تسعى منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية “OECD” لصياغة قواعد ضريبية عالمية بدلا من القواعد الحالية التى ترجع إلى عشريات القرن الماضى بهدف مساعدة الحكومات على فرض ضرائب على الشركات متعددة الجنسيات وشركات الإنترنت والتكنولوجيا بعد أن طالبت أكثر من 130 دولة بتمكينها من تحصيل ضرائب على شركات مثل “جوجل” و “فيسبوك” و “أبل” و”أمازون”.
وقالت وكالة رويترز إنه من المتوقع أن تتمتع حكومات العديد من الدول بسلطات تساعدها على تحصيل ضرائب اعتبارا من العام المقبل من الشركات متعددة الجنسيات والعالمية التى لها أنشطة فى هذه الدول حتى إذا لم يكن لها وجود مادى أو فروع فيها.
واستطاعت شركات الديجيتال والإنترنت والتكنولوجيا التهرب من دفع ضرائب و تحقيق أرباح مرتفعة و الاستفادة من أصولها العالمية مثل العلامات التجارية و براءات الاختراعات من خلال تكثيف أنشطتها فى دول معدلات الضرائب فيها متدنية مثل أيرلندا.
وأكدت “OECD” التى تتخذ من باريس مقرا لها أنها تعمل على تعديل القواعد الضريبية التى يرجع تاريخ صياغتها إلى عشرينات القرن الماضى وباتت غير صالحة لأنشطة التكنولوجيا الحديثة و الشركات الضخمة التى تخترق معظم الدول رغم وجودها فى مكان واحد.
وأشار باسكال سانت أمانز، رئيس السياسة الضريبية بمنظمة “OECD” إلى أن النظام الحالى يتعرض لضغوط متعددة و لن يتمكن من مواكبة أنشطة الشركات الحالية ما لم تتغير قواعده البالية ولكن هذا التعديل الذى سيكون الأول و الأكبر منذ أكثر 100 سنة يحتاج إلى مساندة سياسية قوية عند عرضه فى اجتماع وزراء مالية أعضاء المنظمة فى واشنطن الأسبوع المقبل.
ويرى “أمانز” أن النظام الضريبى المقترح سيرفع ضريبة الشركات بنسبة بسيطة فى العديد من الدول وقد يؤثر قليلا على بعض مراكز الاستثمار الدولية الضخمة غير أن الملاذات الضريبية “الأوفشور” هى التى ستتأثر سلبا أكثر بينما الأسواق الاستهلاكية الكبرى مثل الولايات المتحدة و فرنسا ستستفيد كثيرا من هذه التعديلات.
وكانت فرنسا طبقت من جانبها فقط هذا العام ضرائب خاصة بها على الشركات الديجيتال مما جعل الإدارة الأمريكية تهدد بفرض رسوم جمركية على النبيذ الفرنسى مما أدى إلى تفاقم التوترات التجارية المحتدمة بين الولايات المتحدة ضد أوروبا والصين بينما تواجه الشركات شكوكا حول قيمة فواتير الضرائب التى ستدفعها واتجاه الحكومات إلى اتخاذ الترتيبات اللازمة لتحصيل الضرائب من الشركات التابعة لها وعدم تركها تسدد الضرائب فى دول أخرى مثل أيرلندا لتحظى بأسعارها المنخفضة.
وتواجه شركة “أبل” الأمريكية لموبايلات آيفون السمارت نزاعا ضريبيا مع الاتحاد الأوروبى حول الأرباح المحتجزة فى أيرلندا والتى ستكلفها 14 مليار دولار، بينما وافقت شركة “جوجل” الشهر الماضى على دفع أكثر من مليار دولار لتسوية نزاع ضريبى فى فرنسا فى حين أعلنت شركة “أمازون” لتجارة التجزئة الإلكترونية التى أبلغت المفوضية الأوروبية أنها ستدفع حوالى 250 مليون دولار ضرائب متأخرة لحكومة لكسمبورج معتبرة أن تعديل “OECD” لنظام الضرائب خطوة مهمة لأنشطة البيزنس المتطورة.
ووحددت المنظمة فى تعديلها الجديد المجالات التى ستغطيها القواعد المعدلة للشركات وحجم الأنشطة اللازمة فى أى دولة حتى تخضع للضريبة فيها وحجم الأرباح التى تكفى لتخضع للضرائب، بهدف منح أى حكومة الحق فى تحصيل الضرائب من الشركة الأجنبية التى لها عملاء فى دولة هذه الحكومة وتحقق أرباحا ضخمة فيها.
وأكدت”OECD” أن الشركات التى ستخضع للنظام الضريبى الجديد ستكون متعددة الجنسيات وضخمة و عابرة للحدود و تتجاوز إيرادات الواحدة منها 750 مليون يورو ( 821 مليون دولار) وتتفاعل بقوة مع المستهلكين فى سوق الدولة المعنية سواء كان لها فرع فيها أو ليس لها وجود مادى هناك وهذا لايتضمن شركات الإنترنت فقط وإنما الشركات التى تبيع منتجات تجزئة فى عدة أسواق عبر شبكات توزيع تملكها أو تابعة لشركات فى دول أخرى.