فتى الشاشة الأول ، لكنه أيضا صاحب الصوت الرخيم و اللغة العربية المتقنة ، وهو أيضا نموذجا للفنان المثقف.. كان هذا هو الفنان الراحل عن دنيانا مؤخرا محمود ياسين عن عمر يناهز 79 عاما.
ماجدة خير الله: محمود ياسين كان يتمتع بصوت رائع
وعن محمود ياسين قالت الناقدة ماجدة خير الله، أنه كان يتمتع بصوت رائع وتمكن قوي من اللغة العربية، مما كان يميزه عن باقى جيله، وهو ما مكنه من استثمار صوته فى أعماله، كما أنه كان الفتى الأول فى السبعينات، وقد جسد روايات أدبية لإحسان عبد القدوس، ويوسف إدريس، ونجيب محفوظ، ويوسف السباعى، وجاء عليه وقت كان يقوم ببطولة 7 أفلام فى العام، كما أنه أنتج بعض الأفلام، ومنها فيلم “ابناؤنا فى الخارج”، كما أنتج فيلم “قشر البندق” لابنته رانيا محمود يس.
ولفتت خير الله إلى أن يس قد تعاون فنيا مع بطلات من أجيال تسبقه مثل الفنانات الكبيرات فاتن حمامة، وشادية، وسميرة أحمد، كما تعامل مع بطلات جيله مثل ميرفت أمين، ومديحة كامل وغيرهن.
وأشادت خير الله بالعديد من أفلام محمود ياسين، وعلى رأسهم فيلم “الصعود الى الهاوية” و”الخيط الرفيع” و”نحن لا نزرع الشوك “، لافتة الى انه قام بتجسيد جميع الشخصيات والألوان كفيلم “مولد يا دنيا” إخراج حسين كمال وهو فيلم استعراضى، كما أن “أفواه وأرانب” قدمه فى الإذاعة قبل أن ينقله إلى السينما، بالطبع فلا يمكن أن ننسى أفلامه الحربية العظيمة، ومنها فيلم “الرصاصة لاتزال فى جيبى” وفيلم” بدور”.
أما الناقدة فايزة هنداوى فقد لفتت إلى أن الفنان محمود ياسين بدأ فى المسرح، فجاء من بورسعيد للقاهرة لأنه كان يحلم بالمسرح، لكنه سرعان ما تحول الى النجم السينمائي الأول فى السبعينات، فبناء على شهادة نور الشريف فإن الأفلام التى كان يرفضها محمود يس كانت تذهب إلى نور الشريف ومحمود عبد العزيز.
وأضافت هنداوى، أن أفلام ياسين كانت تحقق إيرادات عالية بالنسبة لأفلام جيله، وذلك لانه كان يتميز بشده بصوته ولغته العربية وكاريزمته على الشاشة.
ولفتت هنداوي الى ان هناك بعض نقاد كانوا قد ظلموه ياسين، واعتبروا انه فنان درجة ثانية ، وهذا غير صحيح.
فياسين قد قدم أفلاما مهمة مثل فيلم “سونيا والمجنون”، كما قدم أفلاما مميزة عن حرب اكتوبر لأنه كان النجم الأكثر جماهيرية، وفي المسرح قدم أعمال متميزة منها مسرحية “الاخوة والأعداء”، كما عمل مع الفنان ليلى مراد فى الإذاعة، وفي التلفزيون قدم مسلسلات رائعة مثل” اللقاء الثانى”، و”مذكرات زوج”، و”غدا تتفتح الزهور” مع الفنانة سميرة أحمد.
وأعربت هنداوى عن تقديرها لتكريم الفنان محمود ياسين فى مهرجان الاسكندرية منذ سنوات لان الفنان لابد ان يتم تكريمه وهو على قيد الحياة حتى يشعر بالتقدير، مشيرة الى ان هذا التكريم كان قد اسعده كثيرا.
طارق الشناوى: محمود ياسين جان مصر الأول
أما الناقد الكبير طارق الشناوى فوصف محمود ياسين بأنه “جان مصر الأول” الذي قدم إنجازا فنيا غير مسبوق، وحاز على الاحترام الدافئ للجماهير، فكان محمود يسعى لسنوات من الإبداع والوهج عاشتها السينما المصرية.
وأضاف الشناوى أن كان محمود ياسين وهو في العشرين من عمره في مطلع عام 1970 ،هو هذا البطل النجم “جان” السينما المصرية الذي بحثت عنه القلوب وتوحدت عليه المشاعر واختاره الناس معبراً عنهم.. و قد كانت السبعينات حقبة فارقة جدا في تاريخ مصر الفنى وأيضا السياسي والاقتصادي والاجتماعي ، فقد كانت مصر تتغير على كافة الأصعدة: انتصار عسكري ، ثم صلح مع اسرائيل ثم انفتاح اقتصادي، وما استتبع ذلك كل نت تغيير عميق في البنية الاجتماعية لمصر، حتى لغة التخاطب بين الناس بدأت تدخل فيها مفردات جديدة، وفي نفس الوقت كان نجومنا الكبار أمثال “فريد شوقي” ، “كمال الشناوي” ، “أحمد مظهر” ، “شكري سرحان” قد عبروا شاطئ الخمسين من عمرهم أو وقفوا بالاقتراب منه مثل “رشدي أباظة” ولم يعودوا يصلحون لدور الفتى الأول .. ما دفع شركات الإنتاج لبزل محاولات مضنية للبحث عن نجم شاب به كل المواصفات ، وبالفعل أسندت البطولات في نهاية الستينيات لأكثر من نجم شاب لملأ هذا الفراغ الذي تركه الكبار، ولكن كان هناك شرطا ناقصا في المعادلة وهو الجمهور.
وكان لتحمس المخرج حسين كمال لمحمود ياسين في فيلم “نحن لا نزرع الشوك”، وفي نفس الوقت كان يوسف شاهين قد أسند له بطولة “الاختيار” ولم يستطع “محمود يسن” أن يصور الفيلمين معا، وهكذا انطلق مع حسين كمال نجماً أمام شادية لكن “يوسف شاهين” يبدو أنه لم ينس له هذا الموقف ولهذا ظل محمود ياسين مستبعدا وحتى النهاية عن خريطة سينما “يوسف شاهين”.
ويتذكر الشناوي هذا الموقف فيقول حكى لي “محمود يسن” أنه كان سعيدا بلقائه مع يوسف شاهين في “الاختيار” وقام بتفصيل البدل التي ترتديها الشخصية ، و لكن شرط “يوسف شاهين” كان قاسياً وهو ضرورة الاعتذار أولاً لحسين كمال ، بينما “حسين” لم يضعه في هذا المأزق، فاختار “حسين كمال” وأسند “يوسف شاهين” الدور إلى “عزت العلايلي”.. وقبل أن يعرض فيلم “نحن لا نزرع الشوك” كانت كل سيناريوهات السينما المصرية تكتب من اجل بطل واحد هو محمود ياسين.