نعم بحب «السيما».. ولا أحبهم

نعم بحب «السيما».. ولا أحبهم
حازم شريف

حازم شريف

11:12 ص, الأحد, 22 أغسطس 04

وفقا للتابع القصصى الذي نشرته جريدة المصرى اليوم على مدار الأيام الماضية، فإن مصدراً بمجمع البحوث الإسلامية قال إنه -المجمع- سيوصى بمنع عرض فيلم «بحب السيما»، لو طلبوا رأيه «لاحظ أنه لم يحدد صراحة من هم الذين ينتظر منهم أن يتقدموا بالطلب».
إلا أننا لم نكن بحاجة للانتظار طويلا لنعرف الإجابة.. إذ سرعان ما بادر المستشار القانوني للكنيسة الأرثوذكسية فور تلقيه هذه المغازلة السخية مجهولة المصدر، بالتوجه إلى مقر المجمع مصطحبا معه مذكرة رسمية قدمها لأمينه العام الشيخ إبراهيم الفيومي، يطلب فيها رأيه ورأى الأزهر فى الفيلم.
وهنا جاء الدور على الفيومي، وهو في أغلب الأمر، المصدر الذي أطلق متخفيا المغازلة الأولى، ليعلن عن ترحيبه بالمذكرة وانتظاره على أحر من الجمر -والعبارة الأخيرة من عندنا-، لنسخة من الفيلم لعرضها على أعضاء المجمع، لإعلان قراره النهائى فيه.
والغريب فى كل ذلك التتابع، بل وفيما سبقه من أحداث الدعوى التي تنظرها اليوم محكمة القضاء الإداري لوقف عرض الفيلم.. إنك لن تجد شخصا واحدا ممن يطالبون بمنعه قد شاهده من الأساس!
فلا رجال الدين المسيحي الذين رفعوا الدعوى قد شاهدوه -وفقا لأقوالهم للصحف والمجلات المختلفة- ولا المصدر الخفى في مجمع البحوث قد شاهده -ببساطة لأنه طلب نسخة لعرضها عليه وعلى زملائه الأعضاء-، ومع ذلك فقد كانت لديه الجرأة كي يؤكد -قبل المشاهدة-، أن المجلس كان سيوصي بمنعه، لو طلبوا منه الرأى والمشورة.
بل ونستطيع أن نؤكد على سبيل التعميم، أنه لا يوجد «شيخ» واحد -أى شيخ من الجانبين-، قد شاهد الفيلم، لأنهم لا يرون في السينما أو الفن عموما ما يستحق المشاهدة، بل ما يدعو ويحرض دائما على الفجور والانحراف.
أما المفارقة فتتمثل فى أن الفيلم قد تم سحبه من دور العرض تدريجيا، مع دخول موسم أفلام الصيف الضاحكة، وبالتالي فإن قرار منعه في حالة صدوره، لن يكون له أي مردود على أرض الواقع، إذا كيف يمكنهم وقف عرض فيلم غير معروض من الأساس؟!
المشكلة إذن ليست في الفيلم ذاته، ولا في أى فيلم آخر أو رواية أو كتاب، يتصدى له هؤلاء من حين إلى آخر، بالمطالبة بالمنع والمصادرة، وإنما في الرغبة العارمة لديهم في الدخول فى معارك «منعية» «تكفيرية» بغرض «إثبات الحالة»، والتذكير دائما بأنهم السلطة القادرة على المصادرة، ليست رغبة منهم -لا سمح الله- في الحفاظ على نفوذهم وسلطتهم، وإنما حفاظا علينا نحن، وحماية لنا من هؤلاء الزنادقة الخارجين المارقين، الذين تسول لهم أنفسهم في إصرار غريب -يقارب إصرار القديسين-، على تلويث عقولنا، بسموم أفكارهم الهدامة.
وهي معارك لا يتحرجون طول الوقت من افتعالها مع المستضعفين من المثقفين والفنانين، بل وضد حكام شعوب الأرض في مغاربها ومشارقها، ومع ذلك تخفت حدتها كثيرا إلى حد الموت، إذا ما شعروا أنها قد تقودهم للصدام مع من يمتلك ما يفوقهم من سلطان.
ولأن الأمور لا يمكن أن تستمر على ما هي عليه، ولأن عجلة الإصلاح ستأخذ في طريقها الكثيرين، فإنني لا أجد في نفسى غضاضة، أن أصارحهم بما يجول بخاطري، تماما كما خاطبهم المخرج أسامة فوزي والسيناريست هانى فوزى صانعا الفيلم على لسان بطله الطفل نعيم:
«أنا بكره كل الناس اللى بتتحكم فينا بحجة أنها عارفة مصلحتنا أكتر منا»، وبحب السيما.