أعلن البنك المركزي المصري، انتهاء كافة البنوك المصرية من قياس البصمة الكربونية لمبانيها الرئيسية، وذلك تماشيا مع توجهات الدولة والبنك المركزي نحو التحول لتطبيقات الاقتصاد الأخضر والحد من الآثار السلبية للتغيرات المناخية وتحقيق التنمية المستدامة وفقا لرؤية مصر 2030.
وقال شريف لقمان وكيل محافظ البنك المركزي المصري للشمول المالي، خلال مشاركته في حلقة نقاشية داخل جناح البنك الدولي ونظمتها مؤسسة التمويل الدولية الذراع التمويلية للبنك الدولي على هامش قمة المناخ COP27 التي تستضيفها مدينة شرم الشيخ، إن مصر تعد من أوائل الدول في العالم التي تنجح بنوكها في الانتهاء من قياس البصمة الكربونية في فروعها الرئيسية، إضافة إلى البنك المركزي ذاته، وهي خطوة مهمة للغاية، أعقبت أصدار تعليمات ملزمة للبنوك بشأن التمويل المستدام لتعزيز دور القطاع المصرفي في تحقيق رؤية الدولة نحو التحول للاقتصاد الأخضر ومواجهة المخاطر البيئية.
وأضاف أنه كان من الضروري تهيئة القطاع المصرفي والسوق لهذه الخطوة بعد دراسة الفجوات، وذلك من خلال بناء القدرات والتعليم والتدريب للعاملين بالبنوك والسوق والجهات ذات الصلة، مشيراً إلى أن المستهدف في المرحلة المقبلة الانتهاء من عملية قياس البصمة الكربونية في فروع البنوك بالكامل، وذلك في إطار التحرك التدريجي الذي يتبعه البنك المركزي نحو إحداث التغيير في السوق، وذلك إيمانا بالدور الكبير للقطاع المصرفي فيما يتعلق بقضايا تغير المناخ.
وأشار إلى أن التغلب على التحديات التي واجهت القطاع المصرفي للتحول نحو الطاقة الخضراء والتعامل مع المشكلات المناخية بشكل أمثل، كان يتطلب العديد من الإجراءات، أولها تحليل الفجوة لإصدار التوجيهات اللازمة، ثم تهيئة السوق ذاته، لافتاً إلى أن ذلك لم ينحصر فقط في القطاع المصرفي ولكن أيضاً لبعض العملاء والشركاء ذوي الصلة من الحكومة.
وتعتبر البصمة الكربونية هي إجمالي الغازات الدفيئة الناتجة عن الانبعاثات الصناعية أو الخدمية أو الشخصية، وقياسها يكون سعياً للحد من الآثار السلبية لتلك الانبعاثات، وتتمثل في عملية قياس دقيقة للممارسات التي تتعلق بالانبعاثات الناتجة من حرق الوقود، تسرب غاز التبريد أو سلاسل التوريد، استهلاك المياه وعملية إدارة النفايات وذلك بهدف خفضها حفاظا على البيئة، من خلال الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة والنظيفة ونظم الإنارة الذكية والاعتماد على سلاسل التوريد الخضراء.
وأكد شريف لقمان، وكيل محافظ البنك المركزي، أن التحول نحو التمويل الأخضر والحد من الانبعاثات يؤثر بصورة إيجابية على المدى الطويل في إرتفاع قيم أصول للعملاء واستثماراتهم، دون أية تأثيرات سلبية على السوق ومجال الأعمال وهو ما يعد الهدف الرئيسي الذي يركز عليه البنك المركزي، لافتا إلى أن البنك المركزي والحكومة المصرية أطلقا العديد من المبادرات لدعم مواجهة التحديات المناخية، بتكلفة ضخمة تحملتها الدولة، حيث تم تنفيذ جميع هذه المبادرات من أجل تشجيع السوق للتعامل مع التغيرات المناخية.
وحول انعقاد قمة المناخ COP27 بمدينة شرم الشيخ، قال لقمان إن لديه طموحا كبيرا بشأن ما ستخرج به القمة، خاصة فيما يتعلق بالتأكيد على الانتقال من مرحلة التعهدات إلى مرحلة التنفيذ، مؤكدا أنه يشعر بسعادة غامرة لكون “قمة التنفيذ” تعقد على أرض مصر وفي أفريقيا التي تحتاج دعما حقيقيا من جميع المؤسسات الدولية.
وأضاف لقمان أن الدول عليها مسؤوليات رئيسية فيما يتعلق بتحديات المناخ، لكن في الوقت نفسه المجتمع الدولي عليه أيضا مسؤوليات تجاه الأسواق الناشئة ومنها الدول الأفريقية.
وتابع أن التقارير تشير إلى أن أفريقيا تحتاج إلى ما يقارب من 3 تريليونات دولار خلال الفترة من من 2020 إلى 2030، بينما ما تم دفعه حتى الآن يبلغ 30 مليار دولار فقط، ما يمثل 1% من الاحتياجات، وهو ما يفرض ضرورة بحث كيفية مواصلة التمويل ودعم هذه الدول نحو التحول المطلوب في كافة الأرجاء خاصة أننا نرفع الآن شعار “عام التنفيذ”.
وأشار وكيل محافظ البنك المركزي إلى أنه على الدول الكبرى والمؤسسات الدولية إعادة النظر في إسلوب دعمها للدول النامية، التي تحتاج لمزيد من الدعم ليس فقط على صعيد توفير التمويلات من خلال القروض بل تحتاج بجانب ذلك إلى التمويل منخفض التكلفة وتمويل الدعم ذاته، حيث أن بعض الدول في الأسواق الناشئة تتحمل تكلفة هائلة لدعم المبادرات الخاصة بقضية التغير المناخي والتمويل المستدام ويجب على المؤسسات الدولية تحمل تكلفة دعم مثل هذه المبادرات.
وشدد شريف لقمان على أن الأمر الأكثر أهمية لا يتعلق فقط بالتمويل، وإنما أيضا بالإستثمار وتوفير المستثمرين الدوليين في تلك المشروعات، مشيراً إلى أن مدينة شرم الشيخ تعد أول مدينة “خضراء” في مصر، ويجب تكرار هذه التجربة في مدن أخرى ، لكن ذلك لن يتم عبر التمويل فقط وإنما من خلال توافر الاستثمار والشراكة لتحقيق ما نسعى إليه.
وكان البنك المركزي المصري قد أصدر تعليمات مُلزمة بشأن التمويل المُستدام، تضمنت عدة محاور رئيسية منها إنشاء إدارة مستقلة للاستدامة والتمويل المُستدام بكل بنك، فضلاً عن إلزام البنوك بإدراج سياسات وإجراءات تنفيذية خاصة بالتمويل المُستدام ضمن السياسات الائتمانية والاستثمارية للبنك، بالإضافة إلى الاستعانة باستشاري بيئي لتقييم مشاريع الشركات الكبري المُزمع تمويلها من المنظور البيئي، وأخيرًا إعداد تقارير دورية في هذا الشأن.