معجب‭ ‬ولهان

معجب‭ ‬ولهان
حازم شريف

حازم شريف

11:02 ص, الأحد, 10 أبريل 05

معجب‭ ‬أنا،‭ ‬شديد‭ ‬الإعجاب،‭ ‬بل‭ ‬ومتيم،‭ ‬بتصريح‭ ‬حسن‭ ‬الشناوي‭ ‬شيخ‭ ‬مشايخ‭ ‬الطرق‭ ‬الصوفية،‭ ‬لجريدة‭ ‬المصري‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬عدده‭ ‬الصادر‭ ‬الخميس‭ ‬الماضى،‭ ‬والذي‭ ‬جاء‭ ‬فيه‭: ‬أن‭ ‬تخصيص‭ ‬المؤتمر‭ ‬السنوي-الذي عقده الصوفيون بمحافظة البحيرة قبلها بيومين-، ‬لإعلان‭ ‬المبايعة‭ ‬والتأييد‭ ‬للرئيس‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬الرئاسية‭ ‬المقبلة،‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬للصوفيين‭ ‬علاقة‭ ‬بالسياسة‭!‬.

وبصراحة، ‬لا‭ ‬أرى‭ ‬داعي‭ ‬لعلامة‭ ‬التعجب،‭ ‬التي‭ ‬ذيلت‭ ‬بها‭ ‬الجريدة‭ ‬عبارات‭ ‬الشيخ‭ ‬الجليل،‭ ‬إذ‭ ‬أن‭ ‬تصريحات‭ ‬الرجل،‭ ‬تؤكد‭ ‬فعلا‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬هو،‭ ‬ولا‭ ‬الأخوة‭ ‬من‭ ‬أتباعه‭ ‬الصوفيون،‭ ‬لهم‭ ‬أى‭ ‬علاقة‭ ‬بالسياسة،‭ ‬بدليل‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يرى‭ ‬في‭ ‬تخصيصه‭ ‬مؤتمرهم‭ ‬السنوي،‭ ‬لمبايعة‭ ‬مرشح‭ ‬في‭ ‬انتخابات‭ ‬رئاسية -تمثل قمة العملية السياسية في أي دولة- علاقة بالسياسة.

‬ ثم‭ ‬أن‭ ‬الرجل‭ ‬لم‭ ‬يجد‭ ‬غضاضة‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬يستخدم‭ ‬لفظ‭ ‬مبايعة‭ ‬في‭ ‬انتخابات،‭ ‬يفترض‭ ‬أن‭ ‬تجرى‭ ‬بين‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬المرشحين،‭ ‬وليس‭ ‬استفتاء‭ ‬على‭ ‬مرشح‭ ‬واحد،‭ ‬مما‭ ‬يؤكد‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬على‭ ‬عدم‭ ‬فهمه‭ ‬لطبيعة‭ ‬المرحلة‭ ‬السياسية،‭ ‬ولو‭ ‬كان‭ ‬يفهم،‭ ‬لبدل‭ ‬ألفاظه‭ ‬وحسنها،‭ ‬واستخدم‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬عبارة‭ ‬من‭ ‬قبيل‭: ‬أن‭ ‬الصوفيين‭ ‬سيصوتون‭ ‬للرئيس‭ ‬في‭ ‬الانتخابات،‭ ‬ولكننى‭ ‬أحمد‭ ‬الله‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يفعل،‭ ‬لأنه‭ ‬لو‭ ‬فعل،‭ ‬لربما‭ ‬خرج‭ ‬عليه‭ ‬بعض‭ ‬الخبثاء،‭ ‬ليقيموا‭ ‬عليه‭ ‬الحجة،‭ ‬ويتهمونه‭ ‬بعكس‭ ‬ما‭ ‬يدعى، أي بأنه يفهم أو له علاقة بالسياسة.

‬ وأعترف‭ ‬بأنني‭ ‬لم‭ ‬أستطع‭ ‬أن‭ ‬أمنع‭ ‬نفسي‭ ‬من‭ ‬استعمال‭ ‬لفظ‭ ‬‮«‬متيم‮»،‬‭ ‬لوصف‭ ‬مشاعري‭ ‬تجاه‭ ‬الرجل‭ ‬وتصريحاته،‭ ‬بحكم‭ ‬أن‭ ‬المرء‭ ‬كثيرا‭ ‬ما‭ ‬تسيطر‭ ‬عليه‭ ‬خبراته‭ ‬السابقة،‭ ‬عند‭ ‬اختيار‭ ‬ما‭ ‬يلوكه‭ ‬من‭ ‬مصطلحات،‭ ‬فالمتيم‭ ‬ببساطة‭ ‬هو‭ ‬محب‭ ‬ولهان،‭ ‬يكاد‭ ‬أن‭ ‬يسمو‭ ‬حبه‭ ‬لحبيبه‭ ‬إلى‭ ‬درجة‭ ‬العشق‭ ‬والهيام،‭ ‬وهى‭ ‬كلها‭ ‬كلمات‭ ‬وصفات،‭ ‬ألفتها‭ ‬وإلتصقت‭ ‬بها،‭ ‬مع‭ ‬قراءتى‭ ‬النهمة‭ ‬المبكرة‭ ‬لقصص‭ ‬ألف‭ ‬ليلة‭ ‬وليلة‭ ‬الشهيرة،‭ ‬التي‭ ‬تتناول‭ ‬حكاوى‭ ‬العشق‭ ‬والغرام‭ ‬بين‭ ‬الأنام‭ ‬جميعا‭ ‬رجالا‭ ‬ونساء‭ ‬وغلمان!.

‬ علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬فإنني‭ ‬أتذكر‭ ‬بكل‭ ‬خير‭ ‬ومحبة،‭ ‬بعض‭ ‬الزيارات‭ ‬التي‭ ‬قمت‭ ‬بها‭ ‬لمولد‭ ‬السيدة‭ ‬زينبن‭ ‬الذى‭ ‬يزحف‭ ‬إليه‭ ‬صوفيو‭ ‬الشيخ‭ ‬حسن‭ ‬بطرقهم‭ ‬المختلفة‭ ‬كل‭ ‬عام،‭ ‬فيما‭ ‬يشبه‭ ‬الكرنفال،‭ ‬فترى‭ ‬بعضهم‭ ‬يقيم‭ ‬الذكر‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬يسقط‭ ‬مغشيا‭ ‬عليه‭ ‬من‭ ‬ذكر‭ ‬الله،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬يسقط‭ ‬البعض‭ ‬الآخر‭ ‬مغشيا‭ ‬عليه‭ ‬وهو‭ ‬يتراقص‭ ‬على‭ ‬أنغام‭ ‬الدفوف‭ ‬مرتديا‭ ‬الملابس‭ ‬المزركشة،‭ ‬واضعاً‭ ‬الكحل‭ ‬فى‭ ‬عينيه‭.

‬ وأذكر‭ ‬أن‭ ‬شابا‭ ‬‮«‬مكحلا‮»‬،‭ ‬من‭ ‬هؤلاء‭ ‬الراقصين،‭ ‬قد‭ ‬غمز‭ ‬لى‭ ‬بأحد‭ ‬عينيه،‭ ‬وهو‭ ‬يلف‭ ‬ويدور‭ ‬ويتلوى‭ ‬على‭ ‬إيقاع‭ ‬الطبول‭ ‬الراقص،‭ ‬فتقمصت‭ ‬شخصية‭ ‬ابن‭ ‬البلد -وكنت وسط مجموعة من الأصدقاء-، ‬وصرخت‭ ‬مستنكرا‭: ‬ألا‭ ‬يوجد‭ ‬من‭ ‬يصفع‭ ‬هذا‭ ‬الفتى‭ ‬على‭ ‬وجهه‭ ‬حتى‭ ‬يفوق؟،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬ردا‭ ‬سريعا‭ ‬أفحمتنى‭ ‬به‭ ‬الصديقة‭ ‬المخرجة‭ ‬هالة‭ ‬خليل،‭ ‬أعادنى‭ ‬أنا‭ ‬إلى‭ ‬رشدي‭: ‬طب‭ ‬هوا‭ ‬لو‭ ‬فاق‭ ‬هيعمل‭ ‬إيه،‭ ‬خليه‭ ‬كدا‭ ‬أحسن‭ ‬له!.

‬ لقد‭ ‬استخدمت‭ ‬الدولة‭ ‬الإخوان‭ ‬المسلمين‭ ‬ضد‭ ‬قوى‭ ‬اليسار‭ ‬مع‭ ‬بداية‭ ‬حقبة‭ ‬السبعينيات،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يخرج‭ ‬من‭ ‬عباءة‭ ‬الإخوان‭ ‬أنفسهم‭ ‬الجماعات‭ ‬الإسلامية‭ ‬الراديكالية،‭ ‬فاستعانت‭ ‬على‭ ‬الاثنين -‬بعد‭ ‬أن‭ ‬قويت‭ ‬شوكتاهما- ‬بدعم‭ ‬الطرق‭ ‬الصوفية،‭ ‬أو‭ ‬الأحباب‭ ‬كما‭ ‬يحلو‭ ‬للصوفيين‭ ‬أن‭ ‬يطلقوا‭ ‬على‭ ‬بعضهم‭ ‬البعض‭.‬

وأذكر‭ ‬أن‭ ‬فى‭ ‬زيارة‭ ‬لمولد‭ ‬السيدة‭ ‬أيضا،‭ ‬أقامت‭ ‬الدولة‭ ‬سرادقا،‭ ‬أوفدت‭ ‬إليه‭ ‬وزيرا‭ ‬للأوقاف‭ ‬لا‭ ‬أتذكر‭ ‬اسمه،‭ ‬فاحتشد‭ ‬الصوفيون‭ ‬داخله‭ ‬بالآلاف،‭ ‬وأخذ‭ ‬الوزير‭ ‬يلقى‭ ‬خطبة‭ ‬عصماء‭ ‬عن‭ ‬فضل‭ ‬السيدة‭ ‬زينب‭ ‬رضي‭ ‬الله‭ ‬عنها،‭ ‬بينما‭ ‬عشرات‭ ‬الغلابة‭ ‬من‭ ‬حولي‭ ‬ينسجون‭ ‬عنها‭ ‬وعن‭ ‬بعض‭ ‬شيوخ‭ ‬الطرق‭ ‬الصوفية‭ ‬حكايات،‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬درجة‭ ‬الأساطير، ‬وفجأة‭ ‬ساد‭ ‬الهرج‭ ‬والمرج،‭ ‬وهرول‭ ‬المحتشدون‭ ‬إلى‭ ‬خارج‭ ‬الصوان،‭ ‬غير‭ ‬عابئين‭ ‬لا‭ ‬بخطبة‭ ‬الوزير‭ ‬الصامد‭ ‬على‭ ‬المنصة،‭ ‬ولا‭ ‬بالحكاوى‭ ‬ولا‭ ‬بالأساطير،‭ ‬ألقيت‭ ‬بنظرة‭ ‬لاستطلع‭ ‬الأمر،‭ ‬فإذا‭ ‬بهم‭ ‬يتكالبون‭ ‬على‭ ‬سُرادِق‭ ‬مجاور،‭ ‬أعلن‭ ‬من‭ ‬فيه‭ ‬لتوهم‭ ‬عن‭ ‬توزيع‭ ‬الأطعمة‭ ‬والمأكولات‭ ‬المجانية!.

ساعتها‭ ‬فقط‭ ‬أيقنت‭ ‬أن‭ ‬لا‭ ‬أحد‭ ‬يستطيع -حتى لورغب وأراد أو لم يرغب- أن يتصرف سوى ككائن سياسي، وكل‭ ‬المحبة‭ ‬والعشق‭ ‬للحبيب‭ ‬شيخ‭ ‬الأحباب‭ ‬حسن‭ ‬الشناوى‭.‬