تشهد أسعار الخامات ومستلزمات الإنتاج العالمية والمحلية ارتفاعًا كبيرًا منذ فترة؛ تأثرًا بالتداعيات السلبية لجائحة فيروس كورونا التى بدأت تنعكس بشكل واضح على الأسعار النهائية للسلع والخدمات. وأكد عدد من المنتجين وأصحاب المصانع أن استمرار ارتفاع أسعار المواد الخام يؤثر سلبًا على معدلات الإنتاج الصناعى، ويتسبب فى حالة من الإرباك للشركات المحلية خاصة فيما يتعلق بعملية تسعير بيع المنتجات، وإتاحة المعروض، فى الوقت الذى رفع فيه بعض المصانع أسعارها بنسبة بسيطة فيما يتجه البعض الآخر لإقرار زيادة بين 20 و30% فى أسعار السلع النهائية الأمر الذى قد يخلق حالة من الكساد والركود فى الطلب على المنتجات، بالتزامن مع انخفاض القوة الشرائية للمستهلكين.
من جهته قال أحمد جمال خضر، عضو غرفة الصناعات الهندسية ورئيس مجلس إدارة شركة خضر تراست لتصنيع مستلزمات التكييف، إن ارتفاع أسعار مختلف الخامات العالمية والمحلية تسبب فى ارتفاع التكلفة الإنتاجية، الأمر الذى ينعكس بشكل مباشر على سعر المنتج النهائى.
وأوضح أن أسعار خام الألومنيوم على سبيل المثال شهدت ارتفاعات كبيرة تدريجية خلال الشهور السبعة الماضية، حيث ارتفع سعر الطن إلى ما يقرب من 75 ألف جنيه حاليًّا، مقابل نحو 52 ألفًا فى ديسمبر الماضى.
خضر: غلاء الألومنيوم يرفع تكلفة إنتاج مستلزمات التكييف ويسبب مشكلات فى التوريد للمشروعات العمرانية
وأشار الى أن ارتفاع أسعار بعض الخامات المحلية بشكل أعلى من مثيلها العالمى، ومن بينها خامة الألومنيوم نظرًا لظروف التصنيع المحلية، تسبَّب فى مشكلات كبيرة لبعض الشركات المحلية خاصة التى تقوم بتوريد منتجاتها ضمن المشروعات الحكومية والخاصة، والتى تكون المنافسة فيها قوية مع الشركات الأجنبية والعربية التى تورَّد بأسعار تنافسية جدًّا.
وطالب بإيجاد حلول من شأنها خفض أسعار الخامات المحلية، فضلًا عن إعطاء الأولوية بشكل أكبر للمنتج المحلى فى المناقصات الحكومية؛ لضمان عدم تأثر المصانع المحلية، مشددًا على مساندة الحكومة للصناعة المحلية لأنها قاطرة التنمية الحقيقية.
كان شريف عبد المنعم، سكرتير شعبة الأدوات المنزلية فى غرفة القاهرة التجارية، قد أكد، فى تصريحات سابقة، لجريدة «المال»، أن ارتفاع أسعار الألومنيوم بشركة مصر للألومنيوم يعود إلى زيادة تكلفة التشغيل، مقارنة مع سعر تصنيعها محليًّا ودوليًّا،
حيث إن هناك زيادة تفارب 1200 دولار للطن فى سعر التصنيع بسبب زيادة مصاريف التشغيل لديها، مقارنة مع مصاريف التشغيل بدولة مثل تركيا تقارب 800 دولار للطن، ويحصل مصدّروها على دعم يقارب 20% على سعر المنتجات ليجعل منتجهم يصل للسوق المصرية بسعر تنافسى للغاية يقل عن سعر بيع المنتج المصرى المحلى نفسه.
من جهته قال الدكتور عادل وفا، رئيس مجموعة «وفا أوتو بارتس»، إن أية زيادة فى التكلفة الإنتاجية تنعكس على سعر بيع المنتج النهائى.
وأوضح أن صناعة بطاريات السيارات المحلية على سبيل المثال تأثرت جدًّا بارتفاع خامات الرصاص والتى تعد المكون الأساسى للبطارية- حوالى 65% من البطارية- حيث ارتفع سعره عالميًّا من نحو 21 إلى 30 ألف جنيه للطن خلال الشهور الستة الماضية، وارتفع سعره عالميًّا من 1650 إلى 2340 دولارًا للطن.
وقال إن سعر الرصاص فى السوق المحلية يعادل السعر العالمى رغم أن مصر لا تستورد الرصاص، بل على العكس يتم تصدير الرصاص الناتج من «البطاريات الخردة» مؤكدًا أن استمرار التصدير، فضلًا عن بعض عمليات التهريب والتحايل التى يقوم بها البعض سيترتب عليه أزمة كبيرة خلال المرحلة المقبلة فى معروض الرصاص فى السوق المحلية، ووقتها سنتجه للاستيراد.
وطالب الحكومة بوقف تصدير الرصاص تمامًا بدلًا من رسم الصادر المفروض بنحو 600 دولار على كل طن، وكذلك تشديد الرقابة على عمليات التهريب من جانب بعض المتلاعبين.
وفا: مصانع البطاريات مضطرة لمسايرة الموجة.. ويجب وقف تصدير الرصاص ومواجهة التهريب
وكشف أن مصانع البطاريات المحلية سترفع أسعارها بنسبة 30% خلال الفترة المقبلة، نتيجة ارتفاع خامات الرصاص، وكذلك خامات البلاستيك وغيرها من خامات ومكونات بطاريات السيارات.
وتابع: «إن السوق مش مستوعب زيادة سعرية جديدة لكن الشركات مضطرة ومجبرة على تحريك الأسعار، خاصة أنها تحملت الفترة الماضية وخفضت هوامش أرباحها، وتبيع حاليًّا بسعر التكلفة من أجل الحفاظ على السوق واستمرار دوران عجلة الإنتاج، لافتًا إلى أن حمض الكبريتيك والبلاستيك ارتفع أيضًا بنسبة بين 30 و40%، وكذلك سعر العازل المستورد بسبب ارتفاع أسعار الشحن من الصين.
وقال وفا إن المنتج المصرى ينافس المنتجات التركية والصينية من حيث الجودة والسعر، وفى حال زيادة المعروض من الرصاص وانخفاض أسعاره فإن المصانع ستستطيع الإنتاج والمنافسة محليًّا وخارجيًّا أيضًا.
ويصل إجمالى إنتاج مصر من بطاريات السيارات إلى نحو 2.5 مليون بطارية سنويًّا، وهو رقم قليل جدًّا، وفقًا لـ«وفا».
وقال المهندس أحمد سمير، مدير شركة خضر للصناعات المتكاملة، إنها تنتج أحذية السيفتى، وتعتمد فى الإنتاج على خامات مثل الـ«pvc» الذى ارتفع 22 ألفًا ووصل إلى نحو 44 ألف جنيه.
وأشار إلى أن بعض الشركات لجأت إلى خامات معاد تدويرها «الكسر» للهروب من زيادة أسعار الـ«pvc» لكن زيادة الطلب عليها رفع سعرها أيضًا من 13 إلى 21 ألف جنيه، موضحا أن ارتفاع كل الخامات أثر على المبيعات بصورة كبيرة بنسبة تتجاوز 50%؛ لأن المصانع اضطرت إلى زيادة سعر المنتج النهائى.
وقال «سمير» إن الشركات قامت بإعادة تسعير المنتجات فى شهر 4 ورفعت بنحو 20% وتسبَّب بصعوبات فى التفاوض مع العملاء، لكن تم التفاهم فى النهائية؛ لأن الأمر يؤثر على الجميع، لافتًا إلى أنه من المتوقع زيادة جديدة فى الأسعار خلال المرحلة المقبلة فى حال استمرار غلاء الخامات.