براءة الأديان من مغالطات التفاسير، وأغراض السياسة (3)
تتضح أغراض السياسة ، فى الملحق الأول الذى أضافه جورج بوش الجد الأعلى لكتابه عن «محمد» ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، فيعتسف فيه تفسيرًا غريبًا ومغلوطًا لنبوءتى دانيال ويوحنا اللاهوتى. يبدأ بنبوءة دانيال الواردة بالعهد القديم الذى امتد وضعه قرابة ألف عام، واستغرق جمعه نحو ألف عام أخرى من سنة 1100 ـ 200 ق م. ينتزع منه بوش رؤيا لدانيال الذى ذكرت دائرة المعارف الكتابية أن وضع سفره فى القسم الثانى للأسفـار القانونية فـى الكتاب المقدس العبرى ـ كان على الأرجح لأنهم لم يعتبروه «نبيا»، بل كان بالحرى «رائيا» أو «حكيما» (ج/3 ـ ص 388).. ويذكر سفر دانيال نفسه أنه كان واحدًا من النسل الملكى فى يهوذا، ومن الشرفاء الذين أخذهم نبو خذ نصر (605 ق.م) إلى بابل. بيد أن بوش يمضى مـع الرؤيـا أو الحلـم الذى رَوَى دانيـال أنـه رآه (الإصحاح 8:8ـ26)، تحدث فيه عـن «تيس» و«قرن عظيم» و«قرن صغير»، ورواية رآها فى المنام، ليسحبها بوش أكثر من 1500 سنة ويجتزها من الأسر البابلى ليطبقها على الإسلام ورسوله، وألف سنة أخرى ليطبقها على الواقع المعاصر.. ويتجاهل فى تفسيره الغريب كل منطق، ويخالف وقائع التاريخ، ليقفز إلى نبوءة أغرب من الخيال، أن المسلمين بعـد إزاحـة حكامهـم المتسلطين، سيتركون دين «الدعىّ» محمد ـ كذا! ـ إلى الدين الحقيقى! يفسر الرؤيا أو المنام بأن القرن الكبير الأول ( قرن الكبش ) هو مملكة الإسكندر ، وأن القرن الصغير يشير إلى الدين المحمدى ـ هكذا يفضل تسميته! وأن «فخر الأراضى» أو «زينة الأراضى» مقصود بها أرض يهوذا أى فلسطين، وأن شاهد صدق النبوءة ـ حسب تفسيره ـ أن «الدعى» العربى ـ كذا! ـ حصل على درجة من التوقير مساوية لما يحظى به يسوع المسيح، بل ورفع نفسه عليه درجة حين جعله مجرد نبى واحتفظ لنفسه وللقرآن بمكانة أوفر. الدين الإسلامى فى تفسيره هو: «.. هرطقة محمد».. ينسب إليه فى اجتراء غشوم أنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ أطاح بالطقوس السابقة وبرموزها ومذابحها.. وأن مـا تنبـأ به القديس بولس عن «رجل الخطية» يشير إلى ما أسماه «الخداع المحمدى» !.. ولذلك الغرض يلوى بوش الآيات القرآنية الواردة على لسان يوسف عليه السلام فينسبها إلى لسان «محمد».. ليطلق عليه أنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ هو «مؤلف القرآن»!!
***
بذات الملحق الأول لكتاب «محمد مؤسس الدين الإسلامى»، ينتقل بوش الجد الأعلى من سفر دانيال فى القرن السابع قبل الميلاد، إلى رؤيا يوحنا اللاهوتى الذى كتب إنجيله فى أرجح الروايات بعد أكثر من تسعين عاما من رفع السيد المسيح. أما الرؤيا التى تصدى الواعظ بوش لتفسيرهـا على هـواه، فضمن رسائل يوحنا اللاهوتـى بالعهـد الجديد (الإصحاح 9:1ـ19).. ورد بها نفخ ببوق، وكوكب سقط من السماء إلى الأرض، وهاوية أُعْطِىَ مفتاحها للنجم الساقط.. يصعد الدخان من بئرها وأتونها العظيم، ويخرج منها جراد على الأرض شكله كشكل الخيل المعدة للحرب ، على رءوسها أكاليل، ولها أذناب شبه العقارب، ولها ملاك الهاوية، والويل الواحد مضى، يأتى بعده ويلان، ثم نفخ الملاك السادس بالبوق، وانفك أربعة ملائكة لكى يقتلوا ثلث الناس، والخيل والجالسون عليها لهم دروع نارية تخرج النار والدخان والكبريت من أفواهها!
يلوى بوش الجد الأعلى هذه الرؤيا ليسحبها على الإسلام والعرب ، فهم الجراد وزعيمهم (محمد) هو المبيد!.. والكوكب الذى سقط من السماء وأُعْطِىَ مفتاح الهاوية يرمز دينيا لظهور «الدعى» العربى ـ كذا!.. أما سقوط النجم قبل ظهوره فيشير إلى شخص «آريوس» وغيره من الهراطقة وارتدادهم عن الحق الذى جازتهم العناية الإلهية عنه بظهور الإسلام: «ذلك الدين المدمر المخادع»!!!.. لا يدع بوش الجد الأعلى سبيلا لتزييف التاريخ والحقائق إلاّ سلكه ليستقيم له التفسير المغلوط الذى تبناه!
www. ragai2009.com
rattia2@hotmail.com