كشف عدد من قيادات شركات التأمين العاملة فى السوق عن مخاطر نقص الكوادر المدربة وذوى الخبرات الحيوية اللازمة لنمو السوق على أسس علمية ومنهجية سليمة فى ظل تزايد عدد وحدات التأمين المرخص لها بالمزاولة مؤخرا بالحياة والممتلكات مما رفع من مستوى الطلب على الوظائف الحيوية بالشركات، علاوة على صعوبة تحقيق خططها بدون دراسة وافية من قبل عمالة مؤهلة فنيا وإداريا.
وأكدوا أن أزمة نقص الكفاءات بالشكل الذى يلبى متطلبات جميع شركات التأمين بالسوق راجع إلى ضآلة الميزانيات المخصصة للتدريب وقلة المزايا الممنوحة من بعض المؤسسات التى تحفز العمالة على الاستمرار، فضلا عن الخضوع لقانون العرض والطلب من الشركات الجديدة والذى أشعل المنافسة مؤخرا على كوادر التأمين.
وقال الدكتور أيمن الألفى العضو المنتدب لشركة «المصرية الإماراتية» لتأمينات الحياة التكافلى «Metlico» إن شركات التأمين المحلية لاتزال تواجه أزمة نقص الكوادر الفنية التى تحتاجها فى أقسام مختلفة منذ فترة طويلة، ويرجع ذلك إلى عدم انتباه بعض الوحدات لعنصر الكفاءات طالما أنها مستقرة ثم تبدأ بالاصطدام بأزمة عدم وجودهم عندما تبدأ السوق فى التوسع.
وأشار إلى أن تزايد الطلب على الكفاءات الفنية بالسوق من جانب شركات التأمين الجديدة بطبيعة الحال سيخلق أزمة لعدم وجود كوادر كافية تغطى احتياجات السوق مما ينعكس على بعض الوظائف الحيوية فى شركات التأمين ويرفع من أجور المتخصصين.
واعتبر أن تراجع وجود كفاءات فنية ذوى خبرات كبيرة يهدد إنتاجية شركات التأمين على أسس فنية خاصة وأنه من الممكن أن تحقق الشركة مستهدفاتها لكن بشكل غير احترافى.
الألفى: عدم انتباه البعض للفجوة أربك حساباته
وأكد أن الحل الجذرى لمثل هذه المشكلة الكبيرة هو تدريب كوادر الصفين الثانى والثالث بالشركة خاصة فى الوظائف المهمة والمؤثرة مثل الاكتتاب والتعويضات وإعادة التأمين علاوة على ضرورة توافر المؤهلات الدراسية والفنية فى هذا الشخص وفى ذات المكان الذى يعمل به وذلك كخطة خاصة للشركة لتفادى الارتباكات التى تواجهها الشركات عند انتقال أصحاب المناصب القيادية والفنية منها فجأة ودون سابق إنذار أو تجهيزات احترازية لحماية الشركة.
وطالب الألفى شركات التأمين برفع الميزانية المخصصة للتدريب لأنها ضرورة ولم تعد رفاهية نظرا لحساسية الظرف الذى يمر به القطاع فى الوقت الحالى، علاوة على ضرورة تكوين مجموعات عمل من مختلف إدارات الشركة وتدريبها بالداخل والخارج ومنع فكرة الرجل الواحد أو مركزية القرار ومحاولة إكساب هذه المجموعات الخبرات اللازمة لهم ودراسة أبعاد كل قرار وتفويض البعض منهم فى اتخاذ بعض القرارات تدريجيا بعد التأكد من المستوى الفنى لكل منهم.
وشدد على ضرورة توفير مجموعة من العوامل لعلاج أزمة نقص الكوارد الفنية المدربة وتفريخ كفاءات لاتقتصر فقط على النواحى المادية مثل تهيئة البيئة المحيطة للعامل لإنجاز مهامه بشكل راق وبصورة جاذبة ومحفزة من خلال توفير كل الوسائل المساعدة له فى العمل، بالإضافة إلى التعامل معه بثقة واحترام، علاوة على أنه ليس من الصحيح تدريب العامل بمقابل منه بجانب الاهتمام بعنصرى الأجور والبدلات والمنافع.
وأكد «الألفى» ضرورة ترسيخ مبدأ الانتماء لدى العاملين فى الشركة والحفاظ على الكوادر الموجودة بها عن طريق ما تقوم به بعض شركات التأمين وهو وضع مبلغ معين مشاركة منها للعامل فى وثيقة تأمين مدتها 7 أو 10 أو 15 عاما ذات قيم تصاعدية يتم منحها له كلما طالت مدة تواجده بالشركة.
ولفت إلى أن الحفاظ على الكوادر الفنية يبدأ من وعى المجتمع بأهمية التأمين والوظائف التى يقوم بها، علاوة على دور شركات التأمين فى تسويق نفسها أمام المجتمع وليس العملاء فقط بغرض جذبهم لجلب الأقساط التأمينية ولكن أن تكون للشركة علامة تجارية جاذبة للعمل بها هو الأهم أولا ثم إنتاجية الشركة.
وأشار إلى أن الرقابة المالية والاتحاد المصرى للتأمين ومعهد التأمين لهم دور مهم فى عمل برامج تدريبية للمهارات القيادية وإدارة المخاطر وغيرها، خاصة فى ظل عدم القدرة على فرض تخصيص ميزانية بعينها أو نسبة من الأرباح للتدريب لأنها تعود لسياسة كل شركة على حدة ومدى وعى الشركة وهو ما ينعكس بالإيجاب على الإنتاجية واستمرار الكوادر.
من ناحيته، قال وليد فارس رئيس قطاع الاكتتاب فى شركة «طوكيو مارين» جنرال تكافل مصر إن قطاع التأمين يعانى أزمة نقص الكوادر منذ فترة كبيرة وبدأ الأمر يزداد صعوبة مع تزايد عدد شركات التأمين مقارنة بقلة تدفق العمالة للقطاع مقارنة بالمقبلين على العمل بالبنوك وشركات البترول وغيرها من آلاف المؤسسات الإقتصادية المتنوعة.
وأشار إلى أن هناك عدة عوامل تشكل ظاهرة نقص الكوادر الفنية فى قطاع التأمين أهمها عدم قيام قطاع التأمين بالدور الكافى تجاه توعية المجتمع بأهميته كنشاط وجدوى العمل به للخريجين واستمراريتهم به خاصة فى المناطق الجغرافية النائية مثل الصعيد، حيث تعانى الشركات من الأزمة بنسبة %90 بخلاف القاهرة الكبرى والإسكندرية التى يبلغ فيها النقص %50.
وأضاف أنه من بين العوامل التى تسببت فى أزمة نقص الكوادر فى قطاع التأمين المنافسة الحادة بين الشركات الجديدة والحالية على استقطاب الكفاءات والخبرات بمرتبات كبيرة ومناصب قيادية مغرية بعد تدريبها فى المؤسسة التى كانت تتبعها، علاوة على مركزية القرار فى بعض شركات التأمين والتى تجعل لدى الكثير من الكفاءات المخاوف من الاستمرار فى مكان واحد.
وأوضح أن ضآلة ميزانية التدريب فى شركات التأمين مقارنة بالبنوك أو قطاعات أخرى على المدى الطويل تُظهر مدى قلة الكفاءات التى تلقت التدريبات والتى فى الغالب تكون ممنوحة لقيادات الصفين الأول والثانى لكن الأمر قد اختلف إلى حد ما بدخول الكثير من شركات التأمين الأجنبية متعددة الجنسيات والتى تقوم بتدريب كوادر الصفين الثانى والثالث حتى لو كانت بشروط مقيدة لهم إلى حد ما لضمان عدم الانتقال من شركة لأخرى لمدة 5 سنوات على سبيل المثال.
فارس : تراجع تدفق العمالة يفاقم المشكلة وترسيخ مبدأ الانتماء ضرورة
وأكد أن هناك عددا من الحلول متوسطة وطويلة الأجل يمكن بها معالجة أزمة نقص الكوادر التأمينية أهمها إلغاء مركزية القرار ومنح كوادر الصفين الثانى والثالث صلاحيات تدريجية والمتابعة المستمرة لهم لمعرفة إمكاناتهم الفنية والقيادية وتصحيح الخطأ أولا بأول ودعم القرارات السليمة على الفور المتخذة لصالح الشركة.
ولفت إلى ضرورة مضاعفة شركات التأمين لميزانية التدريب داخلها لجميع العاملين والاهتمام بالموظف ومنحه صلاحيات لخلق جيل قيادى جديد ومحاولة خلق الانتماء الذى يعد كلمة السر فى بقاء الكوادر الفنية الجيدة.
وتابع أن التغيير سنة الحياة ولابد للكوادر من الانتقال من مكان إلى آخر خاصة وأن أزمة النقص ليست بسبب الأجور ولكن بسبب الانتماء وقلة المنافع أو اختلافها بمعنى أدق من مكان إلى آخر مما يدفع الكثيرين إلى تغيير مكانهم من شركة لأخرى بهدف الحصول على مايؤمن مستقبلهم و مستقبل أولادهم.
وطالب فارس شركات التأمين بوضع خطة بديلة لنقص الكوادر والكفاءات الفنية تتضمن تعيينات بشكل زائد عن حاجتها خاصة فى الإدارات التى لو أصبح بها مكان شاغر بشكل مفاجئ يتسبب فى مشكلة كبيرة مثل الاكتتاب وإعادة التأمين والتعويضات وتدريبهم على أعلى مستوى لضمان عدم وجود قصور مستقبلى فى هذه الجزئية.
وشدد على ضرورة تبنى الشركات فكرة عمل وثيقة تأمين قصيرة ومتوسطة وطويلة الأجل تمنح كل منها مبلغ تأمين للكادر كلما طالت مدة عمله بالشركة بخلاف الاهتمام به وبالعوامل النفسية التى تؤثر فيه وتوفر له بيئة عمل محيطة جيدة وصحية .
وبدوره، اعترف مصطفى أبو العزم القائم بأعمال العضو المنتدب للجمعية «المصرية للتأمين التعاونى» أن هناك فجوة فى الكوادر التأمينية لتزايد عدد شركات التأمين الجديدة وطلبها كوادر لبناء هيكلها الإدارى والتنظيمى مما يرفع من معدلات الطلب على الكفاءات معتبرا إياها ظاهرة صحية طالما أن السوق تتوسع.
وأضاف أنه بالرغم من توسع السوق أفقيا فإنها فى حاجة إلى رفع المستوى الفنى لكافة العاملين بها وخاصة إدارات التأمين الحيوية مثل الإصدار والتعويضات وكافة المديرين ونوابهم علاوة على تدريب كوادر صف ثالث احتياطيا لتفادى صدمات السوق التى وصفها بالطبيعية والمتكررة .
أبو العزم : ضعف ميزانية التدريب وقلة المنافع تهدد الاستمرارية
وأكد أن أزمة نقص الكوادر ترجع لسببين أساسين الأول : ضعف ميزانية التدريب بالشركات والتى يجب مضاعفتها، علاوة على ضرورة الإسراع بوتيرة الترقى للعاملين الذين مر على تواجدهم فى إدارات بعينها مدة طويلة كنوع من الثقة والاحترام لقدرات العاملين بها، فضلا عن عدم الاستهانة بالكوادر الشابة التى لابد من استثمارها .
وشدد على التمسك بالكفاءات بالشركات لأن النمو الحقيقى بها هو نمو المستوى الفنى الذى يتبعه النمو المالى أما نمو الأخير دون فنيات فإنذار بكارثة لاتحمد عقباها.
ولفت إلى أن مشكلة نقص الكوادر الفنية فى قطاع التأمين تتطلب تضافر جهود الجهات الرقابية والتنظيمية والشركات معا لإكساب العاملين فى القطاع جرعة تثقيفية كبيرة، إضافة إلى إيجاد حلول مناسبة لقيام الشركات بدورها فى المجتمع عبر وسائل الإعلام وأدوات التواصل الاجتماعى لخلق ثقافة تأمينية لدى مختلف شرائح المجتمع.
وتابع أن صناعة التأمين من أهم الصناعات التى يجب تسليط الضوء عليها بالنسبة للخريجين وراغبى العمل بها لخلق جيل واع بأهمية هذا القطاع ودوره الحيوى فى الدولة من خلال حفاظه على الأرواح والممتلكات وترسيخ الانتماء بداخل العاملين فيه من خلال زيادة المنافع التى يمكنهم الحصول عليها مثل التأمين الطبى عليهم وأسرهم وعمل وثائق حماية يمكن الحصول عليها فى نهاية الخدمة واستحداث برامج تدريبية متخصصة من الخارج والحصول عليها أونلاين.