تجرى الجهات الرقابية محاولات مستمرة لتنشيط آلية «الشورت سيلينج» – اقتراض الأوراق المالية بغرض البيع فى البورصة المصرية، تلك الأداة التى تم إطلاقها بأواخر عام 2019 لكنها منذ ذلك الحين وحتى الفترة الحالية لم تُفعل بعد على الرغم من الاهتمام الكبير والمطالبات المستمرة بتدشين الآلية فى سوق مصر.
وتدرس الهيئة العامة للرقابة المالية حاليا إمكانية لتدشين وعاء تسليف للأسهم وفقا لتصريحات الدكتور إسلام عزام نائب رئيس الهيئة الأخيرة لـ«المال» وهو ما رأه بعض مسئولى شركات سمسرة أمرًا جيدًا قد يكون أحد الداوفع الرئيسية لبدء تنشيط الأداة.
تجدرالإشارة إلى أن «المال» نشرت مؤخرًا، أنه جارٍ دراسة من جانب الهيئة العامة للرقابة المالية لإعادة هيكلة الآليات التنفيذية للشورت سيلينج، مشيرةً إلى أن التصور الذى تعمل عليه يتضمن إنشاء وعاء تسليف للأسهم التى يتم إقراضها ضمن الآلية، مؤكدة أن الخطة لم تكتمل بعد، ويجرى العمل عليها حاليًا.
وشهدت البورصة المصرية موجة هبوط عنيفة خلال الأسبوع الماضى ، صاحبها ضغط كبير على تقفيل حسابات الشراء الهامشى و مع ذلك لم تشهد السوق أى إقبال على استخدام «الشورت سيلينج» باعتباره الآلية التى يتم اللجوء إليها لمواجهة التراجعات المتوقعة فى السوق.
وقال مسئولو السمسرة إن الضوابط والشروط الخاصة بذلك الوعاء قد تؤثر على نجاح الأمر من عدمه بشكل واضح وسهولة دخول وخروج الأسهم وماهى الضمانات والشروط على المُقرض والمقترض والشركة المُنفذة .
وعددوا مجموعة من العوامل كانت على رأس الأسباب التى أدت إلى خمول آلية الشورت سيلينج فى البورصة المصرية خلال الفترات الماضية كان على رأسها حالة التذبذب التى شهدتها سوق الأسهم المحلية بضغط تأثيرات أزمة فيروس كورونا، إلى جانب عوامل آخرى تعلقت بضعف العائد على التسليف وغيرها.
فيما اعتبروا أن وضع السوق المحلية التذبذبى بالفترة الحالية قد لا يكون مشجعًا لبدء التعامل مع «الشورت سيلينج» وإنما فى فترات أخرى لصعود السوق.
وآلية الاقتراض بغرض البيع أو ما يُعرف بـ«الشورت سيلينج» هو عبارة عن أداة تُتيح للمستثمر أن يقترض أسهم من مستثمر آخر بهدف بيعها فى الوقت الحالى ثم إعادة شرائها مرة أخرى لاحقًا بسعر أقل لتحقيق ربح يعادل الفرق بين قيمة البيع وبين تكلفة إعادة الشراء، ثم يقوم المقترض بإرجاع الأسهم المقترضة لمالكها الأصلى مع سداد نسبة فائدة متفق عليها.
حسن شكرى: الضوابط لها دور مؤثر وأوضاع السوق حاليًا قد لاتسمح بنشاط الأداة
بدايةً، قال حسن شكرى العضو المنتدب فى شركة «إتش سى لتداول الأوراق المالية»، إن الرهان على نجاح أداة «الشورت سيلينج» مرتبط بوضع السوق أولاً، لافتًا إلى أن أوضاع البورصة المصرية حاليًا للبعض قد لا تكون محفزة لنشاط الأداة بالفترات الراهنة.
وأوضح أن عملية «الشورت سيلينج» منذ التفعيل وحتى الوقت الحالى مرت بعدة مراحل جميعها لم تكن فى صالحها بداية من التكلفة المرتفعة على الشركات مرورًا بجائحة “كورونا” وما فرضته على أوضاع أسواق المال عمومًا والسوق المحلية بوجه خاص.
وأشار إلى أنه فى الفترات الأولى لإقرار الأداة وانتهاء المراحل التجريبة حاولت بعض الشركات ومن ضمنها شركته تنفيذ بعض العمليات إلا أنهُ لم تكن هناك جاهزية لبعض مسئولى المراحل الأخرى مثل أمناء الحفظ على سبيل المثال.
ولفت إلى أنه عقب استقرار وجاهزية كافة المتعاملين فى السوق من حيث ما يلزم لتنفيذ «الشورت سيلينج» ظهرعائق كبير تمثل فى جائحة «كورونا» ومن ثم التراجع الواضح الذى شهدته البورصة فى تلك الفترات.
وأشار إلى أن أوضاع السوق المتراجعة غير مناسبة تمامًا للتعامل بآلية «الشورت سيلينج».
فيما أشاد بفكرة إنشاء وعاء التسليف التى تُطرح حاليًا، بشرط أن تأتى ضوابطه وتفاصيل التطبيق ملائمة لشركات الوساطة والعملاء أيضًا، إلى جانب مدى سهولة دخول وخروج الأسهم من الوعاء سواء للمقترض والمقترض وطبيعة الإجراءات ومن المسئول عن الوعاء.
ولفت إلى أن فكرة «وعاء التسليف» موجودة فى عدد من البورصات الخارجية والاقتداء بأى منها أمر جيد.
وبشكل عام وفيما يتعلق بنظرته للسوق المحلية، قال إن الأسواق الناشئة عمومًا تتحرك بشكل جيد، وإن كانت البورصة المصرية متأخرة بعض الشىء إلا هناك فرصة لمحاولة التعويض والصعود مجددًا.
ياسر المصرى: المُقترح الحالى «كلمة السر» لنجاح الآلية فى البورصة المصرية
من جانبه، أكد ياسر المصرى العضو المنتدب فى شركة «العربى الأفريقى لتداول الأوراق المالية» أن إنشاء وعاء تسليف هو كلمة السر لنجاح «الشورت سيلينج» وبدونه لم تكن هناك آلية.
وأشار إلى أن كثرة القواعد المُنظمة لعملية «الشورت سيلينج» أدت إلى عرقلة نجاح الآلية، لافتًا إلى أن أحد العوائق الرئيسية أمام الآلية خلال الفترات الماضية تمثلت فى المسئولية الخاضعة على أمناء الحفظ بإنشاء وعاء للعملاء المقرضة لديه وعمليات استرداد الأسهم.
ولفت إلى أن العامل الثانى تمثل فى ضعف العائد على التسليف والذى لم يكن مغريًا للبعض، إلى جانب عدة عوامل أخرى.
وأوضح أن المقترحات السابقة بأن يتم إنشاء وعاء للتسليف تحت مظلة مصر المقاصة نظراً لكونها كيان شبه رقابي، بأن تتولى عملية التسليف وأيضًا عمليات استرداد الأسهم.
وقال إن الفوارق السعرية نتيجة قلة العروض على الأوراق المسموح عليها بعملية الاقتراض بغرض البيع تُعد أحد أهم المخاوف التى تواجه العميل المُقرض وشركات السمسرة.
إيهاب السعيد: إلغاء فكرة العقد الثلاثى أحد الحلول الجذرية للرواج
وأكد إيهاب السعيد عضو مجلس إدارة البورصة المصرية ورئيس قسم التحليل الفنى فى شركة «أصول للسمسرة»، إن إنشاء وعاء للتسليف إن تضمن إلغاء فكرة العقد الثُلاثى سيكون أحد الحلول الجذرية لتنشيط آلية «الشورت سيلينج».
وأشار إلى أن أمر العقد الثلاثى الذى تتولاه شركات السمسرة كان أبرز العوائق التى واجهت شركات السمسرة والتى أدت إلى عدم التعامل بـ«الشورت سيلينج».
ولفت إلى أن المقترحات فى السابق كانت تدور بأن يتم إنشاء وعاء لتسليف الأسهم على أن تتولى شركة مصر للمقاصة إدارته، موضحًا أن السوق المصرية لحظية سواء فى حالات الصعود أو الهبوط وبالتالى فإن جاهزية الأسهم بوجود وعاء مُقنن سيوفر عامل المرونة ومن ثم إنجاح تلك الآلية.
عادل عبد الفتاح: طبيعة عمل الوعاء ستكون الفيصل فى تحديد جدواه والاقتداء بالتجارب الخارجية أمر جيد
وقال عادل عبد الفتاح رئيس مجلس الإدارة فى شركة «ثمار» لتداول الأوراق المالية، إن آليات التعامل على «الشورت سيلينج» قد تكون مبهمة لبعض شركات السمسرة حتى الوقت الراهن.
وأضاف أنه منذ إقرار الأداة فى ديسمبر 2019 وحتى الوقت الحالى لم تشهد سوق الأسهم المحلية التعامل بآلية «الشورت سيلينج» بدفع من عدة عوامل، مشيرًا إلى أن الآلية لازالت فى حاجة لمزيد من الإجراءات المنظمة.
وأوضح أن المقترحات الجديدة بإنشاء وعاء لتسليف الأسهم ربما تكون أحد الحلول الفعلية لتنشيط الآلية.
ولفت إلى أن أوضاع السوق سواء فى فترات الوقوع تحت طائلة تأثيرات جائحة كورونا أو حتى فى الوقت الراهن، قد لا تسمح بنشاط «الشورت سيلينج» خاصة أنها تمر بمرحلة تصحيح منذ فترة كبيرة.
وأضاف أن فكرة الوعاء بشكل مبدئى جيدة، ولكن طبيعة عمله ستكون الفيصل على مدى جدواه، موضحًا أنه يفضل نقل التجارب من الأسواق المماثلة مع إمكانية إجراء تعديلات بسيطة بما يناسب وضع السوق المصرية.
وأوضح أن السوق على الرغم من عمليات التصحيح التى تشهدها حاليًا إلا أنها لا تزال لديها فرصة للتماسك والصعود مرة أخرى، مضيفا أن ذلك سيأتى بنشاط القياديات وعودة المؤسسات مرة أخرى.
وأشار إلى أن هيمنة الأفراد على %80 من السوق بدعم رواج الأسهم المضاربية يعد أمرًا فى منتهى الخطورة يوضح مدى غياب المؤسسات.
يُذكر أن الدكتور محمد عمران، رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية، أصدر فى فبراير 2019، قرارا تنظيميا حمل رقم (268) لسنة 2019 بشأن قواعد عمليات اقتراض الأوراق المالية بغرض البيع لتفعيل الآلية، على أن تقوم كل من البورصة المصرية وشركة الإيداع المركزى بإعداد وتجهيز النظم الآلية والمتطلبات الفنية للعمل بآلية اقتراض الأوراق المالية بغرض البيع وإخطار الهيئة قبل تفعيل الآلية، حتى تم الانتهاء من تلك الإجراءات والإعدادات الخاصة بها لتفعل رسميًا فى ديسمبر 2019.