كشف عدد من الخبراء الرياضيين ومحللى وأعضاء مجالس إدارة الأندية الرياضية أن مصر ما زالت بعيدة عن خلق بيئة منظمة لعمل الاستثمار الرياضى، سواء من الناحية الإدارية أو التشريعية .
وانتقدوا، فى ندوة موسعة عقدتها «المال»، وأدارها رئيس تحريرها حازم شريف، إصرار الحكومة على إصدار قانون ينظم عمل القطاع، مؤكدين أن التعديل التشريعى ليس الآلية الأمثل للتنفيذ .
وشهدت السوق المصرية الشهور الماضية استحواذ المستثمر السعودى تركى آل شيخ على نشاط كرة القدم فى نادى الأسيوطى وتم تغيير الاسم إلى بيراميدز، كما ارتفعت قيم رعاية الأندية الرياضية لتصل إلى مستويات تاريخية، وتزامن ذلك مع صدور قرار الرياضة الجديد، والذى سمحبدخول القطاع الخاص فى تملك الأنشطة الرياضية بالأندية، كما تم إطلاق أول صندوق للاستثمار فى الرياضة تحت إدارة كل من بنك مصر وشركة بلتون المالية القابضة .
وانطلاقا من ذلك، أجرت الصحيفة حوارا متكاملا حول كيفية تطوير سوق الاستثمار بهذا المجال الحيوى، مع اعتباره القطاع الوحيد الذى يسيطر على نسبة كبيرة من اهتمام المواطن العادى فى مصر، مع الأخذ فى الاعتبار أن قوانين اللجنة الأوليمبية الدولية والاتحاد الدولى لكرة القدم «فيفا»تجبر الأندية الرياضية على التحول إلى شركة خاصة، كشرط للاستمرار فى المنافسة على البطولات القارية والدولية .
وشارك فى الندوة كل من سامح الترجمان رئيس مجلس إدارة شركة بلتون المالية القابضة، وسعيد حنفى، عضو مجلس إدارة نادى الجونة لكرة القدم وشريك مكتب وايت آند كيس للاستشارات المالية، ومحمد فضل الله الخبير الدولى فى القوانين الرياضية، وخالد رفعت مدير التسويق السابقلنادى الزمالك وغيرهم .
وأوضح الترجمان أن البيئة التشريعية المناسبة للاستثمار الرياضى أهم من الملكية، مؤكدًا ضرورة توجيه عائد صندوق الرياضة الخيرى لأنشطة تحددها اللجنة الأوليمبية والاتحادات .
فيما دعا محمد فضل الله الدولة لتبنى انفصال نشاط كرة القدم برابطة للأندية المحترفة، وضرورة رفع الملكية لأكثر من %51 بشركات كرة القدم، مشيرًا إلى أن الضريبة الرياضية العنصر الغائب بالمنظومة التمويلية للقطاع .
طرح الأندية الرياضية في البورصة
وشجع سعيد حنفى الأندية الجماهيرية على زيادة مواردها المالية والطرح فى البورصة، لافتا فى الوقت نفسه إلى أن القانون الجديد لم يحل أزمة أندية الشركات .
احتل الاستثمار الرياضى صدارة اهتمامات المشهد فى السوق المصرية فى الأونة الأخيرة، وبات محط حديث رجل الشارع العادى، بعد موجة الإقبال على شراء أندية رياضية مصرية، وضخ استثمارات ضخمة لتعزيز البنية التحتية وشراء لاعبين، ما أعاد للأذهان المناقشات المكررة حول كيفية تنظيم سوق الاستثمار فى مجال الرياضة المحلية .
وشهدت السوق المصرية الشهور الماضية استحواذ المستثمر السعودى تركى آل شيخ على نشاط كرة القدم فى نادى الأسيوطى وتم تغيير الاسم إلى بيراميدز، كما ارتفعت قيم رعاية الآندية الرياضية لتصل إلى مستويات تاريخية ومنها عقد رعاية النادى الأهلى والتى قاربت قيمته المليار جنيه، كل ذلك يتزامن مع صدور قرار الرياضة الجديد، والذى سمح بدخول القطاع الخاص فى تملك الأنشطة الرياضية بالأندية، كما تم إطلاق أول صندوق للاستثمار فى الرياضة تحت إدارة كل من بنك مصر وشركة بلتون المالية القابضة .
وعقدت المال ندوة موسعة بحضور مجموعة من الخبراء الرياضيين وخبراء سوق المال وأعضاء مجالس إدارة الأندية الرياضية، لإجراء حوار متكامل حول كيفية تطوير سوق الاستثمار بهذا القطاع الحيوى، مع اعتباره القطاع الوحيد الذى يسيطر على نسبة كبيرة من اهتمام المواطن العادى فى مصر، مع الأخذ فى الاعتبار أن قوانين اللجنة الأوليمبية الدولية والاتحاد الدولى لكرة القدم «فيفاس» تجبر الأندية الرياضية على التحول إلى شركة خاصة، كشرط للاستمرار فى المنافسة على البطولات القارية والدولية. وبشكل عام أجمع المشاركون فى الندوة على أن مصر ما زالت بعيدة للغاية عن خلق بيئة منظمة لعمل الاستثمار الرياضى، سواء من الناحية الإدارية أو التشريعية، وهناك حاجة ماسة لتكاتف كل الأطراف للتطوير، فى ظل وجود كامل المؤهلات الفنية والفردية والمواهب الرياضية، كما انتقدوا إصرار الحكومة على إصدار قانون جديد للاستثمار الرياضى، فى ظل أن التعديل التشريعى ليس الآلية الأمثل للتنفيذ .
شارك فى الندوة سامح الترجمان رئيس مجلس إدارة شركة بلتون المالية القابضة، وسعيد حنفى عضو مجلس ادارة نادى الجونة لكرة القدم وشريك مكتب وايت اند كيس للاستشارات المالية وملك الشوربجى المحامية بمكتب وايت اند كيس للاستشارات القانونية، ومحمد فضل الله الخبير الدولى فى القوانين الرياضية، وخالد رفعت مستشار التسويق الرياضى وتطوير الأعمال.
مقترح بإنشاء جمعية لتمويل الرياضيين فى الألعاب الفردية
● «المال»: نود الحديث فى البداية عن فكرة إنشاء أول صندوق للاستثمار الرياضى فى السوق المصرية فى ظل خروج تشريع جديد لتنظيم الرياضة؟
سامح الترجمان: كان هناك مقترح من بعض الرياضيين بإنشاء شركة أو جمعية لتمويل الرياضيين فى الألعاب الفردية، وبعد دراسة المقترح من قبل «بلتون»، خلصنا إلى أن هذه الشركة فى بدايتها لن تجد رواجًا، ما دفعنا للبحث فى قانون سوق المال المصرى والاستقرار على الصناديق الخيرية والتى لم تستخدم من قبل .
وبالفعل أجرينا أبحاثا ووجدنا دولة مثل إنجلترا لديها صندوق استثمار رياضى فكرته مشابهة وتمويله يأتى من الحكومة، وهناك مؤسسات كثيرة أنشأت هذا النوع من الصناديق تحت اسم مؤسسة للرياضة، والتقينا المهندس خالد عبدالعزيز وزير الرياضة السابق، وتحدثنا مع رئيس الوزراء، وبنك مصر والذى أبدى تحمسه للفكرة، وتبنى تأسيس الصندوق، كما لاقت الفكرة دعما قويا من رئيس الوزراء السابق المهندس شريف إسماعيل، كما أبدى رئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسى اهتمامه بالأمر عندما عُرض عليه .
وفى بلتون كان اعتمادنا الأول على الصناديق الخيرية، والتى لها نفس فكرة الوقف، ولكن بشكل جديد لتصبح أداة مالية تخدم الرياضة، وتم التركيز على الرياضة بشكل خاص لأنها ترتبط بعدة جوانب منها التعليم، الصحة، مهارات قيادية، والمساواة، ويشبه صندوق بلتون الرياضى الوقف الخيرى للألعاب الفردية، وهو ما يعنى اعتماد الصندوق على إدارة أمواله لتحقيق عائد يتم توجيهه لأنشطة رياضية بعينها تضعها اللجنة الأوليمية، والاتحادات الرياضية، ووزارة الشباب والرياضة .
صعوبات الاستثمار الرياضى في مصر
● «المال»: ما المعوقات التى تواجه مجال الاستثمار الرياضى فى مصر؟
سامح الترجمان: الاستثمار فى الرياضة خارج مصر صناعة ضخمة عائدها مُجز، واستثماراتها قوية ولها قواعد ونظم، وأُطر تنظمها، وحتى ثمانينيات القرن الماضى كانت الرياضة تدار من الهواة أكثر من المحترفين، وبدأت النقلة مع دخول الشركات الراعية، لتتحول الرياضة إلى ميدان مهم جدًا تتبارى من خلاله الدول، وأيضا هناك علم جديد يُدرّس فى كل الجامعات العالمية حول إدارة الرياضة، لم يعد هذا الأمر يتم بلا دراسة، والرياضة تثير تساؤلاً هو هل هى نطاق صناعة أبطال، أم صناعة ترفيهية، فيما هى تجمع بين الجانبين، لكونها تتنافس مع السينما، ومع دخول التكنولوجيا أصبح الاستثمار فى الرياضة يستعين بالتكنولوجيا، فباتت الرياضة صناعة تحتاج مقومات .
● «المال»: ما مقترحاتك لتطوير بيئة الاستثمار الرياضى؟
سامح الترجمان: الرياضة بحاجة إلى عدة مقومات الأول أن يكون لها محددات واضحة، والثانى كلما ارتفع التمويل سيرتفع بالتبعية العائد على الاستثمار، والثالث الاستثمار بقوة فى أداء اللاعبين، ومع تطبيق هذه المقومات بدأت الأندية الرياضية تتحول لمؤسسات مالية، ويجب أن يكون هناك تمويل قوى سواء عبر طرح سندات، أو تمويلات بنكية، أو تسويق للاعبين، وأشير إلى أن جميع هذه العوامل كفيلة بتحويل الرياضة إلى صناعة تقدر بمليارات الدولارات، وهو عكس ما يحدث فى مصر تماما، على صعيد الإدارة المالية للنشاط الرياضى .
تحويل الأندية لشركات هادفة للربح
● «المال»: ما دور التشريع الجديد للرياضى فى تطوير مناخ الاستثمار ووضع قواعد لصناديق الاستثمار الرياضى؟
سعيد حنفى: هناك اتجاه نحو مأسسة الأندية الرياضة والتحول لشركات هادفة للربح، ولم يكن ذلك فى الدول الأوروبية فقط، ولكن بعض الدول العربية بدأت فى تبنى هذا المبدأ، والقانون السابق للمعمول به حاليا كان فى السبعينيات، وكان لا يسمح باستثمار القطاع الخاص فى مجال الأندية الرياضية، وبالتالى كان الأساس أن تصبح الشركة هى التى تنشئ النادى ويدار بواسطة أعضائها، وهو ما يتضح فى نوادٍ خاصة بشركة «إنبيس، و«بتروجت»، وتبعته شركة «الجونة ».
ويترتب على هذا الاتجاه ألا يؤول أى ربح محقق من هذا النادى للشركة، ولكن تعامل الأرباح الناتجة عن ذلك معاملة المال العام، ويواجه هذا النوع من النوادى مشكلات فى القانون القديم، أبرزها أنه لا يستهدف الربح وهو ما كان يمثل عائقًا قويًا أمام الاستثمار فى القطاع الرياضى، حتى ظهر القانون الجديد، والذى كان بمثابة بشرى سارة للمستثمرين، بينما فوجئنا عند تطبيقه بأنه لم يساهم بشكل إيجابى وجدى فى بعض القطاعات، أبرزها على صعيد الأندية المملوكة للشركات، لأنه سمح للنادى بتأسيس كيان للاستثمار الرياضى يساهم فيها بنسبة %51، مع دخول آخرين بنسبة %49 وعليه يمكن طرحه بالبورصة المصرية، وبالتالى لم تُحل المشكلة، لأن هذه النوادى ليس لديها التمويل الكافى لهذا الغرض .
وفى المقابل ما زالت الأندية الكبرى تحصل على مواردها التمويلية من حقوق الرعاية نظرا لأنها أندية لها جماهيرية عريضة، وهو ما يظهر بوضوح فى التباين القوى للأرقام التى تتقاضاها هذه الأندية فى مقابل حقوق بث مبارياتها على سبيل المثال .
● «المال»: لماذا بالتحديد يتم تخصيص %51 كحد أقصى للاستثمار فى مجال الرياضة، خاصة إذا ما أراد أحد الكيانات الاستحواذ على النادى بالكامل؟
سعيد حنفى: أحد الحلول التى كانت مطروحة فى هذا الصدد أن تتم تصفية النادى والدخول فى النادى الجديد، ولكن هذا يمثل مشكلة قوية، كما أن معيار المحاسبة فى تقييم الأندية وأصولها ولاعبيها غير واضح فى القانون .
تشريعات الرياضة في مصر
● «المال»: وما رأيك فى التشريع الجديد وما الفرص المتاحة به؟
محمد فضل الله: قضية القانون الحالى تُعد شائكة جدًا، يوجد بمصر 3 قوانين أولا قانون 77 لسنة 75 ثُم عُدل عام 78 ثم القانون الأخير 71 لسنة 2017 وكان يسمى سابقًا قانون الهيئات الرياضية، وهناك فارق كبير بين الهيئة والنادى، وبالنظر لقانونى 77 وتعديلاته كانت تنص على وجود المؤسسة ومجلس الإدارة والجمعية العمومية وكان هناك المادة 53 بقانون 77 والتى تم تعديلها ضمن تعديل القانون عام 78 كانت تُتيح للمؤسسات استثمار أموالها الثابتة والمنقولة، وهو ما أتاح الفرص للأندية لتأسيس شركات تابعه لها .
● «المال»: هل كان من المفترض أن يوضع الاستثمار الرياضى ضمن قانون الاستثمار أو ضمن قانون الرياضة؟
محمد فضل الله: بند الاستثمار يوضع فى قانون الرياضة وليس قانون الاستثمار، لان الرياضة لها قوانين خاصة لا تخضع لقواعد الاستثمار، كما أن قانون الرياضة الحالى لا يسمح لغير المصريين بأن يكونوا أعضاء مجلس إدارة أو يتملكوا أندية .
وبرجاء العلم أن الأندية الحالية تم تأسيسها منذ عام 1952 مع أول تشريع للرياضة الذى وضع 3 تصنيفات فى الأندية المصرية الأهلية، شركات قطاع أعمال ومصالح حكومية دشنت أندية مثل إنبى وحرس الحدود، ثم بعد ذلك كيانات خاصة أسست أندية مثل وادى دجلة، ومشكلة هذة الأندية أنها أُسست وفقًا للقواعد العامة بأن تحوى 100 موظف من العاملين فى الشركة، وعلى سبيل المثال نادى الجونة يُطلق عليه نادى العاملين بالجونة، ووفقًا لهذا التأسيس أصبح قطاعا عاما وخضع للقانون العام لا يمكن بيعه أو التحكم فيه، وحال تأسيس شركة لكرة القدم فهى فكرة مغلوطة لان الاحتراف لا يتطلب تأسيس شركة فهى مجرد «موضة» ظهرت، غير معروف مصدرها وحتى الاتحاد الدولى لا يشترط وجودها، وهناك أزمة فى القانون وهى هل يتم اعتماد النادى أم الشركة بداخل الجمعية العمومية للاتحاد المصرى لكرة القدم .
● «المال»: ما المشاكل الموجودة داخل بيئة ومنظومة الكرة، وما المقترحات لإصلاح التشوهات بالقانون الرياضى الجديد؟
خالد رفعت: بدايةً أود الإشارة إلى أن لوائح الاتحاد الأوروبى واتحاد الكرة الأفريقى تشترط وجود حد أدنى لجزئيات ادارية ومالية، وفصل قطاع كرة القدم إداريا وماليًا عن طريق ميزانية مستقلة، وهو ما يوضح عدم ضرورة تأسيس شركة، وكل الأندية المصرية التى شاركت فى البطولات الأفريقية الماضية، حققت تلك الآليات خلال الفترة الماضية .
أما عن تطوير مناخ الاستثمار الرياضى، فالأزمة تكمن فى وجود هواة غير محترفين لتطوير الاحتراف والرياضة، بجانب عدم وجود ثقافة لتوضيح سبل التنفيذ بداخل الأندية الرياضية، على غرار الخلط الواضح فى منصب مدير التسويق بين مهام التعاقد مع اللاعبين وجذب رعاة للنادى .
● «المال»: نود سماع رأى سامح الترجمان حول الاستثمارات الرياضية التى ضُخت الفترات السابقة؟
سامح الترجمان: مصر استثمرت خلال السنوات الماضية بشكل واضح فى الرياضة، ولكن الأزمة تكمن فى العائد، كما أن الدولة ركزت خلال الـ20 عامًا الماضية فى تطوير الأندية والملاعب والمنشآت الرياضية الأخرى عبر الانفاق، كونها لم تتمكن من خلق كيانات رياضية كبيرة، فى حين أن الرموز الرياضية المتواجدة محليًا مثل كرم جابر ومحمد صلاح والبطل الأوليمبى محمد رشوان لا نستطيع القول إن الأنظمة المطبقة هى التى ساعدتهم على التطور وإنما «الفلتات» والقدرات الفردية والظروف المحيطة هى من ساعدت على ذلك، وأشير إلى توجه الحكومة لحل الأزمة عبر إصدار تشريع جديد دون الإشارة إلى الهدف الرئيسى للسياسة الجديدة .
● «المال»: ما «المحاذير» التى يتضمنها «قانون الرياضة» فى عملية الاستثمار؟
محمد فضل الله: إن أهم النقاط تتمثل فى عدم سماح القانون للمستثمر الأجنبى بالترشح لعضوية مجالس إدارات الأندية، ومن ثم فإن رئيس النادى لن يكون أجنبيًّا، وهو ما يتعارض مع فكرة قيام مستثمر بشراء نادٍ رياضى، وأن الأندية المصرية تُعد نموذجًا مختلفًا عن نظيرتها فى البلدان الأخرى، إذ تعد «هيئات اجتماعية» وليست رياضية فقط، فهى نموذج صعب للاستثمار الرياضى بالمفهوم المتعارف عليه عالميًّا .
والمجتمع غير مؤهل لتقبل فكرة تملك مستثمر ما للنادى الأهلى على سبيل المثال، ومن ثم فإن الاستثمار الرياضى فى مصر، يحتاج إلى تغيير فكرة تملك الأجانب بقانون الاستثمار، الذى لا يتيح تملك الأجنبى لنسبة أكبر من نظيرتها الخاصة بالمصريين فى الأندية الرياضية، فيما يكمن حل أزمة «تملك الأجانب» فى الابتعاد عنها، والتركيز على جلب شركات تدير الأنشطة الرياضية .
● «المال»: هل شركات كرة القدم ستدير فقط أم ستمتلك قطاع الكرة؟
محمد فضل الله: وفقًا للقانون شركات كرة القدم ستمتلك القطاع، وستكون مملوكة بنسبة %51 للنادى، و%49 للمساهمين الراغبين فى الدخول بهيكل ملكية الشركة الجديدة، وهو ما سيجعلنا نواجه أزمة تتعلق بحقوق الأصول الخاصة فى الشركة الجديدة .
فنسبة الـ%51 الخاصة بالنادى ستضم ملعب كرة القدم، واسم الشهرة والعلامة التجارية وكافة الأمور المرتبطة بفريق الكرة، ومن ثم فإن تلك الأصول ستكون ملكًا للشركة الجديدة، وقد تتعارض حقوقها مع حقوق أعضاء النادى .
سامح الترجمان: تقييم نسبة الـ%51 الخاصة بالنادى فى شركة كرة القدم، ستكون بناءً على وجهات النظر المختلفة للمقيمين، ومن ثم فعدم وجود آلية واضحة لن يؤدى إلى تغيير حقيقى، وفى ظل الإطار التشريعى الحالى فإن عملية الاستثمار الرياضى لن تأتى بالمفهوم المتعارف عليه عالميًّا، وبالتالى فهناك حاجة حقيقية لإعادة النظر فى قانون الرياضة الجديد، وبعض المواد المرتبطة بعملية الاستثمار الرياضى فى قانون الاستثمار .
محمد فضل الله: يجب على المسئولين عند قيامهم بإعداد تشريع يتعلق بالاستثمار الرياضى، دراسة كافة الأيديولوجيات الخاصة بالمجتمع، ومدى تقبلهم فكرة تملك الأجانب للأندية الجماهيرية لتحديد الجزء المتاح للاستثمار الرياضى، ومن ثم وضع قواعد واضحة ومنظمة للاستثمار، مع السماح بـ«الملكية الفرديةس لحل أزمة الاستثمار الرياضى فى كرة القدم المصرية .
5 ملاحظات على قانون الرياضة الجديد
● «المال»: ما أهم الملاحظات على قانون الرياضة الجديد؟
ملك الشوربجى: هناك عدة نقاط تم ملاحظاتها بالقانون، أبرزها عدم وضوحه فيما يتعلق بكيفية تعديل نسبة تملك النادى والبالغة %51 فى شركة كرة القدم، وعدم النص على التفاصيل الخاصة بكيفية تحويل فروع النادى لشركات مساهمة، بجانب عدم توضيح وجه الاستفادة من تحويل الفروع لشركة مساهمة تابعة للنادى .
كما أن هناك ملاحظات أخرى حول عدم تضمن القانون آلية للتمويل الرياضى على غرار المتبع فى بعض الدول الناجحة فى هذا القطاع، وذلك للحدِّ من الإنفاق الحكومى على الأندية .
● «المال»: ما مصادر التمويل التقليدية فى الأندية الرياضية فى العالم؟
خالد رفعت: مصادر تمويل أى نادٍ بالعالم تنقسم ما بين حقوق البث التلفزيونى والرعاية وتذاكر الجماهير والاشتراكات، وفى مصر تكاد حقوق البث أن تكون غير موجودة، كما أن المباريات يتم لعبها بدون جماهير، وبالتالى اختفى مصدران من أهم مصادر التمويل، أما عن الرعاية فهى مبنية بالتأكيد على المصدرين، فلن ترعى أحد العلامات أو الكيانات ناديًا ليس له حق تلفزيونى ولا تشاهده جماهير .
● «المال»: كان هناك فكرة ظهرت فى الرياضة وهى الممول، هل أحدثت تغييرًا؟
سامح الترجمان: الفكرة معمول بها فى كافة الأندية حول العالم، فنادى مانشيستر سيتى لم تكن له الإمكانيات المادية الحالية قبل أن يشتريه أحد المستثمرين الإماراتيين، وكذلك نادى باريس سان جيرمان اشتراه رجل أعمال قطرى، كما استحوذ رجل الأعمال ناصف ساويرس على نادى أستون فيلا، ونادى مانشيستر يونايتد وليفر بول فيمتلكهم رجال أعمال أمريكيون، وتشيلسى رجل أعمال روسى .
وأكد الترجمان أنه عندما يتأزم الوضع المادى للنادى يلجأ فى الغالب إلى طلب الدعم أو يدخل أحد رجال الأعمال ليرفع رأس مال النادى، وعندما توقفت كافة الطرق الشرعية للتمويل يلجأ للبحث عن المحبين أو الممولين، وفى الغالب تكون عبارة عن تبرعات لدعم الموقف المالى، وبالتالى تكون طريقة مفيدة وتدخلًا فى موازنة النادى، وأوضح من جديد أن الاستثمار الرياضى يحتاج تكوين شكل عام، ومنظومة متكاملة تتوافق مع هذا الإطار، وكيف سيكون شكل المسابقة .
خالد رفعت: لكن ظاهرة الممول أو المحب يتم محاربتها الآن فى دول أوروبا والاتحاد الأوروبى، والاتحاد الدولى يعد حاليًّا قوانين تمنع ذلك، وليس من المنطقى أن يستمر صاحب النادى فى ضخ استثماراته دون الحصول على عائد أو مقابل؛ لأنه يأتى فى وقت من الأوقات وسيوقف هذا الدعم، فالفكرة ليست فى الملكية بقدر ما هى طريقة التمويل .
وبالتالى عناصر نجاح المنظومة الرياضية ليست فى المستثمر، لكنها فى العناصر المحيطة، كوجود رابطة محترفين تضع شروطًا معينة تتعلق بعوائد التليفزيون والرعاية والبيع، وبالتالى يجب أن يحقق عائدًا، وهذه قواعد للاستثمار .
● «المال»: ماذا لو طالبنا بوضع 5 محاور لكيفية تطوير المنظومة التشريعية للرياضة المصرية؟
خالد رفعت: بشكل عام يجب النظر إلى موضوع الاستثمار فى الرياضة كمنتج، ويتم عرضه على متخصصين، مع إشراك القانونيين مع الشخصيات التنفيذية التى تدير بحيث يعملان معًا، وعدم استبعاد أى عنصر من تلك العناصر، أى شرط للترويج يجب أن يُطبق على جميع الناس المسؤولين عن هذه المنظومة، وإشراك القانونيين مع الشخصية التنفيذية، وعدم استبعاد أى عنصر من عناصر تلك المنظومة، شرط إبعاد الهواة عن الإدارة والتركيز على المحترفين .
عملية التخصص والتعليم مهم جدًّا فى هذا الأمر، وتحديد الطريق الذى سيأتى منه العائد للمستثمر عن طريق الاهتمام بالبيئة التى يعمل بها هذا المستثمر، وضرورة الاستماع إلى الرعاة مثل نسلته وصلة وغيرهما لأنهما فعالين ومؤثرين فى المنظومة .
سامح الترجمان: فكرة صندوق الاستثمار الرياضى بدأت بأن الألعاب الفردية لا تجد من يمولها فرأينا تنظيم هذا الموضوع بأن يكون هناك صندوق لا يهدف إلى الربح، ورأيى أن المعيار الحقيقى فى الرياضة قبل التشريع هى عملية التمويل، فإذا لم يقتنع المستثمر فلن يمول .
المنظومة الرياضية فى مصر لا تقوم على شكل مؤسسى فالتمويل الرئيسى يأتى من الدولة أو من المحبين أو الأندية الجماهيرية، وبالتالى نحتاج إلى تغيير الآلية كلها بشكل عام، ومسؤوليتنا فى الصندوق هى إدارة أموال المستثمرين فقط، وطالما «البراند» قوى سيشجع الجميع على الاستثمار وضخ الأموال .
1200 نادي فى مصر وهو عدد ليس كبير
محمد فضل الله: الموقف صعب جدًّا، فمصر بها 1200 نادٍ، وهو عدد ليس كبير، وفى ألمانيا حوالى 91 ألف نادٍ، لكن الـ1200 نادٍ مصنفين ما بين أندية أهلية أو مؤسسات حكومية أو شركات أو مصانع أو كيانات خاصة أسست ناديًّا غير هادف للربح، وأطالب بتغيير ملكية الأندية الكبيرة بحيث تسمح برفع ملكية المستثمرين الخارجيين لأكثر من %51، أو تكوين شركات إدارة عالمية لإدارة كرة القدم فى هذه الأندية .
● «المال»: ما رؤيتك المحورية لخروج قانون جيد ومتكامل للاستثمار الرياضى فى مصر؟
محمد فضل الله: أنا مع الفكر الإنجليزى والإسبانى فى فتح باب الملكية والاستثمار فى المجال الرياضى لكن لن نستطيع أن نأخذ كل شىء منهم وإنما المناسب للسوق المصرية فقط، الأنسب للأندية الرياضية أن تسعى لتكوين شركات إدارة أو تتعاقد مع شركات عالمية للإدارة، أما الملكية الفردية للأندية من قبل مستثمرين محليين أو أجانب على سبيل المثال فلابد من اشتراط أن يكون العضو العامل فيها وطنى وليس أجنبيًّا، بمعنى أن تكون عضوية المستثمر الأجنبى عضوية رياضية وليس عاملة .
● «المال»: كيف يتم تطبيق هذه الأمور والمقترحات على أرض الواقع؟
محمد فضل الله: نحتاج إلى تعديل الإطار القانونى المنظم للمجال الرياضى فى مصر، فلا يمكن الاستمرار بقانون الرياضة الموضوع منذ عام 1975 الذى يحتوى نصوصًا وصياغات قديمة لا تناسب الواقع الحالى بتطوراته المختلفة، وأدعو لانفصال كرة القدم برابطة للأندية المحترفة عبر تشريع خاص يحدد نظام الترخيص ومعاييره، وكيفية التملك والاستثمار فى هذه الأندية، ولائحة للعب النظيف تراقب الأموال والإيرادات والمصروفات مثل أوروبا، لكن مسألة تطبيق ذلك يحتاج إلى تدخل مباشر من الدولة وليس انتظار مبادرة اتحاد الكرة إلى ذلك .
سعيد حنفى: أنا أيضًا مع فكرة تشجيع الأندية الجماهيرية على زيادة مواردها المالية، وأن يكون لكل نادٍ استاد خاص بمجمع رياضى متكامل مثل الأندية الأوروبية، وذلك من خلال الانتشار فى محافظات مصر كلها عبر إنشاء الأكاديميات الرياضية والاستادات الخاصة الجاذبة، كما يمكن أيضًا للأندية أن تفكر فى طرح جزء من أسهمها فى البورصة للاكتتاب العام أمام الجماهير وغيرهم من الفئات الراغبة فى الاستثمار الرياضى، بما يمكنها من زيادة مواردها المالية التى تساعدها على التوسع فى أعمالها، خاصة فى مجال الرياضيات الأخرى التى تجذب شرائح أخرى من الجماهير بما يوسع القاعدة الجماهيرية فى النادى، وتعد تجربة نادى وادى دجلة ناجحة فى هذا السياق .
وأوضح حنفى أنه لابد للأندية أن تفكر فى تنويع مصادرها المالية بعيدًا عن دعم الدولة المستمر منذ عقود، فالدولة الآن لديها مشكلات وأزمات مختلفة لا تمكنها من الاستمرار فى هذا الدعم الذى تتزايد تكاليفه، وبالتالى نحن بحاجة لمشاركة القطاع الخاص للاستثمار فى الأندية الرياضية على غرار الأكاديميات الرياضية المنتشرة خلال الآونة الأخيرة .
● «المال»: هل هناك أى إشكاليات أخرى بالقطاع الرياضى؟
محمد فضل الله: أحد العناصر المهمة أيضًا فى عملية التمويل «الضريبة الرياضية»، ففى حالة مصر لا يتم تحصيل ضريبة على الخدمة الرياضية مثل الدول الأوروبية التى تفرض ضريبة على عقود اللاعبين تتراوح بين %40 و%60 فى دول أوروبا، كما لا يتم تحصيل ضريبة على اشتراكات الأعضاء التى تتراوح فى مصر بين 100 ألف جنيه و400 ألف جنيه وفقًا للأندية المختلفة، علمًا بأن قيمة التجديدات السنوية للأندية الكبرى فى مصر تتراوح بين 100 مليون و150 مليون جنيه، ولا يتم تحصيل ضريبة عليها .
كما أن هناك مقتطعات مالية مهدرة لا يتم تحصيلها فى مجال الرياضة بمصر، على سبيل المثال نقابة المهن الرياضية يفترض أن تحصل على نسبة %5 من العقد المصرى، و%10 على العقد الأجنبى، وهذه الأموال لا يتم تحصيلها سواء بالنسبة للاعبين المصريين المحليين أو المنخرطين فى دوريات أجنبية، وإذا طبقنا هذه الضرائب الرياضية وحصلنا الاستقطاعات المالية المهدرة يمكن تحصيل مبالغ سنوية تتراوح بين 800 و900 مليون جنيه مصرى من قطاع الرياضة المصرية .
وأكد فضل الله أننا نحتاج أيضًا إلى إعادة النظر فى قواعد التسويق والبث والتلفزيونى فى مصر، وكذلك سوق بيع اللاعبين وقواعد الانتقال وغيرها، فهناك حالة تناقضات غريبة فى هذا السوق، فبعض اللاعبين يباعوا بقيمة 20 مليون جنيه و30 مليون، وبعضهم بأرقام أخرى مبالغ فيها رغم ضعف الحالة الرياضية فى مصر عمومًا .
تصوير- وليد عبدالخالق وأحمد رشدى ومحمد رجب