال التفسير التنويرى على الغرار الأوروبي.. فى العالم الإسلامى بين عشية وضحاها، ناهيك عن تسلل الغايات العليا للمشروع الصهيونى بينهما لتعميق شقة خلافاتهما الدينية والإنسانية، الأمر الذى لم يغِب توظيفه عن سيطرة وسائل الإعلام الصهيونى فى الغرب، وعلى النحو المشهود فى السنوات الأخيرة حتى اليوم، ليست بمنأى عن عمليات إرهابية على يد متشددين إسلاميين تنال من أبرياء فى العواصم والمدن الكبرى الغربية، ناهيك عن ضغوط وتأثير كل من اليمين الشعبوى الذى يجتاح العالم الغربي.. متحالفاً مع اليمين التوراتى الذى يحكم إسرائيل بلا انقطاع تقريباً منذ العام 1977 ومن دون استثناء – ثالثاً- العضو التركى فى حلف «ناتو» الذى يحاول من سنوات إطلاق مشروع للتأسلم السياسى، خليطا من «العثمانية»- سيئة السمعة فى التاريخ الأوروبى- ومن «الإخوانية» السياسية التى يتفرع من تحت عباءتها الأيديولوجية تنظيمات متطرفة تشيع الإرهاب فى جميع أرجاء العالمين العربى والغربى بسيان، ما يدفع الرئيس الفرنسى مؤخراً للقول – كغيره من المثقفين العرب- إن الإسلام «مأزوم عالمياً».. وليس فقط فرنسيَا، الأمر الذى تلقفته وسائل إعلام إقليمية من قطر وتركيا وجماعات الإسلام المسيّسة.. لصب المزيد من الزيت على النار، وبهدف مرجح لفض عُرى التعاون الفعال للعلاقات الفرنسية- العربية، ومع مصر بصفة خاصة، إلا من مبادرة الرئيس المصرى لمحاولة نزع فتائل الانفجار أثناء زيارته الأخيرة – كأول حاكم عربى إسلامى- إلى باريس فى ظلال الأزمة المشتعلة بينهما منذ أسابيع، خاصة أن لفرنسا إبان الجمهورية الخامسة 1958، سياسة ميزتها عن القوى الغربية الأخرى، أفضت إلى مواقف متقدمة اقتربت من المواقف العربية، إذ يهددها بالتراجع ذلك الاستقطاب المجتمعى والسياسى الحاصل بين الرأى العام فى البلدين، وما يسفر عنه من سجال حول الأولوية بين الاعتبارات الدينية لعدم المساس بالمقدسات، وبين الاعتبارات الإنسانية المتصلة بحرية التعبير، وبهدف البلوغ إلى تسويات تعالج التفاوت التاريخى بينهما، ربما يحول عن العالم العربى مخاطر مشروعات توسعية لجاراته غير العربيات، إذ عندئذ فقط يمكن التوفيق بين ممارسات الماضي.. والتطلع للمستقبل.
End of current post