من تراب الطريق (811)

من تراب الطريق (811)
رجائى عطية

رجائى عطية

9:24 ص, الخميس, 5 مارس 20

مرتضى المراغى شاهدًا على حكم فاروق (20)

أما قصة سعى الملك لحظر زواج فريدة من بعده، فيرويها مرتضى المراغى بالتفصيل، لأن والده ـ شيخ الأزهر آنذاك ـ كان مقصد الملك لاستصدار هذه الفتوى الغريبة !

حين أراد فاروق طلاق زوجته، أو بالأحرى وافق على طلبها الطلاق، استدعى شيخ الأزهر آنذاك الشيخ مصطفى المراغى ودار بينهما هذا الحوار الذى ينقله إلينا ابنه مرتضى المراغى.

الملك: أود أن أخبرك أنى أريد طلاق الملكة.

شيخ الأزهر: أرجو ألا يكون قرارك هذا عارض غضب مفاجئ قد يزول بعد التروى.

الملك: لا…. لا… إن أسبابًا خطيرة تدفعنى إلى هذا الطلاق، وقد انتهى تفكيرى فى إنه لا مفر منه.

شيخ الأزهر: إن الطلاق حق لكل شخص وحلال حسب الشريعة، ولو أنه أبغض الحلال.

الملك: قلت لك إن دوافع خطيرة إلى اتخاذ القرار.

شيخ الأزهر: ما دمت جلالتك مصرًّا وقد فكرت طويلاً كما قلت، فلا الدين ولا أحد يمنعك من الطلاق.

الملك: لكن شيئًا مهما أريد تحقيقه قبل الطلاق. وأرجو أن تساعدنى عليه.

شيخ الأزهر: وما هو هذا الشىء يا صاحب الجلالة؟

الملك: أريد أن تصدر فتوى بأنه لا يجوز لها أن تتزوج رجلاً آخر.

قال الشيخ المراغى وقد فوجئ بالطلب: كيف أصدر فتوى تخالف الشريعة؟! إن المرأة بعد طلاقها وانقضاء العدة تستطيع أن تتزوج من تشاء وهذ حكم الشريعة.

الملك: ولكنها ليست امرأة عادية، إنها ملكة.

قال شيخ الأزهر: الدين لا يفرق بين ملكة وبين امرأة من عامة الناس.

قال الملك: ولكنى مصر على أن تصدر الفتوى، لابد من معاقبة الملكة.

قال شيخ الأزهر: لا يمكننى يا صاحب الجلالة أن أصدر هذه الفتوى.

قال الملك: إذن سأبحث عن رجل دين آخر يصدرها.

قال شيخ الأزهر: اعتبرنى من الآن مستقيلاً حتى يمكنك أن تجد شيخًا آخر يحل محلى ليعطيك تلك الفتوى.

وخرج شيخ الأزهر. وحاول الملك أن يجد أحدًا من رجال الدين يفتى له بما أراد، ولكن من عرض عليهم الأمر امتنعوا عن موافقته، وبقى شيخ الأزهر فى منصبه، وطلقت الملكة.

وقصة أخرى يرويها المراغى، هى سرقة مذكرات الشيخ مصطفى المراغى. ذلك أنه بعد فترة من طلاق فاروق للملكة فريدة دخل شيخ الأزهر مستشفى المواساة للعلاج من مرض القلب. وأخذ يكتب مذكراته فى غرفته فى المستشفى. وكان فيها الكثير عن الملك فاروق والسياسة المصرية. وكان مدير المستشفى من حاشية فاروق. ثم مات شيخ الأزهر فجأة بعد أن أنهر آخر سطر من مذكراته.

وكان أولاده يعلمون فيما يورى مرتضى المراغى بنبأ هذه المذكرات، ولكن المفاجأة أنهم اكتشفوا اختفاءها من أوراقه. وقد سأل عنها مدير المستشفى وأطباءه. فأنكروا علمهم بأى شىء عنها، بيد أنه علم أن فاروق حين تم إبلاغه بالوفاة أسرع إلى المستشفى ودخل غرفة الشيخ المراغى بحجة الصلاة والترحم على روحه، وأغلق الباب عليه مع أحد مرافقيه، وخرجا ثم اختفت المذكرات.

وباءت كل محاولات العثور عليها بالفشل!