◗❙ ترشيد الاستهلاك والتوجه للادخار والاستثمار.. أبرز التوصيات
حالة من القلق سيطرت على عموم الأفراد فى السوق المحلية تزامنًا مع توالى الأحداث الخارجية، خاصة عقب قرار الفيدرالى الأمريكى برفع أسعار الفائدة %0.5 وما ترتب عليه من تخوفات بموجات جديدة من التضخم وارتفاع مضاعف لأسعار السلع .
يذكر أن الفيدرالى الأمريكي، قرر منذ أيام رفع أسعار الفائدة لديه بواقع نصف نقطة مئوية، كأكبر زيادة فى مرة واحدة خلال عقدين بغرض احتواء معدلات التضخم هناك .
وقال الخبراء إن المخاوف تنحصر فى حدوث موجة جديدة من معدلات التضخم المرتفعة، وزيادة فى أسعار السلع هذا إلى جانب أى ضعف محتمل فى سعر العملة المحلية، ورفع مُجدد للفائدة فى مصر.
واتفقوا على أن النصيحة الأهم لعموم الأفراد متعلقة بترشيد الاستهلاك والاعتماد على الأساسيات فقط، إلى جانب التوجه لاستثمار أى فائض مالي، وتعميم سياسة الادخار، إضافة إلى توصية متعاملى البورصة بالتركيز على الأسهم القوية ماليًا، وإبراز أفضل الأوعية الاستثمارية للآخرين حاليًا .
بداية، قال شريف سامى، الخبير المالى والرئيس السابق للهيئة العامة للرقابة المالية، إن الأوضاع الحالية تمثل تحديات أمام الأفراد فيما يخص استثمار مدخراتهم.
وأضاف أن هناك موجة تضخمية تعصف بالعالم، ويرتبط بها ارتفاع فى أسعار الفائدة تولدت منها تحركات قوية لرؤوس الأموال من الأسواق الناشئة إلى أسواق الدولار واليورو والاسترلينى، وهو ما أدى إلى التأثير على أسعار صرف الكثير من عملات الدول، خاصة فى تلك الأسواق التى تعانى من عجز فى ميزان مدفوعاتها.
وأوضح “سامي” أن الحرب بين روسيا وأوكرانيا ترتبت عليها ارتفاعات كبيرة فى أسعار العديد من المواد الأولية والمنتجات الزراعية، ما نتج عنه ارتفاع فاتورة الواردات لدى الكثير من البلدان ومنها مصر، مضيفًا أن ذلك أثر على حركة أسواق الأسهم ليهيمن عليها التذبذب نتيجة عناصر عدم التأكد.
وأضاف أن المستثمرين فى مصر أصبحوا أمام حاجة للموازنة بين اعتبارات متعددة، أولها حماية أموالهم من تآكل قوتها الشرائية الناتج عن معدلات التضخم، وانخفاض سعر صرف الجنيه، إضافة إلى الحد من المخاطرة التى تختلف بين قناة استثمار وأخرى.
ووجه شريف سامى الأفراد بشكل عام للاستثمار، وأوصى بالتنويع فى أوعيته ومراعاة الآجال، بحيث يكون الأكثر سهولة فى التسييل والأقل مخاطراً هو ما قد يحتاج إليه المستثمر خلال الأجل القصير، مقارنة بالفترات الزمنية الأطول.
وأشار إلى أن العائد الحالى على شهادات الإيداع لمدة سنة لدى البنوك العامة مصر والأهلى تمثل بالتأكيد فرصة مغرية لتوظيف جزء من السيولة.
ولفت إلى أن هناك أسهم شركات قوية فى البورصة بأسعار جاذبة ومضاعفات سعرية معقولة، تمثل فرصًا لتحقيق أرباح رأسمالية مستقبلاً إضافة إلى الاستفادة من توزيعات أرباحها، ونصح بالتوجه والانتقاء من بعضها خاصة إذا كانت تمثل قطاعات دفاعية أو لديها قدرة تصديرية عالية.
ونوه «سامى» إلى أن العقار فى مصر مع توالى ارتفاع معدل النمو السكانى ما زال يمثل فرصة استثمارية جيدة على فترات متوسطة إلى طويلة الأجل، على أن يتم انتقاء الأصول العقارية غير الفاخرة التى يسهل تأجيرها.
وأوضح «سامى» أنه بالتأكيد ليست فى قدرة كل مستثمر شراء عقارات وتسجيلها ومتابعتها، ويمكن الاستعاضة عن ذلك بشراء أسهم شركات عقارية ذات سمعة جيدة وتتميز بتشكيل منتجاتها وعدم الاقتصار على الوحدات السكنية التى تستهدف الشريحة الأعلى من المجتمع.
وافترض أن يحقق ذلك نتيجة مقاربة للاستثمار فى العقار، مع تنويع أكبر وسلاسة أكثر فى التسييل.
ولفت إلى أنه يرى الفرصة سانحة الآن أكثر من أى وقت مضى للتوسع فى إنشاء وإطلاق صناديق الاستثمار العقاري، لما تحققه من مزايا عديدة، خاصة أن محفظتها الاستثمارية تعتمد على توليد الإيراد من عقارات لأغراض تجارية وخدمية وإدارية ولوجيستية، إضافة إلى الاستخدام السكنى.
ودعا «سامى» الحكومة لسرعة البت فى مزايا ضريبية لتلك الصناديق، وهو ما عقد رئيس الوزراء أكثر من اجتماع بشأنه، مضيفاً إلى أن تلك المزايا حال إقرارها بتعديل فى قانون ضريبة الدخل، ستمثل دفعة جيدة لها، وتتيح قناة استثمار جيدة للكثير من الأفراد.
وقال محمد ماهر، الرئيس التنفيذى بشركة «برايم القابضة للاستثمارات المالية»، إن حالة الهلع التى أبداها الأفراد فى السوق المحلية عقب قرار الفيدرالى الأمريكى برفع سعر الفائدة هناك %0.5 أمر غير مبرر .
ولفت إلى أن سياسة الفيدرالى الأمريكى كانت واضحة منذ وقت سابق، بعدما أفصح عن مساعيه لرفع أسعار الفائدة لديه بنسب متتالية كمحاولة منه للهيمنة على معدلات التضخم .
وأضاف «ماهر»، أنه كون ارتباط كل الاقتصاديات ببعضها البعض، فحدث مثل هذا من شأنه التأثير على وضع السوق المحلية، من تضخم وسياسة قد تلجأ لها الجهات المسئولة للتعامل مع المرحلة الحالية .
وقال إنه فى مثل هذه الظروف والتوقعات المُحتملة بتزايد معدلات التضخم ومزيد من الزيادات السعرية فى المنتجات عامة والأساسية منها بوجه خاص، إلى جانب الزيادة فى الخدمات تُحتم على عموم الشعب التعامل بحذر فى نمط الحياة الطبيعى .
وأوضح «ماهر»، أن ترشيد الاستهلاك أبرز النصائح التى ممكن أن تُقدم خلال الوقت الراهن، كنصيحة عامة للجميع وتغير نمط الحياة .
كما نصح بالتوجه أو زيادة التركيز على سياسة الادخار والاستثمار للأفراد كل حسب ملاءته المالية وفقًا لطبيعة الدخول، مع الاعتماد على المنتجات المحلية بخلاف نظيرتها المستوردة التى من المتوقع أن تشهد زيادة كبيرة فى أسعارها، بضغط حركة الدولار الحالية .
وقال إن الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، كان وجه مؤخرًا بدعم المنتج المحلى والصناعة المحلية، للتعامل مع المرحلة الحالية .
وتجدر الإشارة إلى أن رئيس الجمهورية كان وجه مؤخرًا فى كلمته فى حدث إفطار الأسرة المصرية بإطلاق مبادرة لدعم وتوطين الصناعات الوطنية للاعتماد على المنتج المحلي، من خلال تعزيز دور القطاع الخاص فى توسيع القاعدة الصناعية للصناعات الكبرى والمتوسطة.
ولفت إلى أن هذه المرحلة تتطلب من الحكومة المصرية تقديم مزيد من الدعم للعاملين بالقطاعات المختلفة وطرح مبادرات تمويل منخفضة التكلفة للكيانات العاملة بالقطاع الصناعى على وجه الخصوص، خاصة مع التوقعات بمزيد من رفع أسعار الفائدة الفترة المقبلة.
وقال إيهاب السعيد، العضو المنتدب بشركة «أصول لتداول الأوراق المالية»، إن السوق المصرية تواجه نقصًا فى موارد العملة الأجنبية منذ عدة سنوات، بسبب ضعف إيرادات القطاع السياحى وتحويلات المصريين فى الخارج وغيرها .
واتفق مع سابقيه على أن حالة الهلع الحالية من الأفراد فى السوق المحلية بمختلف فئاتهم غير مبررة، على الرغم من التأكيد بوجود موجة تضخمية قادمة ولا مفر من التعامل معها .
وأضاف «السعيد» أن المرحلة الحالية ليست وليدة اللحظة وإنما تتوالى منذ فترة، تحديدًا مع بدء أزمة «كورونا» عالميًا، وما تبعها من ارتفاع معدلات التضخم فى السوق الأمريكي، والتى ألقت بظلالها على أسواق المنطقة ككل والناشئة منها بشكل خاص .
وأوضح أن وقوع الحرب بين دولتى روسيا وأوكرانيا زاد من حدة التأثيرات السلبية، خاصة أنها ستؤثر بشكل مباشر على مصر بتضرر حركة السياحة، لاسيما أن السُياح الروس كان يُعلق عليهم آمال كبيرة بالعودة خلال العام وتحسن وضع القطاع، إلى جانب تضرر بعض توريدات السلع الأساسية وأهمها القمح.
وأشار إلى أن الخفض الأخير الذى حدث فى قيمة الجنيه، وما ترتب عليه من زيادة فى الأسعار بخلاف الناجمة عن التضخم الخارجى زادت تخوفات المتعاملين، هذا إلى جانب بدء مفاوضات الحكومة مع صندوق النقد الدولى واحتمالية ضعف جديد فى قيمة العملة المحلية .
وقال إن أبرز التخوفات الحالية متعلقة بخروج استثمارات أدوات الدين من جانب المتعاملين الأجانب من الأسواق الناشئة عمومًا والتوجه للسوق الأمريكي، إلى جانب استمرار زيادة سعر الدولار أمام الجنيه، وهو ما يترتب عليه زيادات جديدة فى الأسعار فى ظل ثبات موارد الدخل.
ونصح مختلف فئات الأفراد بترشيد الاستهلاك والاعتماد على الضروريات دون غيرها، وفقًا لوضع كل شخص على حدة.
ومن ناحية أخرى، أوصى بتوجيه أى فوائض مالية للأفراد لاستثمارها فى الشهادات البنكية ذات العوائد المرتفعة لإدرار عائد شهرى لصاحبها تمكنه من مواجهة الظروف الراهنة.
فيما نصح بالابتعاد عن البورصة المصرية كوجهه للاستثمار خلال المرحلة الحالية، نظرًا لحالة التذبذب الكبير المتوقعة للبورصات على الساحة العالمية وما ستتبعها من تأثيرات محلية .
وقال كريم هلال، المدير الإقليمى لمجموعة «كوليرز إنترناشيونال»، إن أى تغيرات تشهدها الأسواق العالمية الكبرى، وعلى رأسها السوق الأمريكية من شأنها التأثير على الوضع المحلى.
وأضاف، أن السوق المحلية متضررة بشكل واضح من ارتفاع سعر الدولار، كونها تعتمد على الواردات الخارجية بصورة كبيرة، فى حين يُقابل ذلك ضعف فى الصادرات الخارجية، إلى جانب ضعف باقى المصادر الأخرى لتوليد العملة الصعبة كتضرر القطاع السياحى.
ولفت إلى أن بدء التأثيرات السلبية على السوق المحلية نتجت عن أزمات سلاسل التوريد التى ولدتها جائحة الفيروس، تلاها ارتفاع التضخم الخارجى التى ظهرت آثاره على السوق المحلية سريعًا، كونها دولة مستوردة من الدرجة الأولى.
وتابع: هذا إلى جانب التأثيرات التى نتجت أيضًا على الحرب الروسية الأوكرانية والتى أثرت بدروها على حركة السياحة الروسية فى مصر، إضافة للطفرات فى أسعار استيراد بعض السلع الأساسية كالقمح.
وأوضح أن أبرز المشكلات الناتجة عن قرار الفيدرالى الأمريكى برفع أسعار الفائدة ستتمثل فى مزيد من زيادات الأسعار المحتملة، والتوجه لرفع الفائدة محليًا، وما يترتب عليه من صعف جديد فى العملة، إضافة إلى التخوف الأكبر بخروج استثمارات الأموال الساخنة من السوق المصرية وتوجيهها لاستثمارات الدولار.
ولفت إلى أن النصيحة الأبرز فى الظروف الراهنة هى ترشيد الانفاق قدر الإمكان، إلى جانب توجيه أى سيولة متاحة للاستثمار أفضل من الاحتفاظ بها حتى لا تفقد قيمتها، موضحًا أن الأسهم والعقارات أنسب الأوعية المتاحة حاليًا.
وعلى جانب آخر، فإن الفترة الحالية ستخلق من القطاعات الدفاعية فرصًا واعدة للاستثمار أو التى تعمل فى قطاعات إنتاج الموارد الوسيطة التى يتم استيرادها من الخارج .
وقال هانى جنينة، الخبير الاقتصادي، إن السوق المحلية متأثرة منذ فترة كبيرة بالتضخم المستورد من الأسواق الخارجية والناجم على زيادات أسعار السلع، وأن قرار الفيدرالى الأمريكى لم يضف للوضع الراهن كثيرًا.
ولفت إلى أن السوق المصرية تشهد حاليًا ازدواجًا فى الأزمة بثلاثة عوامل، متمثلة فى ارتفاع أسعار السلع، ونقص روافد الدولار نتيجة تأثر حركة السياحة وغيرها، وصعوبة جذب رؤوس أموال قصيرة الأجل.
وقال إن النصيحة التى توجه للشخص المستثمر تتمثل فى استثمار أى فائض مالى لديه فى أى من الأوعية طويلة الأجل صاحبة العائد المرتفع، موضحًا أن العقار يأتى فى المركز الأول، ثم أسواق الأسهم سواء المحلية أو العالمية، ثم الذهب كخيار أخير غير مفضل بشكل كبير.
ونوه إلى أنه فى فترات الأزمات الاقتصادية أو السياسية يلجأ بعض المستثمرين بالابتعاد عن أوعية الاستثمار فى العقار على سبيل المثال ما يجعلها فرصة جيدة للبعض بالشراء والاحتفاظ لحين تحسن الأوضاع.
أما بالنسبة للفرد العادى فقال «جنينة» إنه من الصعب الجزم بنصيحة معينة، ولكن الأفضل التريث فى توالى شراء السلع المعمرة والاستهلاكية والترشيد.
فيما نصح عادل عبد الفتاح، رئيس مجلس الإدارة بشركة «ثمار لتداول الأوراق المالية»، بالتوجه للتصنيع والزراعة .
وتجدر الإشارة إلى أن الرئيس عبد الفتاح السيسى كان قد وجه تكليف للحكومة وكل الأجهزة المعنية بتعزيز أوجه الدعم المقدم لمزارعى القمح فى مصر بزيادة المحفزات المقدمة للمزارعين سواء كانت مادية أو خدمية .
وكسابقيه نصح «عادل» بالاقتصاد الشديد فى المصروفات والتركيز على الضروريات فقط، للحفاظ على معدلات السيولة قدر الإمكان، خاصة أن الأزمات التى تمس اقتصاديات الدول بشكل عام، من غير المعروف موعد انتهائها .
ولفت إلى أن التخوف الأكبر من ظهور أزمات جديدة، خاصة أن بعض الأزمات السابقة كانت غير متوقعة كالحرب بين روسيا وأوكرانيا أو وباء «كورونا»، منوهًا بأنه لا يمكن إنكار أن العالم يمر خلال الوقت الحالى بمحنة كبيرة وعلى الدول وأفرادها التعامل .
وعلى صعيد مستثمرى البورصة المصرية، فقد نصح «عادل عبد الفتاح» بالتعامل الانتقائى والتركيز على الأسهم المتميزة ماليًا دون غيرها، والابتعاد بشكل تام عن أسهم المضاربات.