نحن والإسلام وعيون الآخرين (1)

نحن والإسلام وعيون الآخرين (1)
رجائى عطية

رجائى عطية

7:31 ص, الأحد, 12 يوليو 20

أتيح لى فى مجمع البحوث الإسلامية، أن أناقش الترجمة العربية المحققة والمعلق عليها بمعرفة الدكتور عبد الرحمـن عبد الله الشيخ لكتاب « محمد » : مؤسس الدين الإسلامى، ومؤسس الإمبراطورية الإسلامية الذى وضعـه بالإنجليزية جورج بوش الجد الأعلى (1796 ـ 1859)، وصـــدرت طبعتــه الأولــى سنــة (1830) بعنوان: The life of Mohamed; founder of the religion of Islam and of the Empire of the Saracens.. والطبعـة المترجمة التى راجعتها، قد تضمنت النص الإنجليزى عن الطبعة الإنجليزية الثانية وفى مقابلها الترجمة العربية متضمنة التحقيق والتعليق، حالة كون المؤلف : الجد الأعلى للرئيس جورج بوش الأب، يكتب بقاموسه الذى وإن تخلص تناوله لرسول الإسلام من كثير من المفاهيم الخاطئة، إلا أن الكاتب ـ بالبداهة ـ ليس مسلم العقيدة، ولا هو إسلامى الهوى، بل تفلت منه قصدا أو عفوا، تعبيرات تفصح عن عقيدته ولا تتفق مع عقيدة المسلمين فى رسول القرآن عليه السلام. فهو من البداية، وفى العنوان، يحرص على استخدام لفظ « مؤسس» «Founder»، ويستخدم فى العديد من المواضـع كلمـة «الدعىّ» «Imposter» وصفا لرسول القرآن عليه السـلام، قاصـدا بذلك، وإن استخـدم أحيانـا وصـف «النبى» أو«الرسول» ـ استحضار أو إسباغ معنى الصناعة البشرية على دين هدايته من السماء، ولذلك فإن المترجم المحقق المعلق، يحرص فى تقديمه للترجمة الشاملة للنصين الإنجليزى والعربى على أن يبين أن من أغراض ترجمة هذا الكتاب، التصدى لمزاعم المؤلف، وافتراءاته على خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم، وتفنيد هذه المزاعم والرد على تلك الافتراءات أولا، وثانيا معرفة الفكر الدينى الذى يسود برأس الحفيد الأدنى الرئيس الأمريكى الحالى وقلبه، كما ساد من قبل رأس أبيه الرئيس الأسبق، والمتوارث عن فكر دينى لآل بوش متغلغل فيهم منذ سنوات بعيدة !

ومن أغراض هذه الترجمة على حد ما أورده تقديم الناشر، الكشف عن المصادر الأساسية للكراهية والحقد والعنصرية التى يمارسها تيار متطرف فى فكر الغرب الأمريكى ضد الإسلام، يصف العـرب والمسلمين بالتطرف، ويشن عليهم حملة ظالمة !.. وقد تساءلت وقت مناقشة الترجمة الكاملة للكتاب، ولا زلت أتساءل، ما الحاجة إلى هذه الترجمة إلى العربية حتى وإن حملت ما حملته من تعليقات وتعقيبات تكشف الفكر الملبوس والحقد الدفين لدى المؤلف الأمريكى الراجع إلى قرابة مائتى عام. إن الترجمة إلى العربية لا تخدم الخطاب الدينى الإسلامى أو العربى، فالمسلم الناطق بالعربية يفهم ويعرف دينه من القرآن المجيد والسنة النبوية ومن السيرة والأثر وكافة المصادر والمؤلفات الإسلامية، وليس بحاجـة إلى استحضار الأغلاط والافتراءات الأمريكية أو الغربية ثم التعقيب أو الرد عليها، ربما يهتم بذلك الخواص المتصدون للدعوة الموجهة إلى الأغيار، ولكن هؤلاء لديهم علمهم ومعرفتهم وأدواتهم لتحصيل ما كتبه المؤلف بالإنجليزية، والتعقيب عليه هناك لا هنا، وبلغة هؤلاء الأغيار لا بلغتنا العربية. ربما أغرى المترجم المحقق المعقب ـ وكما قال فى تقديمه ـ أن بالكتاب إقراراً من المؤلف بإشارات وردت عن النبى محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ فى بعض أسفار العهد القديم، ولكن المؤلف يغالط فى دلالتها فيتصدى المترجم للتعقيب عليها، ليثبت خطأ مخالفته التفسير الصحيح لهذه البشارات، وليمسك على المؤلف أنه هو ذاته قد أورد آيات أخرى من العهدين القديم والجديد، مؤكدا أنها تشير إلى ظهور النبى محمد وانتشار دعوته. ولكن هل تبرر هذه الجزئية ترجمة الكتاب كله إلى العربية، وألا يكفى انتقاء ما سلم به المؤلف من إشارات والتعقيب عليه فى مقال أو فصل فى كتاب، وهل يحتاج هذا الاستدلال إلى ترجمة ضخمة بلغت بالنصين الإنجليزى والعربى (665) صفحة لكتاب بالإنجليزية يناهض الإسلام ورسوله، كتبه بوش الجد الأعلى من قرنين من الزمان؟!

www. ragai2009.com

rattia2@hotmail.com