يشهد الشرق الأوسط حالة من التحول السريع، حيث أصبح خلال السنوات القليلة الماضية مركزا إستراتيجيا جاذبا للشركات الناشئة الأوروبية، مدفوعًا بفرص السوق الواسعة، وتسارع وتيرة التحول الرقمي، ودعم حكومي كبير للمشروعات الابتكارية.
و تقود شركات مثل Ovo Energy وGoEuro (Omio) وManoMano هذا التوجه، مستهدفة قطاعات الطاقة المستدامة، والتنقل الذكي، وتجارة التجزئة الإلكترونية.
وتأتي هذه الموجة من التوسع في وقت تواصل فيه حكومات المنطقة، لا سيما في السعودية والإمارات، تعزيز بيئة الأعمال عبر مبادرات مثل رؤية المملكة 2030 وNextGenFDI، مما يجعل المنطقة نقطة انطلاق مثالية للنمو العالمي.
وتستعد شركة “Ovo Energy” البريطانية، المتخصصة في مجال الطاقة المتجددة لتعزيز حضورها حضورها في الشرق الأوسط، مستفيدة من تزايد الطلب الإقليمي على حلول الطاقة المستدامة. تهدف الشركة إلى لعب دور فاعل في التحول الأخضر في دول مثل السعودية والإمارات، من خلال شراكات مع كيانات حكومية ومزودي الطاقة.
وتخطط “Ovo” لجمع 200 مليون دولار أمريكي لتمويل توسعها، بما يشمل تطوير حلول محلية للطاقة المتجددة، وبناء شبكة إقليمية، وتوفير تقنيات موفرة للطاقة، تماشيًا مع إستراتيجيات المنطقة البيئية، و التحول نحو الاقتصاد الأخضر.
كما تتجه شركة “GoEuro”، المعروفة حاليًا باسم “Omio” إلى المنطقة لتبسيط نظام النقل متعدد الوسائط. عبر منصتها الرقمية، التي تدمج بين الحجز للقطارات، الحافلات، الطيران، وتأجير السيارات، حيث تستهدف السوق العربية التي تفتقر حاليًا إلى خدمات نقل موحدة وسهلة الاستخدام.
وتسعى GoEuro إلى جمع 150 مليون دولار لدعم عملياتها في الشرق الأوسط، تشمل تطوير نسخة محلية من التطبيق، وربط شبكات النقل العامة والخاصة، والتوسع التسويقي. وبفضل ازدهار السياحة والنقل داخل المدن، تبدو GoEuro في موقع جيد لتقديم قيمة مضافة للمقيمين والزوار على حد سواء.
وتعمل منصة ManoMano الفرنسية، المتخصصة في التجارة الإلكترونية وتحسينات المنازل ومشروعات “اصنعها بنفسك”، على دخول سوق الشرق الأوسط، مدفوعة بنمو غير مسبوق في التجارة الإلكترونية وقطاع التجزئة.
وتُخطط الشركة لجمع 250 مليون دولار لتمويل توسعها، والذي يتضمن بناء بنية تحتية لوجستية محلية، وتوطين طرق الدفع وخدمة العملاء، بالإضافة إلى عقد شراكات مع موردين محليين لتوفير منتجات ملائمة ثقافيًا واقتصاديًا.
وتراهن ManoMano على منصتها الرقمية وسُمعتها الأوروبية لجذب شريحة واسعة من العملاء، في وقت تشهد فيه السوق الإقليمية اهتمامًا متزايدًا بتحسين البيئات السكنية.
ويؤكد هذا التوسع من قبل الشركات الناشئة الأوروبية أن الشرق الأوسط لم يعد مجرد “سوق ناشئة”، بل بات محورًا إستراتيجيًا للنمو العالمي. وتبرز المبادرات الحكومية والتشريعات الحديثة في المنطقة كمحفزات قوية لجذب رواد الأعمال والتقنيات الجديدة.
من الطاقة النظيفة، إلى التنقل الذكي، وحتى التجزئة الرقمية، يُظهر تنوع الشركات الأوروبية الراغبة في التوسع مدى جاذبية المنطقة عبر مختلف القطاعات.
وبحسب محللين في قطاع الابتكار، فإن الشركات القادرة على التكيف مع الاحتياجات المحلية، وبناء شراكات إقليمية، ستكون الأفضل تمركزًا لقيادة موجة النمو المقبلة في المنطقة وربما في أسواق عالمية لاحقة.