علاقات الإخوان بالقوى السياسية والحزبية فى الزمن الماضى
الذى لا أفهمه قط، وليس فى وسعى أن أفهمه، العلاقة الحميمة الممتدة بين الناصريين ولا أقول الزعيم الخالد جمال عبد الناصر وبين الاخوان.
ومهما قيل فى موقف الوفد من الاخوان، فإنه لا يمكن أن يقاس بموقف ثورة يوليو من الإخوان، لا سيما بعد حادث المنشية، الذى صمم الاخوان على أنه مصطنع، وقطعت الأدلة وتمسك الناصريون بأنه واقع صحيح.
مصطفى النحاس، زعيم متميز بين زعماء مصر، فى استقامته ونزاهته وأمانته وقوته وصراحته فى الحق.. لم تمنع السنين الطوال التى عاشها معزولًا عزلاً تامًا، من عام 1952 حتى وفاته فى 23 أغسطس 1965، لم تمنع من تذكر المصريين له، وخروجهم عن بكرة أبيهم بالملايين لتشييعه فى جنازة حاشدة تعبيرًا عن حبهم وإكبارهم لهذا الوطنى الخالص.
صفحات مصطفى النحاس مع الإخوان، جديرة بأن نعرفها. يُروى أنه فى ظل حكومة الوفد برئاسة النحاس، تقدم حسن البنا لترشيح نفسه لمجلس النواب عن دائرة الإسماعلية فى عام 1944، ولم يكن مصطفى النحاس حتى ذلك الوقت على علم بخطط وأهداف الإخوان السياسية، وقيل إن الأستاذ محمد عفيفى شعبان رئيس تحرير الحوادث وهى جريدة وفدية، لفت نظره إلى طبيعة أهداف الإخوان السياسية، ونقل إليه صورة كاملة لأنشطتها وتشكيل مكتب الإرشاد، والخطر المشرئب فى ربوع البلاد.
حين فهم النحاس باشا أبعاد هذه السياسة، وخطر إقحام الدين فى السياسة، استدعى إليه حسن البنا، ودار بينهما حوار لم يخل من الخشونة والتهديد من جانب مصطفى النحاس. المهم أن حسن البنا وافق أخيرًا على سحب ترشيحه، مقابل حصوله على وعد من رئيس الوزراء على بعض المطالب، ومنها إلغاء وتقييد بيع المشروبات الكحولية.
وعلى خلاف ما توقعه المحيط، إلتزم النحاس باشا بكلمته، وكان متدينًا، فأصدر بصفته الحاكم العسكرى أمرًا بمنع تداول الخمور فى جميع المؤسسات طوال شهر رمضان وفى بعض المناسبات الأخرى مثل المولد النبوى، وفى بعض ساعات النهار.
واختلفت الآراء والتحليلات فى رصد ما اتُّفق عليه، فمال البعض إلى أن النحاس المتدين معروف بتعاطفه مع حركة الإخوان، وأكد البعض أن استدعائه حسن البنا كان بناءً على آراء مهمة وصلته. وأن من مظاهر الخشونة التى بدت فى مخاطبة النحاس لحسن البنا فى ذلك اللقاء الثنائى، أنه هدد البنا إذا لم يسحب ترشيحه، بأنه سيقوم بإغلاق جميع شعب الإخوان، وقال البعض إنه أغلق بالفعل خمسين شعبة منها، ولكن أعضاء الجماعة ثاروا وحاولوا فتح مراكزهم بالقوة، فاضطر النحاس باشا للتراجع، وأمر بإعادة فتحها.
هذا مشهد من مشاهد عديدة دارت بين الإخوان وبين القوى الحزبية والسياسية فى أربعينات وخمسينات القرن الماضى. وقد ظل الإخوان لعشرات السنين، يتشكون من أن الحكومات تتعقبهم وتضيّق عليهم، ودخل ذلك على البعض، فتعاطفوا دون دراية بالخلفيات، إلاَّ أن الإخوان دون إدراك للأثر نقلوا المواجهة بعد ثورة 30 يونيو 2014، لتكون مع الشعب، بمصادرة مرافقه واحتياجاته، وأعمال النسف والتدمير فيها، فى مشاهد مؤسفة ملأت جنبات مصر، ولم ينجح الإخوان فى الإقناع ببراءتهم منها، فمن عباءتهم خرجت كل كيانات التطرف والإرهاب، وبانتقال المواجهة لتكون مع الشعب، فقد الإخوان حلمهم بالعودة إلى الحكم، فقد تحولت دفة المواجهة لتكون مع الشعب، وهذه خطيئة الإخوان الكبرى، فالشعوب أبدًا لا تقهر!!!
www. ragai2009.com
rattia2@hotmail.com