اتفق عدد من المطورين العقاريين على أن جائحة فيروس كورونا أثرت على كل القطاعات، ومن ضمنها القطاع العقارى، الذى لم يكن حجم تأثيره مثل باقى القطاعات الأخرى، نظرًا لكونه من القطاعات المطلوبه باستمرار، حتى لو تم تأجيل الطلب عليه نتيجة ظروف أو تداعيات لأزمات معينة، والتى كان آخرها جائحة كورونا.
وقد حدد مجموعة من المطورين ملامح القطاع بعد هذه الأزمة، ووضعوا تصوراتهم خلال المرحلة المقبلة.
«المال» تواصلت مع مجموعة من مسئولى شركات التطوير العقارى لتوضيح رؤيتهم حول تأثير فيروس كورونا على القطاع بعد مرور نحو 9 أشهر على تفشيه فى السوق المحلية، وكيف واجهت الشركات تلك الأزمة؟
بداية، قال المهندس ممدوح بدر الدين، الرئيس السابق لمجلس إدارة شعبة الاستثمار العقارى بالاتحاد العام للغرف التجارية، رئيس مجلس إدارة شركة بدر الدين العقارية، إن تداعيات فيروس كورونا أثرت على القطاع العقارى، مثلما أثر على الكثير من القطاعات الأخرى.
وأضاف «بدر الدين»، أنه على الرغم من ذلك التأثير فإن القطاع العقارى مستمر فى نشاطه ولا يزال الطلب عليه موجودًا حتى وإن كان بشكل أقل؛ لأن احتياج السكن لن ينقطع لدى المواطنين طوال الوقت مهما كانت الأزمات.
وأشار إلى أن القطاع العقارى شهد العودة مرة أخرى لنشاطه الطبيعى، وإن كان بشكل أقل، خاصة مع عودة الحياة فى بعض القطاعات الأخرى والتحرك المشهود للأسواق الأخرى، لافتًا إلى أن الأمل فى ألا تحدث أزمة أخرى.
وأفاد بدر الدين، بأن فكرة طرح مشروعات جديدة كإحدى الآليات التى تواجه تحدى تداعيات فيروس كورونا مستبعدة حاليًا، لأن الشركة تتمتع بمنتجها المتميز، ولنا سمعة كبيرة فى السوق، ونتعامل مع شريحة مميزة من العملاء.
ممدوح بدر الدين: الاحتياج للسكن يضمن الاستمرارية حتى لو تأجل الطلب.. ولست من أنصار فترات السداد الطويلة
وتابع، أن الشركة لها طبيعة خاصة وتلبى احتياجات خاصة لدى عملائها، وبالتالى يتم العمل على تلبية هذه الاحتياجات أيًا كانت الظروف، وكل مطور له أسلوب فى التعامل مع السوق من خلال ما يتراءى له وفقًا لظروفه.
وأوضح، أنه بالنسبة لتغيرات الأسعار، فكل مطور يضع سياسات للسداد وفقًا لرؤيته، منوهًا بأنه ليس من أصحاب نظرية طول فترة السداد على 10 أو 12 سنة.
وأضاف، أن كل عميل تختلف متطلباته عن الآخر، وهناك مَن يتعامل مع الشركات ذات فترات سداد أطول، ومن يتعامل مع فترات السداد الأقل بحسب عروض كل شركة وما يتناسب مع احتياجات العملاء.
وأشار بدر الدين، إلى أن آلية الشراكة مع الحكومة هى فى النهاية إحدى الآليات التى تصب فى النهاية لصالح هيئة المجتمعات العمرانية، لافتًا إلى أن الهيئة تقدم الأراضى بتسهيلات للمستثمر، وتنتظر العائد بعد ذلك من المشروعات التى يستهدفها.
فيما قال المهندس فتح الله فوزى، رئيس لجنة التشييد والبناء بجمعية رجال الأعمال المصريين، إن ملامح القطاع العقارى بعد جائحة فيروس كورونا بدأت تضح تدريجيًا منذ يوليو الماضى، مع بداية عودة الحياة والأنشطة إلى طبيعتها بالإجراءات الاحترازية التى كانت تتخذها الدولة.
وأشار فوزى، إلى أنه خلال شهور يوليو وأغسطس وسبتمبر الماضية شهد القطاع العقارى نشاطًا تدريجيًا متزايدًا بشكل واضح، مع دخول معرض الأهرام العقارى الذى عمل على انتعاشة فى السوق العقارية، وأيضًا مع التجهيز لمعرض سيتى سكيب المقبل.
وأضاف، أن الربع الثالث من العام الحالى أفاد القطاع العقارى، واتضح ذلك من مؤشرات الحركة البيعية لدى المطورين الذين عوضوا، إلى حد ما، حجم التأثير السلبى الذى اجتاح القطاع نتيجة تداعيات فيروس كورونا.
وأوضح فوزى، أن المنافسة الموجودة بالسوق أدت إلى وجود تصميمات جديدة ومنتجات وتسهيلات جديدة، لافتًا إلى أن العاصمة الإدارية والقاهرة الجديدة وغرب القاهرة كل تلك الأماكن بها منافسة كبيرة بين المطورين، ولا يزال المطور ينتظر طرح الأراضى بالمدن الجديدة «مدن الجيل الرابع»، منوهًا بأن المنافسة دائمًا تأتى فى صالح العميل.
فتح الله فوزى: تزايد المنافسة أدى لاستقرار الأسعار فى السوق
وتابع: المنافسة دائمًا ما تجعل الأسعار مستقرة فى السوق العقارية، خاصة نتيجة ظروف فيروس كورونا التى لم تجعل هناك حاجة إلى زيادة الأسعار، مع ثبات أسعار التكلفة حتى الآن.
وأفاد فتح الله فوزى، أنه بالنسبة لاستكمال المشروعات أو التوسعات التى قد أثرت على المطورين نتيجة جائحة فيروس كورونا، فقد قام البنك المركزى بالتدخل وتقديم مجموعة من التسهيلات والإجراءات للمستثمرين، حتى لا تتوقف مشروعاتهم خلال تلك الأزمة.
وأضاف، أن أى آلية من آليات التمويل سواء دخول مستثمرين جدد أو الاعتماد على الصكوك وغيرها هى آليات متاحة لكل المطورين لاستكمال مشروعاتهم أو توسعاتهم بما يتوافق له ومع حجم أعماله.
وعن دخول القطاع الخاص فى شراكة مع الحكومة، أوضح أنها قد حققت انتعاشة للقطاع العقارى، مطالبًا بضرورة التوسع فيها.
لافتًا إلى أنه يكفى أن المطور لن يتحمل تكلفة الأرض التى تمثل ما بين 40 و%50 من سعر البيع.
وبدوره، قال المهندس هانى العسال رئيس مجلس إدارة شركة مصر إيطاليا العقارية، إن مصر واجهت العديد من التحديات سواء داخليًا أو خارجيًا، آخرها تحدى فيروس كورونا، لكنها استطاعت أن تواجهها بسياستها الحكيمة.
وأضاف العسال، أنه بالنسبة للقطاع العقارى يعتبر نبض الاقتصاد فى مصر مهما تغيرت الظروف، ولا يزال هذا العقار يقود التنمية، لافتًا إلى أنه متنوع بين سكنى وتجارى وإدارى وترفيهى وسياحى وغير ذلك.
هانى العسال: الجائحة جعلت الدولة تسرع فى اتخاذ الوسائل التكنولوجية والتحول الرقمى
وأشار إلى أن القطاع مثل كل القطاعات التى تأثرت بجائحة فيروس كورونا، ولكن الإدارة السياسية استطاعت أن تتخذ الإجراءات التى من شأنها استمرار العمل وعدم تأثر الاقتصاد بشكل سلبى، وكان من ضمن تلك الإجراءات التحول الرقمى واستخدام التكنولوجيا فى التعاملات وكذلك الإدارة عن بعد “الإدارة الذكية.
وأفاد بأن القطاع العقارى مبنى على عاملين مهمين هما الاحتياج، والعجز، فبالنسبة للاحتياج فهو موجود حتى فى ظل الأزمات، وإن كان قد تأجل قرار الاحتياج للعقار فذلك نتيجة الخوف من تغير الأسعار بسبب جائحة فيروس كورونا، ومع ذلك فالاحتياج للعقار لا يزال قائمًا.
وتابع، أنه بالنسبة لعامل العجز فهناك مطوريون لا يزالون غير قادرين على تلبية احتياجات السوق العقارية، سواء من وحدات سكنية أو فندقية أو تجارية أو إنشاء مدارس ومراكز خدمية وغيرها.
وذكر العسال، أن الدولة تمكنت من التخطيط الجيد لسد رغبات السوق، سواء من ناحية الاحتياج بإنشاء الوحدات السكنية لمختلف شرائح المجتمع لتلبية رغباتهم، أو من ناحية تغطية العجز بإنشاء المدن الجديدة، وعلى رأسها العاصمة الجديدة أو العلمين والمنصورة الجديدة وغيرها من مدن الجيل الرابع.
وأوضح، أن أزمة جائحة فيروس كورونا غيّرت من شكل طرح الوحدات السكنية، لافتًا إلى أن المطور لا يزال أمام أزمتين، هما تحدى التمويل العقارى، وأصبح المطور هو من ينفذ بنفسه المشروعات، وأمامه تحدًّ آخر هو تحقيق أعلى جودة للمنتج لتقديمها للعملاء والحفاظ على كيانه داخل السوق.
وأكد، أنه بالنسبة لأنظمة السداد والأقساط وغيرها، فإنها ترجع لحجم الملاءة المالية لدى المطور العقارى، فهناك لديها ملاءة مالية كبيرة تجعلها تتعامل مع شريحة من العملاء، وبالتالى لا تحتاج للتعامل بنظام التقسيط على فترات طويلة، ولكن الشركات المتوسطة الأعمال هى التى ربما تلجأ للتقسيط على فترات أطول لتلبية رغبات عملائها.
وأوضح العسال، أن المطور العقارى تعامل بآلية المشاركة مع القطاع العام خلال جائحة كورونا كإحدى الآليات المهمة لتنشيط القطاع، وتمكن المطور من تنفيذ المشروعات بالتعاون مع القطاع العام.
وقال محمد منير رئيس مجلس إدارة شركة فيوتشر هومز العقارية، إن القطاع العقارى قطاع قوى، ورغم تأثرة بأى تداعيات لكنه يعود مرة أخرى بنفس قوته.
وأضاف منير، أنه لا أحد ينكر تأثر القطاع العقارى بجائحة فيروس كورونا، التى جعلت الكثير من الشركات العقارية لم تصل إلى المستهدف المطلوب تحقيقه خلال 2020.
منوها بأن أغلب الشركات العقارية ربما تنهى العام بتحقيق ما بين 40 إلى %60 من المستهدف بحسب حجم أعمال كل شركة وتعاملاتها.
وتابع منير، أنه ربما تتحسن الحركة أكثر فى الربع الأخير من العام من بداية شهر أكتوبر حتى نهاية ديسمبر المقبل وربما يتحقق ما يقرب من %70 من المستهدف تحقيقة فى تلك الفترة المتبقية.
وأشار، إلى أن جائحة فيروس كورونا نوعت فى طرح الوحدات السكنية بأشكال مختلفة لمخاطبة العملاء بشكل مختلف، لافتًا إلى أنه كان يوجد أيضًا منافسة فى العروض وإن كانت الأسعار لم تختلف عن العام الماضى.
محمد منير: آليات استكمال المشروعات والتوسعات كانت صعبة.. والشراكة مع القطاع العام خدمت السوق استنادًا لآراء مطورين حضروا
وعن تأثير الجائحة على الشركات العقارية فى استكمال مشروعاتهم وآليات التعامل مع تلك الجائحة، أفاد منير، بأن مسألة القروض من البنوك كانت إحدى الآليات، ولكن البنوك كانت متوقفة خلال جائحة كورونا، وبالتالى كان من ضمن الآليات تقليل حجم المصروفات والمحافظة على السيولة.
وأكد منير، أن الشراكة مع القطاع العام مكسب للطرفين؛ لأن القطاع العام لديه الإمكانيات المتاحة التى تساعد المطور على تنفيذ المشروعات، والقطاع الخاص لديه الأفكار وخبرات التعامل مع السوق، وبالتالى فتوجه الدولة نحو الشراكة أمر مهم للغاية لتنشيط القطاع العقارى.
وقال المهندس علاء فكرى، رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لـشركة «بيتا إيجيبت» للتنمية العمرانية إن كيانات التطوير العقارى باتت مطالبة باستخدام مزيد من التكنولوجيا فى الإنشاءات وعند تصميم الوحدات، إلى جانب الاعتماد على الإنترنت، واعتباره مطلبًا رئيسيًا فى الوحدات السكنية فى ظل أزمة كورونا.
وتابع: للأسف متوسط دخل الفرد فى مصر بدأ الانخفاض، وبالتالى لا بد للشركات طرح وحدات وشقق سكنية بمساحات أقل لتتناسب مع الدخول الجديدة، كما أن الطبقة المتوسطة من حقها أن ترى منافسة من شركات التطوير لاستقطاب أكبر عدد منهم باعتبارهم الشريحة الأكبر فى المجتمع.
ورأى أن الاستعجال فى البيع لدى شركات التطوير العقارى سلاح ذو حدين، فى ظل أن الأسعار وطرق السداد الحالية ليستا فى أفضل حالاتها، كما أن السوق العقارية تتغير باستمرار، والشركات التى تملك مشروعات وذات مصداقية أعلى هى التى تملك فرصة جيدة للاستمرار.