أظهرت أحدث بيانات البنك الدولي أن مصر جاءت فى الترتيب الثالث فى قائمته لأعلى توقعات معدلات نمو بالناتج المحلى الإجمالى فى اقتصادات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فى العام المالى الحالي، بنسبة 6.1%، مقابل 3.3% العام المالى الماضي، غير أنه سيتراجع إلى %4.8 2023/2022.
وقال محللون وخبراء اقتصاديون، إن النمو الذى شهده قطاع السياحة -قبل اندلاع الأزمة الروسية الأوكرانية- وصادرات الغاز الطبيعى ساهما فى زيادة نمو إجمالى الناتج المحلى للعام المالى الحالى إلى حوالى %6.2 لكنهم تنبأوا بأنه مع زيادة تأثير الحرب سيتباطأ النمو إلى %5 تقريبًا العام المالى المقبل.
وأكد البنك الدولي، أن الغزو الروسى لأوكرانيا، إلى جانب الأضرار الناجمة عن جائحة كورونا أديا إلى تفاقم التباطؤ فى وتيرة الاقتصاد العالمي، الذى بدأ يدخل فترة من الممكن أن تصبح طويلة من النمو الضعيف والتضخم المرتفع.
وقال هانى جنينة، الخبير الاقتصادي، إن معدل النمو فى أى اقتصاد يتأثر بمحركين أساسيين، هما الطلب الخارجى وهو خاص بالتصدير، والطلب الداخلى «أفراد وشركات وحكومة».
وفيما يتعلق بالاقتصاد المصري، قال «جنينة» لـ«المال» إن هناك طلبًا على صادرات الغاز المصرية، سواء بصورته الطبيعية أو المسال، ما سيسهم فى دفع معدلات نمو الناتج المحلي، مضيفًا أنه من المأمول ارتفاع إيرادات قطاع السياحة فى حال حدوث استقرار فى مسألة الدفع بالروبل الروسي، وأشار إلى أن تلك الإيرادات شهدت نموًا خلال الفترة الماضية.
وتابع أن هذين القطاعين السابق ذكرهما يمثلان نسبة كبيرة فى الناتج المحلى الإجمالي، فمثلًا تسهم السياحة «المباشرة وغير المباشرة» بنسبة تقترب من %15 من الناتج.
وعلى الجانب الآخر، لفت إلى أن هناك عدة عوامل أخرى تؤثر على النمو حاليًا، منها تراجع معدلات الاستهلاك بسبب ارتفاع نسب التضخم، فضلًا عن تقليص الحكومة إنفاقها لتخفيض معدل العجز، كما أن القطاع الخاص –رغم الإجراءات التحفيزية التى تنفذها الحكومة- لن يسهم بدرجات كبيرة فى دفع النمو، من خلال ضخ استثمارات جديدة بل سيحافظ على معدلاته الإنتاجية القائمة.
لكن «جنينة» يرى أن حركة تدفقات الاستثمارات الخارجية -ومن ضمنها الخليجية- ستشهد طفرة خاصة فى ضوء تراجع سعر صرف الجنيه مقابل الدولار، ما سيجعل السوق المحلية جاذبة للاستثمار، خاصةً فى المنطقة الاقتصادية لمحور قناة السويس، وفى مجال الهيدروجين والاقتصاد الأخضر.
وقال إنه يرى أن توقعات البنك الدولى بخصوص معدلات النمو ليست متشائمة، مشيرًا إلى أنه فيما يتعلق بنمو القطاعات الصناعية، قال إن قطاع الأسمدة -على سبيل المثال- يعمل وفقًا لطاقته القصوى، وشهد نموًا خلال العام الماضي، ويكفى إنتاجه للاستهلاك المحلي، لكن الاستفادة القطاعية التى يعول عليها الاقتصاديون ستكون فى قطاعات كتصدير الغاز الطبيعي، والاستثمار بمجال الهيدروجين الأخضر.
وقال إن معدل النمو المتوقع تحقيقه فى مصر خلال العام المالى الحالى سيرتفع لما يتراوح من 6 إلى %6.5 تتراجع من 5 إلى %5.5 العام المالى المقبل، موضحًا أن سبب التراجع عام 2022/ 2023 هو اختلاف سنة الأساس عند المقارنة بين الأعوام؛ فمثلًا بالنسبة للعام المالى الحالى كان العام المالى السابق عليه يشهد تفشى جائحة كورونا، بينما سنة الأساس للعام المالى المقبل فهى العام المالى الحالي، والذى يشهد استقرارًا بصفة عامة، ارتفعت إيرادات القطاع السياحى فى النصف الأول منه إلى 5.6 مليار دولار تقرييًا.
وتوقعت مونيت دوس، محلل أول الاقتصاد الكلى وقطاع الخدمات المالية بشركة إتش سى للأوراق المالية والاستثمار، فى تصريحاتها لـ«المال»، نمو إجمالى الناتج المحلى بنسبة %6.2 فى 2022/2021، تنخفض إلى %5.2 فى 2023/2022.
وأضافت أنه تم تحقيق معدل نمو الناتج المحلى للعام المالى الحالى فى الغالب بالنصف الأول وبلغ نحو %9 وذلك قبل اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية.
وتابعت أنه خلال تلك الفترة ساهمت السياحة فى الجزء الأكبر من هذا النمو، بسبب التأثير الأساسى المواتى بعد تخفيف قيود السفر المتعلقة بفيروس كورونا.
ورجحت تباطؤ نمو الاقتصاد فى العام المالى المقبل، ما يعكس تأثير الحرب وارتفاع معدل التضخم اللذين أديا فى النهاية إلى تباطؤ نمو الاستثمار والاستهلاك والسياحة.
كانت الدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، قالت فى تصريحات صحفية سابقة، إن الاقتصاد المصرى نما خلال الشهور التسعة الأولى من العام المالى الحالى بواقع %7.8 مقارنة بـ %1.9 العام الماضي.
وأضافت هالة السعيد، أن الشهور الثلاثة التالية لوقوع الأزمة الروسية – الأوكرانية شهدت طفرة فى أسعار الطاقة والسلع الغذائية عالميًا، مشيرة إلى وجود تحسن ملحوظ بكل الأنشطة الاقتصادية فى مصر خلال الشهور التسعة الأولى من العام المالى الحالي، إذ تمثلت القطاعات الرائدة فى قطاع المطاعم والفنادق، الذى شهد نموًا بلغ %62.8 والاتصالات بنسبة %16.4 وقناة السويس بواقع %13 والصناعة التحويلية بنسبة %10.3 والتشييد والبناء بمعدل %8.2.
وقالت إن معدل النمو سجل %5.4 خلال الربع الثالث من العام المالى (يناير – مارس 2022)، متوقعة أن يصل إلى %6.2 بنهاية العام المالى الحالي.
وحسبما أفاد البنك الدولى فى تقريره الصادر مطلع الشهر الجاري، جاء العراق فى المركز الأول بقائمة أعلى معدلات نمو الناتج المحلى الإجمالي، بنسبة %8.8 متوقعًا تحقيقها العام الحالي، مقابل %2.8 العام الماضى غير أنها ستنخفض العام المقبل إلى %4.5.
وجاءت السعودية فى المركز الثانى بالقائمة التى ضمت 18 اقتصاداً بالمنطقة بمعدل نمو متوقع %7 العام الحالي، مقابل %3.2 العام الماضى تهبط إلى %3.8 العام المقبل، ثم مصر ثالثًا بنسبة %6.1 العام المالى الحالى مقابل %3.3 العام المالى الماضي، ليتراجع إلى %4.8 العام المالى المقبل، ثم الكويت رابعًا، ومتوقع تحقيقها %5.7 العام الحالي، مقارنة مع %2.3 العام الماضي، تصل إلى %3.6 العام المقبل.
فيما استحوذت عمان على المركز الخامس بالقائمة، ومن المتوقع أن تسجل معدل نمو %5.6 العام الحالي، مقابل %2.1 العام الماضي، تتراجع إلى %2.8 العام المقبل، لتأتى بعد ذلك قطر فى الترتيب السادس بمعدل نمو مرجح %4.9 فى،2022 مقارنة مع %1.5 العام الماضى تنخفض إلى %4.5 العام المقبل.
وتنبأ البنك بلوغ معدل نمو الاقتصاد الإماراتى فى العام الحالى %4.7 مقارنة مع %2.8 العام الماضي، تصل إلى %3.4 العام المقبل، وهى بذلك جاءت فى المركز السابع بالقائمة، وتنافست كل من إيران، والضفة الغربية وقطاع غزة على المركز الثامن بالقائمة بمعدل نمو مرجح قدره %3.7 لكل منهما.
وسيسجل معدل نمو الاقتصاد الإيرانى %2.7 العام المقبل، مقابل %4.1 العام الماضي، فى حين أنه بالضفة الغربية سيبلغ %3.2 العام المقبل مقارنة %7.1 العام الماضى 2021.
وأظهرت بيانات القائمة أن البحرين جاءت فى المرتبة التاسعة بالقائمة بمعدل نمو متوقع قدره %3.5 مقابل %2.2 العام الماضي، على أن يصل إلى %3.1 العام المقبل.
وحلت جيبوتى فى المركز العاشر فى قائمة تنبؤات البنك الدولي، بمعدل نمو بالناتج المحلى الإجمالى يبلغ %3.3 العام الحالي، مقابل %4.3 العام الماضي، تصل إلى %5.2 العام المقبل، ثم تلتها الجزائر فى المركز الـ11 بمعدل نمو %3.2 العام الحالي، مقابل %3.9 العام الماضى تصل إلى %1.3 العام المقبل.
واحتلت تونس الترتيب الـ12 بالقائمة بنسبة %3 متوقعة خلال العام الحالى مقابل %3.1 العام الماضي، ترتفع إلى %3.5 العام المقبل، ثم الأردن فى المركز الـ13 بالقائمة بمعدل نمو قدره %2.1 العام الحالى مقابل %2.2 العام الماضى تصل إلى %2.3 العام المقبل، وفقاً لتوقعات البنك.
وكشفت البيانات أن المغرب جاءت فى المركز الـ14 بالقائمة بمعدل نمو متوقع %1.1 فى عام 2022 مقابل %7.4 العام الماضي، على أن يقفز إلى %4.3 العام المقبل، ثم اليمن فى المرتبة 15 بالقائمة، وتنبأ البنك بوصول معدل نمو ناتجها المحلى إلى %0.8 مقابل انكماش قدره %2.1 العام الماضي، تصل إلى %2.5 العام المقبل.
وجاءت سوريا فى المرتبة الـ16 بمعدل انكماش قدره %2.6 فى عام 2022 مقابل انكماش %2.1 العام الماضي، ولا توجد بيانات متوافرة للعام المقبل، فيما تذيلت لبنان القائمة، بمعدل انكماش مرجح قدره %6.5 مقابل %10.5 العام الماضي.
وتوقع البنك الدولى فى تقريره أن يتراجع النمو العالمى من %5.7 فى عام 2021 إلى %2.9 فى عام 2022، وهى نسبة أقل بكثير من النسبة التى كانت متوقعة فى شهر يناير الماضي، والبالغة %4.1.
كما رجح أن يتابع النمو العالمى تأرجحه حول تلك الوتيرة خلال الفترة من 2023 إلى 2024، فى وقت تتسبب فيه الحرب فى أوكرانيا فى تعطيل النشاط الاقتصادى والاستثمار والتجارة على المدى القريب، ويضعف فيه الطلب المكبوت، فضلًا عن إنهاء العمل بالسياسات المالية والنقدية التيسيرية.
ونتيجة الأضرار التى نجمت عن الجائحة والحرب، سيظل مستوى نصيب الفرد من الدخل فى الاقتصادات النامية هذا العام منخفضاً بنحو %5 عن اتجاهاته التى كانت سائدة قبل تفشى الجائحة.
وتنبأ البنك أن يتسارع معدل النمو بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى %5.3 فى 2022، قبل أن يتراجع إلى %3.6 فى 2023، مضيفًا أن المنطقة كانت قد بدأت العام الحالي، بالفعل التعافى من الخسائر فى معدلات النمو والوظائف الناجمة عن جائحة كورونا التى جاءت بعد 10 سنوات عجاف أثّرت خلالها الأزمات المتفاقمة الناتجة عن انعدام الاستقرار السياسى والصراعات على الكثير من سكان البلدان.