تراجعت حصة القروض الممنوحة للقطاع الخاص من إجمالى ائتمان البنوك إلى أقل مستوى لها منذ 8 أشهر، بنسبة تصل إلى %2.5 خلال الفترة، لتسجل %61.7 بنهاية إبريل الماضي، مقابل %64 فى سبتمبر السابق له.
ويرى خبراء مصرفيون أن اندلاع أزمة كورونا دفعت حصة قروض القطاع الخاص إلى التراجع مقارنة بالقطاع الحكومي، الذى شهد ارتفاعًا ملحوظًا خلال الفترة الماضية
وارتفعت القروض الحكومية أكثر من %3.8 خلال 8 أشهر الماضية مستحوذة على %30.4 نهاية إبريل الماضى بقيمة 643.4 مليار جنيه من إجمالى تمويلات البنوك البالغ قيمتها 2.11 تريليون جنيه، مقابل حصة %26.6 نهاية سبتمبر الماضى بقيمة تمويلات 485.7 مليار جنيه، من الإجمالى 1.8 تريليون جنيه.
وأوضحت المصادر أن شركات القطاع لم تتوقف عن الاقتراض لكنها قلصت وتيرة الحصول على الائتمان ما أدى فى النهاية إلى تراجع حصتها من إجمالى القروض التى منحها الجهاز المصرفى خلال الفترة من سبتمبر 2019 وحتى نهاية أبريل الماضى.
وأشاروا إلى أن تراجع وتيرة الاقتراض يعود بالأساس إلى تعطل بعض الاستثمارات مع اشتعال جائحة كورونا، إضافة إلى تحوط البنوك فى إقراض العملاء خوفا من التعثر.
وتوقع الخبراء انتعاش قروض القطاع الخاص نهاية العام الجارى، مدفوعة بظهور قطاعات جديدة تحتاج إلى التوسع فى السوق المصرية على رأسها المستلزمات الطبية و التكنولوجيا.
طارق متولي: انتعاش قروض الشركات الخاصة مرهون بإنتهاء الجائحة
من جانبه يرى طارق متولي، نائب رئيس بنك بلوم الأسبق، أن هناك تباطؤا فى معدلات الإقراض بالبنوك عن المخطط لها نتيجة ظهور فيروس كورونا المستجد فى الآونة الأخيرة.
وأشار متولى إلى أن التراجع فى حصة القطاع الخاص من إجمالى القروض لا يعنى أن هذا مؤشر سلبي، فقيمة قروض القطاع الخاص ارتفعت خلال الأشهر الماضية، إلا أنها زادت ببطء نتيجة الأزمة الراهنة التى طالت السوق المحلية والعالمية.
وقال إنه يصعب التنبأ بمستويات حصص قروض القطاع الخاص من إجمالى ائتمان القطاع المصرفى خلال النصف الثانى من العام، مشيرًا إلى أن الفترة الحالية مرهونة بمدى انتشار الفيروس المستجد على المستوى المحلى والعالمي.
وتوقع متولى أن يشهد الربع الأخير من العام الجارى ومطلع عام 2021 حالة من التعافى فى اقتراض القطاع الخاص، مدفوعًا بتوقعات استقرار الأوضاع، وتحسن للمؤشرات الاقتصادية.
وفيما يخص معدلات نمو الاقتصاد المصري.. ثبت صندوق النقد الدولى توقعاته لمعدل نمو الناتج المحلى الإجمالى للاقتصاد المصرى فى العام المالى الماضى 2019/ 2020 عند %2 غير أنه خفض توقعاته لمعدل النمو فى العام المالى الحالى 2020/2021 لتكون %2 بدلاً من %2.8، بحسب توقعاته فى تقرير آفاق الاقتصاد العالمى الصادر فى أبريل الماضي.
وقال الدكتور محمد معيط، وزير المالية، فى تصريحات سابقة، إن أزمة فيروس كورونا تسببت فى انخفاض قيمة الناتج المحلى الإجمالى بنحو 130 مليار جنيه، موضحاً أن معدل النمو المستهدف تراجع خلال العام المالى الحالى من 6 إلى %4.
وأشار متولى إلى أن الأزمة الناجمة عن الفيروس الجديد أثرت بشكل كبير على بعض القطاعات فى الدولة فى مقدمتها التصدير والاستيراد والعقارات ما دفع ايراداتهم وأرباحهم إلى الانخفاض خلال تلك الفترة، وهو ما أثار مخاوف لدى العملاء للاقتراض من البنوك، تحسبًا لعدم قدرتهم على السداد أو تغطية تكلفة الاقتراض من المؤسسات المصرفية.
وفى حال ظهور مصل أو علاج للفيروس المستجد.. يتوقع الخبير المصرفى طارق متولى أن يعود انتعاش الطلب مجددًا من القطاع الخاص على الاقتراض من البنوك.
عبد المنعم: عودة الأسواق العالمية يعزز نمو الطلب
واتفق معه محمد عبد المنعم مدير قطاع الائتمان بأحد البنوك الخاصة العاملة فى السوق المصرية، على أن التراجع فى معدلات اقتراض القطاع الخاص بالبنوك يرجع إلى تداعيات فيروس كورونا على السوق المحلية، ومنها توقف نشاط بعض القطاعات الحيوية بمصر، فى مقدمتها السياحة، والطيران، والقطاعات الاستهلاكية، بالإضافة إلى التجارة المحلية والعالمية.
وأوضح أن الطلب على القروض من العملاء لم يتوقف بعد الأزمة بل كان فى زيادة مستمرة، لكنه يرتفع ببطء عن المستهدف بسبب تداعيات فيروس كورونا، وتوقف حركة الاقتصاد العالمي.
وأكد عبدالمنعم أن نشاط الاقتصاد المصرى يتميز بالاستقرار والتنوع، وتوافر بنية تحتية من شبكة طرق وكبارى ضخمة تربط بين المحافظات وتحفز على زيادة الاستثمارات.
وتوقع مدير قطاع الإئتمان انتعاش الطلب على القروض فى البنوك بين المستثمرين خلال الربع الأخير من العام الجاري، مدفوعًا بتوقعات عودة الأسواق العالمية للعمل تدريجيا، نتيجة تحسن الأوضاع الاقتصادية فى مصر.
وأشار إلى أنه فى الفترة التى سبقت كورونا كان القطاع الحكومى يرى أن توسعاته فى السوق المحلية المتزامنة مع الانتعاش الاقتصادى المتوقع فى عام 2020، ستمكن من تحقيق إيرادات تغطى تكلفة الاقتراض، وتحقق ربحية جيدة.
محمد البيه: قطاعات التكنولوجيا والطبى حافظت على منافسة القطاع فى مجال الإقراض
وتأكيداً لأراء الخبراء .. يرى محمد البيه الخبير الاقتصادى أن تراجع حصص التمويلات الموجهة للقطاع الخاص جاء نتيجة تداعيات انتشار فيروس كوروان كوفيد-19، وتراجع حجم أعمال القطاع الخاص خلال تلك الفترة، ما جعل الشركات والأفراد لا يستهدف الحصول على قروض جديدة، إضافة إلى الإتجاه السائد فى تقليل التوسعات.
وقال البيه إن إيرادات الشركات فى فترة أزمة كورونا لا تضاهى تكلفة الاقتراض ولاحتى اقساط القرض ذاته، ففى فترة كورونا كانت الأسواق المحلية والعالمية كانت شبه متوقفة.
وأكد البيه أن التمويلات الممنوحة للقطاع الحكومى موجهة لدعم القطاع الصحى والتشييد والبناء، إضافة إلى قطاعات البترول والغاز الطبيعي.
كما أشار إلى أن بعض القطاعات لم تتأثر بأزمة كورونا لكنها شهدت انتعاشة فى تلك الفترة ومنها قطاع المستلزمات الطبية وقطاعات التكنولوجيا، هذا ما دفع قروض القطاع الخاص إلى الزيادة، إلا أن حصتها من الإئتمان لم تزداد.
ويرى أن الشهور الأخيرة فى العام الجارى ستشهد انتعاشة فى القروض الموجهة للقطاع الخاص مدفوعة بتعاظم ايرادات القطاعات التكنولوجية والطبية، مؤكدًا أن القطاع المصرفى إذا استمر على نفس المستوى ستحظى حصة القطاع الخاص بنصيب اكبر عن العام الماضي.
وأشار إلى أن تكلفة الاقراض فى الوقت الراهن ليست كبيرة، إضافة إلى مبادرة البنك المركزى المصرى لتمويل القطاع الخاص الصناعى والزراعى وحتى العقارى الذى بييع من 50 مليون إلى مليار جنيه تحصل على فائدة منخفضة.
وأعلن البنك المركزى المصرى، نهاية يونيو الماضى عن إطلاق مبادرة جديدة، يقوم بموجبها بإصدار تعهد بقيمة 7 مليارات جنيه على شرائح لصالح شركة ضمان مخاطر الائتمان، كمظلة لضمان أرصدة الضمانات الصادرة من الشركة لصالح البنوك لتغطية نسبة من المخاطر المصاحبة لتمويل الشركات الكبرى.
وأوضح البنك المركزى أن الغرض من التعهد هو قيام شركة ضمان مخاطر الائتمان بضمان التسهيلات الائتمانية الممنوحة فى إطار مبادرة القطاع الخاص الصناعى والزراعى والمقاولات، موضحا أن الفئات المستهدفة تشمل العملاء المستفيدين من مبادرة القطاع الخاص الصناعى والزراعى والمقاولات البالغ حجم أعمالهم وإيراداتها السنوية 200 مليون جنيه فأكثر، وأى تعديلات قد تطرأ عليها.
وقررت لجنة السياسة النقدية فى اجتماعها المنعقد فى يونيو الماضى، تثبيت أسعار الفائدة على سعرى عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية عند مستوى %9.25 و%10.25 و%9.75 على التوالى، وتثبيت سعر الإئتمان والخصم عند %9.75.
وأشار البيه إلى أن ائتمان القطاع الخاص سيشهد انفراجة كبيرة على كافة القطاعات الاستثمارية، من القروض الكبيرة والصغيرة والمتوسطة، والتجزئة المصرفية.
وفيما يخص التمويلات الممنوحة لقطاع الافراد قال إن قرارات البنك المركزى الداعمة للافراد عززت من إقبال المواطنين على الاقتراض من القطاع المصرفي، إضافة لمبادرات البنك المركزى للتمويل العقاري.
وفى نهاية ديسمبر الماضى قرر البنك المركزى المصرى رفع الحد الأقصى لأقساط القروض لأغراض استهلاكية «التجزئة» لتصل إلى %50 من إجمالى دخل العميل بدلا من %35 فى السابق، ويشمل القرار القروض الاستهلاكية بما فيها الشخصية وقروض السيارات لأغراض الاستخدام الشخصى والبطاقات.
وأشار الخبير المصرفى إلى أن البنوك أعادت إطلاق المنتجات التمويلية المتخصصة للقطاع المصرفى ومنها تمويل السيارات والتمويلات وقروض التعليم والزواج بهدف تعزيز حصص ائتمان القطاع الخاص.