ذكرنا فى أن وثيقة التأمين الإجبارى على السيارات التى تصدرها المصرية تغطى المسؤولية المدنية الناشئة عن حوادث السيارات التي تقع في جمهورية مصرالعربية.
وذكرنا أنه تبعا لهذه الوثيقة كان المتضرر أو الورثة الشرعيين للمتضرر يحصلون على تعويضات متفاوتة من شركة تبعا للحكم القضائى الصادر فى هذه الشأن ، إلى أن صدر القانون 72 لسنة 2007 والذى حدد التزام شركة التأمين بمبلغ تعويض 40 ألف جنيه فى حالة الوفاة كحد أقصى للفرد الواحد ، وفى حالة الإصابة يتم صرف مبلغ التعويض على حسب نسبة العجز ، وفى نفس الوقت وتبعا لهذا القانون تم زيادة الأسعار لهذه الوثائق لثلاثة أمثال ما كانت عليه قبل صدور هذا القانون تقريبا.
وقد آثار بعض المختصين بمجال التأمين بعض الملاحظات على القانون 72 لسنة 2007 ، من بينها :
1- أن أقساط مغالى فيها ، وأن العميل الذى أبرم الوثيقة يقوم بدفع قسطا للوثيقة أكبر مما يجب ، وأن القسط لم يتم حسابه وفق دراسة علمية لكل نوع من أنواع السيارات ، وحسب معدل خسائره ، وكانت نتيجة تطبيق ذلك القانون أرباح خيالية لشركات التأمين.
2- كذلك فإن مسمى الوثيقة هو وأركانها معروفة وهى الخطأ والضرر والعلاقة السببية بينهما ، الأمر الذى يوجب أن يكون التعويض بقدر الضررالمالى ، والذى يختلف بالضرورة من حالة إلى أخرى ، ولذلك فالنص على التعويض بقيمة محددة لكل الحالات يُخرج الوثيقة من الغرض الذى أنشأت من أجله وصارت مثل وثيقة الحوادث الشخصية.
3- بالإضافة إلى أن هزيل ولا يتناسب مع الضرر إطلاقا فى كثير من الحالات.
4- أما الإدعاء بأن للمتضرر الحق فى اللجوء إلى القضاء للحصول على باقى التعويض المناسب لما لحقه من ضرر فهو أمر حقيقى ولكن فى ظل ضعف الوعى التأمينى والقانونى لدى الأغلبية المطلقة فيعتبر ذلك من الصعوبة بمكان.
5- فى حالة رجوع المتضرر على المتسبب فى الضرر وهو العميل الذى أبرم الوثيقة قد يجده غير قادر على سداد ما قد يحكم له قضائيا بباقى التعويض ، والنتيجة هى دمار أسرتين فى آن واحد ، هما أسرة المتضرر بعدم حصولها على التعويض العادل ، وأسرة المتسبب فى الحادث.
6- منذ صدور تمت زيادة أسعار التأمين مرتين دون تحريك مبالغ التأمين.
وبدراسة النقاط السابقة وتحليل بعض البيانات ، لبيان عدم تناسب مبلغ للأقساط المبالغ فيها لهذا النوع من التأمين من عدمه ، وبالرجوع إلى حساب الإيرادات والمصروفات لفرع التأمين الإجبارى والفوائض المحققة ومخصصات التقلبات العكسية وعوائد الاستثمارات المخصصة وبعض الأرقام الأخرى الواردة بالكتاب الإحصائى السنوى للهيئة العامة للرقابة المالية يمكن توضيح بعض الحقائق ومنها:
1- بالنسبة لفائض النشاط التأمينى.
نسبة فائض النشاط التامينى الإجبارى للفائض التأمينى الكلى للتأمينات العامة (السوق المصرىة)
يتضح من البيانات الواردة بالجدول رقم (1) إن فائض النشاط التأمينى لهذا الفرع من التأمين فى تزايد مستمر باستثناء عام 2018 ، وأصبح فرع التأمين على السيارات الإجبارى من فروع التأمين المربحة بعد أن كانت من الفروع الخاسرة ، وأن فائض النشاط التأمينى لفرع التأمين الإجبارى على السيارات أصبح يمثل فى المتوسط نسبة 31% تقريبا من الفائض التأمينى الكلى لنشاط التأمينات العامة بالسوق المصرى ، وهذا الفرع من التأمين هو الأكثر تحقيقا لفائض أرباح شركات التأمين فى السنوات الأخيرة.
2- بالنسبة لفائض (عجز) الاكتتاب.
يتضح من البيانات الواردة بالجدول رقم (2) أن فرع التأمين على السيارات الإجبارى وحتى عام 2015 كان يحقق عجز فى الاكتتاب بالرغم من صدور قانون 72 فى عام 2007 ، وذلك لوجود مطالبات قديمة على القانون القديم لم تسوى بعد وكان ذلك العجز من آثارها ، ومن عام 2016 حتى الأن أصبح هذا الفرع من التأمين يحقق فوائض أكتتاب نتيجة زيادة الأقساط وتحديد مبلغ 40 ألف كحد أقصى للتعويض عن الفرد الواحد.
3- بالنسبة لمعدل الخسائر.
يتضح من البيانات الواردة بالجدول رقم (3) أن معدل الخسائر الخاص بفرع التأمين الإجبارى فى انخفاض مستمر بالنسبة لمعدل الخسائر الخاص بكل فروع التأمين فى السوق المصرى ، فبداية من عام 2016 انخفض معدل الخسائر الخاص بالتأمين الإجبارى عن معدل الخسائر العام ، وهذا يتوافق مع الملحوظة السابقة بتحقيق فوائض اكتتاب بداية من عام 2016.
4 -بالنسبة لمخصص التقلبات العكسية.
تم تكوين مخصصات تقلبات عكسية خلال هذه الفترة من 1/7/2013 وحتى 30/06/2018 بما قيمته 560 مليون جنيه تقريبا ، فبينما كانت قيمة رصيد هذا المخصص 167.52 مليون جنيه فى 1/7/2013 أصبحت 727.26 مليون جنيه فى 30/06/2018 ، والسؤال هل يحتاج هذا الفرع من التأمين بعد تحديد الحد الأقصى للتعويض بقيمة 40 ألف جنيه للفرد الواحد كل هذا المخصص للتقلبات العكسية.
5 – بالنسبة لعائد الاستثمارات المخصصة.
بلغت عوائد الاستثمار المخصصة فى المتوسط خلال الفترة من 2013 وحتى 2018 ماقيمته 445 مليون جنيه سنويا تقريبا ، وهذا مبلغ كبير قياسا بأنواع التأمين الأخرى وناتج من حجم المخصصات الضخم الخاص بهذا الفرع من التأمين والذى لامس 3 مليار جنيه فى بعض السنوات.
وبناء على التحليل المالى للعناصر السابقة ، والطفرة الكبيرة التى تحققت فى هذا النوع من التأمين بالنسبة لفائض النشاط التأمينى وفائض الاكتتاب والتحسن الملحوظ فى معدل الخسائر، فلا ضرر من إعادة تقدير الأقساط لهذا الفرع من التأمين من قبل الخبراء الإكتواريين ، للتحقق من مدى عدالة القسط ، للوصول إلى القيم العادلة والتى تحقق العدالة بين شركات التأمين أو مجمعة التأمين الجديدة من جانب وبين المتعاقدين على هذا النوع من التأمين من جانب آخر.