من تراب الطريق (822)

من تراب الطريق (822)
رجائى عطية

رجائى عطية

9:38 ص, الأحد, 22 مارس 20

مرتضى المراغى شاهدًا على حكم فاروق (31)

منذ سنة 1947 ، ظهرت فى مصر فيما يدلى مرتضى المراغى ، ظاهرة اعتبرها غريبة ، وهى انضمام عدد من أبناء الباشوات وكبار الملاك إلى المنظمات الشيوعية ، وأحدهم كان والده رئيسًّا للوزراء واسمه ن. أ ، ويقصد بذلك زميلنا الأسبق المرحوم الأستاذ أحمد نبيل الهلالى ، ابن الأستاذ نجيب الهلالى باشا رئيس الوزراء ، وهو معروف بحيث لا تخفى شخصيته على أحد ، بل ولا حاجة إلى ذكر أوائل حروف الاسم ، وآخر كان والده وزيرًا واسمه أ. ب. ج. س. أ ، وآخر كان والده محافظًا لإحدى المحافظات الكبيرة واسمه م. ع. س. أ.

وهؤلاء ــ فيما يضيف ــ تأصلت فى أنفسهم العقيدة الشيوعية تأصلاً صادقًا. وكانت دراستهم للشيوعية دراسة أكاديمية عميقة. وأصبحوا من أكبر دعاتها حتى إن ابن رئيس الوزراء كان يذهب إلى المطبعة جهارًا فى النهار ويطبع المنشورات الشيوعية ويضعها فى سياراته ويتولى توزيعها بنفسه. وقد ضبط مره ثم أفرج عنه لكنه مضى فى النشر والتوزيع. وابن الوزير ضحى بحياته من أجل المذهب الشيوعى. إذ اعتقل فى عهد مراكز القوى ، وهرس عظم ظهره الفقرى ، ومات فى السجن.

ويتساءل مرتضى المراغى كيف تمكنت العقيدة الشيوعية من شباب مرفه يعيش فى القصور على حد تعبيره ؟ هل هى هواية مارسوها ضيقًا بحياة الترف التى كانوا ينعمون فيها ؟

وما سبق إن أبداه المراغى يرد على هذا التساؤل الذى يطرحه لاحقًا ، فهو قد أبدى إن العقيدة الشيوعية « تأصلت فى نفوسهم تأصلاً صادقًا ».. فهى لم تكن إذن هواية مارسوها.

وقد ربطتنى المحاماة ــ شخصيًا ــ بالأستاذ المرحوم أحمد نبيل الهلالى وكان يسبقنى فى التخرج بنحو عشر سنوات ، وكان رحمه الله لا يقبل إلاَّ قضايا العمال وقضايا الفقراء والقضايا السياسية ، وقد زرته يومًا فى مكتبه فاستلفتنى بساطة غرفته ، كانت بلا سجاد ، ومكتبه بسيط وتكاد المقاعد أن تكون خشبية مجردة ، وكان هذا هو أسلوب حياة هذا الأستاذ العظيم الذى رفض ميراثه فى تركة أبيه الأستاذ نجيب الهلالى باشا ، رئيس الوزراء ، وأستاذ القانون الشهير بكلية حقوق القاهرة منذ كان مسماها مدرسة الحقوق السلطانية ثم مدرسة الحقوق الملكية ، وشخصية الابن والأب جديرتان بكتاب مستقل.

حديث غريب مع شقيقة الملك

يروى مرتضى المراغى أنه فى أحد أيام شتاء عام 1949 ، أتاه أحد أصدقائه من أساتذة الجامعة ، ويقصد بذلك الدكتور نور الدين رجائى ، أستاذ القانون التجارى الحاصل على الدكتوراه فيه ، وكانت زوجته إحدى زعيمات الحركة النسائية فى مصر وعلى درجة كبيرة من الثقافة ، وتحمل درجة الدكتوراه فى الآداب من جامعة باريس ، ويقصد بذلك المناضلة المعروفة درية شفيق إحدى رائدات العمل النسائى فى مصر ، وصاحبه دور عريض فى الحياة السياسية ، وللأسف انتهت حياتها انتحارًا بإلقاء نفسها من الدور السادس بعد معاناة طويلة من اكتئاب حاد اعتراها فى آخر أيامها.

ويروى مرتضى المراغى أن زائره الأستاذ ، رجاه أن يحضر مأدبة عشاء سوف يقيمها بمنزله بعد ثلاثة أيام ، فلما اعتذر إليه المراغى بكثرة مشاغلة ، أنبأه أن شخصية كبيرة سوف تحضر العشاء ألحت عليه فى دعوته ، واضطر لإخطاره بأنها الأميرة فايزه شقيقة الملك فاروق ، وظنه أنها ترغب فى الحديث إليه، وأنها تتميز بالذكاء الحاد ، وحكمها النقدى الصائب على كثير من الأمور.

www. ragai2009.com

rattia2@hotmail.com