دلالات كشف الوثائق السرية الأمريكية
ليس حبًّا للعرب، وإنما فى إطار حرب التنافس فى انتخابات رئاسة الولايات المتحدة، كشف رونالد ترامب عن بعض الوثائق السرية الأمريكية، وأهم دلالات هذه الوثائق ـ حتى وإن لم يشأ ترامب ذلك ـ هى الكشف عن المخططات الخبيثة التى تدار للعرب وللشرق الأوسط، وكيف يجرى التآمر علينا حتى صار إشعال الحروب الأهلية بداخل الأقطار العربية ـ هدفًا مخططًا للسياسة الأمريكية ـ لأغراض تتفق على إضعافها وإعادة ترتيب أوضاعها بما تريده أمريكا أن يجرى فى هذه المنطقة من العالم، والتى لا تخفى الولايات المتحدة أن استراتيجيتها سواء فى عهد الديمقراطيين أو الجمهوريين، ترنو إلى تثبيت أقدام إسرائيل فى المنطقة، وتحكُّمها فيها، تغوّلاً على الحقوق الفلسطينية بل العربية المشروعة.
مما كشفت عنه هذه الوثائق، البريد الإلكترونى لهيلارى كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة، ونظام أوباما، عن الارتباط الوثيق بقناة الجزيرة القطرية، واستغلالها فى نشر الفوضى بالبلدان العربية بالشرق الأوسط.
ووفق ما ورد فى البريد الإلكترونى الحكومى، فإن هيلارى كلينتون زارت قناة الجزيرة فى مايو سنة 2010، أى قبل شهور قليلة من اندلاع الفوضى، واجتمعت يومها مع مدير الشبكة وضاح خنفر، ثم مع أعضاء مجلس إدارة القناة، حيث جرت المناقشة والترتيب لزيارة وفد من القناة إلى واشنطن، حيث التقى هناك فى منتصف مايو من ذات العام مع حمد بن جاسم رئيس وزراء قطر السابق، وتثبت رسالة أخرى أن هيلارى كلينتون طالبت قطر ـ التى استجابت !! ـ بتمويل ما سُمّى بثورات الربيع العربى، أو بالأحرى الخريف العربى والربيع الإسرائيلى، عبر صندوق مخصص لمؤسسة كلينتون!
كما كشف بريد إلكترونى آخر يرجع إلى سبتمبر 2012 أثناء اندلاع وتداعيات هذه الثورات المرتبة التى ضربت عدة أقطار عربية تباعًا، كشف عن تعاون النظام القـطرى مع «الإخوان» لإنشاء قناة إعلامية باستثمارات كبيرة، وذلك بعد أن اشتكى تنظيم الإخوان من ضعف مؤسساته الإعلامية.
ولم يجد ترامب بأسًا ـ لأغراضه الانتخابية وليس للإقرار بالحق ـ من أن يصف الوثائق بأنها تكشف عن أكبر « جريمة سياسية » فى التاريـخ الأمريكـى، مضيفـًا أن هذه الجريمة الكبرى تتعلق بخدعة روسيا، وفضيحة البريد الإلكترونى الخاص بهيلارى كلينتون.
وقيل أيضًا إن هيلارى كلينتون استخدمت خادمًا خاصًّا لبريدها الإلكترونى بمنزلها فى نيويورك للتعامل مع رسائل وزارة الخارجية التى تتولاها، حيث أعلن جيمس كومى مدير مكتب التحقيقات الفيدرالى أن المكتب يحقق فى رسائل ظهرت حديثًا مرتبطة بخادم البريد الشخصى لوزيرة الخارجية السابقة، والتى استبان أنها لم تسلم لوزارة الخارجية إلاَّ نحو 55 ألف رسالة، وحجبت ثلاثين ألف رسالة بدعوى أنها شخصية ولا تتعلق بالعمل!
على أن دلالة هذه الوثائق، لا تقتصر على فضح الدور الأمريكى فيما سُمّى بثورات الربيع العربى، وإنما تمتد لتكشف عن دور النظام القطرى الذى ساهم ويسهم بأموال الشعب القطرى فى تدمير كل ما هو عربى، وفى دعم الإرهاب، والإضرار الجسيم بواقع ومستقبل العرب.
قد لا يتأتى للعرب، لأسباب كثيرة منها ما هو مسكوت عنه، أن يتصدى تصدّيًا فاعلاً للدور الأمريكى، وها هو الموقف المخزى إزاء ابتلاع القدس وإعلانها عاصمةً أبدية لإسرائيل، وإعلان هضبة الجولان السورية أرضًا إسرائيلية، والترتيب للتغوّل على باقى الضفة الغربية للأردن!
يبد أنه لا حجة ولا ذريعة لأحد فى القعود عن التصدى الفاعل لما يرتكبه النظام القطرى من جرائم لا يُقبل من العقلاء والتغاضى عنها!!!
www. ragai2009.com