من تراب الطريق (840)

من تراب الطريق (840)
رجائى عطية

رجائى عطية

7:02 ص, الأربعاء, 15 أبريل 20

مرتضى المراغى شاهدًا على حكم فاروق (49)

إبعاد اللواء محمد نجيب من سلاح الحدود

يفتح مرتضى المراغى فى هذا الفصل من شهادته، ملفًّا بالغ الأهمية لا يعرفه كثيرون . فقد كان سلاحا الحدود والسواحل يشكلان سلاحًا واحدًا مختصًا بحماية حدود البلاد البرية والبحرية، وكانت تجارة المخدرات أحد التسربات الخطيرة التى تهدد أمن وسلامة مصر وشعبها، وكان لدى سلاح الحدود والسواحل عددًا من أنبه وأشطر المتخصصين فى اقتفاء الأثر، وبلغ من كفاءتهم أنهم كانوا يستطيعون من أثر خطوات الابل تحديد حملها.. وكان عماد قضايا المخدرات التى كانت تحاكم آنذاك أمام محاكم عسكرية عند بداية خدمتى بالقضاء العسكرى، وكان زملاؤنا الأكبر العاملون بقضايا الحدود ذوى كفاءة متميزة وخبرة عريضة أفادتنا كثيرًا.

ويفتتح مرتضى المراغى شهادته بأن وظيفة لواء سلاح الحدود هى مطاردة المهربين الذين يهربون المخدرات عبر تركيا فسوريا فلبنان إلى غزة فإلى قنال السويس . وكانت مهمة شاقة جدًا لأن القوة لم تكن تكفى لتغطية آلاف الكيلومترات من الصحارى ولم تكن تتوفر الوسائل اللازمة كطائرات الهليكوبتر أو الاستطلاع أو قوارب الطوربيد الكافية لضبط السفن الناقلة للمخدرات. وكان الجنود غالبًا يستخدمون الجمال أو سيارات الجيب. ولكنهم تحت قيادة اللواء محمد نجيب تمكنوا من ضبط كميات كبيرة جدًا وضيق الخناق على المهربين وقبض على عدد كبير منهم ومن استطاع الفرار ألقى بحمولته ونجا والمفروض أن يلقى محمد نجيب تقديرًا كبيرًا على نشاطه ونزاهته، ولكنه لقى سخطًا كبيرًا.

فقد كانت فى القصر حاشية قوية النفوذ عند الملك تريد أن تثرى ووجدت أن الثراء السريع المضمون هو تجارة المخدرات، ولكنها تجارة محفوفة بالمخاطر. لأن عقوبة تاجر المخدرات تصل إلى الأشغال الشاقة المؤبدة. لكن هذه الحاشية تريد الثراء، وهى ذات نفوذ عند الملك تستطيع به أن تستصدر ما تريد من قرارات. ولذلك وضعت هذه الحاشية هدفًا لها وهو إبعاد اللواء محمد نجيب عن منصب قائد سلاح الحدود والمجىء برجل آخر يمكن قوافل التهريب التى هى تحت امرتها من المرور خلال دروب فى الصحراء وبين الجبال لا تكون فيها نقط مراقبة ولا دوريات من الجنود. وكان محمد نجيب بحكم خبرته الطويلة يعلم هو ومن عينهم معه من الضباط هذه المسالك والدروب. ويترصد المهربين فيها. وإذا حاولوا تجنبها ووجدوا دربًا آخر كان جنود محمد نجيب لهم بالمرصاد.

وكسدت تجارة المخدرات فى مصر وضاق رجال الحاشية بمحمد نجيب فأخذوا يشون به لدى الملك بأنه غير مخلص وأنه يتصل بالضباط الأحرار وأنه يسب الأسرة المالكة. حتى أوغروا صدر الملك عليه فأمر بنقله من قائد لواء الحدود إلى قائد لواء المشاة وهو منصب يعد من الناحية العسكرية أقل من المنصب الاول. ووجدوا بغيتهم فى اللواء حسين سرى عامر الذى كان وكيلاً لسلاح الحدود وعلى صلة برجال الحاشية. ووصل إلى رتبة الوكيل بمساعدتهم لأنه وهو ضابط استطاع أن يبعد الدوريات التى تحت قيادته من بعض الدروب حتى تمر قوافل مهربى الحشيش التى تعمل لحساب رجال الحاشية. ولما نقل محمد نجيب إلى سلاح المشاة عين الملك حسين سرى عامر قائدًا لسلاح الحدود. وكان لتعيينه أثر سىء عند صغار ضباط الجيش حتى إن بعضهم أطلق النار عليه.

ونجا حسين سرى عامر، وامتلأت جيوب حاشية القصر وخزائنهم بالملايين، ونعم الحشاشون فى مصر بما لم ينعموا به من قبل بسبب حسين سرى عامر!

www. ragai2009.com

rattia2@hotmail.com