برغم حالة الفتور التى تخيم على أوساط المال والاقتصاد – أو ربما بسببها – تلقفت هذه الاوساط بسعادة بالغة – هذا ما لاحظناه – أحداث ما يمكن أن نطلق عليه موسماً للانتخابات الساخنة والذى بدأ مطلع شهر أبريل الجارى مع الاستعداد لمعركة انتخابات مجلس ادارة البورصة، ويستمر حتى نهاية شهر مايو الماضى مع انتهاء انتخابات مجلس ادارة غرفة التجارة الامريكية.
ويبدو أن هذه الحالة من السعادة – أو عودة الروح إن جاز التعبير – تعبر عن رغبة داخلية دفينة لدى الكثيرين من رجال المال والأعمال فى استعادة اجواء الحركة والسخونة والديناميكية والمنافسة والتى طالما افتقدوها على مدار السنوات القليلة الماضية للظروف الصعبة التى يمر بها الاقتصاد.
دبت الحركة فى اوساط مجتمع «البيزنيس».. الكل يتحدث عن المرشحين والتحالفات وفرص النجاح، وإذا كانت انتخابات البورصة قد مرت هادئة نسبيا – مقارنة بمثيلاتها السابقة كما تناولنا ذلك بالتفصيل فى العدد السابق – فإن الوضع يبدو مختلفا مع انتخابات الغرفة الأمريكية، التى تشير التوقعات إلى أنها ستشهد معركة صاخبة خاصة على منصبى الرئيس ونائب الرئيس، وعلى عضوية المجلس التى يتنافس عليها عدد كبير من المرشحين .
وربما يكون من دلائل سخونة المعركة المنتظرة فى الغرفة عن نظيرتها فى البورصة، نجاحها فى استقطاب عدد لا بأس به من الوجوه المعروفة فى مجال الأوراق المالية وبنوك الاستثمار، الذين فؤجئنا ببعضهم يتخلى عن موقعه الاساسى فى مجلس إدارة البورصة، ويتجه عوضا عن ذلك إلى خوض غمار انتخابات الغرفة الأمريكية، والتى تمثل كيانا مهما فى التأثير على العلاقات الاقتصادية والتجارية بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية، وهى علاقات يتنتظر أن يتعاظم دورها وأهميتها فى ظل المتغيرات الأخيرة فى المنطقة.
وبعيداً عن ذلك .. وحتى نستعد معاً لمتابعة تفاصيل المعركة الانتخابية المنتظرة والتفاعل معها، ينبغى أن نشير إلى بعض الملاحظات الأولية حول عملية الانتخابات ذاتها:
أولا: إن الانتخابات – أى انتخابات ولو كانت انتخابات مدرسية – هى عملية سياسية فى المقام الأول والأخير، يخوضها المرشحون دفاعا عن انتماءاتهم الذاتية، سواء كانت هذه الانتماءات سياسية أو أيديولوجية، أو تعبر عن مصالح مجموعات أو فئات معينة، أو حتى لاشباع طموحاتهم الشخصية ورغباتهم فى تحقيق الذات، وهى كلها – على عكس ما يعتقد الكثيرون منا – أمور مشروعة تماماً على المستويين السياسى والاجتماعى، بل وأزعم أنها كذلك على المستوى الأخلاقى أيضا، فى حالة اعتقاد كل مرشح فى ارتباط مصالحه واهدافه بالمصلحة العامة للمجتمع ككل، سواء كان هذا المجتمع قرية أو مدرسة أو دولة أو غرفة تجارية.
ثانيا: إن العملية السياسية – الانتخابات – يلزمها ادوات يستخدمها كل مرشح للتأثير على الناخبين، كالاقناع الشخصى، والسمعة الطبية، والإنجازات السابقة، والتلويح بالقدرة على خدمة المصالح الشخصية للناخبين فى حالة النجاح وغيرها.
ثالثا: تعتبر القدرة على بناء تحالفات ناجحة إحدى الوسائل المهمة، التى يستخدمها المرشحون، لتعزيز فرصهم فى النجاح، بل ويصل الأمر احيانا ببعض المرشحين إلى محاولة إيهام أكثر من طرف متنافس بتحالفه معه – على عكس الحقيقة – رغبة فى الحصول على أكبر عدد من الأصوات.
رابعا: إن من الصعب الحكم على الأمور السياسية – ومنها عملية الانتخابات – من المنظور الاخلاقى، لأن السياسية تستهدف تحقيق المصالح، فى حين أن الرؤية الأخلاقية – وهى رؤية نسبية تختلف من شخص لأخر ومن مجتمع لمجتمع – تبتغى الخروج بأحكام، – البعض يعتبرها نسبية والبعض يراها مطلقة – إما للإدانة أو للتأييد، وهو أمر يصعب أن تخضع له العلاقات السياسية، وهو فى أغلب الأحوال يتعارض معها.
الخلاصة .. إن هذه الملاحظات السابقة، تمثل – بالنسبة لنا – مرجعية للحكم على ملكة كل مرشح فى استخدام ما يملكه من أدوات، للتأثير على جمهور الناخبين، وقدرته على اختيار التحالفات التى تعضد فرصه فى النجاح ، مع التسليم بقدرة البعض على النجاح، دون الحاجة لإقامة مثل هذه التحالفات، لتوافر المقومات الشخصية الكافية لذلك ، وهو حكم لا علاقة له – كما قلنا – بالمعايير الأخلاقية، بل على العكس ربما يخفق مرشح لإفراطه فى النبل وإغراقه فى الرومانسية رغم سمعته الطيبة وسمو الأهداف التى يسعى لتحقيقها، وبالمناسبة هذا لا ينفى حسن أهداف أو نية من يمتلك القدرة على إدارة معركته الانتخابية بالاساليب السياسية المتعارف عليها.
أعتقد أننا الأن مستعدون لرصد ومتابعة أحداث انتخابات الغرفة الأمريكية.
حازم شريف
7:26 م, الأحد, 27 أبريل 03
حازم شريف
7:26 م, الأحد, 27 أبريل 03
End of current post