مرتضى المراغى شاهدًا على حكم فاروق (19)
ويبدو أن طلب فريدة الطلاق، مردود إلى أسباب جوهرية تكشف سوء تصرفات الملك معها، وقد تزوجها فاروق فى 20 يناير 1938، وهو فى سن الثامنة عشرة، وأحب زوجته وأحبته، وظل يرعى حقوق الزوجية زمنًا، ولكنه انحرف لأن حاشية السوء التى كانت تلازمه رأت فيه بعض الميل إلى الانطلاق من قيود الزوجية، فأقامت له علاقات تحببهم إليه، وصار فاروق يعود مع الفجر إلى قصره وزوجته الملكة فى انتظاره، ولكن لم يكن يبالى حتى بالذهاب إلى غرفتها والاعتذار إليها، أو ليقول لها صباح الخير. وتمادى حتى إنها خرجت من حجرتها ذات ليلة لترى امرأة تعرفها تخرج من حجرته. وذات يوم كانت تلعب التنس فى ملعب حديقة القصر، فدخل فاروق المكتب ومعه مطلقة أحد الأمراء، وجلس على كرسى وأجلس المطلقة على ركبته. وكانت هذه هى القشة التى قصمت ظهر البعير والنقطة التى فاضت منها الكأس. فطلبت الطلاق لأنها رأت التاج فوق رأسها لا قيمة له. إذا كان الرأس يعانى كل يوم صداع السهر فى انتظار زوج يعود مع الفجر. وأن تاج الملك على رأسها قد تمرغ فى وحل القصر وغطى الطين جواهره.
وكانت حاشية السوء بدأت تشير من طرف خفى وعبارات مبهمة إلى أن الزوجة بدروها أخذت لا تبالى وأخذوا يلصقون بها الاتهامات. وزاد من تأكيداتها أنها كانت عنيدة الطبع لا يهمها أن تدافع عن نفسها. كل ذلك أثر فى فاروق فانطلق بعد التخفى إلى العلانية، ويورى المراغى أنه يساوره الشك فيما قيل من أن الملك فاروق لم يكن يحب زوجته. ولكن كيد الحاشية الخفى، وخاصة إحدى وصيفات القصر التى كان لها دور كبير فى حياة الملك السياسية، أوغر صدر فاروق فمضى يتمادى فى علاقاته النسائية ليكيد الملكة ويغيظها. وهى حال نشاهدها فى الشباب المترفين الجهلة الذين يتلمسون بطولة تعوضهم عن الجهل والرجولة الناقصة التى أفسدها الترف، إلى رجولة غزو المرأة بالمال أو الجاه كما هو الحال مع فاروق الذى كانت النساء يتهافتن عليه بحكم الطبيعة البشرية لكونه ملكًا.
والمجد عند الغانيات رغيبة
يُهوى كما يهوى الجمال ويعشقُ
والغريب أن فاروق لم يكن زير نساء فيما يؤكد مرتضى المراغى، ولكنه جلب على نفسه بلاء هذه السمعة، والسبب أنه لم يكن كفئًا أبدًا وقادرًا على إرضاء تلك المجموعة الكبيرة من النساء اللاتى كان يصاحبهن. فالبدانة المفاجئة التى طرأت عليه جلبت مضاعفات شديدة. وقد أجريت له فى مستشفى المواساة عملية جراحية لإصلاح عيبه الجنسى قام بها الدكتور عبد الرازق النقيب بمساعدة جراح ألمانى شهير، ولكن العملية فشلت.
ولشدة ما يتألم الرجل حتى وهو فى مرحلة الشيخوخة من أن يكون عاجزًا، وفاروق كان شابًا، فكان ألمه مضاعفًا. ومن هنا كانت محاولاته اليائسة المكشوفة لتغطية ذلك العجز بمصاحبته عددًا كبيرًا من النساء.
ويقول مرتضى المراغى إنه لم يكن يحب أن يخوض فى هذا الموضوع أو يتطرق إليه، ولكنه وجده ضروريًّا لقراءة الأحداث والحكايات قراءة واقعية صحيحة.
www. ragai2009.com
rattia2@hotmail.com